واشنطن- قبل انتصاف ليلة أمس، وقع الرئيس جو بايدن قانونا لتمويل الحكومة الفدرالية حتى 17 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ليدخل حيز التنفيذ على الفور.

وبعد يوم طويل من الترقب والتقلبات الدراماتيكية، صوّت مجلس الشيوخ بأغلبية 88 صوتا مقابل 9 للموافقة على مشروع قانون الإنفاق المؤقت، وقبل ذلك بساعات صوّت مجلس النواب بأغلبية 335 صوتا مقابل 91 صوتا للموافقة على التشريع؛ وهو ما أدى إلى تجنب الإغلاق الحكومي قبل أقل من ساعتين من حلول الموعد النهائي في منتصف ليلة أمس.

وينتمي الرافضون التسعة بمجلس الشيوخ للحزب الجمهوري، في حين صوّت كل الديمقراطيين بمجلس النواب لصالح التشريع باستثناء عضو واحد، كما صوّت 209 نواب ديمقراطيين و126 نائبا جمهوريا لصالح التشريع.

وأصرّ البيت الأبيض والديمقراطيون في الكونغرس والعديد من الجمهوريين في مجلس الشيوخ على إدراج الدعم المالي لأوكرانيا ضمن تشريع التمويل الجديد، لكن كتلة من الجمهوريين في مجلس النواب عارضت بشدة المزيد من التمويل لأوكرانيا، وتخلى المشرعون عن تلك الخطط من أجل تمرير اتفاق بشأن الإنفاق.


دعم أوكرانيا يغيب

وانقسم المشرعون الأميركيون بشأن الأموال المخصصة لأوكرانيا؛ حيث يقول العديد من الجمهوريين إن من الأفضل إنفاق الأموال على القضايا الداخلية، ويعارض أغلب الديمقراطيين هذه الحجة، استنادا إلى مصالح الأمن القومي الأميركي.

ويقدم بعض الجمهوريين 3 حجج ضد منطق الديمقراطيين: أنه لا يوجد إشراف كاف على المساعدات، وأن إنفاق الأموال هناك يكون من جيوب الأميركيين، وأن "التركيز على الأمن الأوروبي يصرفنا عن التهديد الصيني".

وفي الوقت الذي تعهد فيه الرئيس جو بايدن قبل أسبوعين بتقديم 24 مليار دولار إضافية لأوكرانيا، تصاعدت المعارضة الجمهورية لتقديم مساعدات إضافية لكييف، وهو ما هدد بإغلاق الحكومة الفدرالية في حال تضمين مشروع اتفاق التمويل أي مخصصات لأوكرانيا.

الكونغرس أقر قانون تمويل الحكومية الفدرالية لمدة 45 يوما، قبل ساعات قليلة من انتهاء الموازنة الحالية (الجزيرة)

ومثّل الاتفاق المفاجئ في الكونغرس على تشريع التمويل المؤقت مفاجأة سارة للأميركيين، إلا أن التشريع لا يتضمن أي مساعدات إضافية لأوكرانيا، رغم الدعم الكبير من الحزبين لهذا التمويل في مجلس الشيوخ.

وأشاد الرئيس جو بايدن بالتشريع، لكنه دعا الكونغرس إلى التحرك بسرعة لمعالجة نقص التمويل لأوكرانيا، وقال -في بيان- "لا يمكننا تحت أي ظرف من الظروف السماح بوقف الدعم الأميركي لأوكرانيا، "أتوقع تماما أن يحافظ رئيس مجلس النواب على التزامه تجاه شعب أوكرانيا، ويضمن مرور الدعم اللازم لمساعدة أوكرانيا في هذه اللحظة الحرجة".

وجاء التصويت بعد تأخير دام ساعات قاده جزئيا السيناتور الديمقراطي من ولاية كولورادو مايكل بينيت، الذي طالب بالتزام حازم من القادة في كلا الحزبين بشأن المساعدات الأوكرانية.

وقال بينيت للصحفيين "أعتقد أنه من المهم حقا بالنسبة لنا أن نرسل رسالة مفادها أن الخلل الوظيفي الذي لدينا في ما يتعلق بفتح أو إغلاق الحكومة لا ينعكس على التزام الحزبين بتأكيد بقاء الولايات المتحدة في هذه المعركة، وأننا نواصل دعم الشعب الأوكراني في معركته".

