لجريدة عمان:
2025-05-14@21:30:04 GMT

لماذا تعزز شركات النفط الكبرى أذرعها التجارية؟

تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT

في خمسينيات القرن الماضي كانت سوق النفط في يد الشقيقات السبع، فقد سيطرت هذه الشركات الغربية العملاقة على 85% من احتياطيات النفط العالمية إلى جانب عملية الإنتاج بأكملها من البئر إلى المضخة. وحددت الأسعار واقتسمت الأسواق فيما بينها. وكانت تجارة النفط خارج هذه المجموعة مستحيلة تقريبا.

بحلول أعوام السبعينيات تفككت هذه الهيمنة؛ فالمقاطعة النفطية العربية وتأميم إنتاج النفط في الخليج العربي وظهور الشركات التجارية مثل جلينكور وفيتول وترافيجورا أدت إلى فقدان الشقيقات السبع لنفوذها.

وبحلول عام 1979 كان يتداول التجار المستقلون ثلثي نفط العالم.

العالم مضطرب الآن مرة أخرى وذلك ليس فقط لاحتمال تصاعد الصراع بين إسرائيل وحماس على نحو ينذر بالخطر. فالحرب في أوكرانيا والتوترات الجيوسياسية بين الغرب والصين والمساعي العالمية المتقطِّعة لوقف التغير المناخي كلها عوامل تقود إلى التقلب في أسواق النفط.

لقد زاد إجمالي أرباح متداولي السلع التي تنتعش في أوقات البلبلة وانعدام اليقين بنسبة 60% في عام 2022 إلى 115 بليون دولار، وفقا لشركة اوليفر وايمان الاستشارية. لكن هذه المرة ليست الشركات الناشئة هي التي زاحمت في أسواق السلع، بل الشركات التي انحدرت من الشقيقات السبع وشركات النفط العملاقة الأخرى هي التي ترى في تجارة النفط جزءا متعاظما من نشاطها في المستقبل.

لا تحب الشركات الحديث عن هذا الجزء من عملياتها، فأرباح متداوليها يتم إخفاؤها في أجزاء أخرى من هيكلها التنظيمي، ويتجنب رؤساؤها التنفيذيون الإجابة عن الأسئلة الفاحصة بقولهم إن فتح الدفاتر يخاطر بكشف معلومات أكثر مما يلزم للمنافسين. لكن الأحاديث مع المحللين والعليمين ببواطن تجارة النفط ترسم صورة عن عمليات (تجارية) كبيرة ومعقدة وتتزايد في حجمها وتعقيدها.

إكسون موبيل أكبر الشركات الأمريكية التي تخلت عن تجارة النفط الواسعة النطاق قبل عشرين عاما أعلنت في فبراير أنها ستحاولها مرة أخرى. وتنافس أيضا الشركات الحكومية العملاقة في بلدان الخليج العربية. فأرامكو السعودية وشركة بترول أبوظبي الوطنية وقطر للطاقة تتوسع في أنشطة مكاتبها التجارية وذلك في مسعى منها لمواكبة الشركات الأخرى. لكن الطموحات التجارية للشركات الأوروبية العملاقة هي الأقوى. يقول جورج ليون المسؤول بشركة ريستاد إنيرجي الاستشارية إن شركات بريتيش بتروليوم وشل وتوتال إنيرجي ظلت تتوسع في مكاتبها التجارية في صمت منذ أوائل العشرية الأولى.

في النصف الأول من العام الحالي حقق تداول النفط ربحا إجماليا بلغ 20 بليون دولار للشركات الثلاث وفقا لتقديرات شركة الأبحاث بيرنستين. وكان ذلك المبلغ يزيد بحوالي الثلثين عن الربح المتحقق خلال الفترة نفسها في عام 2019 وحوالي 20% من إجمالي إيراداتها. وذلك ارتفاعا من 14% تقريبا قبل أربع سنوات.

