هل أدارت واشنطن ظهرها لأوكرانيا لتجنب الإغلاق الحكومي؟
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
واشنطن- قبل انتصاف ليلة أمس، وقع الرئيس جو بايدن قانونا لتمويل الحكومة الفدرالية حتى 17 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ليدخل حيز التنفيذ على الفور.
وبعد يوم طويل من الترقب والتقلبات الدراماتيكية، صوّت مجلس الشيوخ بأغلبية 88 صوتا مقابل 9 للموافقة على مشروع قانون الإنفاق المؤقت، وقبل ذلك بساعات صوّت مجلس النواب بأغلبية 335 صوتا مقابل 91 صوتا للموافقة على التشريع؛ وهو ما أدى إلى تجنب الإغلاق الحكومي قبل أقل من ساعتين من حلول الموعد النهائي في منتصف ليلة أمس.
وينتمي الرافضون التسعة بمجلس الشيوخ للحزب الجمهوري، في حين صوّت كل الديمقراطيين بمجلس النواب لصالح التشريع باستثناء عضو واحد، كما صوّت 209 نواب ديمقراطيين و126 نائبا جمهوريا لصالح التشريع.
وأصرّ البيت الأبيض والديمقراطيون في الكونغرس والعديد من الجمهوريين في مجلس الشيوخ على إدراج الدعم المالي لأوكرانيا ضمن تشريع التمويل الجديد، لكن كتلة من الجمهوريين في مجلس النواب عارضت بشدة المزيد من التمويل لأوكرانيا، وتخلى المشرعون عن تلك الخطط من أجل تمرير اتفاق بشأن الإنفاق.
دعم أوكرانيا يغيب
وانقسم المشرعون الأميركيون بشأن الأموال المخصصة لأوكرانيا؛ حيث يقول العديد من الجمهوريين إن من الأفضل إنفاق الأموال على القضايا الداخلية، ويعارض أغلب الديمقراطيين هذه الحجة، استنادا إلى مصالح الأمن القومي الأميركي.
ويقدم بعض الجمهوريين 3 حجج ضد منطق الديمقراطيين: أنه لا يوجد إشراف كاف على المساعدات، وأن إنفاق الأموال هناك يكون من جيوب الأميركيين، وأن "التركيز على الأمن الأوروبي يصرفنا عن التهديد الصيني".
وفي الوقت الذي تعهد فيه الرئيس جو بايدن قبل أسبوعين بتقديم 24 مليار دولار إضافية لأوكرانيا، تصاعدت المعارضة الجمهورية لتقديم مساعدات إضافية لكييف، وهو ما هدد بإغلاق الحكومة الفدرالية في حال تضمين مشروع اتفاق التمويل أي مخصصات لأوكرانيا.
ومثّل الاتفاق المفاجئ في الكونغرس على تشريع التمويل المؤقت مفاجأة سارة للأميركيين، إلا أن التشريع لا يتضمن أي مساعدات إضافية لأوكرانيا، رغم الدعم الكبير من الحزبين لهذا التمويل في مجلس الشيوخ.
وأشاد الرئيس جو بايدن بالتشريع، لكنه دعا الكونغرس إلى التحرك بسرعة لمعالجة نقص التمويل لأوكرانيا، وقال -في بيان- "لا يمكننا تحت أي ظرف من الظروف السماح بوقف الدعم الأميركي لأوكرانيا، "أتوقع تماما أن يحافظ رئيس مجلس النواب على التزامه تجاه شعب أوكرانيا، ويضمن مرور الدعم اللازم لمساعدة أوكرانيا في هذه اللحظة الحرجة".
وجاء التصويت بعد تأخير دام ساعات قاده جزئيا السيناتور الديمقراطي من ولاية كولورادو مايكل بينيت، الذي طالب بالتزام حازم من القادة في كلا الحزبين بشأن المساعدات الأوكرانية.
وقال بينيت للصحفيين "أعتقد أنه من المهم حقا بالنسبة لنا أن نرسل رسالة مفادها أن الخلل الوظيفي الذي لدينا في ما يتعلق بفتح أو إغلاق الحكومة لا ينعكس على التزام الحزبين بتأكيد بقاء الولايات المتحدة في هذه المعركة، وأننا نواصل دعم الشعب الأوكراني في معركته".
