قال الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم الجزائرية والأمين العام لمنتدى كوالالمبور عبد الرزاق مقري؛ إن النخب الحاكمة في المغرب والجزائر تحمل مسؤولية تعمق الخلاف الذي أفضى إلى قطع العلاقات قبل نحو عامين بين البلدين المتجاورين، مشيرا إلى أن هذه القضية مؤسفة جدا ومضرة بالأمة بأكملها.

وأضاف عبد الرزاق مقري في لقاء مصور مع "عربي21" إن الجزائريين والمغاربة أشقاء، وما يجمعهم أكثر بكثير مما يفرقهم، وهم تقريبا شعب واحد بتاريخهم وثقافتهم ولغتهم وانتماءاتهم المذهبية"، لافتا إلى أن "الخلاف القائم طال كثيرا وكان من الممكن تجنبه أو دفعه إلى المستويات الأدنى".





وفي آب/ أغسطس عام 2021، أعلنت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع جارتها المغربية بسبب ما وصفته بـ "الأعمال العدائية" من الرباط ضدها. وفي الشهر التالي من العام ذاته أغلقت السلطات الجزائرية مجالها الجوي أمام كل الطائرات العسكرية والمدنية المغربية، معللة ذلك بمواصلة المملكة "استفزازاتها وممارساتها العدائية" دون توضيح طبيعة هذه الاستفزازات.

وبعد الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق واسعة وسط المغرب وخلف آلاف القتلى والمصابين فضلا عن الدمار الكبير في المنازل والمنشآت، رفضت الرباط قبول المساعدات الإنسانية الجزائرية، ما تسبب في عودة الخلاف القائم بين البلدين إلى الواجهة وسلط الضوء مجددا على عمق تأزمه.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ذكر العام الماضي أن قرار بلاده القاضي بقطع العلاقات مع الجارة المغربية كان "بديلا لنشوب حرب بين الدولتين".

وأوضح مقري أن "تصاعد التوترات يدل على عجز النخب الحاكمة في البلدين عن الوصول إلى إزالة هذه الخلافات وإنزالها إلى مستوياتها الدنيا التي لا تعيق تطور الجانبين ولا تفسد العلاقة بين البلدين والشعبين الشقيقين".


وتحدث السياسي الجزائري خلال مقابلته مع "عربي21" عن إمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية الجزائرية المقررة في أواخر العام المقبل، معتبرا أن طرح اسمه منافسا في السباق الانتخابي أمر طبيعي وغير مستغرب في حال وقع.

وتطرق مقري إلى هامش الحريات في البلد الأفريقي والإطار المتاح للأحزاب السياسية للحركة ضمنه، موضحا أن "الجزائر تشبه العديد من الدول العربية التي لا يوجد فيها مستوى من الديمقراطية يسمح بالتداول السلمي للسلطة"، بحسب تعبيره.

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

- بعد سنين طويلة على انخراطكم بالعمل السياسي والحزبي وترؤسكم حركة مجتمع السلم، التي تعد أكبر حزب إسلامي في الجزائر، كيف تقيمون المشهد السياسي الراهن في الجزائر؟



الجزائر في الحقيقة تشبه في كثير من سماتها على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي العديد من الدول العربية، كذلك هو بلد بالطبع لا يوجد فيه مستوى من الديمقراطية إلى حد الآن يسمح بالتداول السلمي على السلطة. وهو بلد يعرف كثيرا من المشاكل الاقتصادية؛ وهذه تقريبا السمات العامة الموجودة على مستوى العالم العربي. ولكن بالطبع هناك هوامش للعمل.

ربما كانت الجزائر من البلدان العربية التي فيها هوامش حرية تتيح إمكانية العمل والدخول في الانتخابات وتحقيق مستوى من الديمقراطية. ونحن في حركة مجتمع السلم نسعى لتوسيع هذه الهوامش لنصل إلى مستوى من الحرية ومستوى من الديمقراطية يسمح بتحقيق التوافقات الوطنية الكبرى على أساس نتائج انتخابات حرة ونزيهة من أجل تطوير بلدنا ومن أجل تحقيق النهضة لأن الجزائر بلد محوري في العالم العربي، وإذا ما تحققت نهضة الجزائر، فهذا سيكون في صالح العالم العربي والعالم الإسلامي.

- ما موقع حركة مجتمع السلم في المشهد السياسي الجزائري اليوم؟

نحن حزب أساسي، وحركة مجتمع السلم هي القوة السياسية المعارضة الأولى في البرلمان الجزائري، ونحن في الحقيقة الحزب الأكثر انتشارا من كل الأحزاب الأخرى على المستوى القاعدي.. مقراته مفتوحة في كل وقت وفي مختلف نواحي البلد، ولنا منتخبون محليون ولنا وجود كبير جدا على مستوى المجتمع المدني من خلال مناضلين، بنضالهم التلقائي الذي يتجهون إليه من خلال قناعاتهم.

