حكم نشر آيات من القرآن على مواقع التواصل وترشيح صديق يكمل بعده
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
ورد سؤال لدار الإفتاء المصرية، مضمونة:" ما حكم نشر آيات من القرآن على مواقع التواصل وترشيح صديق يكمل بعده وهكذا؛ بعدما انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي وضع آية من آيات القرآن الكريم، واختيار أحد الأشخاص لنشرها بين أصدقائه، ويختار هو صديقًا غيره لينشرها، ومن يختار يختار غيره (تحت شعار: لا تجعلها تتوقف عندك)، وذلك كشبكة متواصلة لنشر هذه الآية أو الدعاء بقصد عموم الذكر بين الناس في شهر رمضان، فما حكم فعل ذلك؟.
وقالت دار الإفتاء إن قيام بعض الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي بوضع آية من آيات القرآن الكريم أو دعاء معين، واختيار أحد الأشخاص لنشرها، ومن قام بالنشر يختار صديقًا غيره لينشرها في اليوم التالي، وهكذا، كشبكة متواصلة لنشر هذه الآية أو الدعاء في شهر رمضان أو غيره -هو أمرٌ حسن من صالحِ الأعمال لا مانع منه شرعًا إذا توافرت الشروط والضوابط فيمن يقوم بالنشر:
أولًا: أن يكون المرء مؤهلًا لما يقوم به -علميًّا ومهاريًّا-، يدعو إلى ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، متلطف في تذكيره وموعظته، وأن يحسن القراءة والكتابة والنقل من المصحف الشريف فيما يتعلق بالآيات، ومن كتب السنة المعتمدة فيما يتعلق بالأحاديث والأذكار والأدعية.. إلخ.
ثانيًا: عدم استخدام أي عبارات من شأنها إلزام الغير بفعل هذا أو إشعاره بالوقوع في الحرج والإثم إن هو لم يفعل، كما هو الحال في واقعة السؤال: (لا تجعلها تتوقف عندك)، أو القسم عليه: (حلفتك بالله أن تفعل) أو (إن لم تُعِدْ نشرها فاعلم أن الشيطان قد منعك).. إلى نحو ذلك من العبارات التي تحمل معنى الإلزام والإجبار، والقول على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بغير علم، ومن فعل ذلك فقد أساء بصنعه؛ لأنه تَقَوَّلَ وافترى على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بغير علمٍ.
ثالثًا: أن لا يكون طلب النشر ذريعةً لمقصدٍ آخر؛ كالترويج إلى حزبٍ أو جماعةٍ أو طائفةٍ، أو استغلال ذلك للدعاية والإعلان، أو نحو ذلك مما يُجْعَلُ تكأة لأمور تتنافى مع جلال القرآن الكريم واحترام السنة النبوية المطهرة.. إلخ.
فضل الذكر وقراءة القرآنتضافرت نصوص الشرع الحنيف على بيان فضل ذكر الله سبحانه وتعالى وقراءة القرآن الكريم، فقال تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب 41-42]، وقال عزَّ وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُور﴾ [فاطر: 29]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ» رواه مسلم من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، إلى غير ذلك من النصوص الواردة في فضل ذكر الله تعالى ودعائه.
فضل تذكير الآخرين ودعوتهم إلى قراءة القرآن وذكر الله تعالى
تذكير الآخرين بهذا -أي بذكر الله تعالى وآياته- والدعوة إليه، والترغيب فيه ممَّن هو أهله -هو من الأعمال الصالحة التي يثاب عليها الإنسان؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا» أخرجه مسلم.
قال العلامة الشيرازي في "المفاتيح في شرح المصابيح" (1/ 263، ط. دار النوادر): [(الهدى): الصراط المستقيم، يعني: من دل جماعة على خير أو عمل صالح، فعمل أولئك الجمع على ذلك الخير، أو عملوا بذلك العمل الصالح، يحصل للذي دلَّهم على الخير من الأجر والثواب مثل ما حصل لكل واحد منهم؛ لأنه كان سبب حصول ذلك الخير منهم، ولولا هو لم يحصل ذلك الخير منهم. (ولا ينقص من أجرهم شيء) بسبب أن حصل له مثل أجورهم جميعًا؛ لأنه لا يؤخذ من أجورهم ما حصل له، بل أعطاهم الله تعالى وإياه من خزانةِ كَرَمه] اهـ.
