تحذيرات من تفشي ظاهرة اقتصادية في العراق تفتك بالفقراء والمضطرين
تاريخ النشر: 7th, October 2023 GMT
شفق نيوز/ ينتشر التعامل بالربا أو ما يسمى شعبياً الدين بـ"الفايز" في المجتمع العراقي، حتى أصبحت ظاهرة تمارس بشكل كبير في الأوساط الشعبية، فضلاً عن المؤسسات المصرفية الحكومية وغير الحكومية.
ويضطر المواطنون أحياناً إلى الاقتراض ممن يمتلكون الأموال وفق ما يسمى بـ"الفايز"، على أن يتم تسديد الأموال على دفعات بفائدة عالية، لكنها سرعان ما تتحول إلى أزمة لعجزهم عن سدادها، فيتضاعف المبلغ عليهم.
خسائر باهظة
وهذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي، عمر الحلبوسي، بالقول، إن "(الفايز) أصبح وسيلة اقتراض تثقل كاهل المواطن العراقي، وهو يتعرض للحيف الكبير جرّاء اللجوء لهذا الاقتراض، والذي من خلاله يتعرض المقترض لخسائر باهظة، خصوصاً المقترض بالدولار".
ويوضح الحلبوسي لوكالة شفق نيوز، أن "المقترض بالدولار يتحمل ثلاثة خسائر، الأولى فائدة (الفايز)، وهي كبيرة جداً تُحسب كفائدة على المبلغ، مع هامش مالي تحسباً لتقلّب سعر الصرف".
أما الخسارة الثانية فهي، وفق الحلبوسي "الفائدة التأخيرية التي تتضاعف كلما تأخر المقترض بالسداد، والتي تزيد عن حجم الفائدة مرتين، الأولى فائدة التأخير، والثانية زيادة سعر الصرف"، مضيفاً أن "الخسارة الثالثة هي فرق سعر صرف الدولار الذي يتصاعد بشكل متسارع، مما يزيد من حجم خسائر المقترض".
ويؤكد، أن "هذا يجعل المقترض يتعرض للإعسار في السداد، والذي يترتب عليه فوائد كبيرة، مما يعني مزيداً من الخسائر التي سيبقى المقترض حبيسها في ظل تقلّبات سعر الصرف التي تزيد من تراكم خسائر مقترض الدولار بـ(الفايز)".
الحاجة والحالات الطارئة
من جهته يشير المواطن حسين جاسم من محافظة كربلاء إلى أن "بعض المواطنين يلجأون إلى الاقتراض مضطرين بسبب الحاجة إلى الأموال لظروف طارئة، كأن يكون لديهم مريض بصدد إجراء عملية له وما شابه ذلك، رغم علمهم بأنه حرام شرعاً".
ويضيف جاسم لوكالة شفق نيوز، أن "بعض المواطنين يقترضون بالدولار، نتيجة لتذبذب أسعار الصرف وصعوده المستمر، فهو يساهم في تفاقم صعوبة سداد الديون".
المادة 465
وتنص المادة 465 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بالحبس وبغرامة مالية، أو بإحدى هاتين العقوبتين، من أقرض آخر نقوداً بفائدة ظاهرة أو خفية تزيد عن الحد الأقصى المقرر للفوائد الممكن الاتفاق عليها قانوناً، وفق الخبيرين القانونيين، علي التميمي، وحيدر الصوفي.
ويضيف القانونيان اللذان تحدثا لوكالة شفق نيوز "تكون العقوبة السجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات، إذا ارتكب المقرض جريمة مماثلة للجريمة الأولى خلال 3 سنوات من تاريخ صيرورة الحكم الأول نهائياً، وتكون العقوبة حسب شدة الجريمة وجشع المقرض والشروط".
ويشير علي التميمي، إلى أن "مجلس قيادة الثورة المنحل أصدر عام 1997 قانون 68 الذي يعاقب بالحبس 3 سنوات على هذه الجريمة، واعتبرها مُخلّة بالشرف، وتشدد فيها إذا تكررت خلال 3 سنوات من الشخص نفسه لتصل إلى 10 سنوات".