وتقدّر شركة أوليفر وايمان أن عدد متداولي النفط في أكبر شركات النفط الخاصة في العالم ازداد بنسبة 46% في الفترة بين 2016 و2022. تعزى معظم هذه الزيادة إلى شركات النفط الأوروبية الثلاث الكبرى. وكل واحد من هؤلاء المتداولين يحقق أيضا ربحا يزيد بنسبة 150% عما كان يحققه قبل 7 أعوام.

اليوم توظف شركة بريتيش بتروليوم 3000 متداول على نطاق العالم. ويُعتقد أن عددهم في شركة شل يصل إلى الآلاف. وربما لدى توتال إنيرجي 800 متداول. من المؤكد تقريبا أن هؤلاء أكثر عددا من متداولي النفط في الشركات المستقلة مثل ترافيجورا وفيتول والذين يقدّر عددهم بحوالي 1200 و450 متداولا على التوالي (بناء على عدد الموظفين من حملة الأسهم في الشركتين).

وربما ليس صدفة أن كارول هولي رئيسة القسم التجاري في بريتيش بتروليوم هي المرشحة الأولى لأعلى منصب في الشركة البريطانية بعد أن ترجَّل عنه بيرنارد لوني مؤخرا.

ومن المرجح أن تظل المكاتب التجارية بشركات النفط الكبرى مشغولة لفترة من الوقت. فمن المستبعد أن تهدأ أسواق النفط العالمية كما يبدو. وكما ذكر سعد رحيم المسؤول بشركة ترافيجورا نحن «ننتقل من عالم دورات السلع إلى عالم قفزات أسعار السلع»، ومثل هذا العالم يحلم به المتداولون.

احتدام النزاع الجيوسياسي أحد أسباب تصاعد التقلب. الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين أحدث مثال لذلك، مثال آخر الحرب في أوكرانيا. فعندما أوقفت روسيا في العام الماضي ضخ صادراتها من الغاز إلى الغرب بعد فرض الاتحاد الأوروبي عقوباته عقب نشوب الحرب ارتفع الطلب على الغاز الطبيعي المسال إلى عنان السماء.

وكانت الأذرع التجارية للشركات الأوروبية الكبرى من بين تلك الجهات التي هرولت لسد الفجوة في العرض. لقد حصدت في مجموعها 15 بليون دولار من تجارة الغاز الطبيعي المسال في العام الماضي. وهو ما شكّل ثلثي أرباحها التجارية، وفقا لشركة برينستين.

يمكن أن يكون هذا البداية فقط، لقد رسم تقرير حديث من شركة مكنزي الاستشارية سيناريو تظهر فيه تكتلات تجارية إقليمية للمواد الهيدروكربونية. في هذا السيناريو ينساب الوقود الروسي شرقا إلى الصين والهند وتركيا بدلا من الغرب نحو أوروبا. في الوقت نفسه تحاول الصين اجتذاب الصادرات الخليجية الضخمة بعيدا عن الأسواق الغربية. وكل هذا يوجد فرصا مراجحة كبيرة للمتداولين (المراجحة نوع من المضاربة وتعني الاستفادة من اختلاف الأسعار في الأسواق المختلفة بالشراء بسعر أقل والبيع بسعر أعلى- المترجم).

سبب آخر لتوقع استمرار التقلب وهو التغير المناخي. فاقتران ارتفاع درجات الحرارة بارتفاع مستويات سطح البحر والطقس المتطرف سيعرقل انتظام إمدادات الوقود الأحفوري. في عام 2021 قلصت موجة برد في تكساس ما يقرب من 40% من إنتاج النفط في الولايات المتحدة لمدة أسبوعين. وهنالك احتمال كبير في أن تتعرّض حوالي 30% من احتياطيات النفط والغاز حول العالم لمخاطر مناخية مماثلة، بحسب لشركة تقييم المخاطر فيرسك مابلكروفت.

ثم هنالك التحوّل إلى موارد الطاقة المتجددة والذي يقصد به تلافي أوضاع مناخية أسوأ. في الأجل الطويل من المحتمل جدا أن يكون نظام الطاقة المتجددة أقل تقلبا من النظام الحالي الذي يرتكز على الوقود الأحفوري. وسيكون إنتاج الطاقة موزعا بقدر أكبر وبالتالي أقل تركزا في أيدي قلة من المنتجين في أجزاء غير مستقرة من العالم. لكن مسار الانتقال من الوقت الحاضر إلى مستقبل صديق للبيئة غير مضمون.

