إيكونوميست: بعض القادة العرب يرون الحرب في غزة تهديدا لوجودهم
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا حول رد الشارع العربي على العدوان المتواصل على قطاع غزة، الذي تكررت منذ يومه الأول مشاهده المروعة على قنوات الأخبار، مشيرة إلى أن بعض القادة العرب قد ينظرون إلى "الحرب الدائرة على أنها تهديد لوجودهم".
وقالت المجلة إن حماس حملت الاحتلال مسؤولية المجزرة في المستشفى الأهلي المعمداني، فيما نفى الاحتلال لاحقا أنه نفذ غارات على المنطقة، وقال إن "الانفجار نجم عن صاروخ خرج عن مساره أطلقته حركة الجهاد الإسلامي"، لكن الكارثة أشعلت غضبا في الضفة الغربية وعمان وحتى العاصمة التونسية.
وأشارت أنه من الصعب التعميم حول العالم العربي الذي يعيش فيه 450 مليون نسمة ويمتد على مساحة ألاف الكيلومترات، لكن من الصواب القول إن معظم العرب لا يزالون يتعاطفون مع القضية الفلسطينية، فتهجيرهم لا يزال حدثا سياسيا زلزاليا حول الشرق الأوسط ويحشد الغضب الشعب والاحتجاج أكثر من أي شيء آخر.
وتابعت بأن الحرب بين الاحتلال وحماس، في يومها الـ 12، ليست مختلفة، ويتم تغطيتها على مدار الساعة في أخبار التلفزة، وتناقش بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، ومقارنة مع الحرب التي استمرت خمسين يوما في 2014 فهناك اختلاف قليل. أحدها، جيوسياسي ويتعلق بالتطبيع العربي مع إسرائيل، حيث أقامت الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب علاقات عرفت باتفاقيات إبراهيم، 202، إلى جانب مصر والأردن، في وقت كانت هناك مبادرة أمريكية لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، وقد غيرت الطريقة التي يقوم فيها الإعلام العربي بتغطية الحرب.
وأشارت إلى أن قناة الجزيرة أعطت أصوات حماس مساحة، مقارنة مع القنوات السعودية والإماراتية التي تمشي بحذر ولا تسمح أو تقابل أصواتا داعمة لحماس أو قادتها، في وقت تعطي المتحدثين بالعربية من اليهود الإسرائيليين فرصة وتستضيفهم وبشكل مستمر، كما أن هناك نقاشا حول المصطلح، فهي لم تعد تستخدم مصطلح "جيش الاحتلال" واستبدلته بالجيش الإسرائيلي.
وأردفت أن الفرق الثاني فيمكن في أن الحرب هذه المرة تحمل مخاوف من التوسع الإقليمي، مقارنة مع حرب 2014 التي انحصرت في الأرض المقدسة، وعقدت النقاش، على الأقل بالنسبة للدول القريبة من إسرائيل. ففي حالة مصر، حثت الولايات المتحدة ودول عربية على فتح معبر رفح الحدودي، وهو المعبر الوحيد المتوفر لغزة إلى العالم الخارجي، لكن قطاعا واسعا من المصريين مصمم على ضرورة مقاومة بلدهم الضغوط المفروضة عليها.
ونقلت أن المعلق المؤيد للحكومة إبراهيم عيسى قال "لماذا تريد فرض الحرب علي؟"، وهي رسالة موجهة لحماس "وتريدون منا المخاطرة بمئة مليون مصري من أجلكم؟"، وأطلق معلقون نفس التصريحات، لكن الواحد قد يعتبرهم مجموعة من أبواب السلطة، إلا أنها تعكس الرأي العام، بحسب تعبيرها.
وذكرت المجلة أن نفس الخطاب يحضر في لبنان، الذي يعيش سنته الرابعة من أسوأ أزمة اقتصادية، وهناك مخاوف من أن يفتح حزب الله، الميليشيا القوية جبهة مع جديدة مع إسرائيل، بشكل يجر البلد إلى حرب مدمرة أخرى كما في 2006. وكتبت الصحافية ديما صادق "لا تأخذونا للجحيم"، حيث تدعم الفلسطينيين ولكنها ناقدة لحزب الله.