ولنا كذلك وجود على المستوى الفكري وعلى مستويات عديدة أخرى؛ فنحن نشتغل لهذه الغاية ونحقق نتائج كبيرة جدا، وفي العشر سنوات الأخيرة شهدت الحركة نقلة نوعية كبيرة، حيث حققت نتائج مهمة. وربما هي من الأحزاب القليلة ذات الخلفية الإسلامية التي تقدمت في الانتخابات في ظل هذه الظروف الصعبة. وكذلك لنا حضور كبير جدا على مستوى المجتمع.

- هل ستترشحون للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2024؟

هذا الأمر مرتبط بقرارات مؤسسة الحركة. صحيح أنه عندما نتحدث عن عبد الرزاق مقري فهو من الأسماء الأساسية المطروحة في المنافسة الانتخابية الرئاسية المقبلة؛ لذلك فإن ترشحي إذا وقع فلن يكون مستغربا. سيكون أمرا طبيعيا مرتبطا بمسيرة طويلة جدا، ومرتبطا بحضور سياسي كذلك واضح وبين. ولكن في آخر المطاف فالأمر يعني مرتبط بقرار مؤسسة الحركة.

- ما هي حظوظ المرشحين للانتخابات في حال قرر الرئيس الحالي تبون الترشح لعهدة جديدة؟

حقيقة المنافسة في الجزائر هي كالمنافسة في سائر الدول العربية، ليست سهلة ودونها مصاعب كبيرة جدا، لأن المنافسة إلى حد الآن في مختلف الانتخابات الماضية كانت معروفة بأنها ليست عادلة وليست نزيهة، وأن مؤسسة الدولة منخرطة، رغم أنها يجب أن تكون حيادية، في الترجيح بين المرشحين وبين الأحزاب للأسف الشديد.


ولكن الكفاح والنضال مطلوب في كل وقت. نحن ندرك أننا في يوم من الأيام سنحقق مبتغانا على المستوى السياسي. هل سيتحقق هذا المبتغى في الانتخابات المقبلة أم في انتخابات أخرى بعدها؟ لا ندري هذه الأمور بيد الله؛ فالله سبحانه وتعالى هو وحده الذي يملك إحداث هذه التحولات الكبرى "قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء".

المطلوب منا هو الكفاح. ونحن حركة لها برنامجها ولها رؤاها ولها حضورها المتميز وهي قادرة على المنافسة أكثر من غيرها. وسنقوم بواجبنا من حيث المبدأ والمصلحة العامة لوطننا.

- في سياق متصل بالشأن الجزائري، كيف تنظرون للخلاف القائم بين الجزائر والمغرب، لا سيما بعد عودته إلى الواجهة إثر رفض الرباط المساعدات الإنسانية الجزائرية عقب زلزال مراكش المدمر؟



هذا الخلاف صراحة مؤسف جدا وهو مضر بالبلدين ومضر بالأمة كلها. الجزائريون والمغاربة هم أشقاء وإخوة، وما يجمعهم أكثر بكثير مما يفرقهم. يعني أنه.. لا أعتقد بأنه يوجد شعوب متقاربة مثل المغرب العربي.


نحن تقريبا شعب واحد بتاريخنا وثقافتنا ولغتنا وانتماءاتنا المذهبية. ولكن للأسف فإنه رغم ذلك تعمق الخلاف وطال جدا وقد أضر بنا كثيرا.

- برأيكم، هل هذا الخلاف مرتبط بالنخب الحاكمة في البلدين؟ بمعنى، هل هناك إمكانية لتجاوزه في حال تبدلت هذه النخب في المستقبل؟



صحيح أن سبب طول هذه المشكلة وتعمقها هو النخب الحاكمة في البلدين، بدليل أنه في مرحلة من المراحل تم الاتفاق على تحقيق وحدة المغرب العربي في زمن الشاذلي بن جديد والحسن الثاني والرؤساء الآخرين في المغرب العربي. وتم الاتفاق على تحقيق وحدة المغرب العربي ووضع مسألة الصحراء الغربية جانبا على ألا تكون سببا للتأزيم وعلى ألا تكون سببا لتضييع المصالح المشتركة التي تتحقق بالوحدة.

لذلك فإنها ما دامت الوحدة قد تحققت في ظرف سابق، فهذا برأيي دليل على أن القضية قضية عجز النخب الحاكمة في البلدين عن الوصول إلى إزالة هذه الخلافات وإنزالها إلى مستوياتها الدنيا التي لا تعيق تطور البلدين والتي لا تفسد العلاقة بين البلدين وبين الشعبين الشقيقين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات الجزائرية عبد الرزاق مقري المغرب تبون المغرب الجزائر عبد الرزاق مقري تبون مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عبد الرزاق مقری المغرب العربی بین البلدین على المستوى التی لا

إقرأ أيضاً:

بشارة بحبح لـعربي21: إعلان لجنة إدارة قطاع غزة قبل نهاية العام

قال رئيس لجنة العرب الأمريكيين من أجل السلام، بشارة بحبح، إنه يتوقع الإعلان عن أسماء مجلس السلام قبل نهاية العام، إضافة إلى الكشف عن أعضاء اللجنة الفلسطينية التي ستتولى إدارة قطاع غزة.

