حوادث «عابرة» تكشف عن شبكة «مخيفة» للهيمنة على العالم
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
شهد العالم في الأسبوعين الأخيرين مجموعة من الأحداث أو الأزمات المحدودة التي ربما لم تلفت من الأصل نظر الكثير منا لكنها كشفت عن بنية تحتية جيو - استراتيجية كبرى ومخيفة.
هذه الحقائق الكبرى بما فيها ترتيبات أمنية وعسكرية تخفى عادة بعيدا عن الأنظار وتتحكم في توجيه مصائر العالم لا تحول لغو المهووسين بأن التاريخ عبارة عن مؤامرة إلى حقيقة ولكنها بالقطع تثبت أن المؤامرة جزء من التاريخ.
الغريب في الأمر أن كل هذه الترتيبات العابرة للقارات تمس بصورة أو أخرى المصالح العربية وتسعى لإعادة رسم خرائطها.. والغريب أيضا أن إسرائيل قاسم مشترك أعظم فيها.
أولى الأزمات كانت الأزمة الدبلوماسية بين الهند وكندا بعد اتهام الأخيرة الحكومة الهندية بقيام عناصر من مخابراتها باغتيال المنشق السيخي على الأراضي الكندية مؤخرا. ولإثبات صدقية اتهاماته أشار رئيس الوزراء إلى أن الأدلة على تورط نيودلهي لم تأت فحسب من المخابرات الكندية ولكن هي عبارة عن معلومات قُدّمت من مجموعة «العيون الخمسة» وهي مؤسسة استخبارية لتشارك معلومات التجسس تغطي العالم ويضم دول الأنجلو ساكسون الخمس وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا واستراليا ونيوزيلندا، وانضمت إليها لاحقا دول أخرى ولكن كطرف ثالث مثل ألمانيا وكوريا الجنوبية والفلبين.. في مجموعة الـ 9 عيون ومجموعة الـ 14 عينا (المقصود بطرف ثالث أن عضويته لا تمنع الدول الخمس الأنجلو ساكسونية من التجسس عليه بينما هو محرم فيما بين الدول الخمسة).
وتنظر هذه الدول إلى نفسها كمجموعة متجانسة متفوقة ذات هوية واحدة سياسية -ثقافية وتزعم حتى أنها تنحدر من جذور عرقية شبه واحدة. ودعمت الدول الأنجلو -ساكسونية الرواية الكندية عن أن التورط الهندي في حادث الاغتيال ليس معلومات كندية فحسب بل هي معلومات متبادلة بين العيون الخمس. كشفت هذه الأزمة المحدودة عن عالم استخباري موازٍ لا يعرف عنه الكثير من الناس وأن هذا العالم مهمته الرئيسية هو استمرار هيمنة الولايات المتحدة والقطب الانجلو - ساكسوني والناتو والغرب عموما على النظام الدولي. هذه البنية التحتية الراسخة للاستخبارات قادرة على اعتراض وتحليل أي نوع من أنواع الاتصالات في العالم كله بما في ذلك اختراق أي نظام للحماية الأمنية الإلكترونية. ويحتوي التجمع الاستخباري على تقسيم عمل تتحكم فيه الجغرافيا. فيقع على كل دولة من الدول الخمس أن تراقب الحزام الجغرافي الأقرب إليها، ثم تشارك معلوماتها مع شريكاتها الأربع فيكون لكل منهم صورة تامة حتى عن أقصر محادثة هاتف في أبعد قرية في العالم. بنى التجمع الاستخباري آلية قيادية فيها مجلس للمراجعة يتم عبره استخلاص النتائج وطرح بدائل سياسية وعسكرية وثقافية واقتصادية وحملات إعلامية ممنهجة وتوزيع الأدوار ويجري تكليف طرف منهم «الأنسب أو الأقرب» بتنفيذ عملية سرية أو إثارة موضوعها في العلن إذا استلزم الأمر.
