هل يمكن أن تُصبح المناطيد مستقبل الشحن المستدام؟
تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعد نحو قرن من الزمن على فقدان شعبيتها، يستعد جيل جديد من المناطيد للتحليق في السماء.
ويسعى الناس من خلال هذه المناطيد إلى تحقيق طموحات كبيرة، إذ تُوصف بأنها بديل شحن أكثر استدامة مقارنة بالشاحنات أو السفن، حيث تنقل أطنانًا من البضائع في وقت واحد.
ورغم حجمها الكبير، إلا أن شركة واحدة تحلم بأن تجعل حجمها أصغر بكثير.
وتلقت شركة "Cloudline" الناشئة في جنوب إفريقيا استثمارات بملايين الدولارات لمناطيدها الصغيرة، التي يبلغ طولها ما يزيد قليلاً عن 18 مترًا، ويبلغ وزنها الصافي الصغير ما بين 2 إلى 3 كيلوغرامات.
وتقوم الشركة بطرحها كبديل لطائرات الهليكوبتر وغيرها من الطائرات ذات الإقلاع والهبوط العمودي، ومع قدرات حمولة تفوق تلك التي تتمتع بها الطائرات من دون طيار.
وقد حصلت "Cloudline" بالفعل على موافقة من السلطات المحلية لبدء تشغيل مناطيدها في جنوب إفريقيا، وتجري محادثات مع شركاء في ناميبيا وموزمبيق وكينيا لبدء العمليات، حسبما ذكره الرئيس التنفيذي سبنسر هورن.
وقد تم تجهيز المناطيد المملوءة بالهيليوم بألواح شمسية وبطاريات احتياطية لتشغيل محركاتها، وتتمتع بزمن طيران يصل إلى 12 ساعة ومدى يصل إلى 400 كيلومتر، وتطير على ارتفاع يصل إلى 1220 مترًا فوق مستوى الإقلاع.
هذه المناطيد تُعد ذاتية التحليق تمامًا، إذ يتبع كل منطاد نقاط طريق محددة مسبقًا. وفي حالة مواجهة المنطاد لخلل ما، فإنه سيعيد توجيهه إلى نقطة محددة مسبقًا وينتظر تعليمات من مسؤول بشري لديه إمكانية الوصول إلى بيانات القياس عن بعد الخاصة بالمنطاد.
ويقول هورن، الذي يشير إلى الافتقار للبنية التحتية الموثوقة للنقل التي لا تزال موجودة في أجزاء من القارة: "كان الإلهام هو تمكين المجتمعات الريفية وربطها"، مضيفًا أن المروحيات والطائرات خدمت منذ فترة طويلة مجتمعات ضعيفة الاتصال، لكن متطلبات إقلاعها وهبوطها تفرض قيودا، كما أن طرق تسليمها ليست دقيقة دائما.
وكانت صناعة الطائرات من دون طيار خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قد أدت إلى خفض حواجز التكلفة أمام الطيران، وبدأت في توصيل الأدوية إلى المناطق النائية في شرق إفريقيا. لكن الطائرات من دون طيار الحالية لها أيضًا قيود، بما في ذلك سعة الحمولة، إذ يؤدي المزيد من الحمولة إلى طائرة من دون طيار أكبر.
ونظرًا لرغبته في الحصول على حمولة كبيرة وطيران نظيف وإقلاع وهبوط عمودي، لجأ خريج جامعة هارفارد إلى المناطيد.
وحصلت شركة "Cloudline" على دعم رأس المال الاستثماري لأول مرة في عام 2019، وبعد سنوات من البحث والتطوير والنماذج الأولية، تستعد الشركة لإطلاق عمليات تجارية.
وفي كينيا، أبرمت شركة "Cloudline" اتفاقًا لتسهيل عمليات تسليم الأدوية والمستلزمات الطبية، وفي ناميبيا تتعاون مع منطمة "اليونيسف" لتوصيل المستلزمات الطبية والتشخيص الطبي، وربط العيادات النائية بالمستشفى المركزي في المنطقة.
ومع تزايد وتيرة مشاريعها التجارية، تواصل الشركة تطوير منطادها، مع خطط لمزيد من الاستقلالية والتكيف مع الظروف الجوية، بحسب ما ذكره هورن.