وقال العلامة الطيبي في "الكاشف عن حقائق السنن" (2/ 625، ط. نزار مصطفى الباز): [(هدى) وهو إما الدلالة الموصلة إلى البغية، أو مطلق الإرشاد، وهو في الحديث ما يُهتدى به من الأعمال الصالحة، وهو بحسب التنكير مطلق شائع في جنس ما يقال له: هدى، يطلق على القليل والكثير، والعظيم والحقير، فأعظمه هدى مَن دعا إلى الله، وعمل صالحًا، وقال: إنني من المسلمين، وأدناه هدى من دعا إلى إماطة الأذى عن طريق المؤمنين، ومن ثَمَّ عَظُمَ شأن الفقيه الداعي المنذر، حتى فُضِّلَ واحدٌ منهم على ألف عابد؛ لأن نفعه يعمُّ الأشخاص والأعصار إلى يوم الدِّين] اهـ.
وقال العلامة ابن الملك الكرماني في "شرح المصابيح" (1/ 165، ط. إدارة الثقافة الإسلامية): [قوله: "مَن دعا إلى هدى"؛ أي: ما يُهتدَى به من الأعمال الصالحة. "كان له"، أي: لذلك الداعي. "مِن الأجر مثلُ أجور مَن تبعَه"؛ وذلك لأنَّ الدعاءَ إلى الهُدى خصلةٌ من خِصال الأنبياء] اهـ.
وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: إِنِّي أُبْدِعَ بِي فَاحْمِلْنِي، فَقَالَ: «مَا عِنْدِي»، فقال رجل: يا رسول الله، "أَنَا أَدُلُّهُ عَلَى مَنْ يَحْمِلُهُ"، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» أخرجه مسلم. وفي لفظ آخر عند الإمام أحمد في "المسند" والترمذي في "السنن": «إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الخَيْرِ كَفَاعِلِهِ».
قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (13/ 39، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه فضيلة الدلالة على الخير والتنبيه عليه والمساعدة لفاعله، وفيه فضيلة تعليم العلم ووظائف العبادات، لاسيما لمن يعمل بها من المتعبدين وغيرهم، والمراد بمثل أجر فاعله أن له ثوابًا بذلك الفعل كما أن لفاعله ثوابًا، ولا يلزم أن يكون قدر ثوابهما سواء] اهـ.
وقال العلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (10/ 219، ط. مكتبة دار السلام): [(من دلّ غيره على خير فله مثل أجر فاعله) من دون أن ينقص من أجره كما سلف في غيره، وظاهره أنه دعا إليه وعمل به المدعو إليه لا لو لم يعمل؛ لقوله: «فاعله»، ويحتمل أنه خرج على الأغلب، وأن الدال له الأجر على الدلالة مطلقًا، ويحتمل أن الأجر مع عمل المدعو إليه أكثر ومع عدمه أقل، وفيه حث على نشر العلم وتعليم العباد والدعاء لهم إلى كل خير] اهـ.
وقال أيضًا في "سبل السلام" (2/ 639، ط. دار الحديث): [دل الحديث على أن الدلالة على الخير يؤجر بها الدال عليه كأجر فاعل الخير، وهو مثل حديث: «من سن سنة حسنة في الإسلام كان له أجرها وأجر من عمل بها» والدلالة تكون بالإشارة على الغير بفعل الخير، وعلى إرشاد ملتمس الخير على أنه يطلبه من فلان والوعظ والتذكير وتأليف العلوم النافعة. ولفظ "خير" يشمل الدلالة على خير الدنيا والآخرة، فلله در الكلام النبوي! ما أشمل معانيه وأوضح مبانيه ودلالته على خير الدنيا والآخرة!] اهـ.
حكم نشر آيات من القرآن على مواقع التواصل وترشيح صديق يكمل بعد وهكذا وضوابط ذلك
التذكير بالله أو بأي عمل خير -هو أمرٌ حسن يؤجر عليه المرء في عمومه، أيًّا كانت طريقة التذكير، من مسموعٍ أو مكتوبٍ على مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها، طالما أن المرء مؤهل لما يقوم به -علميًّا ومهاريًّا-، يدعو إلى ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة﴾ [النحل: 125]، متلطف في تذكيره وموعظته.