ومن المثير للدهشة أن الشرق الأوسط يكاد يكون المنطقة الوحيدة في العالم الذي تتولى اعتراض اتصالاته والتنصت على وحداته السياسية أكثر من دولة من دول العيون الخمس وهما الدولتان المؤسستان والأكثر دراية به المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
ومن المثير للدهشة أيضا أن البلد الأساسي في الشرق الأوسط الذي يعتبره «تجمع العيون الخمس» مفيدا للغاية في دعم النشاط الاستخباري له عن المنطقة ويتشارك معه في المعلومات ولكن بشكل غير كامل هي إسرائيل الخصم الوجودي للعرب!!
الغريب أن الحضور الإسرائيلي في «سردية» البنية التحتية للاستخبارات الغربية التي تهيمن على العالم لا يقتصر على الجانب الأنجلو ساكسوني ولكن أيضا على الجانب الهندي فقد تسرب إلى وسائل الإعلام الغربية القريبة من مجموعة العيون الخمس معلومات تقول أن أحد أسباب الميل لفكرة أن عناصر حكومية هندية قد تكون على علاقة باغتيال المنشق الهندي في كندا هو التطور المتسارع في التعاون بين الأجهزة المختصة في نيودلهي وجهاز الموساد الإسرائيلي في السنوات الأخيرة الذي تقول هذه المصادر أنه درب عناصر هندية على احتذاء النموذج الإسرائيلي المعروف بنقل معاركه للخارج و باستهداف خصومه بعيدا عن الأراضي الإسرائيلية من بيروت إلى عنتيبي ومن مالطا إلى تونس.. .
لبيان الدور الخطير لهذه المؤسسة الاستخباراتية في إبقاء القيادة الأنجلو ساكسونية للعالم ومنع أي مزاحمة لها يكفي الإشارة إلى ما أثبتته الوثائق من أن معلومات هذه المؤسسة سواء عندما كانت مقصورة على لندن وواشنطن أو بعد توسعها وضم أستراليا ونيوزيلندا وكندا لها كان جزءا من كل انقلاب أو عملية اغتيال أو نصر عسكري تحقق للغرب.
الأمثلة تطول قائمتها حتى لا تكاد تنتهي نذكر منها فقط: نجاح أمريكا وبريطانيا في إسقاط الزعيم الوطني الإيراني مصدق بعد أن تجاسر ودعا لتأميم النفط الإيراني من يد الشركات الغربية أو في اغتيال الزعيم الكونغولي باتريس لومومبا أو فوز بريطانيا في حرب الفوكلاند على الأرجنتين أو الانتصار على العراق في عملية غزو ٢٠٠٣.
ثاني الأزمات المحدودة ولكن كشفت عن حقائق واسعة للهيمنة والصراع والتنافس فهي أزمة أو حرب ناجورنو- كاراباخ الخاطفة بين أرمينيا وأذربيجان التي جرت مؤخرا. والتي انتصرت فيها أذربيجان انتصارا حاسما وأصبحت منطقة ناغورنو - كاراباخ الجبلية الفاصلة بين أذربيجان وأرمينيا يتنازعان عليها منذ عقود طويلة.. أصبحت تحت السيادة الكاملة لباكو.
