سأنتخب هذا المرشح رئيسا "5 "
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
كما أوضحنا في المقالات السابقة، وبعد تهيئة الحالة المصرية ووضع استراتيجية عملية لمواجهة وعلاج ظواهر شيخوخة العقل الجمعي التي تتحكم في الفرد والمؤسسة، والآن سيتم تناول الملفات طبقًا لأولوية الأهمية ووضعها في برنامج انتخابي كمقترح يتم تضمينه داخل خطة عمل متكاملة في السنوات القادمة.
الأولوية في الأهمية هو ملف الزراعة، فالعالم الآن يمر بمرحلة مخاض من داخل الرحم المصري، وسيشهد أحداث وصراعات في كل بقاعه، والدول التي تمتلك الأمن الغذائي تستطيع أن تصمد وتستمر.
الزراعة في مصر تمثل موروثًا مكونًا للهوية المصرية وليست نشاطًا اقتصاديًا فقط، وفي كل مراحل التاريخ ظل الفلاح هو الفلكلور المتجسد الذي يحمل لواء تلك الهوية من جيل إلى أخر، ففى مراحل القوة والضعف ظل الفلاح هو الداعم والمساند الغير مرئي الذي يحمل مكون الأمن الغذائي لجميع الأجيال، فعلي مدار التاريخ كان منزل الفلاح هو ذلك المكون الذي يتواجد بداخله الفرن البلدي، وحظيرة المواشي، ومزرعة الطيور، ومنتجات ذلك من لحوم وألبان وخبز الذي تتغذى منه جميع أطياف المجتمع، فالفلاح وفأسه هو أهم أسرار تماسك وقوة وصمود مصر أمام محاولة ابتلاعها ثقافيًا أو عسكريًا عبر كل تاريخها.
لكن جاءت المرحلة الفارقة في تاريخ مصر، وهو صدور أخطر القوانين في تاريخها أثناء سنوات حكم نظام مبارك، وما أحدثه بالبلاد من فقر وأمراض بدنية واجتماعية وثقافية وتبعية وتشوهات سياسية.. إلخ ليست نتاج عوامل الطبيعة أو ضربات الأقدار، وإنما هي بفعل فاعل هو نظام حكم مبارك والمستفيدين من فساد حكمه وعصره، فعرفت رسميًا بقانون تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر في الأراضي الزراعية وعرفت لدى الفلاحين بقانون طرد المستأجرين والذي تم تطبيقه في أكتوبر 1997.
وعلى إثر ذلك القانون تم تعرية مصر من الهوية التي عاشت بها آلاف السنوات وتم ضرب أقوى سند لها غير منظور وهو الاقتصاد الموازي الخفي "الأمن الغذائي" وتم تبوير الأرض وأصابتها بأمراض متنوعة وأصبح الفلاح حائرًا بين أحضان الجماعة الإرهابية وبين الهجرة خارج البلاد، فتم هدم الفرن، وموت المواشي، وهجرة الطيور، ومعها شحت منتجات الأمن الغذائي وأصبحت تحتاج إلى الدولار لاستيرادها من الخارج، فأصبح الأمن الغذائي بيد بعض التجار الفاسدين الذين هم أيضًا نتاج نظام مبارك، ليتلاعبوا بالمواطن وأمن الوطن بعد أن أطاحوا بالفلاح، وكسروا الفأس، واستولوا على الأرض.
والآن، على القيادة السياسية تناول ذلك الطرح باهتمام بالغ، مع وضع استراتيجية لإعادة الفلاح إلى الأرض الزراعية حتى يتم معالجة ما تم من خطأ تاريخي قاتل من قرارات نظام مبارك، وما اقترحه على الدولة المصرية بخصوص الأراضي المستصلحة التي تم ضمها إلي الرقعة الزراعية، هو تقسيمها إلي قطع من الأفدنة، كل قطعة تكون متكاملة البنية الاستثمارية للفلاح، من منزل، وحظيرة مواشي، ومزرعة طيور، مع توفير الآلات الزراعية اللازمة وتسليم تلك القطع للفلاحين المصريين، وتوفير كل الاحتياجات اللازمة لهم، مع تقسيط قيمة الأراضي وجميع التكاليف علي عدد من السنوات.
