جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-08@22:49:54 GMT

بوبطين وصراعه الفكري

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

بوبطين وصراعه الفكري

 

د. يوسف الشريف **

instagram: dryalsharif

 

هي مناسبةٌ أكثر من قيّمة أن تسنَح لي الفرصة للكتابة في صَحيفَة الرؤية العمانية العَريقَة ذات الطابع المُتَعَدِد والمُعتَدِل، ورُبَمَا يَكُون أول لقاء لي مَعَكُم في فترة لا تُحمّد عُقباها في خِضَم زخمٍ سِياسي واسعٍ في منطقة الشرق الأوسط وأحداث غزة حفظها الله وساكنيها وقاطنيها من كل شرٍ وسوء.

لذلك وجَدتُ نفسي وأنا البعيد عن الشأن السياسي "بمزاجي"، أن أُدَغدِغَ مشاعر الفكر وأُناقِشَه فيما يجب أن يُطرَح على القُراء الكِرام في هذا الوقت تحديدًا، وما وجدتُ أنسب من أن أُناقِشَ صراع الفكر الذي ينتاب الكثيرين كما هو ينتابني، وهو أين أنا من كل هذه الأحداث؟

نَحنُ نعيش آلام الآخرين، ونُطالِعَ نجاحات الغير، نتألم لهؤلاء الأُوَل، ولكن ما هو أثر التالين علينا، وأقصُد هنا "الناجحين"؟ لماذا تؤثر الآلام على نفسيتنا وعقولنا وردود أفعالنا؟! نعيش المشكلة حقًا وكأنها فوق رؤوسنا، هل ذلك بداعي التآخي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى".

أم إن ذلك مجرد عاطفة؟ وما أثر هذه العاطفة على ردود الأفعال الدولية؟ أم إن هذا الفعل مرده على حكوماتنا وقياداتنا التي تعي حقًا حجم المسؤولية المُلقاة على عاتِقُها وتَبِعاتِها؟

نرى أحيانًا كثيرةً مُظاهرات هنا وهناك، تكسير لمحلاتٍ ودعوات للمقاطعة، وننسى للأسف أن هذه الشركات التي تُكَسّر أو تُقاطَع، ما هي إلا ملكًا لأحد مواطني بلدنا، هذا الشخص الذي رأى في يومٍ من الأيام تهافُتنا على هذا المُنتَج أو ذاك، واستيراده من بلده الأم أو حتى السفر إليه للتمتع به هناك، فقرر هذا المواطن الطَمُوح أن يَصرِف من ماله الخاص ليجلب هذا المُنتَج أو هاتيك العلامة التُجارية "الفرنشايز"، ليوفر علينا عناء السفر إليه أو جلبه، وليُحَقِق أرباحًا بعمله هذا، فما وجدنا أنفُسنا إلا إنه عند كل صراعٍ عربي أو إسلامي، نُقَرِر المُقَاطَعَة، ولكن مُقاطَعَة ماذا تحديدًا؟ أُجيبَكُم باستغرابي بأن مُقاطعاتِنا دائمًا مع الطعام والشراب، فأغرب ما أستغرب له أن شعوبنا تظل "أبوبطين"، يعني لا تفكر في أن تُقاطِع شيئًا إلا مُقاطعتِها للطعام؛ سواء المقاهي العالمية المشهورة، أو الوجبات السريعة ذات السُعرات العالية والتي عودوا أولادهم عليها، وخيرًا يفعلون حقيقةً من وجهة نظري، ليس لأن يُعاقِبوا هذه الشركات العالمية، ولكن ليَكُف أولادِنا عن هذه المأكولات والمشروبات التي طالما تغنى الأطباء بضررها ولا حياة لمن تُنادي، وغدًا سنقف صفوفًا طويلةً بعدما تقف الحرب، وتعود حليمة لعادتها القديمة، وهذا ديدن النَّاس، وليس بالأمر المُستجّد.