الفوز الخاطف والساحق الذي أنهى صراع حدود و«هويات» مزمن في هذه البقعة هو الذي تكفل بكشف حقائق كبرى تتجاوز الخلاف بين دولتين ألا وهو أنه جزء من عملية استراتيجية عالمية غربية لإضعاف روسيا والصين في وسط آسيا وإضعاف إيران حليفة بكين وموسكو في الشرق الأوسط. الفوز الخاطف والكاسح الذي تحقق للقوات الآذرية تم فقط بعد تعاون عسكري بين إسرائيل وأذربيجان بتشجيع سياسي واستخباراتي ودعم غربي. وكانت أهم نقاط التعاون التي منحت التفوق الآذريين هي طائرات الدرون الإسرائيلية الأكثر تقدما وتوجيها وتدميرا من الطائرات المنافسة الإيرانية التي زودت بها طهران الجانب الأرمني وصواريخ إسرائيلية متقدمة. الإسرائيليون المولعون بالمبالغة في إظهار تفوقهم العسكري والاستخباري لإخافة الفلسطينيين والإيرانيين والمنطقة عموما لم يتركوا بابا للفخر بأسلحتهم بعد هذه الحرب إلا ولجوا منه ووصل الأمر إلى إعلانهم صراحة أن الحرب لم تكن بين أذربيجان وأرمينيا وإنما بين إسرائيل وإيران وقد انتصرت فيها إسرائيل.
تشمل الاستراتيجية التي تنسق سياستها التوافق بين تحالف العيون الخمس محاصرة إيران بحزام آسيوي معاد من جيرانها تؤدي فيه أذربيجان دورا رئيسيا بسبب مواريث النزاع التاريخية مع طهران وقطع الطريق على ممر LACHIN التجاري المهم الذي يربط بينها وبين روسيا والأخطر هو ما يجري تداوله على نطاق ضيق من أن إسرائيل أصبحت العين الأساسية لنفسها وللعيون الخمس في تجسس ناجح على إيران يوفره القرب الجغرافي اللصيق بين باكو والأراضي الإيرانية بل وينسب البعض جزءا من النجاح المذهل لعمليات اغتيال علماء نوويين ومطارات إيرانية من قبل إسرائيل للمعلومات التي جمعها الموساد وكذلك يستخدم هذا القرب الجغرافي والنفوذ الاستخباري للتحالف الاستخباراتي المذكور في سياسة التواصل الغربي مع معارضين إيرانيين لتشجيعهم على إحداث اضطراب اجتماعي وسياسي داخلي متواتر ضد نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
يبدو أن الأزمات العابرة كانت مثل جبل الجليد الذي يخفي حقائقه الأكبر والأخطر تحت الماء ويبدو أن التحالفات الاستخبارية الأنجلو ساكسونية مع الموساد وغيرها ما زالت ممسكة بكثير من خيوط لعبة النظام الدولي رغم المحاولات الصينية الخجولة والروسية الخشنة لإزاحتهم وإزاحة الغرب من قمرة قيادة العالم.
حسين عبد الغني إعلامي وكاتب مصري
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
أسلحة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حرب غزة
تملك إسرائيل ترسانة أسلحة يحل فيها الذكاء الاصطناعي محل البشر، وقد استخدمتها في عدوانها على قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي الحرب التي أطلقت عليها إسرائيل اسم "السيوف الحديدية".
وتشير تقارير في الصحافة الإسرائيلية إلى أن أسلحة الذكاء الاصطناعي التي يستخدمها الاحتلال تتوسع وتتطور باطراد، بعضها صنعته شركات إسرائيلية، وبعضها زودتها به الولايات المتحدة الأميركية.
وفي عام 2023 تفاخر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي آنذاك أفيف كوخافي بأن أنظمة الذكاء الاصطناعي منحت جيشه "جهازا استخباراتيا متطورا آنيا".
إنتاجات مركز موشي ديانبدأ الجيش الإسرائيلي استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي عام 2019، فقد أنشأت الوحدة 8200 المتخصصة في التنصت وفك الشفرات والحرب السيبرانية مركز "موشي ديان" لعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي الذي يضم مئات الضباط والجنود، في محاولة لتسريع عملية توليد الأهداف بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
وكان برنامج "فاير فاكتوري" لتوليد الأهداف وتحديد كميات الذخيرة المناسبة هو الأول الذي أنتجه مركز "موشي ديان". وبحسب تقرير لمجلة "ذا نايشن" الأميركية، نشر في 12 أبريل/نيسان 2024 فإن الوحدة المذكورة تتعاون بشكل وثيق مع شركات أميركية تزودها بأعداد كبيرة من الأجهزة وبرامج الذكاء الاصطناعي المتطورة.