وأوضح بحبح خلال مقابلة خاصة مع "عربي21" أنه "من الطبيعي أن يكون لمجلس السلام مجلس تنفيذي، وأتوقع أيضاً أن يرأسه توني بلير"، مرجحاً كذلك الإعلان عن الدول التي ستشارك في "قوات الردع" داخل غزة.

وانتقل بحبح إلى موقف حركة حماس قائلا: "الحركة تدرك ضرورة التماشي مع التطورات لمصلحة سكان غزة، هذا ما فهمته من حديثي مع المسؤولين في حماس"، معتبرا أن الحركة "لا تملك خيارا آخر"، على حد قوله.


وتحدث عن موقف السلطة الفلسطينية قائلا: "أتوقع أن تقوم السلطة الفلسطينية بدعوة قوات الردع للدخول إلى غزة، كما ستدعو اللجنة المحلية الفلسطينية"، وأكد أن المرحلة الأولى ستتضمن وجودا رمزيا للشرطة الفلسطينية، مضيفاً أن السلطة "ستتولى أيضاً الإشراف على معبر رفح".

وحول ملف معبر رفح، أشار بحبح إلى وجود خلاف قائم بسبب رغبة "الإسرائيليين في فتحه باتجاه واحد، وهو أمر مرفوض"، مضيفا أن المصريين "أبلغوا بشكل قاطع أنهم لن يسمحوا بذلك"، كما توقع إعادة فتح المعبر في وقت قريب خلال المرحلة المقبلة.



واستبعد سيناريو انهيار اتفاق التهدئة، منوها إلى أن هناك نقاش يجري بشأن كيفية التعامل مع مقاتلي حماس في رفح، وذكر أنه "كان هناك اتفاق عند تسليم جثة هدار غولدين أن يتم معالجة أوضاع هؤلاء المقاتلين بشكل إيجابي". 

واستدرك قائلا: "للأسف الشديد، الجهة التي تعهدت بذلك لم تنفذ ما وعدت به"، مضيفا أنه "فيما يتعلق بعناصر حماس غرب الخط الأصفر، من المتوقع  أن يتم دمجهم في الأجهزة الأمنية المحلية"، وفق قوله.

وختم بحبح حديثه حول ملف حل الدولتين قائلا: "من وجهة نظري، لن يتحقق سلام دائم في الشرق الأوسط دون إقامة دولة فلسطينية، وهذا أمر يجب أن تدركه إسرائيل، كما يجب أن تدركه الولايات المتحدة".


وفي وقت سابق، وجه انتقادا "نادرا" إلى الإدارة الأمريكية، على خلفية استمرار الانتهاكات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وسياسة غض الطرف الأمريكي.

ونشر بحبح، تدوينة لاذعة على صفحته على فيسبوك اتهم فيها "إسرائيل" بانتهاكات منهجية لوقف إطلاق النار على عدة جبهات.

وفي تعليقها على التصريح، رأت صحيفة "معاريف" أن المنشور ينسجم مع الخط النقدي الذي تبناه بحبح خلال الأسابيع الأخيرة، غير أنه يختلف هذه المرة عن مواقفه السابقة، إذ لا يحمل "إسرائيل" وحدها المسؤولية، بل يوجه أيضا اتهاما مباشرا للولايات المتحدة، معتبرا أنها تواصل السماح لـ"إسرائيل" بخرق الاتفاقيات وتفادي الالتزام بالقانون الدولي.

مقالات مشابهة

  • السفير الأردني يقدم أوراق اعتماده للرئيس الجزائري
  • مقال دولي يدعو البعثة الأممية في ليبيا إلى مراجعة نهجها وتجاوز نموذج تقاسم السلطة
  • بشارة بحبح لـعربي21: إعلان لجنة إدارة قطاع غزة قبل نهاية العام
  • دولي إيفواري يستهزئ بالمنتخب المغربي
  • نصري: الجزائر تملك مستوى عالي.. ويمكنها تقديم أفضل مستوى مع الأرجنتين
  • بعد حركة أكروباتية طرد المغربي عبد الرزاق حمدالله !
  • جامعة عين شمس تحصد جائزتين على مستوى الوطن العربي لعام 2025
  • الجزائر تواجه خطر ضياع اللقب العربي
  • الغرياني يدعو للعودة للمؤتمر الوطني ويهاجم النخب والبعثة الأممية
  • قيادي بحماس لـعربي21: الضفة الغربية تتجه نحو انفجار شامل غير مسبوق