تضغط بعض الحكومات والناشطين من حملة الأسهم على شركات النفط، خصوصا في أوروبا، لتقليص استثماراتها في الوقود الأحفوري. وتقدّر شركة ريستاد إنيرجي أن ذلك أحد أسباب توقع انخفاض الاستثمار في إنتاج النفط والغاز بنسبة 35% إلى 540 بليون دولار في هذا العام من ذروته التي بلغها في عام 2014.

في الأثناء يستمر الطلب على النفط في الارتفاع. ويقول أحد مسؤولي شركة مكنزي إن ذلك سيشكل ضغطا في نظام الطاقة ويتيح فرصا للمتداولين ليس فقط في قطاع النفط.

ويشير المسؤول إلى أن الاستثمار الضخم في الموارد المتجددة دون أن تكون زيادة متزامنة في قدرات نقل الكهرباء سيتسبب أيضا في اختناقات.

في بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا ما يزيد على 150 جيجاوات من الكهرباء التي يمكن توليدها من طاقة الرياح والشمس أو ما يكافئ 83% من إجمالي القدرة التوليدية الحالية للطاقة المتجددة في البلدان الثلاثة لا يستفاد منها لأن شبكات الكهرباء تعجز عن نقلها، حسب شركة الأبحاث بلومبيرغنيِف.

تجار الطاقة لا يمكنهم بناء الشبكات لكن في مقدورهم التخفيف من اختناقات نقل الكهرباء بالمساعدة في تحويل الموارد إلى استخداماتها الأكثر ربحية.

شركات النفط الأوروبية الثلاث تنشط في مجالات الطاقة الكهربائية وأرصدة الكربون وأيضا وبقدر كبير في الغاز الذي بوصفه أقل نواع الوقود الأحفوري تلويثا للهواء يُعد ضروريا للانتقال إلى موارد الطاقة الخضراء.

في العام الماضي كان لديها ضعف عدد المتداولين في مثل هذه المجالات مقارنة بأعدادهم في عام 2016. ويقدر آرنست فرانكل المسؤول بشركة اوليفر وايمان أن إجمالي الأرباح التي حققها المتداولون من معاملاتهم ارتفع من 6 بلايين دولار إلى 30 بليون دولار خلال هذه المدة. وقد يمتد التداول إلى سلع «خضراء» أخرى.

ديفيد نايب الرئيس السابق لقسم التجارة في بريتيش بتروليوم والذي يعمل الآن بشركة باين الاستشارية يتوقع دخول بعض الشركات الكبرى في تجارة الليثيوم. إنه المعدن الذي يستخدم في صناعة البطاريات. وإذا انطلق اقتصاد الهيدروجين كما تأمل العديد من شركات النفط الكبرى سيتيح لها ذلك شيئا آخر ليس فقط لإنتاجه ولكن أيضا لشرائه وبيعه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الوقود الأحفوری شرکات النفط تجارة النفط النفط فی فی عام

إقرأ أيضاً:

وزير “الاتصالات”: زيارة ترمب ورؤساء كُبرى شركات التقنية الأمريكية تعزز مكانة المملكة محورًا عالميًا للاقتصاد الرقمي والابتكار والفضاء