وحسب الصحيفة نفسها، فإن تلك البرامج والأجهزة تعتمد على كمية بيانات هائلة مصدرها التقارير الاستخباراتية السرية، ومنها الواردة من وكالة الأمن القومي الأميركي، لتحديد الأهداف وضربها.
إعلانوفي مؤتمر عقد يومي 15 و16 فبراير/شباط 2023 في مدينة لاهاي بهولندا وشاركت فيه أكثر من 60 دولة، رفضت إسرائيل التوقيع على معاهدة "الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في ساحة المعركة".
مجالات الاستعمال وأنواع الأنظمةيستخدم الجيش الإسرائيلي الذكاء الاصطناعي في أنشطة عسكرية متنوعة، منها:
التنبؤ الاستباقي. التنبيه على التهديدات العسكرية والأنظمة الدفاعية للخصوم. تحليل المعلومات الاستخبارية وتحديد الأهداف العسكرية والذخائر المستخدمة.أما أبرز أنظمة الذكاء الاصطناعي التي استخدمتها إسرائيل في حربها على قطاع غزة فهي:
نظام "لافندر"تستعمل إسرائيل نظام "لافندر" في عملها العسكري بغزة، وهو آلة قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة لتوليد آلاف الأهداف المحتملة للضربات العسكرية في خضم الحرب.
ونقلت مجلة "972+" الإسرائيلية عن قائد الوحدة 8200 العميد يوسي شارئيل قوله إن النظام يحل محل البشر في تحديد الأهداف الجديدة واتخاذ القرارات اللازمة للموافقة عليها"، وخلص إلى أن البرنامج حقق معدل دقة بنسبة 90%، وذلك ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى الموافقة على استخدامه من أجل التوصية بالأهداف المراد قصفها.
ووفقا لما نقلته المجلة عن 6 ضباط مخابرات إسرائيليين، شاركوا بشكل مباشر في نظام الذكاء الاصطناعي أثناء الحرب على غزة، فإن "لافندر كان له دور محوري في القصف غير المسبوق للفلسطينيين، وخاصة في المراحل الأولى من الحرب".
ويقول أحد ضباط المخابرات الذين استخدموا لافندر "كنت أخصص 20 ثانية لكل هدف في هذه المرحلة، وأجري العشرات منها يوميا. لم تكن لدي أي قيمة مضافة سوى أنني كنت أبصم بالموافقة. لقد وفر ذلك كثيرا من الوقت".
نظام "أين أبي؟"نظام "أين أبي؟" من أنظمة الذكاء الاصطناعي الخطيرة التي استخدمتها إسرائيل في حربها على قطاع غزة، وخاصة لتتبّع الأفراد المستهدفين، وتنفيذ عمليات تفجير عند دخولهم ليلا إلى منازل عائلاتهم، وذلك بحسب موقع "ديموكراسي ناو" الأميركي.
إعلانوبحسب مجلة "+972" وموقع "لوكال كول" الإسرائيليين، فإن نظام "أين أبي؟"، أدى إلى إبادة عائلات فلسطينية بأكملها داخل منازلها، وهو ما يفسر الأعداد الكبيرة من الشهداء الفلسطينيين الذين قتلوا في حرب الإبادة الإسرائيلية، خاصة من النساء والأطفال والمسنين.
نظام "غوسبل" أو "الإنجيل"أعلن الجيش الإسرائيلي في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 أن وحدة الأهداف في الاستخبارات الإسرائيلية استخدمت نظام "غوسبل" أو "الإنجيل"، وهو أحد أخطر أنظمة الذكاء الاصطناعي؛ فهو يُحدد المباني والمنشآت التي يدّعي الجيش الإسرائيلي أن المسلحين الفلسطينيين ينطلقون منها لتنفيذ مهامهم، ويقصفها على رؤوس ساكنيها.
