الجزيرة:
2025-05-28@03:15:27 GMT

الاتحاد الأفريقي بين كبح الانقلابات والعجز المالي

تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT

الاتحاد الأفريقي بين كبح الانقلابات والعجز المالي

أطلق الاتحاد الأفريقي مشروعات طموحة، منذ انطلاقته الجديدة في 2000، وصولا لـ"أجندة أفريقيا 2063″، وبدأ في وضع الخطط والمبادرات الكفيلة بإنجاح الإستراتيجية، باشرها بمبادرة إسكات البنادق، وإطلاق مشروع المنطقة الأفريقية الحرة، وغيرها من المشروعات الكبيرة.

لكن الرياح جرت بما لا تشتهي سفن الاتحاد الأفريقي، حيث اختلطت الأوراق نتيجة سلسلة من الاضطرابات والانقلابات في الفترة الأخيرة وأدّت إلى خلط الأوراق، التي تسببت في جملة من التداعيات والمتاعب المؤثرة والمعيقة لأداء الاتحاد، كان أبرزها التأثير في الأوضاع المالية.

وفي هذا التقرير تحاول الجزيرة نت الإجابة عن أبرز الأسئلة المتعلقة بتأثير الانقلابات العسكرية والاضطرابات السياسية على تمويل الاتحاد الأفريقي، ومن ثم قدرته على تنفيذه خططه التنموية.


كيف تؤثر الانقلابات وعدم الاستقرار في تعثر موارد الاتحاد المالية؟

درج الاتحاد على معاقبة الدول التي تحدث فيها الانقلابات في أفريقيا، ومن أبرز العقوبات تعليق عضوية الدول، وهو ما يعني حرمانها من المشاركة في نشاطاته وفعالياته، ومن ثم تخلف هذه الدول عن دفع إسهاماتها المالية الراتبة، فضلا عن التكاليف الأخرى التي تتسبب فيها؛ مثل: اللجان التي يكلفها قيادة الاتحاد لحل المشكلة، أو بعثات السلام المكلفة التي قد تكون نتيجة طبيعية إذا تطور الأمر إلى مستوى الاضطرابات الأمنية في دولة ما.

وفي ظل تكرار الانقلابات، فإن عدد الدول المجمدة يصل إلى نسبة تؤثر فعلا في مجمل الأوضاع، منها الموارد المالية للاتحاد واستدامتها.

ما السياسة التي يتبعها الاتحاد الأفريقي إزاء تخلف الدول عن السداد؟

تشير تقارير عدة إلى أن تخلف الدول عن السداد يعدّ أكبر المشكلات التي يواجهها الاتحاد، مما يجعله عاجزا عن الوفاء بالتزاماته المختلفة، فعمِد إلى عقوبات متدرجة:

عقوبات تحذيرية: وهي منع الدولة من حق الحديث في اجتماعات الاتحاد. عقوبات متوسطة: إضافة إلى العقوبات التحذيرية، الحرمان من حق التصويت، والحرمان من استضافة قمم الاتحاد ومؤسساته، والحرمان من المشاركة في بعثات السلام ولجان مراقبة الانتخابات التي ينتدبها الاتحاد. عقوبات شاملة: العقوبات المتوسطة مضافا إليها الحرمان من المشاركة في اجتماعات الاتحاد.


هل تعدّ العقوبات رادعة للدول المتخلفة عن السداد؟

عندما تُنفّذ حُزمة العقوبات الثلاث، فإنها بلا شك تؤثر في سلوك الدول المخالفة ومصالحها، فتعمد إلى معالجة وضعها، ففي 2020 منع الاتحاد الأفريقي مسؤولين من دولة جنوب السودان حضور اجتماعات الاتحاد، ما دفع المسؤولين فيها لتخفيض المتأخرات بما يكفي لرفع العقوبات المفروضة عليها. وفي حالة أخرى أعرب وزير الخارجية التونسي عن أسفه لأول عقوبات على الإطلاق تُفرض على بلاده بسبب عدم السداد.

