هكذا قد ترد إسرائيل.. طوفان الأقصى ربما يوحد جبهات المقاومة
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
ربما تنضم جبهات مقاومة أخرى، داخل وخارج فلسطين، إلى عملية "طوفان الأقصى" العسكرية، التي أطلقتها السبت فصائل المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة ردا على اعتداءات الاحتلال، في حال نفذ الجيش الإسرائيلي توغلا بريا قتل خلاله الكثير من المدنيين الفلسطينيين.
تلك القراءة خلص إليها موقع "ستراتفور" (Strator) الأمريكي، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد"، مشيرا إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وجماعات مسلحة أخرى مثل حركة الجهاد الإسلامي، شنت فجر السبت هجوما مفاجئا على إسرائيل، بإطلاق آلاف الصواريخ وتنفيذ توغل بري نادر في جنوبي إسرائيل.
وتابع: "أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن قاعدة واحدة على الأقل للجيش الإسرائيلي فقدت الاتصالات خلال الهجوم، في حين أفادت تقارير بأن حماس استولت على معدات للجيش الإسرائيلي وأسرت رهائن إسرائيليين".
في المقابل، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "حالة الحرب" ضد "حماس"، وتم استدعاء جنود الاحتياط في الجيش وإلغاء الرحلات الجوية من وإلى مطار بن جوريون مع وصول الصواريخ إلى أقصى الشمال حتى تل أبيب.
"ستراتفورد" قال إن "التوغلات البرية من غزة نادرة للغاية، إذ تفضل حماس والمسلحون الآخرون، مثل حركة الجهاد الإسلامي، إطلاق الصواريخ وتنفيذ مناوشات من داخل القطاع نفسه".
واعتبر أن ذلك "يرجع جزئيا إلى أن الحدود بين غزة وإسرائيل تخضع لدوريات ويحصنها الجيش الإسرائيلي. ولا يزال من غير الواضح كيف تمكن المسلحون من تجاوز هذه الضمانات على هذا النطاق (الواسع)، مع الوضع في الاعتبار أن حماس تمتلك شبكة أنفاق".
وردا على اعتداءات القوات والمستوطنين الإسرائيليين على المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، تشن فصائل المقاومة، كما أعلنت، هذا الهجوم من غزة، حيث يعاني أكثر من مليوني فلسطيني من أوضاع متردية للغاية، جراء حصار إسرائيلي متواصل للقطاع منذ أن فازت "حماس" بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في 2006.
اقرأ أيضاً
طوفان الأقصى.. ردود فعل دولية منحازة للاحتلال ومنددة بالمقاومة
عدوان بري
و"من المرجح أن تقوم إسرائيل بعملية عسكرية لتدمير البنية التحتية العسكرية لحماس، واستعادة أي رهائن، وتدمير أو استعادة أي معدات تابعة للجيش لدى الحركة"، كما أردف "ستراتفور".
وأضاف أن "الجيش استدعى قوات الاحتياط، مما يشير إلى أنه سينفذ حملة عسكرية متواصلة يبدو على نحو متزايد أنها ستشمل توغلا بريا، وسيكون الرد الأولي هو ردع احتمال إطلاق المزيد من الصواريخ ومحاولات التسلل، لكن إسرائيل ستبدأ أيضا عمليات لاستعادة أي رهائن ومعدات عسكرية".
وزاد بأنه "نظرا للكثافة السكانية العالية في غزة وامتلائها بالفخاخ والأنفاق ونقاط الكمائن المخططة مسبقا، فإن مثل هذه العملية يمكن أن تكون مكلفة للقوات الإسرائيلية والمدنيين في القطاع".
و"إذا استولت حماس على مركبات تابعة للجيش، فمن المرجح أن يستخدم الجيش القوة الجوية لتدمير المركبات التي لا يمكن استعادتها برا، وأخيرا، سينفذ عمليات اغتيال تستهدف كبار القادة العسكريين"، وفقا لـ"ستراتفور".
ومضى قائلا إن "الرهائن ستكون قضية متفجرة سياسيا بالنسبة للحكومة الإسرائيلية (برئاسة بنيامن نتنياهو)؛ مما يجعل استعادتهم وسلامتهم أمرا حتميا".