ذلك المقترح هو الأنسب لمصر بعيدًا عن المستثمرين الكبار الذين يشترون الأرض بأبخس الأثمان، ومن ثم يقومون بتصدير المنتجات إلى الخارج، وإن تم بيع بعضها في الداخل فيكون طبقًا لسعر الخارج وهذا ما ظهر في أسعار بعض المنتجات الزراعية في السوق الداخلي في الأشهر القليلة الماضية، وما تدفعه الدولة من تكاليف لهؤلاء المستثمرين لشراء بعض المحاصيل الاستراتيجية يجعل استفادة الدولة من استصلاح الأراضي ضعيفًا للغاية ولا يتماشى مع تكاليف إصلاحها وتجهيزها.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: برنامج انتخابي الحالة المصرية الأمن الغذائی
إقرأ أيضاً:
ياسمين فؤاد: مصر تقود ملف التكيف المناخي بإفريقيا ومناقشات حول الأمن الغذائي وتمويل المناخ
التقت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة مع السفير سيني نافو منسق مبادرة التكيف الأفريقية، والمتحدث باسم المجموعة الأفريقية للمفاوضين، وعضو مجلس إدارة صندوق المناخ الأخضر والوفد المرافق له، لمناقشة سبل تسريع العمل بالمبادرة للمساهمة من تلبية احتياجات القارة الأفريقية، والإعداد للاحتفال بمرور عشر سنوات على إطلاق فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي المبادرة فى عام ٢٠١٥، وذلك بحضور الدكتور على أبو سنة رئيس جهاز شئون البيئة والأستاذة سها طاهر رئيس الإدارة المركزية للتغيرات المناخية والتعاون الدولي.
أعربت الدكتورة ياسمين فؤاد عن اعتزازها بالمبادرة الأفريقية للتكيف والتي شهدت ولادتها وعاصرت رحلتها طوال العشر سنوات، والتي لم تكن مجرد احتياج لأفريقيا ولكنها كانت نقطة فارقة في القارة الأفريقية، فلأول مرة تجتمع على تحديد احتياجاتها وتعد لتلبيتها، ولم تكن مجرد مبادرة او آلية لتسريع تمويل المناخ بل نموذج لتوحد القارة، رغم انها لم تلقى نفس اهتمام الدول المتقدمة مثل المبادرة الافريقية للطاقة المتجددة، في الوقت الذي يعد ملف التكيف وتمويله اولوية للقارة، موضحة ان مؤتمر المناخ COP26 بجلاسكو كان نقطة فارقة في هذا الملف ودفعه في المؤتمرات اللاحقة.
وأشارت د. ياسمين فؤاد وزيرة البيئة إلى ضرورة العمل على صياغة اهداف التكيف من الشركاء في صورة استثمارات، وتطوير الخطط الوطنية في حزمة من المشروعات
في ظل الدعم الفني من مختلف للمؤسسات لتقدم للقارة نموذج صلب تنفيذي يمكن تكراره والبناء عليه.
وتحدثت وزيرة البيئة عن الأمن الغذائي كفرصة ذهبية للربط بين التكيف والتنوع البيولوجي والتصحر خاصة مع اصدار الاطار العالمي للتنوع البيولوجي ٢٠٣٠ وفي قلبه المناخ، والزخم السياسي المحقق خلال مؤتمر التصحر الأخير COP16 وحشد الموارد المالية لمواجهة هذا التحدي ، إلى جانب الاحتياج الملح لتحقيق الأمن الغذائي في ظل تزايد أزمة الغذاء عالميا التي جعلها تغير المناخ اكثر حدة، بالإضافة إلى تأثير الوضع الأمني والسياسي الدولي عليها، لتشكل الصراعات العالمية ضغطا على تأمين الغذاء.