معضلة دعم أوكرانيا

وأعرب الديمقراطيون في مجلس الشيوخ عن أسفهم لنقص التمويل المخصص لأوكرانيا، لكنهم قالوا إن هناك التزاما من الحزبين بإيجاد مسار بديل للتمويل.

واقترح الجمهوريون في مجلس النواب أن السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو ربط التمويل بالأموال المخصصة لمعالجة قضية الهجرة غير النظامية على الحدود الأميركية المكسيكية، إلا أن الديمقراطيين عارضوا المقترح.

وفي هذا السياق، قال السيناتور الديمقراطي كريس ميرفي "أعتقد فقط أنه أفضل بكثير للعالم إذا فصلنا مسألة أوكرانيا عن أي مسألة سياسية أخرى".

ويعد استبعاد تمويل أوكرانيا في هذه المرحلة انتصارا لأولئك الذين يشككون في مبدأ التمويل غير المحدد لأوكرانيا، وستكون هناك مواجهات تشريعية أخرى خلال الأسابيع المقبلة حول تمويل أوكرانيا.

موظفون فدراليون خلال احتجاج على الإغلاق الحكومي مطلع 2019 (الفرنسية)

وفي صباح أمس السبت، حدثت بعض الدراما السياسية عندما حاول النواب الديمقراطيون تعطيل التقدم في مشروع قانون مجلس النواب من أجل منح مجلس الشيوخ الوقت للتصويت أولا على نسختهم الخاصة من التشريع الذي كان سيوفر ما يقرب من 6 مليارات دولار لأوكرانيا.

لكن سرعان ما أصبح من الواضح أن الجمهوريين في مجلس الشيوخ كانوا على اطلاع بخطة رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي لتجنب الإغلاق، ورضخ الديمقراطيون في المجلس.

وقال النائب الديمقراطي جيم ماكغفرن إنه يشعر بخيبة أمل من قرار استبعاد المساعدات الأوكرانية، وقال "هناك إجماع من الحزبين على دعم أوكرانيا، لقد أجرينا تصويتا ساحقا على هذا، وأعتقد أننا سنعمل على ذلك".


أوكرانيا على المحك

قدمت الولايات المتحدة حتى الآن أكثر من 75 مليار دولار من المساعدات العسكرية والإنسانية والمالية لأوكرانيا، وطلب الرئيس جو بايدن من الكونغرس مليارات أخرى.

وأحد الأسباب الكامنة وراء مأزق التشريع المؤقت هو أن بعض الجمهوريين -فضلا عن رغبتهم في خفض الإنفاق وتشديد أمن الحدود- يدعون أيضا إلى وقف المساعدات لأوكرانيا تماما، ويقولون "لماذا ننفق الكثير على أوكرانيا في وقت توجد فيه الكثير من المشاكل داخليا؟"

وقال مكارثي "إنهم يفضلون أوكرانيا على الأميركيين"، في إشارة إلى الديمقراطيين.

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية، سيتم طرح مسألة المساعدات لأوكرانيا كثيرا كقضية داخلية في حلبة الصراع السياسي الأميركي.

في حال وقع الإغلاق سيضطر  الاحتياطي الفدرالي لاتخاذ قرارات ذات تداعيات مؤثرة (رويترز)

جدير بالذكر أن زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لأعضاء مجلس الشيوخ قبل أسبوعين -طالبا المزيد من المساعدات في معركة بلاده- قد تأكد فشلها بتشريع ليلة أمس، وذلك رغم مناشدته ومطالبتهم بالمزيد من المساعدات الأميركية لمحاربة الحرب الروسية على بلاده.

وعقب تمرير مشروع التمويل المؤقت من دون البند الخاص بأوكرانيا، قال النائب مايك كويجلي من ولاية إلينوي -وهو الديمقراطي الوحيد في مجلس النواب الذي صوّت ضد مشروع التمويل المؤقت- إن "مشروع القانون لم يتضمن تمويلا لأوكرانيا، بوتين يحتفل الآن".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الرئیس جو بایدن فی مجلس الشیوخ مجلس النواب

إقرأ أيضاً:

الكونغرس يُقرّ مشروع الموازنة المثير للجدل ويمنح ترامب انتصارًا سياسيًا جديدًا على الديمقراطيين

يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتوقيع قانون الموازنة في مراسم خاصة تقام بمناسبة العيد الوطني، وذلك بعد جهود شاقة بذلها لتمريره في ظل معارضة شديدة من الديمقراطيين، وعقب مصادقة مجلسي الكونغرس على التشريع، بحسب ما أعلن البيت الأبيض. اعلان

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، للصحافيين: "سيصل القانون إلى مكتب الرئيس لتوقيعه خلال مراسم كبيرة وجميلة ستُقام غدًا في تمام الساعة الخامسة مساءً، في الرابع من تموز/يوليو، تمامًا كما وعد الرئيس وكان يأمل دائمًا".

