سقطت الأسطورة.. وانكشفت الأقنعة
تاريخ النشر: 14th, October 2023 GMT
زين بن حسين الحداد
zain92277@gmail.com
نجحت المقاومة بإمكانيات محدودة وبسيطة في ضرب أقوى جيوش العالم عتاداً وتجيهزا وسمعة، فكان أكثر المتفائلين يظن في بداية الهجوم أنها عملية عابرة ستنتهي في ساعاتها الأولى بحكم فارق القوة بين المعسكرين، ولكن ماحدث كان عكس التوقعات حيث فشل الاحتلال في استعادة مافقده من أراضٍ وامتد القتال إلى أيام وربما يستمر إلى أسابيع وهو الذي يخافه الصهاينة أن يحدث نظرا لتوقف مظاهر الحياة وعجلة الاقتصاد حتى تهاوت البورصة والعملة، وكل دقيقة إضافية تزيد من معاناة المحتل.
نتيجة
بعيدا عن النتيجة النهائية للمعركة وما سيحدث لاحقًا من إيجابيات وسلبيات، والتي مازال التقدم فيها للمقاومة عسكريا وأخلاقيا إلا أن أحداث السبت أسقطت أسطورة الجيش الذي لا يقهر، أمام الإرادة الشعبية التي لا يكسرها شيء. وما سقط من هيبة وسمعة اشتغل عليها العدو إعلاميا 75 عاماً لا يمكن إرجاعه أبدا.
كارثة إنسانية
إنَّ ما نشاهده من هيجان لا إنساني وانفلات أخلاقي من قادة الاحتلال يؤكد حجم وقوة الألم والقهر الذي أصابهم، جعلهم يتجاوزون كل الخطوط الحمراء مع أكبر تجمع سكاني في العالم بانتهاكهم لحقوق الإنسان فلم يسلم طفل أو مسعف أو صحفي من الإعدامات الجماعية والتطهير العرقي غير المسبوق. ناهيك عن القطع التام للكهرباء والماء والغذاء بهدف إسقاط معنويات الحاضنة الشعبية للمقاومة وهو الذي يؤكد عجز الاحتلال عن مواجهة المقاومة.
أوهن من بيت العنكبوت
إن الدعم اللامحدود الذي تقدمه أمريكا ودول الغرب بإرسال القطع البحرية والإمدادات العسكرية وتقديم الضوء الأخضر للقيام بجرائم الحرب بلا حساب، والدعم الإعلامي اللامتناهي، يؤكد ضعف وهوان هذا الكيان الهش الذي ظل يسقط أمام أي أزمة وعقبة يواجهها، وعجز عن التعامل مع الموقف. فإذا كانت إسرائيل قوة عظمى فلماذا كل هذا الدعم الدولي اللامسبوق! دعم لم تحصل عليه حتى أوكرانيا في مواجهة الوحش الروسي.
الأكتوبريون..
استنسخت المقاومة عنصر المباغتة والمفاجأة في حرب أكتوبر كما فعلت مصر قبل 50 عاماً. وكان سعد الدين الشاذلي أحد أهم قادة الجيش المصري وحرب أكتوبر وهو الذي أكد في عدة مقابلات أن خطته بُنيت على نقاط ضعف الاحتلال وهي إطالة مدة الحرب وخسارة القوة البشرية بالمعسكر الصهيوني، وهو ما يتحقق الآن.
طُعم الممر الآمن
السعي الصهيوني مستمر لإخلاء سكان غزة وتهجير أهلها إلى العريش في سيناء المصرية وهي خطة قديمة تتجدد وتطرح مع كل صراع، وهي خطوة أخيرة لإنهاء ما تبقى من القضية، فهل يبتلع أهل فلسطين والمصريون طُعم خطة الممر الآمن! الممر يجب أن يكون معبرا إلى الداخل لا إلى الخارج.. إخلاء غزة من السكان كارثة وتراجع لكل التضحيات السابقة، كل من يمرر هذه الخطة وهو يعلم خطورتها إما ساذج أو خائن. سيناء للمصريين وغزة وكل فلسطين للفلسطينيين.
انكشاف الأقنعة
أن يقف العالم الغربي بوجهه القبيح أمر متوقع وليس مستغربا ولكن أن يقف العربي المسلم في صف الصهاينة إما بالتثبيط والإرجاف أو بالاصطفاف مع العدو قلبا وجهدا ولسانا هو النفاق الذي لا شك فيه، ولا يخلو زمان من الخونة والمنافقين، ومن وجهة نظري انكشاف هذه الأوجه هو انتصار آخر للمقاومة لنعلم الطيب من الخبيث فهنيئا لمن ثبت على عقيدته السليمة والعار لمن خان وانقلب.
ماذا أفعل؟
يعتقد البعض أنه غير قادر على نصرة القضية الإسلامية! بل يمكن فعل الكثير والكثير كلا حسب اختصاصه وأدواته. إن الهاتف الذي بين يديك هو وسيلة وسلاح مهم يمكنك المشاركة به من خلال زيادة الوعي العالمي وكشف كذب آلة الإعلام الصهيوني وبفضح جرائمه. وعليك أن تساهم في زرع أهمية القضية في قلوب الأجيال والصغار وتعليمهم أنّ الوقوف معها شرف وشجاعة خصوصا مع توقف الكهرباء والإنترنت في قطاع غزة.
أسبوع للتاريخ
مانشاهده هذا الأسبوع سيخلده التاريخ مئات القصص والمواقف العجيبة وهي نتاج الثقة بالله والتوكل عليه، علما بأنه يوجد في غزة أعظم سلاح في العالم هو سلاح الإيمان بالله، الصابر فيها مأجور وصاحب قضية ومبدأ، والمقتول فيها شهيد، هي القضية التي لا خسارة لأصحابها مهما تغيرت السيناريوهات والنتائج. وستبقى فلسطين حرة طال الزمن أو قصر.