وسؤالي هنا أين نحن من مُقاطَعة سياراتهم مثلًا؟

فكر معي قليلًا سترى نفسك أنك لن تستطيع أن تُقاطِع هذه السلع الرئيسة، إما لأنك اقتنيتها بالفعل، وبالتالي لا تُريد أن تخسّر قيمتها، أو لأنها ذات جودة أعلى من مثيلاتها مقارنةً بالمنتجات الأخرى، أو لأنها باتت يديك وذراعيك التي تعمل بها وتتحرك من خلالها، كوسائل التواصل الاجتماعي المعروفة مَرجِعُها لمن، لماذا لا نُقاطِع تطبيق خرائط جوجل الذي بات يوصلنا من بيوتنا إلى أي بقعة في العالم، ما رأيكم في ذلك؟

صراعٌ عميقٌ في ذهن المواطن العربي، كيف يُحَقِق المُعادَلة؟ وأنا هنا أتكلم عن الأشخاص العدول، لا هؤلاء الذين مع الخيل يا شقرا، المقلّدين أو الذين يُفّكِرون بربع عقلٍ، واسمحوا لي أن أُشّخِص هذه الحالة، لأن الكاتب يجب أن يكون كالطبيب أو الأخصائي النفسي لمجتمعه، يُحّلِل ويَحِل المُشكِلة، لا أن يُفاقِمُها بالتَصفيق لها ولأصحابِها خشية ردود أفعال الجماهير.

أتمنى أن تكون قد وصلت الفكرة، وفي مقالي القادم سوف أُخبِركُم كيف لنا أن نعيش لحظات نجاح غيرنا ونستفيد منها.

** محامٍ وإعلامي

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خبيرة للجزيرة نت: أهم التحديات التي تواجه المرأة في القدس

منذ تأسيسه عام 1989 عمل مركز الدراسات النسوية في القدس، من خلال العديد من المشاريع والبرامج، على تدعيم حقوق المرأة وتمكينها وبناء كوادر نسوية قادرة على تحديد احتياجاتها، ومستعدة للنضال من أجلها.

وساهم المركز -وفقا لموقعه الإلكتروني- في سد جزء من حاجة الحركة النسوية الفلسطينية، خاصة والحركات الاجتماعية عموما بتوفير دراسات ميدانية عن واقع واحتياجات المرأة الفلسطينية، لوضع برامج تهدف إلى تمكين النساء من الوصول إلى الموارد المختلفة والاستفادة منها للنهوض بواقع النساء الفلسطينيات، والتجاوب مع احتياجاتهن وتمكينهن من العيش بحرية وكرامة ومساواة.

وللاطلاع على واقع المرأة المقدسية، وعلى أبرز التحديات التي تواجهها في القدس على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، حاورت الجزيرة نت، مديرة مركز الدراسات النسوية في القدس عايدة العيساوي التي تطرقت إلى أهمية مساندة المرأة ودعمها نفسيا، خاصة في ظل الحرب، لتمكينها من الصمود أمام كافة التحديات.

وتاليا نص الحوار كاملا:

أمهات وزوجات أسرى وشهداء مشاركات في جولات سابقة للترويح النفسي مع مركز الدراسات النسوية في القدس (الجزيرة)بداية، كيف تعرّفين مركز الدراسات النسوية ودوره في المشهد المقدسي؟

مركز الدراسات النسوية مؤسسة نسوية حقوقية تعمل على تطوير وترويج خطاب نسوي تقدمي مبني على قيم العدالة الاجتماعية، وتكريس مفاهيم حقوق الإنسان وفقا للقوانين والمواثيق الدولية.

يعتبر المركز في القدس مؤسسة وطنية استمرت في العمل مع النساء رغم كل التحديات التي واجهته، وذلك لإيماننا الأصيل بدور المركز بالشراكة مع المؤسسات الأخرى في خدمة مجتمعنا المقدسي وخاصة النساء والأطفال، وزاد هذا الإيمان أهمية في ظل وجود القدس دون سيادة وطنية، حيث وقع الدور الأعظم في القضايا الوطنية والاجتماعية على عاتق المؤسسات المقدسية التي تؤمن بدورها ووجودها في خدمة مجتمعنا.

إعلان ماذا يميز العمل النسوي في القدس مقارنة بباقي المدن الفلسطينية؟

لا يختلف العمل النسوي في القدس كثيرا عن العمل النسوي في باقي المناطق، ولكنه يتميز في قدرته على الصمود أمام التحديات الصعبة التي يفرضها الاحتلال على المجتمع المقدسي.

تقع على عاتقنا مسؤولية توعية المرأة المقدسية وتحصينها لعدم الانجرار وراء المغريات التي يوفرها الاحتلال من القوانين الإسرائيلية المتعلقة بها.

