كلّما زاد الإيمان عند الفرد قلّ خوفه. هذا ما كان يفكّر فيه هذا الرجل الصالح الذي اعتاد السفر عبر هذا الطريق الزراعي المسفّلت الذي اختاره لكي يختصر عليه الطريق الطويل بعيداً عن زحمة الناس والسيارات في الطريق السريع. كان عليه أن يصلّي المغرب والعشاء جمع تأخير قبل أن يصل إلى قريته الصغيرة التي تبعد الآن مسافة 50 كم فقط من هذا المكان المظلم الذي قرّر الوقوف فيه بجانب الطريق.
كل شيء هادئ في هذا المكان. لا صوت ولا إضاءة. فقط صوت صرّار الليل يملأ جنبات الطريق محتفلاً بقدومه. انعكست هذه الأجواء الهادئة على قلب هذا الرجل الطيب فشعر بأجواء روحانية تملأ قلبه سكينة واسترخاء.
أقفل باب سيارته بشكل تلقائي بعد أن أنزل سجّادة الصلاة الوثيرة المزيّنة بالأقواس والقبب وفرشها على الأرض البكر غير بعيد من سيارته. لا شيء يعدل هذه السكينة التي يشعر بها. رفع يديه مكبّراً وشرع يصلّي كما لم يصلّ من قبل. قرأ الفاتحة سريعاً، ثم أعقبها بسورة الناس. اختفى صوت صرار الليل تدريجياً. عندما وضع هذا الرجل الصالح جبهته على الأرض ساجداً بدأت أذنه تسمع صوتاً آخر. صوت كلب ينبح من بعيد.
صحيح أن هذا الرجل لا يحب الكلاب. منظر الرجال أو النساء الذين يقتادون الكلاب في شوارع المدينة وحدائقها وطرقاتها وإيوائها في بيوتهم وتناول الطعام معها يصيبه بالغثيان. هكذا كان يردّد دائماً. لكن لا ضير في ذلك. كان الرجل قد اعتدل واقفاً منهياً ركعته الأولى.
بدا صوت الكلب أكثر وضوحاً الآن. لا شيء أكثر إزعاجاً وإثارة للغضب من نباح كلب يأتي فجأة فيفسد الخشوع في الصلاة. لم يسمع الرجل نفسه جيداً وهو يحاول إنهاء سورة الفاتحة في الركعة الثانية إذ طغى صوت الكلب على كل شيء. صحيح أن هذا الرجل لا يخاف من الكلاب، كما يقول؛ لكنه هذه المرة شعر أن هذا الكلب متجه نحوه بأقصى سرعة من خلال نباحه الذي يرتفع تردّده تدريجياً. لا شك أنه متجه إليه. كان ذلك واضحاً. لم يبدأ الرجل بعد بقراءة ما تيسّر من القرآن الكريم بعد الفاتحة، لكنه وجد نفسه يطوي سجادة صلاته المزركشة ويتجه بسرعة نحو سيارته محاولاً الوصول إليها قبل أن يصل إليه ذلك الكلب اللعين. تحوّل الأمر إلى سباق دراماتيكي للوصول إلى باب السيارة أو هكذا تخيّل. كان يسمع نباحه القوي يزداد في أذنه شيئاً فشيئاً. أدخل يده في جيبه في محاولة لفتح باب السيارة قبل أن يصل هذا الحيوان لكن شيئاً ما أعاق تحرير المفتاح من جيبه في هذا الظلام الحالك. نباح الكلب اقترب كثيراً على نحو مزعج. لا بد أنه سيهجم عليه. لا يبدو أنه سيفلح في عمل أي شيء أو رؤية أي شيء. لا مفر من المواجهة. أصابه اليأس واستسلم. لم يكن أمامه أي خيار سوى أن يفتح عينيه قبل أن يصل ابن الكلب إلى السيارة.
khaledalawadh@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: هذا الرجل
إقرأ أيضاً:
إسقاط 78 مسيرة روسية خلال الليل 3 قتلى بينهم طفل بمدينة سومي الأوكرانية .. وإصابة شخصين بموسكو
كييف (أوكرانيا) "أ ف ب" "د ب أ": أسفرت ضربات روسية بطائرات مسيّرة عن مقتل ثلاثة أشخاص، من بينهم طفل يبلغ ثماني سنوات، في مدينة سومي الواقعة في شمال شرق أوكرانيا، وفق ما أعلنت الإدارة الإقليمية صباح اليوم.
وقال رئيس الإدارة الإقليمية أوليغ غريغوروف "قرابة منتصف الليل، نفّذ الروس هجوما ضخما بطائرات مسيّرة على قرية .. لدينا معلومات تفيد بمقتل ثلاثة أشخاص".
وبالإضافة إلى الطفل "قتل رجل وامرأة أيضا" بحسب غريغوروف الذي أوضح أن "الضربة أودت بحياة أشخاص من عائلات مختلفة، وكانوا جميعا يعيشون في الشارع نفسه".
من جهته، قال رئيس بلدية خاركيف إيغور تيريخوف في منشور على تلغرام إن روسيا أطلقت سبع طائرات مسيّرة على المدينة الواقعة في شمال شرق أوكرانيا خلال الليل مشيرا إلى أن خمسة أشخاص أصيبوا في الهجمات.