وكان الكونغرس قد أقر مشروع الزعيم الجمهوري الذي يتضمن إعفاءات ضريبية واسعة وخفضًا في الإنفاق، منهياً بذلك أيامًا من النقاشات والتصويتات في مبنى الكابيتول.

وصوّت الجمهوريون في مجلس النواب لصالح المشروع الذي تبلغ قيمته 4.5 تريليون دولار (3.8 تريليون يورو)، ليُقرّ نهائيًا في الكونغرس يوم الخميس، متغلبين على سلسلة من التحديات، وناجحين في تمريره قبل الموعد النهائي في 4 يوليو.

وجاء التصويت بفارق ضئيل، حيث أُقر المشروع بأغلبية 218 صوتًا مقابل 214،وذلك بعد انضمام عضوين جمهوريين إلى جميع الديمقراطيين المعارضين.

وقد بذل قادة الحزب الجمهوري جهودًا كبيرة خلال الليل، فيما مارس الرئيس ترامب بنفسه ضغوطًا على عدد من المترددين لدفعهم إلى التراجع عن معارضتهم، ما أتاح في النهاية إحالة المشروع إليه لتوقيعه وتحويله إلى قانون.

في المقابل، عمد زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب، حكيم جيفريز من نيويورك، إلى تأخير التصويت من خلال إلقاء خطاب مطوّل استمر أكثر من ثماني ساعات، مسجّلًا بذلك رقمًا قياسيًا في محاولة لعرقلة تمرير المشروع.

الرئيس دونالد ترامب يتفقد منشأة احتجاز جديدة للمهاجرين في مركز التدريب والانتقال "ديد-كوليير" بولاية فلوريدا، في 1 يوليو/تموز 2025.AP Photo

وعن ذلك قال، رئيس مجلس النواب مايك جونسون: "لدينا عمل كبير يجب أن ننهيه".

وتابع: "من خلال مشروع قانون واحد كبير وجميل سنجعل هذا البلد أقوى وأكثر أمانًا وازدهارًا من أي وقت مضى."

وتمثل النتيجة فوزًا كبيرًا للرئيس وحزبه الذي نجح في تكرير حزمة تعبر عن أفكاره في 800 صفحة.

الإعفاءات الضريبية وتخفيضات شبكة الأمان

يركز مشروع القانون بشكل رئيسي على تمديد إعفاءات ضريبية بقيمة 4.5 تريليون دولار (ما يعادل 3.8 تريليون يورو)، كانت قد أُقرّت في عام 2017 خلال فترة ولاية الرئيس ترامب الأولى، ومن المقرر أن تنتهي قريبًا لو لم يتخذ الكونغرس إجراءً لتمديدها. بالإضافة إلى ذلك، يتضمن إعفاءات ضريبية جديدة.

من بين هذه الإعفاءات الجديدة، يسمح القانون للعمال بخصم الإكراميات التي يحصلون عليها وأجر العمل الإضافي من دخلهم الخاضع للضريبة، كما يتيح خصمًا يصل إلى 6,000 دولار (5,105 يورو) لمعظم كبار السن الذين يكسبون أقل من 75,000 دولار (63,822 يورو) سنويًا.

علاوة على ذلك، يتضمن المشروع استثمارًا كبيرًا يصل إلى حوالي 350 مليار دولار (297 مليار يورو) في مجالات الأمن القومي، ويتضمن تمويلًا لأجندة ترامب الخاصة بالترحيل، بالإضافة إلى دعم تطوير نظام الدفاع "القبة الذهبية" لحماية الولايات المتحدة.

رئيس مجلس النواب مايك جونسون يقرع المطرقة في قاعة المجلس خلال التصويت النهائي على مشروع القانون البارز للرئيس دونالد ترامب، 3 يوليو/تموز 2025.AP Photo

ومن أجل تعويض الإيرادات الضريبية التي ستُفقد في حال تطبيق الإعفاءات، تتضمن الحزمة اقتطاعات بقيمة 1.2 تريليون دولار (تريليون يورو) من برامج الرعاية الصحية الطبية وبرامج دعم الغذاء، ويتم ذلك بشكل رئيسي عبر فرض متطلبات عمل جديدة على المستفيدين، بما في ذلك بعض الآباء والأمهات وكبار السن. كما يشمل المشروع تقليصًا كبيرًا في الإعفاءات الضريبية الممنوحة لمشروعات الطاقة الخضراء.