نقوم بذلك بعمل مشترك مع النساء من أجل خلق واقع أفضل، والتصدي لما تقدمه مؤسسات الاحتلال من خدمات موهومة هدفها شق المجتمع المقدسي وشرذمته.

ما أهم التحديات التي تواجه المرأة في القدس اجتماعيا واقتصاديا وقانونيا؟

من أهم التحديات القدرة على الصمود والبقاء رغم كل سياسات الاحتلال التي تُضيّق أفق الصمود في المدينة.

ويؤرق المرأة المقدسية ويرهقها سياسات عدة، أبرزها هدم المنازل، وصعوبة الحصول على تراخيص البناء، إضافة إلى الحواجز العسكرية التي تعوق الحركة، وتكلفة الحصول على حق الإقامة في المدينة، ويضاف إلى ذلك الشعور بانعدام الأمن والأمان حتى داخل المنزل في بعض المناطق، فالنساء يشعرن بالرقابة على مدار الساعة في ظل وجود الكاميرات في الأحياء والأزقة.

أما على الصعيد الاقتصادي فهناك تحديات عدة تعيشها النساء، لأنهن المدبّرات في الأسرة، وعليهن أن يواجهن واقعا اقتصاديا صعبا بسبب غلاء المعيشة وأزمة السكن في القدس.

واجتماعيا هناك عدد من التحديات، منها استخدام القوانين أداة لتفكيك الأسر الفلسطينية، إضافة إلى المشاكل الأسرية الناتجة عن الضغوطات والصعوبات التي تواجهها نتيجة لسياسات الاحتلال.

إلى أي مدى تغيّر واقع النساء في القدس في السنوات الأخيرة بفعل إجراءات الاحتلال؟

لا شك أن واقع العالم وفلسطين والقدس تغير في السنوات الأخيرة، وبما أننا في صدد الحديث عن القدس فإن أبرز التغيرات التي نعيشها في المدينة تتمحور حول أمن الاحتلال وكيف يجب أن نحافظ على هذا الأمن كمقدسيين قسرا، من خلال زيادة القبضة الحديدية على مجالات حياتنا كافة وتعقيدها.

القبضة الحديدية تُترجم على الأرض بمجموعة من العقوبات الجماعية، كزيادة عدد الحواجز العسكرية والإغلاقات لتعطيل حركة المواطنين، واستهداف المقدسيين بالمخالفات، بالإضافة إلى العقوبات الجماعية التي تُفرض على عائلات ممتدة بأكملها بسبب إقدام أحد أفرادها على المشاركة بعمل مناهض للاحتلال.

كيف تؤثر الأوضاع السياسية في المدينة على حياة النساء اليومية خاصة بعد اندلاع الحرب الأخيرة؟

أثرت الحرب على مناحي حياتنا كافة، بدءا من انعدام الشعور بالأمن والأمان عند الخروج من المنزل للقيام بأي مهمة، مرورا بصعوبة الحركة نتيجة الحواجز والشعور بامتهان الكرامة من الممارسات التعجيزية للاحتلال.

وأضف على ذلك التضييق على أُسر الشهداء والأسرى القدامى والجدد باستهدافهم بمخالفات تعسفية، وتعمد مداهمة منازلهم باستمرار وسرقة الأموال منها والجواهر، ولا يقل حرمان الأمهات والزوجات من زيارة أبنائهن وأزواجهن الأسرى مرارة عما ذكر سابقا.

مركز الدراسات النسوية بالقدس: أهم برامجنا برامج الدعم النفسي ومساندة متضرري الاحتلال (الجزيرة)كيف تتعامل المقدسية مع الضغوط السياسية والاجتماعية المركّبة، وما دوركم في هذا الإطار؟

لا مناص من محاولة التكيف مع الأوضاع المعيشية والصمود متسلحين بالصبر والاستفادة من تجارب الآخرين.

إعلان

أما دورنا في المركز بهذا الصدد فهو محاولة تخفيف الضغوطات والمساندة وتقديم الدعم النفسي والمعنوي لمتضرري الاحتلال.

كيف ترين تأثير القوانين الإسرائيلية في القدس على حقوق النساء؟

استخدام إسرائيل هذه القوانين يهدف بالأساس إلى تفكيك الأُسر الفلسطينية وشرذمة العائلة لإضعاف الحس الوطني وتمرير سياسة التهويد والأسرلة، أكثر من كونها تهدف إلى الحفاظ على مصالح النساء.