"فلسطين حرب انتصر فيها أصحابها قبل أن تبدأ".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ناشطة يهودية تروي لـعربي21 كيف حولها الاحتلال إلى مدافعة عن قضية فلسطين (شاهد)
"عاهدت نفسي ألا أصمت أبدًا"، بهذه الجملة تلخص الناشطة اليهودية النمساوية داليا ساريج، مسيرتها التي اتخذت فيها موقفا صريحا ضد الصهيونية، من داخل أوروبا، ومن قلب المجتمع اليهودي نفسه.
وفي لقاء خاص مع "عربي 21" قالت داليا، التي تنحدر من عائلة يهودية نجت من المحرقة النازية بعد فرارها من فيينا عام 1938 إلى فلسطين، أنها بدأت مسيرتها النضالية في التسعينيات بعد تجربة شخصية عاشتها في فلسطين، حيث واجهت لأول مرة رواية الفلسطينيين عن التهجير والتمييز.
وأضاف أنها بدأت بعد ذلك تقف أمام الموروث الصهيوني الذي نشأت عليه، قائلة "فهمت أن الصهيونية ليست مجرد حركة وطنية، بل مشروع عنصري يقوم على تهجير شعب بأكمله."
وخلال إقامتها في فلسطين المحتلة، التحقت بجمعية الجليل – وهي منظمة فلسطينية مقرها الداخل المحتل – واندمجت مع المجتمع الفلسطيني، حيث تأثرت بقصص التشريد والحرمان التي رواها زملاؤها ومعلموها.
وقالت ساريج : "كان أستاذي للغة العربية، يحدثني عن عائلته التي طُردت من قريتها، وأدركت وقتها أنني إن أردت دولة يهودية، فإن ذلك يعني أن يقمع الآخرون، ما جعلني اتنازل عن فكرتي في العيش في دولة يهودية، نظرا لأنها تقوم على دماء الفلسطينيين، وعلى التمييز العنصري الصهيوني".
من الانتماء إلى التمرّد
وغادرت داليا الأراضي المحتلة عام 2000 بعد أن شعرت بالتضييق داخل أوساط الاحتلال، قائلة "العنصرية أصبحت لا تطاق، لم أعد قادرة على العيش هناك"، حيث تم اتهامها بـ"التعاون مع العدو" بسبب قربها من الفلسطينيين، ومنذ ذلك الحين، كرّست نشاطها السياسي والاجتماعي في النمسا لمناصرة القضية الفلسطينية، وفضحت العنصرية الصهيونية، "التي تراها أكذوبة" وفق وصفها.
وأسست الناشطة اليهودية في فيينا منظمة "ليس باسمنا"، وأصبحت عضوًا ناشطًا في حركة التضامن مع فلسطين، وتشغل الآن موقعًا قياديًا في منظمة "مبادرة التضامن مع فلسطين" (IPS). وتعمل على تنظيم أول مؤتمر يهودي مناهض للصهيونية في أوروبا، تأكيدًا على أن "معاداة الصهيونية ليست معاداة للسامية".
وأضاف داليا ساريج خلال لقاءها مع "عربي21" أن دولة الاحتلال الصهيوني تخدع اليهود وتستخدمهم لإقامة دولة صهيونية قائمة على العنصرية والتمييز".
صوت يهودي لغزة
وقالت داليا: "أستخدم صوتي كيهودية لأحدث فرقًا... لكن لا أؤمن بالدين اليهودي كمرجعية سياسية، بل أعتبر نفسي شخصًا ذا جذور يهودية، ومنتميًا لحركة تحرير فلسطين".
وخاضت داليا تجربة سياسية في النمسا عبر المشاركة في تأسيس حزب تحت مسمي "قائمة غزة" في محاولة لنشر القضية الفلسطينية في المجتمع النمساوي وكذلك الترشح ضمن "قائمة غزة" للانتخابات البرلمانية في أيلول / سبتمبر الماضي، في محاولة لكسر الصمت الإعلامي والسياسي تجاه العدوان على غزة. قائلة: "صوتنا ملغى، الإعلام لا ينقل الحقيقة، والسياسيون خاضعون للوبي الصهيوني".
وتواجه داليا وزملاؤها في الحركة تحديات قانونية وأمنية، من بينها قمع الشرطة، وتهم دعم الإرهاب لمجرد استخدام شعار "من النهر إلى البحر". رغم ذلك، مؤكدة: "أنا من الطبقة المحمية، وخوفي أقل، ولهذا أصرخ... نيابة عن الذين لا صوت لهم".
دعوة أوروبية للضمير
ومن ناحية أخري تحمل داليا النخب الأوروبية – خصوصًا في ألمانيا والنمسا – مسؤولية الصمت عن جرائم الاحتلال الإسرائيل، معتبرة أن عقدة الذنب بسبب المحرقة تدفعهم لتبرير الإبادة الحالية بحق الفلسطينيين. قائلة: "لا أحد مسؤول عن ما فعله أجداده، لكننا مسؤولون عما يجري الآن".
ودعت داليا إلى النضال ضد العنصرية ليس فقط في فلسطين، بل أيضًا في أوروبا، حيث تتصاعد موجات الإسلاموفوبيا والتمييز ضد العرب والمسلمين. وتختم: "إذا لم نقف الآن ضد ما يجري في غزة، فغدًا سيكون الصمت مبررًا لكل ظلم... وكل من لا ينتمي للهيمنة سيكون هدفًا".