وصرحت شركة "Cloudline" بأنها تستكشف أيضًا استخدام الهيدروجين لتضخيم المناطيد المستقبلية، وهو غاز يمكن توليده بشكل متجدد وبقدرة رفع أكبر قليلاً من الهيليوم.
أما الجانب السلبي، فيتمثل في كون الهيدروجين غازا قابلا للاشتعال. كما يتمتع الهيليوم بعيوبه، بما في ذلك الأسعار المتقلبة خلال السنوات الأخيرة وعلامات الاستفهام حول إمداداته على المدى الطويل.
وبغض النظر عن الطريقة التي ستشغل بها مناطيدها، تأمل شركة "Cloudline" أن تتمكن من تحقيق اختراقًا في قطاع النقل.
ويقول هورن إن "القيام بمثل هذه الخطوة في إفريقيا... أمر صعب، سيستغرق بعض الوقت وعددًا من الأشخاص قبل أن تتمكن من إقناع الناس بالاستثمار في قطاع الطيران في إفريقيا".
ويؤكد الرئيس التنفيذي أنه على عكس شركات المناطيد الأخرى المنخرطة في مراحل طويلة من النماذج الأولية لطائراتها الأكبر حجمًا، فإنه مستعد لطرح منتجه في السوق، مؤكدًا: "نعتقد أن الخروج وتقديم الخدمة أكثر أهمية بكثير من بناء شيء سيظهر لأول مرة في عام 2035 أو 2040".
إفريقيانشر الاثنين، 16 أكتوبر / تشرين الأول 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: إفريقيا من دون طیار
إقرأ أيضاً:
ثروات غرب أفريقيا في بؤرة صراع عالمي على مستقبل التكنولوجيا
تتمتع منطقة غرب أفريقيا بموارد معدنية ضخمة جعلتها محط أنظار القوى الدولية الكبرى مع احتوائها على معادن نفيسة كالذهب وأخرى حاسمة في التحول نحو الطاقة النظيفة كالليثيوم والنحاس والبوكسيت.
وحولت هذه الثروات المنطقة إلى حلقة إستراتيجية في سلاسل التوريد العالمي المرتبطة بمفاتيح الهيمنة على تكنولوجيا الطاقة المستقبلية.
تعزز أهمية هذه الثروات وضع غرب أفريقيا في قلب "حرب عالمية باردة" يستخدم أطرافها إستراتيجيات متنوعة للسيطرة على الموارد المعدنية التي ستمكنها من ريادة التحولات التقنية في القرن الـ21، واضعة دول المنطقة وشعوبها أمام تحدي القدرة على تحويل هذا "التكالب الدولي" إلى رافعة للتنمية المستدامة.
تزخر منطقة غرب أفريقيا باحتياطيات هائلة من المعادن خاصة الذهب ضمن حزام الحجر الأخضر البريمي "Birimian Greenstone Belt" الذي يمتد عبر عدة دول منها غانا ومالي وبوركينا فاسو، وتحتوي المنطقة على رواسب كبيرة من البوكسيت والليثيوم والمنغنيز والنيكل والفوسفات والزنك، في حين يعد هذا القسم من أفريقيا من أهم مصدري الذهب واليورانيوم وخام الحديد والماس.
ووفقا لبيانات نشرتها منصة "إينرجي باور آند كابيتال" التي تركز على قطاع الطاقة في أفريقيا، فإن غينيا تمثل موطنا لأكبر احتياطيات البوكسيت في العالم حيث استحوذت على أكثر من نصف صادرات خام الألمنيوم العالمية في عام 2020.
وبجانب كونها منتجا رئيسيا للذهب وخام الحديد والماس احتلت غانا المرتبة الثانية عالميا من حيث إنتاج البوكسيت في عام 2022، كما صدرت غانا خام المنغنيز بقيمة 370 مليون دولار في عام 2021، لتصبح خامس أكبر مصدر لهذا المعدن الحيوي في العالم.
بالإضافة إلى ذلك، تمتلك الغابون ثاني أكبر احتياطات المنغنيز في العالم، وهي في طليعة كبار منتجيه عالميا، وفي أغسطس/آب 2023 أكدت شركة ماك غولد المتخصصة في استكشاف المعادن، اكتشاف رواسب منغنيز مهمة على سطح مشروع "كر هوغو" للتعدين التابع لها في ساحل العاجل، مما عزز مكانة البلاد كسادس أكبر مصدر لخام المنغنيز في العالم.