ولفت إلى أن "آخر غزو بري إسرائيلي كبير في 2014 استهدف أنظمة أنفاق حماس، وأدى إلى خسائر فادحة في كلا الجانبين".
اقرأ أيضاً
طوفان الأقصى.. 250 قتيلا إسرائيليا و1500 مصابا وعشرات الرهائن بالأنفاق
جبهات جديدة
ومن الممكن، بحسب "ستراتفور"، أن "تمتد حرب جديدة في غزة إلى جبهات جديدة في الضفة الغربية ولبنان وإسرائيل، خاصة إذا استمرت وأسفرت عن خسائر كبيرة في صفوف الفلسطينيين".
وزعم أن "أعمال العنف بلغت أعلى مستوياتها مؤخرا في الضفة الغربية، ويرجع ذلك جزئيا إلى حركة حماس وغيرها من الجماعات المسلحة، ومن الممكن أن تقرر حماس توسيع عملياتها هناك".
واستدرك: "ولكن حتى بدون توجيه حماس، فإن الغضب الشعبي في الضفة الغربية مرتفع؛ خاصة بعد حوادث مثل هجوم المستوطنين الإسرائيليين على قرية حوارة الفلسطينية في فبراير/شباط الماضي".
وزاد بأنه "من المحتمل جدا حدوث احتجاجات وهجمات فردية على القوات الإسرائيلية والمستوطنين في جميع أنحاء الضفة الغربية، مع اندلاع المظاهرات بالفعل في القدس الشرقية".
و"على الرغم من أن حزب الله لم يعرب إلا عن دعم سياسي وليس عسكري للصراع الجديد، فقد نجح المقاتلون الفلسطينيون في لبنان الآن في إنشاء شبكات قادرة على إطلاق الصواريخ على نطاق صغير على شمال إسرائيل، وقد تنضم هذه الجماعات إلى الصراع؛ مما يجبر إسرائيل على الانتقام من مواقع إطلاقها في لبنان"، كما أردف "ستراتفور".
وتابع: "أخيرا، خلال الصراع الكبير الأخير في غزة في مايو (أيار) 2021، اندلعت أعمال شغب كبيرة بين اليهود والعرب داخل إسرائيل، حيث احتج العرب على الصراع واشتبكوا مع اليمينيين المتطرفين".
وأضاف أن "العرب داخل إسرائيل، الغاضبون بالفعل إزاء السياسات اليمينية المتطرفة التي تنتهجها الحكومة الحالية، قد يعودون إلى إلى الشوارع؛ ما يجعل استئناف العنف أمرا ممكنا".
كما أن "الهجمات الإسرائيلية ضد أهداف لبنانية يمكن أن تجر حزب الله إلى الحرب، خاصة إذا قتل الجيش الإسرائيلي مدنيين لبنانيين أو ضرب مواقع عسكرية مرتبطة بحزب الله"، كما ختم "ستراتفور".
اقرأ أيضاً
احتفاء عربي واسع بالمقاومة الفلسطينية بعد إطلاق عملية طوفان الأقصى
المصدر | ستراتفور- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل طوفان الأقصى عدوان الاحتلال الضفة الغربیة طوفان الأقصى إلى أن
إقرأ أيضاً:
تأثير “طوفان الأقصى” على الوعي السياسي الأمريكي: زهران ممداني نموذجاً
شكلت عملية “طوفان الأقصى” وما تلاها من تطورات درامية في المشهد الفلسطيني نقطة تحول فارقة في الوعي السياسي العالمي، وامتد تأثيرها بعمق إلى الداخل الأمريكي، حيث تفاعلت الأوساط السياسية والشعبية والإعلامية مع الحدث بشكل غير مسبوق. لقد كسرت العملية الحصار المفروض على الوعي الغربي تجاه القضية الفلسطينية، وأزاحت الستار عن الرواية الإسرائيلية التي طالما احتكرت التفسير الأخلاقي والسياسي للصراع في نظر الجمهور الأمريكي.