معضلة دعم أوكرانياوأعرب الديمقراطيون في مجلس الشيوخ عن أسفهم لنقص التمويل المخصص لأوكرانيا، لكنهم قالوا إن هناك التزاما من الحزبين بإيجاد مسار بديل للتمويل.
واقترح الجمهوريون في مجلس النواب أن السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو ربط التمويل بالأموال المخصصة لمعالجة قضية الهجرة غير النظامية على الحدود الأميركية المكسيكية، إلا أن الديمقراطيين عارضوا المقترح.
وفي هذا السياق، قال السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي "أعتقد فقط أنه أفضل بكثير للعالم إذا فصلنا مسألة أوكرانيا عن أي مسألة سياسية أخرى".
ويعد استبعاد تمويل أوكرانيا في هذه المرحلة انتصارا لأولئك الذين يشككون في مبدأ التمويل غير المحدد لأوكرانيا، وستكون هناك مواجهات تشريعية أخرى خلال الأسابيع المقبلة حول تمويل أوكرانيا.
وفي صباح أمس السبت، حدثت بعض الدراما السياسية عندما حاول النواب الديمقراطيون تعطيل التقدم في مشروع قانون مجلس النواب من أجل منح مجلس الشيوخ الوقت للتصويت أولا على نسختهم الخاصة من التشريع الذي كان سيوفر ما يقرب من 6 مليارات دولار لأوكرانيا.
لكن سرعان ما أصبح من الواضح أن الجمهوريين في مجلس الشيوخ كانوا على اطلاع بخطة رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي لتجنب الإغلاق، ورضخ الديمقراطيون في المجلس.
وقال النائب الديمقراطي جيم ماكغفرن إنه يشعر بخيبة أمل من قرار استبعاد المساعدات الأوكرانية، وقال "هناك إجماع من الحزبين على دعم أوكرانيا، لقد أجرينا تصويتا ساحقا على هذا، وأعتقد أننا سنعمل على ذلك".
أوكرانيا على المحك
قدمت الولايات المتحدة حتى الآن أكثر من 75 مليار دولار من المساعدات العسكرية والإنسانية والمالية لأوكرانيا، وطلب الرئيس جو بايدن من الكونغرس مليارات أخرى.
وأحد الأسباب الكامنة وراء مأزق التشريع المؤقت هو أن بعض الجمهوريين -فضلا عن رغبتهم في خفض الإنفاق وتشديد أمن الحدود- يدعون أيضا إلى وقف المساعدات لأوكرانيا تماما، ويقولون "لماذا ننفق الكثير على أوكرانيا في وقت توجد فيه الكثير من المشاكل داخليا؟"
وقال مكارثي "إنهم يفضلون أوكرانيا على الأميركيين"، في إشارة إلى الديمقراطيين.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية، سيتم طرح مسألة المساعدات لأوكرانيا كثيرا كقضية داخلية في حلبة الصراع السياسي الأميركي.
جدير بالذكر أن زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لأعضاء مجلس الشيوخ قبل أسبوعين -طالبا المزيد من المساعدات في معركة بلاده- قد تأكد فشلها بتشريع ليلة أمس، وذلك رغم مناشدته ومطالبتهم بالمزيد من المساعدات الأميركية لمحاربة الحرب الروسية على بلاده.
وعقب تمرير مشروع التمويل المؤقت من دون البند الخاص بأوكرانيا، قال النائب مايك كويجلي من ولاية إلينوي -وهو الديمقراطي الوحيد في مجلس النواب الذي صوّت ضد مشروع التمويل المؤقت- إن "مشروع القانون لم يتضمن تمويلا لأوكرانيا، بوتين يحتفل الآن".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الرئیس جو بایدن فی مجلس الشیوخ مجلس النواب
إقرأ أيضاً:
السويد تعيد رسم خريطة مساعداتها.. وقف تدريجي لدعم 5 دول ومليارات لإعادة إعمار أوكرانيا
أعلنت الحكومة السويدية، اليوم الجمعة، عن قرار تدريجي بوقف المساعدات التنموية المقدمة إلى خمس دول خلال الأعوام المقبلة، على أن تُوجَّه هذه الأموال بشكل أساسي لدعم أوكرانيا التي باتت تتصدر أجندة السياسة الخارجية في ستوكهولم.