وقيام بعض الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي بوضع آية من آيات القرآن الكريم أو دعاء معين، واختيار أحد الأشخاص لنشرها، ومن قام بالنشر يختار صديقًا غيره لينشرها في اليوم التالي، ومَن يُخْتَار يَخْتَار غيره وهكذا، كشبكة متواصلة لنشر هذه الآية أو الدعاء في شهر رمضان أو غيره، تحت شعار: (لا تجعلها تتوقف عندك) -هو أمر مشروعٌ حسن داخل في عموم الحث على التذكير والدعوة إلى فعل الخيرات؛ وفقًا لما تقرر شرعًا من أنَّ الأمر المطلق يؤخذ على إطلاقه حتى يأتي ما يقيده في الشرع، فإذا شَرَع اللهُ سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق، وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثرَ مِن وجه، فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته، ولا يصح تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل.
قال الإمام الزركشي في "البحر المحيط" (5/ 8، ط. دار الكتبي): [الخطاب إذا ورد مطلقًا لا مُقَيِّد له حُمِل على إطلاقه] اهـ.
إلا أنه ينبغي تقرير ثلاثة أمور للقول بصحة هذه النوعية من التذكير:
الأول: توافر الشروط والضوابط فيمن يقوم بالنشر، السابقة الإشارة إليها، كأن يكون الناشر مؤهلًا لذلك يحسن القراءة والكتابة والنقل من المصحف الشريف فيما يتعلق بالآيات، ومن كتب السنة المعتمدة فيما يتعلق بالأحاديث والأذكار والأدعية.. إلخ.
والثاني: عدم استخدام أية عبارات من شأنها إلزام الغير بفعل هذا أو إشعاره بالوقوع في الحرج والإثم إن هو لم يفعل، كما هو الحال في واقعة السؤال: (لا تجعلها تتوقف عندك)، أو القسم عليه: (حلفتك بالله أن تفعل) أو (إن لم تُعِدْ نشرها فاعلم أن الشيطان قد منعك).. إلى نحو ذلك من العبارات التي تحمل معنى الإلزام والإجبار، والقول على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بغير علم، ومن فعل ذلك فقد أساء بصنعه؛ لأنه تَقَوَّلَ وافترى على الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم بغير علمٍ، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 33].
قال الإمام الزمخشري في "الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل" (1/ 213، ط. دار الكتاب العربي): [﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ وهو قولكم: هذا حلال وهذا حرام، بغير علم، ويدخل فيه كل ما يضاف إلى الله تعالى مما لا يجوز عليه] اهـ.
وقال الإمام النسفي في "مدارك التنزيل وحقائق التأويل" (1/ 566، ط. دار الكلم الطيب): [﴿وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ وأن تتقولوا عليه، وتفتروا الكذب من التحريم وغيره] اهـ.
والثالث: أن لا يكون طلب النشر ذريعةً لمقصدٍ آخر؛ كالترويج إلى حزبٍ أو جماعةٍ أو طائفةٍ، أو استغلال ذلك للدعاية والإعلان، أو نحو ذلك مما يُجْعَلُ تكأة لأمور تتنافى مع جلال القرآن الكريم واحترام السنة النبوية المطهرة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: قراءة القران التواصل الاجتماعی على مواقع التواصل القرآن الکریم فیما یتعلق الله تعالى قال الإمام اهـ وقال نحو ذلک على خیر وقال ا
إقرأ أيضاً:
المغرب يعتزم تشديد الخناق على شبكات التواصل.. هل ينقلب المشهد الرقمي؟
"النص التشريعي المُرتقب يأتي استجابة لتزايد التحديات والإشكالات التي أفرزها التطور السريع للفضاء الرقمي، والذي أضحى، مجالا غير مضبوط تسري فيه المضامين بدون حواجز قانونية" هكذا انطلق وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي، محمد المهدي بنسعيد، في الكشف عن قرب عرض مشروع قانون لتأطير وتنظيم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
وخلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب (أحد غرفتيّ البرلمان المغربي)، الأربعاء الماضي، أكد الوزير، أنّ الحكومة، تهدف لـ"التصدي للمخاطر المتنامية المرتبطة بالمحتوى الرقمي، مع ضمان عدم المساس بحرية التعبير".
وفيما أبرز الوزير أنّ "منصات التواصل الاجتماعي أضحت من أبرز الوسائل المؤثرة في تشكيل الرأي العام وصناعة المحتوى، في ظل غياب معايير واضحة للمسؤولية والمساءلة الرقمية"، أثير نقاش متسارع بين رواد مختلف مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، بين مستفسر عن فحوى مشروع القانون، وبين متخوّف من تقييد حرية التعبير.