ما طبيعة التحديات التي تواجه الاتحاد في الجوانب المالية؟

أصدرت لجنة فنية متخصصة في المالية والشؤون النقدية والتخطيط الاقتصادي -كُلّفت من الاتحاد الأفريقي- تقريرا حول أبرز التحديات التي يواجهها الاتحاد في الجوانب التمويلية بشكل دائم؛ ومن أبرزها:

تقلب مستوى الإيرادات مع عدم القدرة على التنبؤ بها. الاعتماد على الشركاء الخارجيين، إذ تتحدث تقارير عديدة أن الاتحاد يعتمد على 75% من ميزانيته على الدعم الخارجي. الاعتماد على عدد قليل من الدول الأعضاء، لضعف التزام عدد كبير من الدول الأفريقية في سداد التزاماتها. الميزانيات المتنامية بشكل دائم مع قلة الموارد.


ما المساعي المبذولة لتجاوز عقبات التمويل؟

من أبرز المساعي في هذا الصدد، كانت القرارات التي اتخذتها قمة كيغالي عاصمة رواندا في 2016، وبنهاية العام طُبّقت تلك القرارات بدرجات متفاوتة من طرف 25 دولة، تمثل حوالي 45% من أعضاء الاتحاد الأفريقي. ووضع الاتحاد معايير تساعد في تصنيف الدول الأعضاء لتحديد مدى جديتها في تنفيذ القرار:

أن تكون الدولة قد أعربت عن عزمها تنفيذ قرار كيغالي بشأن تمويل الاتحاد الأفريقي. تطبيق ضريبة قدرها 0.02% على السلع الواردة إلى القارة تنفذها الدول منفردة. الاختيار بين سلة خيارات غير ملزمة لمصادر التمويل البديلة تتماشى مع الضرورات الوطنية. فتح حساب في البنوك المركزية باسم الاتحاد الأفريقي لدى البنوك المركزية لكل دولة عضو لتوريد متحصلات الضريبة.


  ما طموحات الاتحاد الأفريقي في تحقيق الاستقرار المالي؟

في قمة الاتحاد الأفريقي 2015 المنعقدة في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، اتفق القادة على تحقيق أهداف محددة وهي: تحقيق 100% من الميزانية التشغيلية، و75% من الميزانية البرامجية، و25% من ميزانية عمليات دعم السلام اعتمادا على الموارد الذاتية.

وفي 2018 اعتمد الاتحاد الأفريقي ما أطلق عليه "القواعد الذهبية للإدارة المالية"، وهي 9 قواعد، 6 منها أصبحت فاعلة بالكامل، حسب تقرير لجنة فنية متخصصة تتبع الاتحاد الأفريقي؛ ومن أهمها: أن تغطي إسهامات الدول الأعضاء الحد الأدنى من الميزانية، وأن تكون هناك سقوف للإنفاق، كما يجب أن تكون الموازنة ذات مصداقية تضع حدا معينا للإنفاق، وأن تكون تدفقات الموارد والمعاملات موثقة وفعالة من أجل الاستدامة المالية، وتفعيل البرامج المختلفة للاتحاد.

على الرغم من التقدم الذي أحرزه الاتحاد الأفريقي من أجل تحقيق الاستدامة المالية، منذ 2016 وقراراته بشأن تمويل الاتحاد، فإن تقارير عديدة تشير إلى أن إسهامات الدول الأعضاء لا تزال ضئيلة، حيث ما يقرب من 75% من ميزانية الاتحاد تأتي من شركاء خارجيين؛ مثل: الاتحاد الأروربي، وبعض الدول المانحة.

كما تشير تقارير أخرى للاتحاد أنه وخلال العقدين الماضيين، فإن 40% فقط من الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، ظلت تدفع بالفعل إسهاماتها.