ويمكن الحديث عن تحول آخر، بحسب المجلة، وهو أن العالم العربي مستقطب اليوم، فالكثير من السوريين يشعرون بالرعب من مشاهد الحصار في غزة والتي تذكرهم بأساليب بشار الأسد، لكنهم، كما تزعم المجلة لا يرغبون بالتصفيق لحماس التي تدعمها إيران، البلد الذي فعل الكثير لتدمير بلدهم ( لم تذكر المجلة أن حماس غادرت سوريا بعد الانتفاضة ووقفت مع الشعب السوري).
وقالت المجلة أيضا إن السوريين غاضبون من المعلقين العرب الذين يشجبون الجرائم الإسرائيلية لكنهم صفقوا لبشار الأسد. وأضافت أن الأمر نفسه في لبنان، فمهما كانت آراؤهم من إسرائيل فهم يأملون أن يخرج حزب الله وداعمته إيران من الحرب ضعيفان.
وأشارت إلى تسجيل يوثق حديثا غير رسمي حول أحداث الـ 12 يوما، تحدث بعض المسؤولين العرب عن حماس وغزة بطريقة لا تختلف عن الطريقة التي يتحدث المتطرفون في إسرائيل عنها، فهم لا يحملون أي تعاطف مع الجماعة الإسلامية، إلا أنهم لا يتجرؤون على التعبير علنا.
وبحسب المجلة، فالانفصام بين الرأي العام والقصر يكشف الطريقة الباردة التي رحب بها بأنتوني بلينكن في دبلوماسيته المكوكية، فقد تركه ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، ينتظر وحاشيته لساعات من أجل مقابلة ليلة السبت ولم يستقبله إلا صباح الأحد. ومعروف عن ولي العهد بأنه يسهر بالليل ويترك زواره ينتظرون، لكن تعامله مع مسؤول أمريكي كبير كانت رسالة.
وعندما هبط في القاهرة، قدم له عبد الفتاح السيسي محاضرة تحسر فيها على محنة الفلسطينيين. ولم يحصل جو بايدن على الترحيب البارد، فقد تراجع السيسي عن لقائه بعد حادث المستشفى ثم ألغى الأردن قمة رباعية، فقادة العرب لا مزاج لهم للاستماع إلى ما كان بايدن يخطط لقوله لهم، وفقا لتقرير المجلة.
وقال التقرير إن الموقف هناك خلف عدم ارتياح عميق، فمنذ السابع من تشرين الأول /أكتوبر قارن المعلقون بين حرب غزة وحرب الغفران، وهي المرة الأخيرة التي عانت فيها إسرائيل من فشل كارثي، مع أن هناك خلافا أعمق مع تلك اللحظة. ففي 1973 شنت الدول العربية حربا اعتبرتها إسرائيل وجودية، حيث ناقش المؤرخون هذا الرأي منذ ذلك الوقت، ولكنها بدت كذلك لدرجة أن وزير الدفاع موشي ديان فكر باستخدام السلاح النووي. وبعد نصف قرن جرت إسرائيل للحرب من قبل "جماعة متشددة"، وسط مخاطر حول توسعها في المنطقة.
وبالنسبة للدول العربية، فهم متفرجون قلقون وفقا للمجلة التي أشارت إلى أن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي كان واضحا عندما قال "هذه القرارات ليست بيدي"، ونوهت إلى قادة مصر والأردن يخشون من تداعياتها المزلزلة على النظامين الهشين. أما دول الخليج فهي خائفة من إغضاب إيران، وقد لا تكون لحظة تهدد وجود إسرائيل، لكن بعض القادة العرب يخشون من أن تكون كذلك بالنسبة لهم، بحسب تعبير المجلة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة حماس العالم العربي حماس غزة الاحتلال الإسرائيلي العالم العربي طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
أبرز مضامين اتفاقية الشراكة التي يهدد الاتحاد الأوروبي بمراجعتها مع إسرائيل
دخلت اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران عام 2000، وتمنح إسرائيل عددا من الامتيازات في الأسواق الأوروبية. وبلغ حجم التجارة بين الطرفين 46.8 مليار يورو عام 2022، مما جعل الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل.