وقال وزير التعاون الإنمائي الدولي والتجارة الخارجية بنيامين دوسا إن بلاده ستبدأ خلال الفترة القادمة في إلغاء المساعدات الموجهة إلى زيمبابوي وتنزانيا وموزامبيق وليبيريا وبوليفيا، ضمن مراجعة واسعة لهيكل الإنفاق التنموي.
وأكد أن “أوكرانيا تمثل اليوم الأولوية القصوى في السياسة الخارجية والمساعدات السويدية”، مشيرًا إلى أن الحكومة تستهدف رفع حجم الدعم المخصص لكييف إلى ما لا يقل عن 10 مليارات كرونة سويدية (نحو 1.06 مليار دولار) في عام 2026.
وأضاف دوسا، في تصريحات لافتة، أن “الموارد ليست غير محدودة، ولا توجد آلة سرية لطباعة الأموال، وبالتالي فإن أي زيادة في الدعم لجهة معينة تتطلب إعادة توجيه من جهات أخرى”.
إعادة إعمار أوكرانياوبحسب الحكومة، فإن وقف المساعدات لتلك الدول الخمس سيتيح توفير أكثر من ملياري كرونة سويدية خلال العامين المقبلين، ستُحوّل مباشرة إلى أوكرانيا.
ومن المنتظر أن تُستخدم هذه الأموال في مشروعات حيوية لإعادة بناء البنية التحتية للطاقة التي تضررت بشدة جراء الحرب، إضافة إلى دعم القطاعات المدنية الأكثر تضررًا.
سياسة متشددة في إعادة ترتيب أولويات المساعداتويأتي هذا القرار في سياق تحولات واسعة تنفذها الحكومة منذ تولّيها السلطة في عام 2022، حيث سبق أن خفّضت السويد المساعدات لأكثر من عشر دول، من بينها بوركينا فاسو ومالي.
وتقول ستوكهولم إن رؤيتها الجديدة قائمة على “تكثيف الدعم للدول ذات الأولوية المباشرة للمصالح السويدية والأمن الأوروبي”.
مراجعة شاملة لميزانية المساعداتوتعد السويد واحدة من أكبر المانحين العالميين للمساعدات الإنسانية والتنموية، بميزانية بلغت 56 مليار كرونة سنويًا خلال السنوات الثلاث الماضية.
غير أن الحكومة أعلنت مؤخرًا عن نيتها خفض الميزانية إلى 53 مليار كرونة سنويًا بين عامي 2026 و2028، في إطار ما وصفته بـ“إعادة ترتيب الإنفاق بما يراعي الاحتياجات الاستراتيجية”.
وتشمل عملية إعادة الهيكلة تخصيص جزء من هذه الموارد لتغطية تكاليف تتعلق بالهجرة وإعادة المهاجرين إلى أوطانهم، وهو ملف أصبح يشغل حيزًا أكبر في الأجندة الداخلية السويدية خلال الفترة الأخيرة.
دلالات القراريرى مراقبون أن التوجه السويدي يعكس مقاربة جديدة للمساعدات الدولية تقوم على ربط التمويل بالأولويات الجيوسياسية المباشرة، بدلًا من التوزيع الواسع التقليدي. كما يشير التحول إلى تصاعد التأثير الذي تلعبه الحرب في أوكرانيا على المنظومة السياسية والاقتصادية في أوروبا، بما في ذلك إعادة توجيه موارد الدول الإسكندنافية نفسها.
وبهذا القرار، تواصل السويد الابتعاد تدريجيًا عن نموذج “المانح الإنساني الشامل” لصالح نموذج أكثر انتقائية يركّز على دعم الشركاء الاستراتيجيين، وفي مقدمتهم أوكرانيا، بينما تتراجع حصة الدول الإفريقية وأمريكا اللاتينية من المساعدات التنموية.