رغم ثراء غرب أفريقيا الكبير بالمعادن، توضح منصة "أفريكا ماينينغ آي كيو"، المختصة بنشاطات التعدين في القارة السمراء، إلى أن معظم الثروة المعدنية في المنطقة لا تزال غير مستغلة، مما يعني أن أهمية غرب أفريقيا في الاقتصاد المعدني العالمي سوف تزداد في المستقبل.
إعلانفي حين تؤكد تحليلات أن أجزاء كبيرة من غرب أفريقيا لا تزال غير مستكشفة بشكل كافٍ باستخدام التقنيات الحديثة، وأن من المحتمل وجود احتياطيات ضخمة لم يتم الكشف عنها في تجسيد لما يسمى بـ"الفجوة الاستكشافية" التي تميز أفريقيا مقارنة بمناطق أخرى من العالم.
كما تتمتع المنطقة بعوامل جاذبة للقوى الدولية المتنافسة، حيث تعد من أكبر مناطق تعدين الذهب في العالم، وقد تجاوز إنتاجها من المعدن الأصفر النفيس 15 مليون أوقية في عام 2024، بجانب غناها بالمعادن الضرورية للتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، مثل الليثيوم والكوبالت والنيكل والنحاس، وهي أساسية في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية وتخزين الطاقة المتجددة، مما يضع هذه البقعة في قلب المنافسة على الهيمنة التكنولوجية في القرن الـ21.
ويشير مقال منشور على منصة "كروكس إنفيستور"، المختصة باستثمارات التعدين، إلى مزايا تشغيلية "هائلة" تتسم بها المنطقة، منها التشريعات الداعمة للتعدين وسرعة استصدار التراخيص وانخفاض التكلفة، حيث إن متوسط الإنفاق الرأسمالي المسبق لكل أوقية من الموارد أقل بكثير من أميركا الجنوبية أو أوروبا، كما أن فترات بناء المشاريع أقصر وتكاليف الإنتاج تنافسية عالميا.
التنين الصيني أكبر اللاعبينتُعد الصين أكبر لاعب في قطاع التعدين الأفريقي، حيث استثمرت مليارات الدولارات في السنوات الأخيرة، خاصة ضمن إطار مبادرة "الحزام والطريق"، وتشير مديرة برنامج المعادن الحرجة في "مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية" الأميركي، غريسلين باسكاران، إلى ارتفاع الاستثمار الصيني المباشر في أفريقيا بشكل كبير من 75 مليون دولار في عام 2003 إلى 4.2 مليارات دولار في عام 2020، مستهدفا بشكل رئيسي قطاع الصناعات الاستخراجية.
وترتكز سياسة بكين على إقامة شراكات إستراتيجية مع ما لا يقل عن 44 دولة أفريقية، مع التركيز على العلاقات الثنائية بدلا من التحالفات متعددة الأطراف، وهو نهج يسمح لها بتأمين صفقات مربحة، غالبا ما تتضمن ترتيبات الاستفادة من الموارد الطبيعية مقابل إنشاء البنى التحتية.
وتركز الاستثمارات الصينية في غرب أفريقيا على مشاريع التعدين الضخمة وتطوير البنية التحتية للنقل وتمويل مشاريع الطاقة، إلى جانب الاستثمار في النفط والغاز، مما يعزز النفوذ الصيني في سلاسل التوريد العالمية للمعادن والطاقة ويمنحها دورا محوريا في اقتصادات المنطقة.
فبكين هي المستثمر الأكبر في قطاع البوكسيت في غينيا، حيث تسيطر على جزء كبير من الإنتاج من خلال شركات مثل "شاندونغ ويكو" و"تشاينا هونغكياو"، وتستورد الصين معظم إنتاج غينيا من البوكسيت الذي يُستخدم في صناعة الألمنيوم.
ووفقا لما نشرته منصة "الطاقة" المتخصصة في أسواق الطاقة، فإن مشروع سيماندو (Simandou) في غينيا يُعد أكبر مشروع تعدين في العالم حاليا، بقيمة استثمارية تبلغ نحو 20 مليار دولار، تشارك فيه 5 شركات صينية كبرى إلى جانب شركة ريو تينتو، حيث تستثمر الصين في تطوير المنجم، وبناء خطوط سكك حديدية وموانئ لتسهيل تصدير خام الحديد إلى الأسواق العالمية، وخاصة الصين.