وما بين الاضطرابات السياسية والانقلابات المتكررة، وتداعيات التنافس الدولي، فإن معاناة الاتحاد الأفريقي في حل مشكلة الاستدامة المالية لن يتحقق، إلا إذا غيّر نهجه في التعامل مع التحديات المالية، على عدد من المسارات؛ وهي: حجم الميزانية، ومشكلة الاعتماد على الجهات المانحة، وثقافة الإجماع التي تكبل الاتحاد، حسب خبراء في شأن الاتحاد الأفريقي.


المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاتحاد الأفریقی الدول الأعضاء أن تکون

إقرأ أيضاً:

بنوك الاحتلال تتحضّر للتعامل مع العقوبات الدولية على المستوطنين

كشفت مواقع عبرية، عن تحضيرات تجريها بنوك الاحتلال الإسرائيلي، للتعامل مع العقوبات الدولية المرتقبة ضد الجمعيات الاستيطانية، تزامنا مع فرض بريطانيا لعقوبات على أحد المستوطنين المتورطين في هدم المنازل في قطاع غزة.

وقال مراسل موقع "زمان إسرائيل" عومر شارفيت، في تقرير ترجمته "عربي21" إن "البنك المركزي الإسرائيلي يسعى لتنظيم سلوك الجهاز المصرفي تجاه عملائه المستوطنين، الذين خضعوا لعقوبات دولية، وطلب المشرف المصرفي داني خاشاشفيلي من البنوك معالجة إجراء مصرفي جديد مناسب".

وأشار الموقع إلى أن الإجراء يتم تحت عنوان: "تقديم الخدمات للعملاء في سياق أنظمة العقوبات"، موضحا أنه "من المتوقع أن تناقش لجنة الإجراءات السليمة في البنك المركزي صياغة موقف منهجي بشأن الإجراء الجديد".

ردع ضد تل أبيب
وتابع: "السنوات الأخيرة شهدت تزايد استخدام أنواع مختلفة من العقوبات الاقتصادية، كأداة إنفاذ قانونية ضد المستوطنين، وتُستخدم لأغراض متنوعة، وتُشكّل رافعة ضغط وردع ضد تل أبيب على الساحة الدولية، وسيكون آثارها متفاوتة على الأفراد والكيانات التجارية والمالية في إسرائيل".

ونوه إلى أن "هذه الآثار ستطال المؤسسات المصرفية الإسرائيلية، التي تخشى اتهامها من المنظومة الدولية، بعدم الامتثال للعقوبات، وغسيل الأموال، وتمويل الإرهاب، وما يعنيه ذلك من مخاطر قانونية وعلى سمعتها المصرفية".

وذكر أنه "من أجل تجنّب هذه المخاطر، باتت البنوك الاسرائيلية مطالبة بتقييم المخاطر المرتبطة بانتهاك العقوبات، أو الالتفاف عليها، ووضع سياسات وإجراءات واضحة لتقديم الخدمات للمستوطنين، رغم أنه لا يمكن للبنوك التهرب بشكل قاطع من تقديم الخدمات لمن فُرضت عليهم عقوبات؛ لكنها تبدو مطالبة بإبلاغهم بكيفية تقييد أنشطتهم، مع أن الأساس هو ضرورة تحقيق التوازن بين قيود العقوبات الدولية، والالتزام بتقديم خدمات مُعينة لهؤلاء المستوطنين الخاضعين لهذه العقوبات".



وأوضح أن "حكومة اليمين، وعلى رأسها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، غاضبة من البنوك التي تمتثل للعقوبات الدولية، بزعم أن تطبيقها يقتصر على الدول التي فرضتها، لكن البنوك الاسرائيلية مرتبطة بعلاقات تجارية مع كيانات تلك الدول، وبالتالي يُطلب منها توخي الحذر من الانتهاكات غير المباشرة لنظام العقوبات، وفي الناحية العملية، منعت هذه الممارسة المُتبعة حتى الآن المستوطنين الذين فُرضت عليهم عقوبات من حيازة بطاقات ائتمان دولية، والتداول بالعملات الأجنبية، وفرضت عليهم قيودًا إضافية".