ويوضح التميمي، أن "قانون 68 أوجب مصادرة مبلغ المقرض أو الفائدة وأنشأ صندوقاً خاصاً بالفقراء يتم إيداع المبالغ التي يتم مصادرتها، ويكون هذا الصندوق في وزارة العمل، ويوزّع المبلغ بنسبة 40% من قيمة مال الربا أو الفائدة على الفقراء، و40% إلى المقترض المخبر عن الجريمة، و20% إلى المخبر غير المقرض".
جرائم سرّية
من جهته يقول حيدر الصوفي "في قانون أصول المحاكمات الجزائية، إذا بادر المقترض إلى الإخبار عن المقرض، فإنه يُعفى من العقوبة وتبقى العقوبة على المقرض، إلا إن المقترض دائماً ما يكون في حاجة إلى اقتراض المال، ويستغله المقرض بالربا، لذلك لا يذهب المقترض إلى القضاء للإخبار عن المقرض".
ويتفق الصوفي والتميمي، على أن "عمليات الربا تتفشى في الأسواق العراقية بعيداً عن متناول القضاء والشرطة، لأنها تتم بكتمان وسرّية بين المقترضين، ما يتطلب جهداً استخبارياً لمكافحة هذه الجرائم السرّية التي تخالف أحكام الشريعة الإسلامية، وكذلك يتطلب أيضاً زيادة الوعي عن هذه الجرائم، كونها غير معروفة وما يترتب عليها من عقوبات قانونية".
حراك نيابي
وكان النائب علاء الحيدري، قد تقدم في تموز/ يوليو الماضي، بطلب إلى رئاسة مجلس النواب لتشريع قانون مكافحة ظاهرة الربا، مشفوعاً بتواقيع 82 نائباً، والذين يشكلون قرابة 25% من أعضاء مجلس النواب البالغين 329 نائباً.
كما وأكد الحيدري في تغريدة سابقة له "نعاهد الشعب على تحمل المسؤولية القانونية والشرعية بالعمل على تشريع قانون مكافحة الربا، بعد تفشيها واتساعها بصور مختلفة وبشكل يهدد المجتمع العراقي"، متحدثًاً عن "أصحاب النفوس الضعيفة الذين يستغلون وضعهم الاقتصادي لتعظيم أموالهم دون جهد على حساب المحتاجين والمقترضين".
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي العراق الربا شفق نیوز
إقرأ أيضاً:
الجدل البرلماني يعطل قانون الاستثمار الصناعي في العراق
مايو 8, 2025آخر تحديث: مايو 8, 2025
المستقلة/- رغم الآمال الكبيرة التي كان يعلقها الصناعيون والمستثمرون على تعديل قانون الاستثمار الصناعي في العراق، إلا أن الجلسات النيابية الأخيرة شهدت حالة من التلكؤ والتأجيل، مما أثار جدلاً واسعاً حول مصير هذا القانون الذي يعد من أبرز التشريعات التي يمكن أن تعزز القطاع الصناعي في البلاد.
وتنتظر الصناعة العراقية منذ سنوات إقرار قوانين جديدة تدعم هذا القطاع الحيوي الذي يمكن أن يكون حجر الزاوية لتعزيز الاقتصاد الوطني وتقليص الاعتماد على الاستيراد. إلا أن الخلافات السياسية في مجلس النواب العراقي حالت دون تمرير التعديل الرابع لقانون الاستثمار الصناعي، والذي كان يُنتظر أن يتضمن مزايا عديدة للصناعيين المحليين ويحفز الاستثمارات الأجنبية في هذا المجال.
الخلافات تُعقّد الوضعوتتمثل إحدى أبرز نقاط الخلاف في اعتراض بعض النواب على بند “تمليك الأراضي داخل التصميم الأساس للمدن” الذي يتضمنه التعديل الرابع. حيث يعارض بعض النواب هذا البند بداعي أنه قد يضر بنظام التخطيط العمراني ويزيد من مشكلات التوسع العمراني. من جهة أخرى، يرى داعمو القانون أن تشجيع خروج المصانع والمعامل من المدن يمثل خطوة ضرورية للتقليل من الزحام والتلوث، فضلاً عن تعزيز التنمية الصناعية في المناطق الأطراف للمحافظات.