وقال الجيش الإسرائيلي وقتئذ إن "الإنجيل" ساعده في قصف 12 ألف هدف في غزة، إذ يتم تزويد القوات على الأرض وفي الجو وفي البحر بالمعلومات الاستخباراتية من مصنع الأهداف بالذكاء الاصطناعي، فيتيح ذلك "تنفيذ مئات الهجمات في اللحظة نفسها".
ويعمل النظام عبر إنتاج عدد كبير من الأهداف بوتيرة متسارعة (نحو 100 هدف في اليوم الواحد) بناء على أحدث المعلومات الاستخباراتية التي تغذي النظام أولا بأول، بينما كانت الاستخبارات الإسرائيلية سابقا تنجز 50 هدفا في السنة.
وكتبت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية تقريرا قالت فيه إن هذا النظام "يعمل على اقتراح الأهداف الأكثر صلة بالهجوم، داخل محيط معين"، مشيرة إلى أن خوارزمية "غوسبل" تأخذ الخسائر المدنية من بين العناصر التي تعتبرها في تحديد أهداف جديدة للقصف.
يقدم النظام الذي طورته الوحدة 8200 توصياته لموظفي الجيش، وهم يقدرون إذا كانوا سيمررونها إلى الجنود والطيارين الذين يتولون عمليات القصف في الميدان، وبعدئذ يمكن لوحدة الأهداف إرسال تلك التوصيات إلى قوات الجيش عبر تطبيق يعرف باسم "عمود النار".
نظام "فاير فاكتوري"كشف عنه في عام 2023، واستخدمه الجيش الإسرائيلي لتحسين خطط الهجوم للطائرات والمسيرات اعتمادا على طبيعة الأهداف المختارة.
إعلانيحلل هذا النظام مجموعات بيانات واسعة، منها البيانات التاريخية عن الأهداف السابقة التي قصفت من قبل، فيُتيح للخوارزميات حساب كميات الذخيرة اللازمة للقضاء على الأهداف، واقتراح الجداول الزمنية المثلى، وتحديد أولويات الأهداف وتخصيصها.
وهو نظام يحلل بيانات ضخمة ويرسم خريطة لشبكة الأنفاق التي تديرها المقاومة في غزة، وذلك برسم صورة كاملة للشبكة فوق الأرض وتحتها مع التفاصيل المهمة، مثل عمق الأنفاق وسمكها وطبيعة الطرق.
نظام "الكيميائي"كشف عنه عام 2021، وهو من أبرز الأنظمة التي استخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة. ويوفر البرنامج لقادة الوحدات تنبيهات فورية للتهديدات المحتملة على الأرض، تُرسل مباشرة إلى أجهزتهم اللوحية المحمولة.
وللنظام قدرات دفاعية وهجومية، فهو يدمج البيانات التي يحصل عليها على منصة موحدة، كما أن لديه القدرة على تحديد الأهداف وإبلاغ قوات الجيش فورا بالتهديدات وتحركات المقاتلين على الأرض.
نظام "فاير ويفر"نظام طورته شركة رافائيل الإسرائيلية للصناعات العسكرية، ويوفر الاتصال بين الجنود الإسرائيليين المنتشرين في ساحة المعركة والمعلومات الاستخباراتية التي جمعت من المستشعر إلى مطلق النار.
وبحسب موقع "آي إتش إل إس" الإسرائيلي، فإن النظام يقدم خيارات للعمل بناء على عوامل مثل الموقع وخط الرؤية والكفاءة والذخيرة المتاحة، بهدف "زيادة الدقة والحد من خطر الأضرار الجانبية".
صُمم النظام لأداء اشتباكات متعددة في قتال عالي الكثافة، إذ يمكّن الجنود من الاشتباك مع الهدف المعادي في ثوان، بدلا من دقائق.