ولفتت وزيرة البيئة إلى إمكانية الاستفادة من تجربة دعم شركاء التنمية لتقليل المخاطر للاستثمار في الطاقة المتجددة، لتكرارها في تقليل مخاطر استثمار القطاع الخاص وصغار المزارعين في الأمن الغذائي، فقد نجح قطاع الطاقة المتجددة على جذب مزيد من الاستثمارات طوال الفترة الماضية من خلال مجموعة الاجراءات والسياسات التي انتهجتها مصر منذ ٢٠١٥، وبدعم شركاء التنمية للحد من مخاطر استثمار القطاع الخاص، مثل دعمه في تنفيذ اكبر محطة طاقة شمسية في المنطقة ( محطة بنبان) بتمويل ما يقرب من ٤٧٥ مليون دولار.
كما اشارت الدكتورة ياسمين فؤاد إلى اعداد مصر الخريطة التفاعلية لمخاطر المناخ ضمن الخطة الوطنية للتكيف لتحديد مخاطر تغير المناخ على الزراعة، هذا الى جانب تنفيذ مشروع نظام تمويل المناخ بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية AFD وصندوق المناخ الاخضر، والذي يعد البنوك المصرية لفهم تمويل المناخ الذي يختلف عن تمويل الاستدامة، ، مشيرة إلى قرار البنك المركزي بإلزام البنوك بتقييم مخاطر مناخ لكل المشروعات الممولة، وكذلك استضافة مصر المركز التميز الإفريقي للمرونة والتكيف التابع لنيباد لصالح القارة ومن مجالات اهتمامه تأثيرات تغير المناخ على قطاع الزراعة والأمن الغذائي، بما يساهم في خلق مناخ داعم ورؤية كاملة للدولة في تمويل المناخ.
واقترحت سيادتها التعاون في تنفيذ انشطة مع احد البنوك الوطنية وشركاء التنمية لتقليل مخاطر الاستثمار في الأمن الغذائي، إلى جانب التنسيق مع المستوى العربي ودفع اهداف المبادرة الافريقية للتكيف ضمن اجندة مجلس وزراء البيئة العرب فى أكتوبر القادم.
ومن جانبه، أشار السفير سيني نافو إلى ان ترجمة أهداف التكيف إلى استثمارات وتحويل الخطط الوطنية للتكيف لمشروعات وبرامج كالمبادرة الافريقية للتكيف وتنفيذها يعد تحديا للقارة الافريقية، لذا فإن الاحتفال هذا العام بمرور عشر سنوات على العمل في المبادرة سيكون بادرة لبذل مزيد من الجهود والإجراءات التنفيذية، وتم اختيار مصر لاستضافة الاحتفال نظرا لجهودها الحثيثة في دفع اجندة التكيف في أفريقيا، موضحا أن الموضوع الأهم خلال الفترة القادمة سيكون الأمن الغذائي خاصة على مستوى المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعد محورية للقارة، وتعزيز الحوار مع البنوك للنظر لأهمية الزراعة كأحد اهم مصادر الدخل القومي للدول الافريقية، حيث تم البدء في تنفيذ برامج في بعض الدول لخلق آلية شاملة في البنوك لمواجهة مخاطر الاستثمار من خلال تقييمها والعمل على حلها، ومصر من الدول الواعدة لتنفيذ هذا البرنامج.
كما اشار إلى تنفيذ برنامج لتدريب متخصصين في الدول الأفريقية لدعم إعلان كيانات أفريقية حاصلة على الإجازة والاعتماد من صندوق المناخ الاخضر ، بما يوفر القدرات مدربة لتيسير فرص الحصول على تمويل التكيف والتشبيك بين القطاع الحكومى والقطاع الخاص ، إلى جانب العمل على اشراك القطاع الخاص في تنفيذ حلول المناخ والتمويل ونقل التكنولوجيا.