توقيع الاتفاقيةوُقعت اتفاقية الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1995، بحضور وزير خارجية إسرائيل ونظرائه في دول الاتحاد، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا عام 2000 بعد أن صادقت عليها جميع البرلمانات الأوروبية والكنيست الإسرائيلي.
تهدف الاتفاقية إلى إرساء إطار قانوني ومؤسسي منظم لتطوير الحوار السياسي وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين. وتنص ديباجتها على التزام الأطراف بتعزيز اندماج الاقتصاد الإسرائيلي في الاقتصاد الأوروبي، بما يعكس التوجه نحو شراكة إستراتيجية طويلة الأمد.
عُقد أول اجتماع لمجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل يوم 13 يونيو/حزيران عام 2000 في لوكسمبورغ، بحضور وزير الخارجية الإسرائيلي ديفيد ليفي، ونظرائه من دول الاتحاد، إيذانا ببدء سريان الاتفاقية رسميا.
أهداف الاتفاقية إرساء إطار فعّال للحوار السياسي يتيح تطوير علاقات سياسية متينة ومستدامة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. دعم النمو المتوازن للعلاقات الاقتصادية بين الجانبين عبر توسيع نطاق التجارة في السلع والخدمات والتحرير المتبادل لحق تأسيس الشركات، والتدرج في تحرير أسواق المشتريات الحكومية وتسهيل حركة رؤوس الأموال وتعزيز التعاون في مجالات العلم والتكنولوجيا، وذلك بما يسهم في تنشيط الاقتصاد وتحسين ظروف المعيشة والعمل وزيادة الإنتاجية وتحقيق الاستقرار المالي لدى الطرفين. تشجيع التعاون الإقليمي بما يعزز التعايش السلمي وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة. توسيع مجالات التعاون الثنائي في قضايا ومصالح مشتركة تخدم الطرفين. إعلان حقوق الإنسان وعلاقتها بالاتفاقيةتنص الاتفاقية على أن احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية يشكلان ركيزة أساسية للاتفاق، كما تقر بإنشاء مجلس شراكة يُعقد على مستوى وزراء الخارجية، مدعوما بلجنة شراكة متخصصة لضمان متابعة التنفيذ وتعزيز التعاون.
الإطار السياسي للاتفاقيةيهدف هذا الجانب من الاتفاقية إلى إضفاء الطابع المؤسسي والمنظم على الحوار السياسي القائم بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وتوسيعه ليشمل نطاقات جديدة للتعاون الثنائي.
وقد عُقد هذا الحوار في السابق على مستوى وزراء الخارجية بشكل غير رسمي ومتكرر على مدار العام، دون أن يستند إلى إطار قانوني ملزم.
غير أن الاتفاقية نصّت على تنظيم هذا الحوار ضمن لقاءات سنوية منتظمة تُعقد على مختلف المستويات، بدءا من صُنّاع القرار في أعلى المستويات الوزارية، ووصولا إلى الخبراء والمسؤولين الإداريين.
الإطار التجاريلا تقتصر الاتفاقية على الجانب السياسي فحسب، بل تنظم كذلك العلاقات التجارية والاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وذلك عبر تحديد آليات تبادل السلع والخدمات بين الطرفين.
وقبل دخول الاتفاقية حيز التنفيذ كان هناك بالفعل حجم كبير من التجارة بين الجانبين، وصل عام 1999 إلى نحو 22 مليار دولار، فمنذ عام 1975 أُنشئت منطقة تجارة حرة بين الجانبين، سمحت بتبادل السلع دون فرض ضرائب جمركية مرتفعة، مما سهّل تدفّق المنتجات بين الأسواق الأوروبية والإسرائيلية.