ويقدر مكتب الميزانية بالكونجرس أن الحزمة ستضيف 3.3 تريليون دولار (2.8 تريليون يورو) إلى العجز على مدى العقد، وسيصبح 11.8 مليون شخص إضافي بدون تغطية صحية.

Relatedسادس اتصال هاتفي بين بوتين وترامب في 2025.. ما هي تفاصيل المباحثات؟ترامب و"تروث سوشال".. كيف أصبحت شؤون أمريكا والعالم تُدار عبر منصة خاصة؟بعد أن دشّنه ترامب.. مركز احتجاز "ألكاتراز التماسيح" يستعد لاستقبال أول دفعة من المهاجرين

إلا أن جودي أرينجتون، رئيس لجنة الموازنة في مجلس النواب قال: "كانت هذه فرصة الأجيال لتقديم مجموعة الإصلاحات الأكثر شمولاً وأهمية من الإصلاحات المحافظة في التاريخ الحديث، وهذا بالضبط ما نقوم به".

اتحاد الديمقراطيين ضد "مشروع القانون القبيح"

وكان الديمقراطيون قد اتحدوا ضد مشروع القانون باعتباره هبة ضريبية للأغنياء تُحمّل على كاهل الطبقة العاملة والأكثر ضعفًا في المجتمع، وهو ما وصفوه بـ"القسوة المتدرجة".

وقد تصاعد التوتر في القاعة.

إذ شرع حكيم جيفريز خطابه في الساعة 4:53 صباحًا، وانتهى في الساعة 1:37 بعد الظهر، محققًا رقمًا قياسيًا استمر ثماني ساعات وأربع وأربعين دقيقة، حيث جادل ضد ما أسماه "مشروع قانون ترامب القبيح الكبير".

وقد قال جيفريز، الذي استخدم حق الزعيم في النقاش غير المحدود: "نحن أفضل من هذا"، وقرأ رسالة تلو الأخرى من الأمريكيين الذين تحدثوا عن اعتمادهم على برامج الرعاية الصحية.

زعيم الأقلية في مجلس النواب، حكيم جيفريز، يتحدث خارج مبنى الكابيتول الأمريكي، 2 يوليو/تموز 2025.AP Photo

وتابع جيفريز: "لم أتخيل أبدًا أنني سأقف في قاعة مجلس النواب لأصف هذا الوضع كمسرح جريمة".

وأضاف: "هذا حقًا مسرح جريمة يهدد صحة وسلامة ورفاهية الشعب الأمريكي". و "نحن لا نرغب في أن نكون جزءًا من هذا الأمر".

وكان تمرير الحزمة عبر الكونجرس تحديًا منذ البداية، إذ واجه الجمهوريون صعوبات في كل مرحلة تقريبًا، متشاجرين في مجلسي النواب والشيوخ، وغالبًا ما نجحوا بفارق صوت واحد فقط.

فقبل أيام، نجحوا في تمرير الحزمة في مجلس الشيوخ بعد أن كسر نائب الرئيس جي دي فانس التعادل في التصويت.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • نائب:مشروع تعديل سلم الرواتب لا يزال على الرف الحكومي
  • ترامب يوقع قانون خفض الميزانية والضريبة
  • كيف أنقذ الجمهوريون بمجلس الشيوخ قانون ترامب الكبير؟
  • قانون جديد.. زيادة البدلات والحوافز للأطباء والعاملين بالصحة| تفاصيل
  • الأحد.. مجلس النواب يستأنف جلساته العامة
  • الكونغرس يُقرّ مشروع الموازنة المثير للجدل ويمنح ترامب انتصارًا سياسيًا جديدًا على الديمقراطيين
  • مجلس النواب الأمريكي يقر مشروع قانون ترامب الكبير
  • مجلس النواب الأمريكي يقر مشروع قانون ترامب للضرائب
  • مشروع قانون ترامب للموازنة يتعثر في الكونغرس
  • كل من يصوت ضد القانون الكبير الجميل فهو يصوت ضد 3 أمور.. متحدثة البيت الأبيض توضح