الأوقاف: أئمة الإسكندرية في كلية التربية تفعيلًا لبرنامج البناء الثقافي
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
تُعقد أولى فعاليات برنامج البناء الثقافي لأئمة الأوقاف بالإسكندرية بكلية التربية جامعة الإسكندرية الساعة الرابعة اليوم الاثنين بمحاضرة للأستاذ الدكتور محمد أنور فراج عميد كلية التربية جامعة الإسكندرية، وتعقد المقرأة النموذجية في ختام البرنامج.
وانطلق لأول مرة برنامج لقاء البناء الثقافي للأئمة والواعظات اليوم الأحد 8 أكتوبر 2023م من مسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها)، لعدد 150 إمامًا وواعظة، بحضور الأستاذ الدكتور بكر زكي عوض عميد كلية أصول الدين سابقا، والدكتور خالد صلاح الدين مدير مديرية أوقاف القاهرة، والدكتور/ سعيد حامد مدير الدعوة بمديرية أوقاف القاهرة.
وفي محاضرته قدم أ.د بكر زكي عوض الشكر لوزارة الأوقاف على اهتمامها البالغ بالحركة التثقيفية والفكرية للأئمة والواعظات، مشيرًا إلى أن لإمام المسجد مكانة عظيمة، كما أن عليه دورًا جسيمًا يجب القيام به في إصلاح وتوجيه المجتمع، لأن المسجد هو المؤسسة الأولى في الإسلام وهو الرابطة الدينية والاجتماعية التي توثق الصلة وتحقق التّعارف، والتعاون، والتكافل بين فئات المجتمع، قال (سبحانه): "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ"، وقال (سبحانه): "ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ"، مضيفًا أنه كلما كان إمام المسجد عالمًا، نافذ البصيرة، سديد الرأي، عالمًا بعادات الناس وأحوالهم، كان تأثيره في المسجد وأهل الحي قويًّا مفيدًا يعلمهم ويرشدهم ويقودهم إلى الخير والفضيلة.
وأكد أن تدبر القرآن الكريم من أجل الأعمال وأفضل العبادات قال (سبحانه): "كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ"، مبينا أن البناء الثقافي للإمام يستوجب عليه أن يعرف الفِرَق الإسلامية وعقائدها، والاتجاهات الفكرية ومقاصدها، والمذاهب الهدامة وأهدافها، حتى يتمكن من مناقشتها في ضوء كتاب الله (عز وجل) وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)، كما أشار إلى أن رسالة الإمام توجب عليه التفقه في الدين عقيدة وشريعة، وكذلك فقه المعاملات ليعرف ضوابط الكسب والإنفاق، ويحذر الناس من الغش والتدليس وأخذ أموال الناس بالباطل، كما أكد على ضرورة إجادة اللغة العربية حتى يعرف معاني ما أنزل الله (عز وجل) على رسوله (صلى الله علبه وسلم) فإن القرآن نزل بلغة العرب، مختتمًا حديثه بأن هذه المقومات إذا توفرت في الإمام حققت عنده استقامة وتوازنا فلا إفراط ولا تفريط، ولا طيش ولا شطط، ويظهر أثر ذلك في تعليمه، وتوجيهه، وإرشاده الذي يتلقاه السامعون.
وفي ختام البرنامج تم عقد المقرأة النموذجية بمسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) بالقاهرة بحضور مدير المديرية والأئمة وجمع غفير من رواد المسجد.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: برنامج البناء الثقافي للأئمة والواعظات جامعة الإسكندرية أئمة وزارة الأوقاف البناء الثقافی
إقرأ أيضاً:
الفتنة لم تكن يومًا نائمة!
يقول الله تعالى في محكم التنزيل:
(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) صدق الله العظيم.
كما ورد في الأثر- وإن كان فيها اختلاف كبير- إلا أن البعض يرددها، وهي أن «الفتنة نائمة، لعن الله مَنْ أيقظها»، بالمقابل هناك رأي آخر من البعض يرى بأن «الفتنة لم تكن يومًا نائمة»، ومؤيدو هذا القول يؤكدون بأنها لا تنام أبدًا من منطلق أنها تعمل ضد الناس، وإذا كان لها من غفوة فهي غفوة في عقول البشر وليس في مكان آخر.