نظام "فلو"وهو نظام يسمح للجنود على الأرض بالاستعلام عن مجموعة مختلفة من البيانات التي تساعدهم في أداء مهامهم.
إعلان نظام "هنتر"وهو نظام يسمح للجنود في ساحة المعركة بالوصول المباشر إلى المعلومات.
نظام "زد-تيوب"وهو نظام يمكن جنود الجيش الإسرائيلي في المعركة من مشاهدة مقاطع فيديو حية للمناطق التي يوشكون أن يدخلوها.
بعد أيام من انطلاق الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية عن طلبات تقدمت بها إسرائيل إلى شركة أميركية مختصة في إنتاج المسيرات، لتزويدها بطائرات استطلاع قصيرة المدى تعتمد في تحركها على الذكاء الاصطناعي.
ويستخدم هذا النوع من الطائرات في إجراء مسح ثلاثي الأبعاد للهياكل الهندسية المعقدة مثل المباني بمختلف أشكالها، وهو ما يساعد في تحديد الأهداف بدقة أكبر.
كذلك استخدمت إسرائيل في حربها طائرات "نوفا 2" الذاتية القيادة وهي صناعة أميركية، وهذا النوع من المسيرات يستخدم داخل المباني، إذ يعتمد على تخطيط المسارات وخوارزميات الرؤية الحاسوبية للتحرك الذاتي داخل المباني من دون الحاجة إلى نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس" أو إلى التدخل البشري.
والمسيرات الانتحارية من طراز "سويتش بليد 600″، أبرز الطائرات المطورة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، استخدمتها أيضا إسرائيل في حربها على غزة، وفيها كاميرا متطورة وتحمل كمية من المواد المتفجرة.
وهذا النوع من المسيرات قادر على استقبال المعلومات من الطائرات من دون طيار القريبة منها، وتستخدم في مهاجمة الأهداف القريبة، ويصل مداها إلى 40 كيلومترا، وتمتلك قدرة على الطيران مدة 40 دقيقة.
دبابات تعمل بالذكاء الاصطناعي دبابة إيتان إيه بي سيفي يناير/كانون الثاني 2022، كشفت شركة "رافائيل" للصناعات العسكرية الإسرائيلية عن مركبة عسكرية أطلقت عليها اسم "إيتان إيه بي سي"، تعمل بالذكاء الاصطناعي وتسمح للسائق أن يوجّه المركبة بالنظر فقط.
إعلانوركبت على مركبات رفائيل صواريخ من نوع "غيل"، ومنظومات دفاعية نشطة من نوع "معطف الريح"، وهي قادرة على العثور على العديد من الأهداف وتحييدها في وقت واحد، وتعتمد على كوكبة من المستشعرات القادرة على مراقبة محيطها بشكل دائم وتنبيه الجنود داخلها.
مراقبة الحدود بالذكاء الاصطناعييستخدم الجيش الإسرائيلي أيضا الذكاء الاصطناعي لأغراض مراقبة حدوده لا سيما مع قطاع غزة والضفة الغربية، بحيث ينشر على طول الحدود شبكة واسعة من كاميرات الفيديو التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتنقل البيانات إلى مراكز التحكم والمراقبين لتحليل البيانات وتحديد هوية الأشخاص والمركبات والحيوانات، ومقارنة الصور بمعلومات أخرى ذات صلة، وإرسال تنبيه طارئ عند الضرورة.
ومن أبرز أنظمة كاميرات المراقبة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي ويستخدمها الجيش الإسرائيلي:
نظام "قطيع الذئاب": وهو عبارة عن قاعدة بيانات واسعة للغاية تحتوي على جميع المعلومات المتوفرة عن الفلسطينيين. نظام "الذئب الأزرق": وهو تطبيق تستطيع القوات الإسرائيلية الدخول إليه عبر أجهزة الهاتف الذكية والأجهزة اللوحية، ويعرض فورا المعلومات المخزنة في قاعدة بيانات "قطيع الذئاب". نظام "الذئب الأحمر": ويستخدم هذا النظام للتعرف على الوجه، إذ يعمل على مسح وجوه الفلسطينيين ويضيفها إلى قواعد بيانات ضخمة للمراقبة من دون موافقتهم. انتقادات واسعةوجهت انتقادات كثيرة للجيش الإسرائيلي على خلفية استخدامه الذكاء الاصطناعي في حربه على غزة.