البلاد – الرياض
أكَّد وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله بن عامر السواحه، أن زيارة فخامة الرئيس دونالد جي ترمب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية, يرافقه عددٌ من رؤساء كبرى شركات التقنية العالمية، إلى المملكة العربية السعودية، تُجسد عمق الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، التي تمتد لأكثر من (90) عامًا من التعاون المثمر في مختلف القطاعات.
وأوضح في تصريح لوكالة الأنباء السعودية, أن هذه الزيارة تعكس المكانة المتقدمة التي باتت تحتلها المملكة على خارطة الاقتصاد الرقمي العالمي، بوصفها أكبر اقتصاد رقمي في المنطقة، ومحورًا رئيسًا لجذب استثمارات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، حيث استقطبت المملكة استثمارات أمريكية تتجاوز (13) مليار دولار في عامي (2024 – 2025)، تمثل أكثر من (90%) من إجمالي الاستثمارات الدولية في الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات والخدمات السحابية، وتطوير القدرات الوطنية الرقمية مع كبرى الشركات التقنية مثل: (AWS، Microsoft، Google Cloud، Oracle، Groq) وغيرها.
وأكد السواحه أن المنجزات التي حققتها المملكة في الاقتصاد الرقمي والتقنية والابتكار تعكس حجم الدعم غير المحدود الذي حظي به هذا القطاع من القيادة الحكيمة، كما أنها ثمرة لتمكين ومتابعة، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي قاد مسيرة التحول التقني والرقمي ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، حتى أصبحت المملكة مركزًا إقليميًا وعالميًا للتقنية والابتكار.
وأشار إلى أن المملكة لا تستثمر فقط في التقنية، بل في الإنسان أيضًا، إذ تمثل الشراكات مع شركات أمريكية مثل: (Apple, Amazon, Google، Microsoft) رافدًا مهمًا لبناء أكبر تكتل للمواهب الرقمية في المنطقة، بعددٍ يتجاوز (381) ألف كفاءة رقمية، كما سجلت المملكة تقدمًا عالميًا في تمكين المرأة في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتصدرت المؤشرات الدولية في هذا المجال، مما يعكس التزامها الشامل ببناء اقتصاد معرفي مستدام وشامل.
وفي مجال الفضاء، نوّه السواحه بالشراكات القائمة مع المؤسسات الأمريكية، مؤكدًا أن المملكة شريك رئيس في استكشاف الفضاء، بعد إرسال أول رائدة فضاء سعودية إلى محطة الفضاء الدولية بالشراكة مع (Axiom, NASA, SpaceX) ضمن تجارب علمية نوعية في مجالات الصحة والاستدامة، مبينًا أن انضمام المملكة لاتفاقيات أرتميس، يؤكد دورها في مستقبل الاقتصاد الفضائي العالمي، الذي تُقدر قيمته المستقبلية بتريليوني دولار.
وأفاد السواحه، أن الشراكة السعودية الأمريكية في مجال الابتكار, أثمرت عن مشاريع نوعية في الذكاء الاصطناعي، وتقنيات النانو، والطاقة النظيفة، من خلال تأسيس (14) مركز تميز بالتعاون مع جامعات أمريكية رائدة مثل: (MIT، ستانفورد، كالتك، IBM) مما يعزز من قدرة المملكة على إنتاج المعرفة، وتسريع وتيرة الابتكار.

مقالات مشابهة

  • ‏البيت الأبيض: الشرع أبلغ ترامب بأنه يدعو الشركات الأمريكية للاستثمار في قطاع النفط والغاز في سوريا
  • أسعار النفط تنخفض بفضل تهدئة الحرب التجارية وضعف الدولار
  • وزير “الاتصالات”: زيارة ترمب ورؤساء كُبرى شركات التقنية الأمريكية تعزز مكانة المملكة محورًا عالميًا للاقتصاد الرقمي والابتكار والفضاء
  • وزير "الاتصالات": زيارة ترامب ورؤساء كُبرى شركات التقنية الأمريكية تعزز مكانة المملكة محورًا عالميًا للاقتصاد الرقمي
  • "البترول": 3 اكتشافات جديدة للزيت والغاز في الصحراء الغربية وخليج السويس تعزز مستقبل الطاقة في مصر
  • المشاريع الكبرى تواجه الجفاف المالي رغم الـ 100 مليار دولار
  • وسط المفاوضات التجارية بين أمريكا والصين.. كيف أصبحت أسعار النفط؟
  • ارتفاع أسعار النفط بعد المحادثات التجارية الإيجابية بين أمريكا والصين
  • أسعار النفط ترتفع بعد التقدم في المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين
  • المحادثات التجارية الأميركية الصينية ترفع أسعار النفط