وقد حافظت اتفاقية الشراكة الجديدة على هذه المنطقة الحرة، مع إدخال تحسينات إضافية تتعلق بتبسيط الإجراءات الجمركية، منها تقليص الروتين وخفض الرسوم.
حجم التبادل التجاري بين الأطراففي 2024 بلغت حصة إسرائيل من إجمالي تجارة السلع للاتحاد الأوروبي نحو 0.8%، مما جعلها تحتل المرتبة 31 ضمن الشركاء التجاريين للاتحاد على المستوى العالمي. وعلى صعيد العلاقات الإقليمية، جاءت إسرائيل في المرتبة الثالثة بين شركاء الاتحاد الأوروبي في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
إعلانفي المقابل، يُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأبرز لإسرائيل، إذ بلغ حجم تجارة السلع بين الطرفين نحو 42.6 مليار يورو في العام ذاته، مما يُمثل 32% من إجمالي تجارة إسرائيل مع العالم.
بلغت قيمة الواردات الأوروبية من إسرائيل عام 2024 نحو 15.9 مليار يورو، وتوزعت على عدد من القطاعات الرئيسية، من ضمنها الآلات ومعدات النقل في الصدارة بقيمة 7 مليارات يورو، أي ما يعادل 43.9% من إجمالي الواردات، والمواد الكيميائية بقيمة 2.9 مليار يورو (18%)، إضافة للسلع المصنعة الأخرى بقيمة 1.9 مليار يورو (12.1%).
أما صادرات الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل فقد بلغت 26.7 مليار يورو، تتكون في معظمها من الآلات ومعدات النقل التي سجلت 11.5 مليار يورو، ما يمثل 43% من إجمالي الصادرات. كما شملت الصادرات مواد كيميائية بقيمة 4.8 مليارات يورو (18%)، إضافة إلى سلع مصنعة أخرى بقيمة 3.1 مليارات يورو (11.7%).
وفيما يتعلق بالتجارة الثنائية في الخدمات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، فقد بلغ حجم التبادل عام 2023 نحو 25.6 مليار يورو. واستورد الاتحاد الأوروبي ما قيمته 10.5 مليارات يورو، بينما بلغت صادراته إلى إسرائيل 15.1 مليار يورو في العام ذاته.
مُساءلة حقوقيةفي 20 مايو/أيار 2025 أعلنت كايا كالاس، كبيرة الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد سيباشر مراجعة شاملة لاتفاق الشراكة مع إسرائيل، وذلك في ضوء ما وصفته بـ"الوضع الكارثي" في قطاع غزة، وجاء هذا الإعلان عقب اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد في بروكسل.
وأوضحت كالاس أن "أغلبية قوية" من وزراء الخارجية أيدوا هذه الخطوة، في إشارة إلى الدعم الواسع لمراجعة الاتفاقية.
وأكّد دبلوماسيون أن 17 من أصل 27 دولة عضوا في الاتحاد دعمت هذه المراجعة، التي ستركز على تقييم مدى التزام إسرائيل ببند حقوق الإنسان المنصوص عليه في الاتفاقية. وقد جاء هذا الاقتراح بمبادرة من وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب.
إعلانبدوره، دعا وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني إلى مراجعة الاتفاقية على خلفية استمرار جيش الاحتلال في حرب الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة ومنعه إدخال المساعدات.
وبعد إسبانيا وأيرلندا طالبت هولندا في وقت سابق أيضا بإجراء تحقيق عاجل فيما إذا كانت الهجمات الإسرائيلية على غزة تنتهك الاتفاقيات التجارية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي.
وتجدر الإشارة إلى أنه في 2002، صوّت البرلمان الأوروبي لصالح تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، ردا على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في جنين ونابلس، إلا أن المفوضية الأوروبية آنذاك لم تتخذ أي خطوات عملية لتفعيل هذا القرار أو لمحاسبة إسرائيل على تلك الانتهاكات.