شهدت كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو تصاعدا لافتا في الحضور الروسي بمجال التعدين، خاصة بعد الانقلابات العسكرية التي شهدتها المنطقة الأعوام الماضية وتراجع النفوذ الفرنسي والغربي. وبينما تتبنى الصين معادلة تقوم على الاستثمار مقابل الحصول على الموارد، يتمثل النهج الروسي بمقايضة الأمن بالثروات الطبيعية، حيث تقدم موسكو الدعم العسكري والتدريب والمعدات مقابل عقود تعدين وامتيازات اقتصادية.
إعلانوتبرز في هذا السياق نشاطات مجموعة فاغنر (الفيلق الأفريقي لاحقا) التي استطاعت الاستفادة من العلاقات الأمنية والعسكرية مع السلطات الانتقالية في مالي في الحصول على امتيازات في قطاع المعادن وخاصة الذهب، من خلال سيطرتها على عدد من المناجم الهامة.
وقد منحت الحكومة الانتقالية في بوركينا فاسو تراخيص لشركة "نورد غولد" الروسية لتشغيل مناجم ذهب رئيسية مثل منجم "نيو" الذي يتوقع أن يبلغ إجمالي إنتاجه 20.2 طن ذهب خلال 8 سنوات، ومنجم "ييميوغو"، مما يعزز سيطرة روسيا على جزء مهم من إنتاج الذهب في البلاد التي يشكل المعدن النفيس نحو 14% من إيراداتها.
وبعد حظر تعدين اليورانيوم على الشركات الفرنسية في النيجر، وقعت الحكومة مذكرة تفاهم مع روسيا في فبراير/شباط 2025 لتعزيز التعاون في الاستكشاف والتعدين، خاصة في اليورانيوم.
وتشير تقارير إلى تحقيق روسيا ما يزيد على 2.5 مليار دولار من تجارة الذهب الأفريقي منذ 2022، حيث يُنقل جزء كبير من ذهب غرب أفريقيا إلى روسيا لتعزيز احتياطياتها وتقليل الاعتماد على الدولار في ظل الحصار الذي تعيشه على وقع الحرب الأوكرانية.
View this post on InstagramA post shared by الجزيرة نت | اقتصاد (@aljazeeraeconomy)
القوى الغربية آخر الواصلين إلى "الحفلة"دخلت القوى الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، سوق المعادن الحيوية في أفريقيا في وقت متأخر نسبيا مقارنة بالصين، مما أدى إلى حصولها على موطئ قدم أضعف، وفقا لمقال نشرته الباحثة المتخصصة في أفريقيا والشرق الأوسط، سارة واي، التي عزت تردد الشركات الغربية تاريخيا في الانخراط في هذا الاستثمار إلى تحديات من قبيل ضعف الحوكمة، وممارسات العمل السيئة، والتدهور البيئي، وإمكانية تأجيج الصراعات المسلحة.
في حين يشير الباحث الأميركي، المختص بالشؤون الأفريقية، كاميرون هدسون، إلى أنه رغم دخول واشنطن المتأخر فقد أصبح تأمين الوصول الموثوق إلى المعادن الحيوية أمرا حتميا للأمن الاقتصادي والقومي للولايات المتحدة.
وأضاف أن السنوات الأخيرة شهدت تصاعد اهتمام الولايات المتحدة بالاستثمار في معادن غرب أفريقيا الضرورية للطاقة النظيفة، لتأمين سلاسل التوريد بعيدا عن الصين، وتقود هذه الجهود مؤسسات مثل بنك التصدير والاستيراد الأميركي، وتُدار ضمن إستراتيجية وطنية للمعادن الحرجة حددت 50 معدنا أساسيا للأمن القومي والاقتصادي الأميركي، كثير منها متوفر في أفريقيا.
كما تمتلك شركات غربية حضورا قويا في قطاع الذهب، خاصة شركات بريطانية مثل "إنديفور ماينينغ" التي كانت تدير مناجم "بونغو" و"واهغنيون" في بوركينا فاسو قبل أن تصادرها الحكومة الانتقالية في أغسطس/آب 2024. كذلك تستثمر شركات كندية وأسترالية في مشاريع الذهب والليثيوم والمعادن النادرة في دول مثل غانا ومالي ونيجيريا وساحل العاج.