ماذا نعرف عن مشروع القانون؟
بحسب وزير الشباب والثقافة والتواصل، فإنّ: "مشروع القانون يسعى إلى سد فراغ قانوني، قد شكّل نقطة ضعف في مواجهة الانفلاتات الرقمية"، مؤكّدا على: "ضرورة التفاعل مع التحولات التكنولوجية المتسارعة عبر إطار قانوني يحقق التوازن بين حرية التعبير وضرورة حماية المواطنين، لا سيما القاصرين، من التأثيرات السلبية للمحتوى الرقمي".
وسيمكّن النص القانوني المُرتقب، وفقا للوزير المغربي، الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (مؤسسة حكومية) من: صلاحيات موسّعة لضبط محتوى مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة عندما يكون موجها للجمهور المغربي أو يدر أرباحا داخل السوق الوطني، وذلك حتى في غياب مقر مادي لها بالمغرب.
وأكد بنسعيد أنّ: "القانون سيلزم المنصات الرقمية الأجنبية بتعيين ممثل قانوني معتمد داخل التراب الوطني، ليكون المخاطب الرسمي للدولة، ومكلفا بتقديم تقارير دورية تتعلق بأنظمة تعديل المحتوى، وآليات التعامل مع الشكاوى، والمعطيات الإحصائية الخاصة بالمضامين المحذوفة أو المثيرة للجدل".
كذلك، أوضح أنّ: "النص المقترح يسعى لتفعيل أنظمة فعالة لتعديل المحتوى (moderation) عبر خوارزميات ذكية ترصد تلقائيا المضامين المخالفة للقانون، مثل المحتويات المحرضة على العنف، الكراهية، الأخبار الزائفة أو تلك الموجهة بشكل غير ملائم للقاصرين".
"ضرورة تصنيف المحتوى حسب الفئة العمرية، وتفعيل الرقابة الأبوية، ومنع الإشهارات الضارة أو المخادعة الموجهة إلى الأطفال والمراهقين، بما في ذلك المحتويات التي قد تؤثر سلبا على النمو النفسي أو السلوكي" أضاف بنسعيد.
أكد وزير الشباب والثقافة والاتصال، محمد المهدي بنسعيد، أن الوزارة بصدد دراسة تنظيم مشاورات لتقديم حلول للإشكاليات المتعلقة بالتشهير الإلكتروني والعنف الرقمي عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وأوضح الوزير في رده على سؤال كتابي للنائبة البرلمانية عزيزة بوجريدة عن الفريق الحركي، أن… pic.twitter.com/B40XxllTbr — Hespress هسبريس (@hespress) October 19, 2024
وشدّد على أنّ: "مشروع القانون سيلزم المنصات باتخاذ إجراءات فورية لإزالة الأخبار الزائفة أو المحتويات التي تتضمن تحريضا على الإرهاب، العنف، التمييز العنصري أو الديني، مع التعاون الكامل مع السلطات الوطنية في تنفيذ قرارات الحجب أو التقييد".
ولفت أيضا إلى أن القانون المُنتظر، سيُلزم "المنصات الرقمية الأجنبية التي تحقق أرباحا من السوق الإشهاري المغربي، بالتصريح الضريبي الشفاف والتعاون مع مديرية الضرائب، بنك المغرب، ومكتب الصرف، خاصة في حال وجود مخالفات تستوجب تقييد أو منع تحويل الأموال".
إلى ذلك اعتبر الوزير، أنّ: "البعد المالي جزء أساسي من ضبط المنصات العابرة للحدود، بما يضمن إنصاف الفاعلين الوطنيين ويعزز مبدأ السيادة الرقمية للمغرب".
واختتم الوزير المغربي حديثه بالإشارة إلى أنّ: "التجربة الأوروبية، خاصة قانون الخدمات الرقمية الأوروبي الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2023، تمثل مرجعية متقدمة في هذا المجال، ويمكن الاستئناس بها في صياغة التشريع المغربي بما يضمن التوازن بين حرية التعبير وواجب حماية المجتمع".
جدل سابق
قبل ما يُناهز عاما كاملا، كان وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، قد كشف عبر تصريحات صحافية، مُتفرٍّقة، عن: "تنظيم استخدام تيك توك ويوتيوب، ووضع حد لفوضى مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، من خلال نصوص قانونية تنص على عقوبات سجنية"، وهو ما كان قد أثار نقاشا متسارعا وأشعل مختلف مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب.