وأعلن سيرغي ليساك، حاكم منطقة دنيبروبيتروفسك (جنوب) أن ضربات بالمدفعية وبطائرات مسيرة استهدفت بلدة نيكوبول، غرب زابوريجيا.
واشار إلى إصابة أربعة أشخاص موضحا أنهم "يتلقون العلاج في عيادات متنقلة"، وإلى تضرر مبنى حكومي وبرج سكني ومنزلين ومتجر جراء الغارات.
إصابة شخصين في موسكو
في العاصمة الروسية موسكو استهدفت طائرة مسيّرة مبنى سكنيا ما أدى إلى إصابة شخصين نقل أحدهما إلى المستشفى، وفق ما أعلن حاكم منطقة موسكو أندري فوروبيوف على تلغرام. وأضاف أنه "تم إجلاء حوالى مئة شخص من بينهم 30 طفلا من المبنى".
وأضاف أن طائرتين مسيرتين أخريين أسقطتا فوق غرب العاصمة الروسية، دون التسبب في وقوع إصابات.
وليل الأحد الاثنين، قُتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص في "عمليات قصف روسية ضخمة" استهدفت كييف والمنطقة المحيطة بها، وفق ما أعلن وزير الداخلية الأوكراني ايغور كليمنكو على تلغرام، في وقت تتعثر الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب بين البلدين.
واستمرت الضربات أكثر من أربع ساعات، في البداية بطائرات مسيّرة متفجرة، ثم بصواريخ بالستية وصواريخ كروز.
وتعرضت أحياء عدة في العاصمة الأوكرانية لأضرار نتيجة الهجوم، كما دمر قسم كامل من مبنى سكني متعدد الطوابق.
وأسفرت ضربات في منطقة أوديسا في جنوب أوكرانيا الاثنين عن مقتل شخصين وإصابة ما لا يقل عن 12 آخرين، وفقا للسلطات المحلية.
كما تضررت مدرسة، بحسب الرئيس الأوكراني الذي قال "للأسف، من المرجح أن بعض الأشخاص ما زالوا عالقين تحت الأنقاض".
وتتعرّض المدن الأوكرانية لضربات روسية كل ليلة، في وقت وصلت المحادثات لوقف إطلاق النار إلى طريق مسدود.
وتحتل موسكو حاليا نحو خمس مساحة أوكرانيا بعدما أعلنت ضمّ أربع مناطق أوكرانية، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي غزتها عام 2014.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، خلال زيارة الرئيس الأوكراني للمملكة المتحدة الاثنين، اتفاقا لإنتاج طائرات مسيّرة ما يعزز التعاون العسكري مع أوكرانيا.
إسقا مسيرات
أعلن سلاح الجو الأوكراني، في بيان عبر تطبيق تليجرام، اليوم أن قوات الدفاع الجوي الأوكراني أسقطت 78 من أصل 97 طائرة مسيرة معادية أطلقتها روسيا على الأراضي الأوكرانية خلال الليل.
وقال البيان إن القوات الروسية شنت هجمات على أوكرانيا، خلال الليل، باستخدام 97 طائرة مسيرة من طراز شاهد، وطرازات أخرى خداعية تم إطلاقها من مناطق أوريل، وميليروفو، وكورسك، وبريمورسكو-أختارسك الروسية، وتشودا بشبه جزيرة القرم المحتلة مؤقتا، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية "يوكرينفورم".
وأضاف البيان أنه تم صد الهجوم من قبل وحدات الدفاع الجوي ووحدات الحرب الإلكترونية ووحدات المسيرات وفرق النيران المتنقلة التابعة لسلاحي الجو والدفاع الجوي الأوكرانيين.
وقال البيان إنه بحلول الساعة 00:8 صباح اليوم أسقطت وحدات الدفاع الجوي 78 طائرة مسيرة من طراز شاهد، وطرازات أخرى خداعية في شرق وجنوب وشمال أوكرانيا.
وأضاف البيان أن هجمات الطائرات المسيرة تسببت في وقوع أضرار في ستة مواقع على الأقل.
من ناحية أخرى، أعلن الجيش الأوكراني، اليوم، ارتفاع عدد قتلى وجرحى العسكريين الروس منذ بداية الحرب على الأراضي الأوكرانية في 24 فبراير 2022، إلى مليون و13 ألفا و700 فرد، من بينهم 1200 قتلوا، أو أصيبوا، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وجاء ذلك وفق بيان نشرته هيئة الأركان العامة للقوات الأوكرانية، في صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وأوردته وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية (يوكرينفورم)، اليوم الثلاثاء.
وبحسب البيان، دمرت القوات الأوكرانية منذ بداية الحرب 10966 دبابة، منها دبابة واحدة أمس الاثنين، و22879 مركبة قتالية مدرعة، و29511 نظام مدفعية، و1424 من أنظمة راجمات الصواريخ متعددة الإطلاق، و1188 من أنظمة الدفاع الجوي.
وأضاف البيان أنه تم أيضا تدمير 416 طائرة حربية، و337 مروحية، و41915 طائرة مسيرة، و3388 صاروخ كروز، و28 سفينة حربية، وغواصة واحدة، و52916 من المركبات وخزانات الوقود، و3920 من وحدات المعدات الخاصة.