وبجانب المنافسة الجيوسياسية مع الصين وروسيا، تواجه الشركات الغربية تحديات متزايدة بسبب تصاعد "النزعة الوطنية للسيطرة على الموارد" في غرب أفريقيا، حيث تسعى الحكومات لزيادة حصتها من العائدات، وفرض ضرائب جديدة، ومراجعة العقود القديمة، بل ومصادرة بعض المشاريع كما حدث في بوركينا فاسو والنيجر، مما يدفع الشركات الغربية لمحاولة تحسين شروط العقود وزيادة الشفافية والاستثمار المجتمعي.
السعي نحو التخلص من "اللعنة"يمثل مصطلح "لعنة الموارد" تلخيصا مكثفا ومؤلما لقصة أفريقيا مع مواردها الطبيعية، حيث تلازم الغنى بهذه الكنوز تاريخيا مع الاستعمار والاستبداد والاضطرابات الأمنية والنخب الفاسدة التي تمكن القوى الخارجية من نهب ثروات البلاد مقابل دعم استدامة سلطتها، مع الانعكاس المحدود لعوائد هذه الثروات على حياة المواطنين وأمنهم ورفاههم.
ومع احتدام السباق على معادن غرب أفريقيا الهامة، تسعى حكومات المنطقة إلى انتهاج مقاربات مختلفة تحقق عمليات التعدين من خلالها فوائد أكبر للحكومة والسكان، مدفوعة بدعم شعبي واسع حيث أظهر استطلاع "أفروبارومتر" عام 2024 أن 78% من الغانيين يؤيدون هذا النهج.
إعلانويشير مقال شاركت في كتابته مديرة برنامج أفريقيا في "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي"، زينب عثمان، إلى أنه لتحقيق هذا الهدف اعتمدت مجموعة من دول القارة قوانين التعدين التي تؤكد السيادة الوطنية على هذه المعادن، ونفذت حظر تصدير المعادن غير المعالجة، وكشفت عن إستراتيجيات سياسية لدعم عمليات القيمة المضافة المحلية.
وفي هذا السياق، اتخذت دول كغانا ونيجيريا ومالي وغينيا والنيجر إجراءات تضمنت بشكل متزايد سياسات التفضيل الوطني في قطاع التعدين لزيادة حصة المشاركة المحلية، من خلال تضمينها التزامات بمعالجة المعادن محليا قبل التصدير، وشروطا بيئية ومسؤولية اجتماعية للشركات أكثر صرامة، وزيادة في الضرائب.
وعلى سبيل المثال، ينطوي قانون التعدين في مالي لعام 2023 على خطوات ترفع إجمالي حصص الدولة والقطاع الخاص المحلي في المشاريع الجديدة إلى 35%، كما ألغى بعض الإعفاءات الضريبية، وأدخل قواعد مالية جديدة لزيادة إيرادات الدولة.
كما يُلزم القسم 42 من قانون المعادن والتعدين في غانا لعام 2006 بإعادة التفاوض على عقود الإيجار عند انتهائها، بدلا من التجديد التلقائي، مع اشتراط موافقة البرلمان، وتشترط قواعد المشاركة المحلية الجديدة حصة 30% للجانب الغاني في مشاريع التعدين.
وتضمنت الإصلاحات المالية في غينيا عام 2023 متطلبات أكثر صرامة لاستثمار البوكسيت، بما في ذلك حصول الغينيين على تمثيل يبلغ 40% في المناصب الإدارية في الشركات التي تعمل في القطاع بحلول عام 2026.
ختاما، تتمتع منطقة غرب أفريقيا بقطاع تعديني جاذب، غير أن هذه الميزة تحمل في وجهها الآخر مخاطر تحول المنطقة إلى ساحة تنافس جيوسياسي حاد يمثل في جوهره السعي نحو الهيمنة على مستقبل البشرية التقني، مما يفرض على دول المنطقة السعي لتحقيق التوازن بين جذب الاستثمارات وضمان مصالحها الوطنية، في حين تظل التحديات المتعلقة بالديون والشفافية والاستقرار عقبات رئيسية في تحقيق تنمية مستدامة.