وقد اجتهد الكثير من العلماء والفقهاء وحتى بعض المفكرين في الحديث عن «الفتنة» وأثرها في حياة الناس، وشرحوا الأضرار النفسية المدمرة التي تصيب شظاياها مسافات بعيدة، واتفق عدد كبير منهم على تعريفها بأنها «كل ممارسة من شأنها إلحاق الظلم بالناس أفرادًا وجماعات»، وخص البعض «الظلم» على اعتباره هو رأس الفتنة وهو عنوانها الأبرز الذي يغذي مساحة شاسعة من النفوس بسماد الضغائن، وتحته تندرج ممارسات كثيرة تفتن الناس عن طريقها، وتقلق حياتهم وتحيلها إلى جحيم لا يُطاق، خاصة إذا تناولت بعض الأماكن الحساسة والمهمة في عمق العلاقة ما بين الإنسان ومجتمعه، أبرزها أماكن العرض والشرف والأمانة.
ومن المتعارف عليه بأن «الظلم» وإلقاء التهم بالآخرين يلحق ضررًا بعلاقات الناس بعضها ببعض، فالفتنة أشبه بالوشاية تعمل بنفس القوة والتأثير، فكم من واشٍ فرّق القلوب المجتمعة المترابطة، وهنا نذكر أمرًا مهمًا وهو «أن سليم القلب الذي يخشى الله يؤتمن حتى في عداوته، ومرضى القلوب لا يؤتمنون حتى في صداقتهم».
فالفتّان يحاول أن يحابي البعض ويفرّق الآخرين ليصفو له الجو والتقرب من أصحاب المصلحة، وهو بذلك يهضم حقوق الناس وامتيازاتهم وما يمكن أن يتمتعوا به في هذه الحياة، فبعض الناس يسخّر طاقته في أعمال الشر بحيث لا يرى الآخر نورًا في آخر النفق، بل كل الأشياء مظلمة، ولذا فإن قراراته تكون سوداء كالظلمة التي يتخيلها بعقله وقلبه لا بعينه.
يقول الكاتب والأكاديمي الفلسطيني عبد الستار قاسم في مقال نشره إلكترونيًا منذ نحو عشر سنوات، ومن إعجابي بما قال أقتبس جزءًا من حديثه: «نقول: إن الفتنة أشد من القتل. الفتنة أشد من القتل؛ لأنها تؤدي في النهاية إلى حصول مجازر ومذابح وتقضي على الأخضر واليابس في الدولة أو المجتمع». ويضيف: «الفتنة أشد من القتل؛ لأنها تؤدي إلى قتل العديد من الناس، وإذا أراد الناس أن يقوا أنفسهم شر الفتنة فإن عليهم أن يقضوا على صاحب الفتنة في مهده».
على الأرض، ما أكثر الفتّانين في هذه الحياة؟ وما أكثر الناس من يقتات من جيوب الفتنة! هم بارعون في السعي بين الناس بالباطل، يُلقي التهم جزافًا ويحرق قلوب الأبرياء بغير حق، تسمعهم تصدق أقوالهم، وعندما تزول الغمامة عن أفق السماء تجد نفسك قد أهلكت أنفسًا ما كان يجب أن تقدم على فعلتك، ليظل ذنب الخطيئة يلاحقك لسنوات طويلة وربما للأبد.
أعتقد أن الفتّانين هم أكثر الناس وصولًا إلى مراتب القربى من الآخرين الذين يحبون أن يصلهم كل شاردة وواردة، فكلما زادت الفتنة ارتقى البعض في مكانته، وأصبح مقربًا من الآخرين، لكن الفتنة من أشد أنواع الغدر والخسة والنذالة، فهناك من تأمنه على نفسك وعرضك ومالك وأسرارك، لكنه بالمقابل يفتن عليك ويقلب قلوب الآخرين عليك، ويشد أنظار المغرضين نحوك.
إذا كان البعض يفرّق ما بين «الفتنة والخيانة»، إلا أنهما يؤديان نفس الغرض، ويخرجان من منبع واحد، وهما أيضًا جزء لا يتجزأ من غرس السيوف في أجساد الآمنين، نبت خبيث يستشري في جسد المجتمع.
يقول ابن تيمية: «الفتنة إذا ثارت عجز الحكماء عن إطفاء نارها»، ومما ورد أيضًا قول حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-: «إن الفتنة تُعرض على القلوب، فأيُّ قلب أُشربها نُكِتت فيه نكتة سوداء، فإن أنكرها نُكتت فيه نكتة بيضاء، فمن أحب منكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا، فلينظر، فإن كان يرى حرامًا ما كان يراه حلالًا، أو يرى حلالًا ما كان يراه حرامًا، فقد أصابته الفتنة».
في هذا الزمن كثرت فيه الفتن، وتقلبت القلوب على بعضها البعض، ودخل الناس في أورقة الباطل والظلم، لذا على الإنسان أن يحكّم عقله، وأن يتيقن مما يصله من الآخرين من فتن قد تمزق أواصر التعاون والتعاضد، فيكفي قوله تعالى خاتمة لحديثنا عندما يقول في كتابه العزيز:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ».