توقعات ما بعد مرحلة مستعمرات الغلاف
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
كتبَتْ فصائل المقاومة الفلسطينيَّة، بمعظم تشكيلاتها الفدائيَّة المُسلَّحة، ملحمةً خالدة في تاريخ الكفاح الوطني التحرُّري للشَّعب العربي الفلسطيني، عِندما توحَّدت قواها على الأرض، وخاضت معًا معركة الاقتحام للعديد من مُستعمرات ما يُسمَّى «الغلاف» أي المُستعمرات المُحيطة بقِطاع غزَّة، وعلى تخوم المنطقة الفاصلة بَيْنَ الأرض المحتلَّة عام 1948، والأرض المحتلَّة عام 1967.
مشاهد الوقائع التي سجَّلها الشَّعب الفلسطيني قَبل أيَّام في قِطاع غزَّة، أعادت تنشيط ذاكرتي عِندما كنَّا في بيروت أثناء الحصار صَيْف العام 1982، حين صعدنا، عشرات المقاتلين الفدائيِّين الشبَّان والمَدنيِّين من المواطنين، على عددٍ من آليَّات جيش الاحتلال التي سيطرنا عَلَيْها في مواجهات ومعارك جنوب بيروت، وتمَّ سحبُها إلى داخل مناطق في بيروت الغربيَّة.
وقائع الصمود والثبات تكرَّرت الآن بعد زمن مضى من حصار بيروت، فما جرى في القِطاع وعلى جبهة الاشتباك مع جيش الاحتلال وفرار المستوطنين، كان الردُّ المناسب على ما يجري من اقتحامات من قِبل عصابات المستوطنين لباحات الأقصى، والتنكيل بالمرابطين والمرابطات على أرضه. فكانت الرسالة صارخةً وواضحة بأنَّ الأقصى والضفَّة الغربيَّة والقِطاع أرض واحدة وقضيَّة واحدة، كما الأرض المحتلَّة عام 1948، وبالتَّالي لَنْ تُتركَ القدس وحيدة أمام غول التنكيل والتهويد، على يَدِ المستوطنين القادمين من أصقاع العالَم إلى فلسطين، وبحماية جيش الاحتلال، وبقيادة الوزير المهووس إيتمار بن جفير رئيس ما يُسمَّى «الحرس القومي».
إنَّ مرحلة ما بعد المواجهات الأخيرة على القِطاع ستكُونُ بالضرورة قاسية، فجيش الاحتلال، وبقيادة أركانه وحكومة المتطرِّفين بقيادة نتنياهو، لَنْ يتركوا القِطاع دُونَ ضرباتٍ قَدْ تكُونُ قاسية، خصوصًا من سلاح الجوِّ، بعد أن مَرَّغَ الفلسطينيون أنف جيش الاحتلال في التراب.
الضربات المتوقعة، وإن كانت مؤلمة بحقِّ فلسطين وشَعبها، لَنْ تدفعَ الفلسطينيِّين للرضوخ في ظلِّ هرولة المكُّوك السِّياسي بَيْنَ بعض العواصم الإقليميَّة وبإشراف من واشنطن في أيِّ جهد لاحتواء الموقف تحت عنوان «تهدئة» أو «هدنة» أو …إلخ.
المكُّوك السِّياسي الذي اعتدْنا على نشاطه وحركته بعد كُلِّ عدوان على القِطاع أو الضفَّة الغربيَّة، سيُواجِه الآن صعوبات كبيرة بعد أن أصبحَ بِيَدِ الفصائل والقوى الفلسطينيَّة أعداد وافرة من جنود جيش الاحتلال، والذين لا مجال لإطلاقهم دُونَ صفقات تبادل كبيرة مقابل تحرير كُلِّ الأسرى الفلسطينيِّين من سجون الاحتلال.
وأغْلَبُ الظَّن، ستكُونُ شروط «التهدئة» أو «الهدنة» هذه المرَّة مغايرة تمامًا عن المرَّات السَّابقة، وعلى رأسها البدء بخطوات عمليَّة من قِبل الاحتلال لفكِّ الحصار عن قِطاع غزَّة، والكفِّ عن ممارساته وتشجيعه لحالة انفلات المستوطنين في القدس والاعتداء على الأقصى والمُصلِّين.
إنَّ المرحلة الآتية صعبة، وقَدْ تكُونُ حبلى بالتطوُّرات، فالفعل الكفاحي الفلسطيني، وبالرغم من الحالة العربيَّة التي لا تسرُّ صديقًا، إلَّا أنَّ الشَّعب الفلسطيني ما زال يمتلك مخزونًا هائلًا من الإرادة الفولاذيَّة، ومن إرادة المواجهة، والتمسُّك بحقوقه الوطنيَّة كاملة، حتَّى لو طال أمَدُ الصراع مع الاحتلال.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
[email protected]
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: جیش الاحتلال الق طاع
إقرأ أيضاً:
«عضو الوطني الفلسطيني»: هناك توجه دولي متزايد للضغط على إسرائيل لإنهاء الاحتلال
أكدت الدكتورة رتيبة النتشة، عضو هيئة العمل الأهلي الوطني الفلسطيني، أن هناك توجهًا دوليًا متزايدًا للضغط على إسرائيل من أجل إنهاء الاحتلال وتحقيق الاعتراف بالدولة الفلسطينية، موضحة أن الضغوط الأوروبية، وإن جاءت متأخرة، إلا أنها تحمل رسائل قوية عبر مراجعة اتفاقيات الشراكة مع إسرائيل، خصوصًا وقف التعاون الأكاديمي الكبير ووقف تصدير الأسلحة.
وأكدت رتيبة النتشة، خلال مداخلة هاتفية على شاشة «القاهرة الإخبارية»، أن هذه المواقف الأوروبية تضع إسرائيل في عزلة دولية متزايدة، وتفتح الباب أمام أصوات معارضة داخل المجتمع والسياسة الإسرائيلية قد تؤدي إلى تغييرات حقيقية في الموقف الرسمي مستقبلاً، موضحة أن الصورة التي حاولت إسرائيل رسمها عبر ادعاء الأمن قد تآكلت أمام العالم، مما دفع شعوب الدول إلى الضغط على حكوماتها لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه إسرائيل من خلال المقاطعة والعقوبات.
وأضافت رتيبة النتشة، أن هذه التطورات تشكل حماية لمسار حل الدولتين وترسخ شرعية القضية الفلسطينية على المستوى الدولي، خاصة مع توجه عدد من الدول الكبرى نحو الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية في المستقبل القريب، وهو ما يعزز الضغط على الاحتلال.
وأشارت عضو هيئة العمل الأهلي الوطني الفلسطيني، إلى أن استمرار إسرائيل في تجاهل القرارات الدولية وحقوق الفلسطينيين يؤدي إلى انهيار منظومة التعاون الدولي معها، ما يستدعي من المجتمع الدولي إعادة تقييم علاقاته معها بشكل جدي، بما يحفظ الأمن والسلام في المنطقة.
اقرأ أيضاًإسقاط أطنان من المساعدات جوا على قطاع غزة.. أنشطة القوات المسلحة خلال أسبوع «فيديو»
تجمع مئات الإسرائيليين وسط تل أبيب للمطالبة بإعادة المحتجزين في غزة
عاجل.. 35 شهيدًا جراء استهداف الاحتلال منتظري المساعدات في محور زيكيم شمال غزة