وقال نائب رئيس لجنة التنمية والاستثمار النيابية، حسين السعبري، في تصريح لـ”الصباح” تابعته المستقلة، إن “التعديل كان من المفترض أن يتم التصويت عليه في إحدى الجلسات السابقة، لكن تم تأجيله بسبب اعتراضات غير موضوعية من بعض النواب”. وأشار إلى أن “هذه الاعتراضات لا تعكس حقيقة تأثيرات القانون، الذي من شأنه أن يعزز من بيئة العمل الصناعي في البلاد”.
أزمة القطاع الصناعي: هل يكفي القانون؟وفي وقت تزداد فيه الضغوط على الحكومة لتحفيز القطاع الصناعي وتطويره، يُطرح سؤال مهم: هل يكفي تعديل قانون الاستثمار الصناعي لإنقاذ هذا القطاع من أزماته المتعددة؟ يرى العديد من الخبراء أن الحل لا يكمن فقط في إصدار تشريعات جديدة، بل في ضرورة وجود رؤية شاملة لتطوير القطاع الصناعي الوطني، مع التركيز على دعم الصناعات المحلية، وضمان توفير بيئة استثمارية حاضنة للمشروعات الكبيرة والصغيرة على حد سواء.
وفي حديث لـ”الصباح”، شدد النائب ياسر الحسيني، نائب رئيس لجنة الاقتصاد والصناعة والتجارة النيابية، على أن “التحدي الأكبر يكمن في غياب رؤية وطنية واضحة للنهوض بالقطاع الصناعي”. وأشار إلى أن “السياسات الحكومية في السنوات الماضية منحت القطاع الخاص امتيازات كبيرة على حساب القطاع العام، مما أثر بشكل كبير على قدرة الصناعة الوطنية على المنافسة”.
هل يُعتبر التأجيل فشلاً تشريعياً؟ورغم الجدل المستمر حول نقاط الخلاف داخل مجلس النواب، إلا أن الأمل لا يزال قائماً في أن يتم تمرير التعديل الرابع لقانون الاستثمار الصناعي خلال الدورة الحالية للبرلمان. ويعتبر الكثيرون هذا القانون بمثابة خطوة استراتيجية لإعادة الحياة إلى القطاع الصناعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي للعديد من السلع التي يتم استيرادها.
وقد أكد حسين السعبري على أهمية التعديل بقوله: “القانون يتضمن امتيازات ضخمة للصناعيين، مثل الإعفاءات الضريبية، وتسهيلات في تمليك الأراضي، فضلاً عن ضمانات للحصول على قروض من المصارف”. ويأمل المستثمرون المحليون والدوليون أن يشكل هذا التعديل أساساً لتطوير القطاع الصناعي العراقي ورفد السوق المحلية.
قوانين المرأة والطفل: تحديات أخرىوفي سياق آخر، لا يقتصر الجدل البرلماني على القضايا الاقتصادية فحسب، بل يمتد إلى التشريعات الاجتماعية. حيث تواصل لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية تحركاتها لصياغة قوانين تحمي حقوق المرأة والطفل. وتأتي مشاريع القوانين هذه وسط انتقادات لعدم تحقيق تقدم ملموس في هذا المجال، بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية التي تضمن حقوق المرأة في العراق.
وقال رئيس لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية، النائب دنيا عبد الجبار الشمري، في تصريحات صحفية، إن اللجنة تسعى إلى صياغة “قانون الأسرة” الذي يتوافق مع خصوصية المجتمع العراقي، ويعزز دور المرأة في الأسرة والمجتمع.
خلاصة الجدل: هل يتحقق التغيير؟بين تأجيل التصويت على قانون الاستثمار الصناعي، والتحركات البرلمانية الأخرى التي قد تعود بالفائدة على المرأة والأسرة، يبدو أن مجلس النواب العراقي يشهد فترة حاسمة في مسار التشريعات الاقتصادية والاجتماعية. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا الجدل سيؤدي إلى نتائج ملموسة يمكن أن تعزز من الاقتصاد الوطني وتخدم مصالح الشعب العراقي في النهاية.