وكشف أن "السنوات الأخيرة شهدت غموضا بشأن كيفية امتثال النظام المصرفي الإسرائيلي لأنظمة العقوبات الدولية على المستوطنين، وطُلب من المحاكم النظر في الدعاوى القضائية التي حاولت الطعن في تطبيقها، فيما يتحداها المستوطنون، وأطلقوا مؤخرًا حملة لجمع التبرعات استقطبت 12,600 متبرع، مع أن موافقة البنوك على استلامها من الخارج، فستتعرض للانتهاكات، ومنها تحديد الوصول للحسابات المصرفية، وفي حال حوّل المانحون أموالًا من دول فرضت العقوبات، فقد يُعرّض ذلك النظام المالي الإسرائيلي للانتهاك".

عقوبات مفروضة
وأشار إلى أنه "رغم مسارعة إدارة ترامب لإلغاء العقوبات التي فرضها بايدن على المستوطنين العنيفين في 2024، لكن لا تزال هناك عقوبات مفروضة على عشرات المستوطنين والكيانات العاملة في المستوطنات، من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا واليابان ودول أخرى، كما أعلنت بريطانيا تجميد المفاوضات لاتفاقية تجارية مع إسرائيل، وفرض عقوبات على ثلاثة مستوطنين، وبؤرتين استيطانيتين، ومنظمتين تُشجعان العنف ضد الفلسطينيين، وتقدمان "دعمًا لوجستيًا لإنشاء بؤر استيطانية غير قانونية أدت للتهجير القسري للفلسطينيين".

وأوضح أنه "كما في الحالات السابقة، ينص الإعلان على تجميد أصول هذه الكيانات الاستيطانية في بريطانيا، ومنع الكيانات البريطانية من إقامة علاقات تجارية مالية أو اقتصادية معها، ومنعها من العمل كمديرين فيها، وحظر دخولها إليها، بسبب تورطها في تهديدات وأعمال عدوانية وعنف ضد الفلسطينيين، وتشمل العقوبات تجميد الأصول، وحظر السفر، والمنع من العمل".

وكشف أن "من بين المستوطنين الذين فرضت عليهم بريطانيا عقوبات دانييل فايس. وتتهمها بالعدوان والعنف ضد الفلسطينيين، وترؤس حركة "نحلة" التي أسستها بتقديم الدعم اللوجستي والمالي لإقامة البؤر الاستيطانية والتهجير القسري للفلسطينيين، بما في ذلك إعلان خططها لطرد الفلسطينيين من غزة".

وأكد أن "فايس ليست الوحيدة في هذه النداءات العنصرية الاستيطانية، فهناك عدد لا بأس به من الأعضاء في الائتلاف الحكومي الحالي يعبرون عن أنفسهم بطريقة مماثلة، ويعلنون رغبتهم بتعزيز عمليات تهجير الفلسطينيين، والزعم بأن غزة جزء من النقب الغربي، وهي ملك لنا، مع العلم أنها مُنعت من دخول الولايات المتحدة وكندا لسنوات عديدة، لأكثر من عقد".

مقالات مشابهة

  • وزيرة المالية تؤكد أهمية التكامل بين الإصلاح المالي والسياسات البيئية
  • العراق يقترب من الانهيار المالي.. واتهامات تطال المالية والمركزي
  • عقوبات جديدة على مخالفي قوانين الحج
  • أي أهداف تسعى إليها واشنطن من عقوبات السودان؟
  • ترامب يتراجع عن تعهده لأوروبا بخصوص العقوبات على روسيا
  • المالية تراجع أرقام الموازنة لضمان دقة التخطيط المالي ومواءمته مع الأولويات التنموية 
  • بنوك الاحتلال تتحضّر للتعامل مع العقوبات الدولية على المستوطنين
  • تداعيات فرض عقوبات أميركية جديدة على السودان
  • بنك التصدير والاستيراد السعودي يوقّع مذكرتي تفاهم مع بنك الدولة المتحد للصناعة والتصدير في طاجيكستان والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي
  • هل يفتح الاتحاد الأفريقي صفحة جديدة مع السودان؟