فقد قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إنه في الحروب السابقة كان تحديد شخص ما واعتباره هدفا مشروعا تتم مناقشته ثم التوقيع عليه من قبل مستشار قانوني، لكن بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تسارعت العملية بشكل كبير، وكان هناك ضغط لإيجاد مزيد من الأهداف.
ولتلبية هذا الطلب، اعتمد الجيش الإسرائيلي اعتمادا كبيرا على برنامج "لافندر" في توفير قاعدة بيانات للأفراد الذين يعتقد أن لديهم خصائص مقاتلي حركة الجهاد الإسلامي أو حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفي 2 ديسمبر/كانون الأول 2023، قالت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية إن "الخوارزميات التي طورتها إسرائيل أو شركات خاصة تعد أحد أكثر طرق القصف تدميرا وفتكا في القرن 21".
وفي أبريل/نسيان 2024، أصدر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بيانا أعرب فيه عن انزعاجه من التقارير التي تفيد بأن إسرائيل استخدمت الذكاء الاصطناعي في حملتها العسكرية في غزة، قائلا "إن هذه الممارسة تعرض المدنيين للخطر وتطمس المساءلة".
إعلانمنظمة "هيومن رايتس ووتش" أدانت أيضا استخدام الجيش الإسرائيلي تقنيات الذكاء الاصطناعي في حربه على غزة، إذ قالت في تقرير لها نشرته في 10 سبتمبر/أيلول 2024 إن "استخدام إسرائيل للذكاء الاصطناعي في تعقب أهداف هجماته في غزة يلحق أضرارا بالغة بالمدنيين ويثير مخاوف أخلاقية وقانونية خطيرة".
وتابعت أن "الأدوات الرقمية هذه يفترض أنها تعتمد على بيانات خاطئة وتقديرات تقريبية غير دقيقة لتزويد الأعمال العسكرية بالمعلومات بطرق قد تتعارض مع التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي الإنساني، وخاصة قواعد التمييز والحيطة".
أما مديرة هندسة ضمان الذكاء الاصطناعي في معهد الذكاء الاصطناعي بأميركا هايدي خلاف فقالت إنه "نظرا لسجل أنظمة الذكاء الاصطناعي الحافل بمعدلات الخطأ المرتفعة، فإن أتمتة الأهداف بشكل غير دقيق ومتحيز لا يختلف في الواقع عن الاستهداف العشوائي".
كذلك وجهت الباحثة في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام مارتا بو انتقادات لاستخدام إسرائيل الذكاء الاصطناعي في حربها على قطاع غزة، وقالت إن "الاعتماد المفرط على أنظمة الذكاء الاصطناعي يمنحها تأثيرا كبيرا على القرارات التي يجب على البشر اتخاذها".
وانتقد المحامي السابق في الجيش الإسرائيلي لتال ميمران استخدام برامج الذكاء الاصطناعي في الحرب، فقال "أشعر بالقلق بشأن دقة عملية صنع القرار المدعومة بالذكاء الاصطناعي في ضباب الحرب. هل سيحدث هذا الأمر تغييرا جذريا من حيث الجودة؟ لا أعتقد ذلك".
وقالت كاثرين كونولي الباحثة في مجموعة "ستوب كيلر روبوت" إن أي تغيير في البرمجيات "يمكن أن يجعل أنظمة الذكاء الاصطناعي لا تصبح شبه مستقلة، بل تصبح مستقلة تماما في اتخاذ القرار".