وفي حوار مع الموقع الإلكتروني الإخباري للقناة المغربية الثانية (2M)، قال وهبي، إنّ: "الحل لتقنين تيك توك، ووضع حد للتشهير في مواقع التواصل الاجتماعي، هو إدراج نصوص في القانون الجنائي تعاقب على هذه الأفعال، وإنهم أدرجوا النصوص بالفعل في مشروع القانون الجنائي".
"سيدة لديها حياتها الخاصة، وسيد لديه حياته الخاصة، من أنت لكي تصورها، أو تصور باب منزل؟!" تابع وهبي، خلال حديثه آنذاك، مبرزا أنّ: كل هذه الأمور ستنظم من خلال القانون الجنائي، وأنهم ما زالوا يشتغلون عليها، وسيوسعون مجال التجريم في هذه الجرائم، وأنه لا يوجد في الوقت الحالي نص قانوني، وهناك الفوضى.
وتابع: "اليوتيوب، الذي يقول فيه شخص ما يريد في حق وزير، أو مسؤول، هل لدى ذلك الوزير الوقت ليهتم بهم، أو ليشتغل؟، مضيفا: "لن ندع الأمور تمر هكذا؛ من يقول ما يريد في حق وزير، أو مسؤول، على يوتيوب، سنضع نصّا خاصّا حول ذلك الموضوع، ونجرّمه" ما أشعل النقاش أكثر، وبعدها خفت الموضوع.
"أدعو جميع المغاربة ضحايا الابتزاز الالكتروني والتشهير في مواقع التواصل الاجتماعي إلى اللجوء إلى القضاء وطلب تعويض عن ذلك"(وزير العدل، عبد اللطيف وهبي)#برلمان #المغرب pic.twitter.com/KH5lf3OCxC — 2M.ma (@2MInteractive) December 10, 2024
ما رأي المغاربة؟
بتاريخ في 19 آذار/ مارس 2020، كان مجلس الحكومة قد وافق على مشروع القانون رقم 22.20 بشأن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والذي قدمه وزير العدل.
وبحسب وزير العدل المغربي، فإنّ: "النص يهدف إلى سد ثغرة قانونية من أجل مكافحة المعلومات الخاطئة بشكل أكثر فاعلية، ومواءمة التشريعات المغربية مع اتفاقية بودابست بشأن الجرائم السيبرانية، التي صادق عليها المغرب، على الرغم من أن الاتفاقية المذكورة لا تتضمن أي حكم بشأن حرية التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي".
غير أنّ مواقع التوصل الاجتماعي قد اشتعلت نقاشا ورفضا لمشروع القانون بوصفه "تكميما للأفواه" في إشارة إلى قدرته على تضييق حريات التعبير. كما استنكرت عدّة منظمات للمجتمع المدني، غياب المشاورات قبل اعتماد مشروع القانون، وكذلك عدم الشفافية فيما يتعلق بمحتوى الأحكام، مبرزين أنّ: "الحكومة استغلت جائحة كوفيد-19 لوضع تدابير تقيد الحريات المدنية".
#يسقط_قانون_2220
لم يبقى لهم إلا إضافة قانون بحظر التغريد والتدوين بعد اذان المغرب وربما في المستقبل يضاف أيضا منع الدخول إلى منصات التواصل الإجتماعي في أيام العطل هزلت #لا_لتكميم_الأفواه pic.twitter.com/CqXmfKGoml — حُسَام ???? بربروس ???????? (@2barbaros) April 27, 2020
أي مُقتضيات؟
خلال عام 2020 تم تسريب المواد التي يشملها مشروع القانون المرتبط بمواقع التواصل الاجتماعي، ما خلّف آنذاك موجة غضب جماعية بين رواد التواصل في المغرب؛ وهذه بعضا من مواده:
كانت المادة 8 من مشروع القانون، تمنح سلطات رقابية واسعة النطاق لـ "مزودي الخدمات" ، المكلفين بـ "حذف أو محظر أو توقيف أو تعطيل الوصول يظهر بشكل جلي أنه يشكل تهديدا خطيرا على الأمن والنظام العام أو من شأنه المساس بثوابت المملكة المغربية أو بمقدساتها ورموزها، وذلك داخل أجل أقصاه 24 ساعة... ".
وفي حالة عدم الامتثال للمادة 8، تنص المادة 10 على أن تكون الإدارة مختصة بإرسال إشعار رسمي إلى مزود الخدمة المتخلف في المقام الأول حيث لا يمتثل على الفور للطلبات المقدمة من الإدارة ولا يتابع مع إزالة أي محتوى يعتبر غير قانوني أو ضار بشكل واضح للسلامة العامة والنظام العام، بعد خمسة أيام من تاريخ الاستلام.