فمع حجم المآسي الإنسانية التي تلت العملية في قطاع غزة، وما تبعها من تغطيات مصورة وصور مباشرة للضحايا والدمار، بدأ وعي جديد يتشكل، لا سيما بين الأجيال الأمريكية الشابة، واليسار التقدمي، والتيارات المؤمنة بالعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
هذا التحول لم يبق محصوراً في النقاشات الإعلامية أو مظاهرات الشارع، بل تسلل إلى البنية السياسية الأمريكية ذاتها، إذ شهدت المدن الأمريكية الكبرى مظاهرات مليونية في نيويورك وواشنطن وشيكاغو دعماً لفلسطين ورفضاً للسياسات الإسرائيلية، رافقتها حملة رقمية ضخمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي قلبت المعادلة التقليدية في الرأي العام الأمريكي.
لأول مرة، يجد السياسي الأمريكي نفسه أمام جمهور يطالبه بتحديد موقفه من العدوان الإسرائيلي بشكل واضح وصريح، بعد أن كان الحديث عن فلسطين موضوعاً حساساً يُتجنب في الحملات الانتخابية. في خضم هذا التحول، برز نموذج زهران ممداني، السياسي التقدمي المسلم المنحدر من أصول هندية، الذي استطاع أن يصعد في المشهد السياسي الأمريكي ويحقق فوزاً تاريخياً بمنصب عمدة نيويورك، المدينة التي تعد الأكثر تأثيراً سياسياً واقتصادياً وثقافياً في الولايات المتحدة، كما أنها تضم أكبر جالية يهودية خارج إسرائيل.
فوز ممداني لم يكن مجرد انتصار انتخابي، بل تحول رمزي عميق في الوعي السياسي الأمريكي. لقد جسد ممداني، بمواقفه الواضحة والجريئة من القضية الفلسطينية، صدى التحول الشعبي العارم الذي أحدثته صور غزة ومجازر الاحتلال. فقد وصف إسرائيل بأنها تمارس “نظام فصل عنصري” بحق الفلسطينيين، ودعا إلى إعادة النظر في الدعم الأمريكي غير المشروط لها، وهو موقف كان يُعد في السابق بمثابة انتحار سياسي لأي مرشح أمريكي، خصوصاً في مدينة بحجم نيويورك. ومع ذلك، حظي ممداني بتأييد واسع من الأوساط الشبابية، ومن الحركات التقدمية التي تربط بين العدالة الاجتماعية في الداخل الأمريكي والعدالة الإنسانية في الخارج.
لقد رأى فيه كثيرون وجهاً جديداً للسياسة الأمريكية المعاصرة، التي تتجاوز الاصطفافات التقليدية نحو مواقف أكثر إنسانية ومبدئية. ورغم أن حملته الانتخابية ركزت على القضايا المحلية مثل أزمة الإسكان وغلاء المعيشة والنقل العام المجاني، إلا أن موقفه من فلسطين أصبح جزءاً من هويته السياسية، وعنصراً أساسياً في سرديته الانتخابية. فالمواطن الأمريكي التقدمي اليوم يرى في ممداني امتداداً لقيم الحرية والإنصاف والوقوف ضد الظلم أينما كان، بما في ذلك في فلسطين. ومن ثم يمكن القول إن العلاقة بين “طوفان الأقصى” وفوز ممداني ليست مصادفة زمنية، بل تعبير عن ترابط عميق بين التحولات الأخلاقية العالمية وما تعكسه من ارتدادات سياسية داخلية.
لقد أدت هذه العملية إلى إعادة تعريف مفاهيم العدالة والتحرر في الوعي الأمريكي، وربطها بمصائر الشعوب المقهورة، لتتحول فلسطين من قضية بعيدة إلى رمز عالمي للمقاومة ضد الاستعمار والتمييز. بهذا المعنى، فإن ما جرى في غزة لم يكن حدثاً عابراً في الذاكرة السياسية الأمريكية، بل لحظة وعي جديدة تُعيد صياغة الخطاب السياسي والانتخابي في أمريكا، وتفتح الباب أمام جيل جديد من السياسيين، كزهران ممداني، الذين يحملون وعياً أكثر انفتاحاً وعدلاً وإنسانية تجاه القضايا العالمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي استعادت اليوم حضورها في قلب الخطاب الأمريكي بعد عقود من التهميش والتزييف الإعلامي.