ما أبرز البرامج التي ينفذها المركز حاليا، وهل أضيفت برامج جديدة بسبب التغيرات التي أحدثتها الحرب؟

هذا البرنامج من أكثر البرامج التي زاد الطلب عليها نتيجة الواقع السياسي المعيش، ونقدم فيه دعما فرديا لأمهات وزوجات الشهداء والأسرى والأسيرات، بالإضافة إلى ضحايا هدم المنازل، والأطفال الذين يخضعون لعقوبة الحبس المنزلي.

ولا يزال المركز يقدم برامج التوعية في مجالات عدة بهدف الوصول إلى مجتمع يؤمن بقدرات وحقوق النساء، ومن أجل الوصول إلى مجتمع خال من أشكال العنف المتنوعة والمتزايدة.

لدينا أيضا برامج أخرى كبرنامج مناهضة تزويج الطفلات، وبرنامج "أمان" للتوعية بمخاطر التحرش الجنسي والابتزاز الإلكتروني، بالإضافة إلى برامج التمكين الاقتصادي.

في مقطع مصوّر، يوثق الباحث المقدسي طارق البكري رحلة بحث مؤثرة لمساعدة مقدسيات مغتربات من عائلة الدجاني على تتبع بيت عائلتهنّ المسلوب داخل حي البقعة في القدس المحتلة، بعد عقود من تهجّر الأسرة عنه.

خلال الجولة، تواصلت السيدات مع عمهنّ، المولود في هذا البيت قبل السيطرة عليه،… pic.twitter.com/xKiujzHAFD

— القدس البوصلة (@alqudsalbawsala) November 28, 2025

هل يمكن أن تشاركينا قصة نجاح امرأة مقدسية دعمتها برامج المركز؟

لدينا العديد من قصص النجاح مع النساء، منهن من لديهن مشاريعهن الخاصة التي تُدّر عليهن دخلا جيدا، وأصبحن معيلات لأسرهن نتيجة تدريبهن في مهنة تمنعهن من العوز.

ولدينا عدد من الطالبات الجامعيات اللواتي شاركن في برامجنا التدريبية وأصبحن يقدمن الدعم لغيرهن مقابل مكافأة مالية مكنتهنّ من تسديد أقساطهن الجامعية وإكمال مسيرتهن.

ومن قصص النجاح التي أعتز بها مشاركة طفلات في كتابة قصص لأقرانهن لتوعيتهن بقضية زواج الطفلات وأهمية مناهضة هذه الظاهرة.

ماذا تطلبين من المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني لتحسين واقع النساء في القدس؟

من المؤسسات الرسمية زيادة العمل لصالح القدس وإعادة المركزية لصالح هذه المدينة وعدم تهميشها، أما من المجتمع المدني فنحتاج مزيدا من الوحدة والشراكة والعمل الجماعي للصمود أمام التحديات، لأنه لا يمكن تحسين واقع النساء بمعزل عن واقع المجتمع لأنهن جزء أصيل منه.

ما الرسالة التي توجهينها للنساء المقدسيات اليوم؟

بالمعرفة نحمي حقوقنا وبالمحبة والإيمان نكمل مشوارنا.. صمودنا ووحدتنا أساس وجودنا.

مقالات مشابهة

  • أبرز الأمراض التي تهدد مرضى القلب خلال فصل الشتاء
  • غيدي المدينة الكينية التي خبّأتها الغابة ونسِيَها الزمن
  • نتنياهو يتحدث عن العراق: استهدفنا الميليشيات التي تحركت ضدنا
  • أزرق المايا: لغز الصبغة التي أُعيد ابتكارها بعد قرنين من ضياعها
  • القوة التي تبني ولا تهدم.. من وحي تقرير "عُمان 2040"
  • الجزيرة ترصد جهود إزالة آثار الفيضانات التي ضربت سريلانكا
  • قصة الفتاة التي بكت وهي تعانق البابا لاوون في بيروت
  • بتأثر شديد..وزيرا الداخلية والصحة يتفقدان الطفلة التي توفيا والداها وهي نجت من الحادث
  • خبيرة للجزيرة نت: أهم التحديات التي تواجه المرأة في القدس
  • مسار الأحداث يناقش العقبات التي تواجه المرحلة الثانية من اتفاق غزة