وإنّ عدم الامتثال لهذا الأمر، قد يؤدي إلى: عقوبة إدارية بقيمة 500.000 درهم، والتي قد تكون مصحوبة بتعليق مؤقت. في حال ما استمر مقدم الخدمة في عدم الامتثال لطلب الإدارة في غضون خمسة أيام، تسمح المادة 11 للإدارة بسحب تفويضهم أو رخصة التشغيل الخاصة بهم وتمنعهم من العمل على الأراضي المغربية.
وتمنح المواد 10 و 11 و 12 من مشروع القانون نفسه الذي خلّف غضبا عارما بين المغاربة، صلاحيات واسعة للإدارة أو "هيئة الرقابة"، وذلك دون تقديم مزيد من التفاصيل حول إنشاء هذه الهيئة.
وتنص المادة 14 من مشروع القانون على "الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 5000 إلى 50.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، من قام عمداً عبر شبكات التواصل الإجتماعي أو عبر شبكات البث المفتوح أو عبر الشبكات المماثلة بالدعوة إلى مقاطعة بعض المنتوجات أو البضائع أو الخدمات أو القيام بالتحريض علانية على ذلك".
وأكّد عدد من الرّافضين لهذه المقتضيات، قبل سنوات، أنّ: "حظر المواقع دائما ما يكون غير متناسب بموجب المادة 19 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه المغرب، لأنه يمنع الوصول إلى محتوى شرعي آخر على الإنترنت".
مشروع قانون في المغرب لفرض الوصاية على وسائل التواصل الاجتماعي .. حرية التعبير وحرية الرأي ستصبح متحكم فيها ومسيرة
بالنسبة لاصحاب شعار العام زين ماتخافوش انتم هم مثال لما يراد به ان تكون وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب pic.twitter.com/96YFHWIXiw — Mohamed Bouarbi (@MohamedBouarby) April 24, 2020
جرّاء ذلك، تم تعليق مشروع القانون؛ ليعود بعد سنوات النقاش بخصوص مشروع قانون آخر يخص كذلك مواقع التواصل الاجتماعي، ليشتعل النقاش المتسارع من جديد. رغم عدم الكشف عن وثيقة مشروع القانون بعد، للاطّلاع على فحواها.
تجدر الإشارة إلى أنّ عدد سكان المملكة المغربية هو: 33 مليونا و848 ألفا و242 نسمة، بحسب الإحصاء العام للسكان والسكنى، الذي تمّ أواخر عام 2014. فيما كشفت دراسة حديثة لشركة "سونرجيا" المُتخصصة في أبحاث السوق، أن 80 في المئة من سكان المغرب يستعملون مواقع التواصل الاجتماعي في عام 2024، وذلك بزيادة تبلغ 7 في المئة مقارنة بعام 2020.
وأوضحت الدراسة نفسها أنّ: "واتساب، وفيسبوك، وإنستغرام، هي التطبيقات الثلاثة الأكثر استعمالا من قِبل المغاربة، بنسب 76 في المئة، و65 في المئة، و40 في المئة على التوالي، بينما يأتي تيك توك في المركز الرابع بـ19 في المئة، وسناب شات في المركز الخامس بـ8 في المئة، ثم لينكدإن في المرتبة السادسة بـ6 في المئة، وفي المركز السابع تويتر بـ4 في المئة".
أمّا فيما يخص يوتيوب، فقد أورد تقرير "Digital 2023 Global Overview Report"، الذي صدر في شباط/ فبراير 2023، أن: "عدد مستعملي المنصة في المغرب قد بلغ بحلول عام 2023 21,30 مليون مستخدم".
إلى ذلك، يظل مشروع القانون المغربي لتنظيم مواقع التواصل الاجتماعي إشكالية متعددة الأبعاد، تحاول البحث عن توازن بين حماية المجتمع من المخاطر الرقمية، وضمان حرية التعبير.
وبينما تؤكد الحكومة على ضرورة "سد الفراغ التشريعي" في مواجهة المحتوى الضار، لا يزال رواد التواصل الاجتماعي متخوّفين مما يصفونها بـ"انزلاقه نحو تقييد الحريات". فهل سيكشف النص القانوني مستقبلا قادرا على تجاوز إرث الجدل السابق، واستيعاب تطلعات مجتمع رقمي نشط؟