آخر تحديث: 30 أكتوبر 2023 - 12:55 مبقلم: علي الصراف تشهد المنطقة العربية منذ العام 1979 حربا إذاعية لم يسبق لها مثيل بين إيران وإسرائيل. إنها حرب شعارات شعواء طبعا. إلا أنها لم تتحول إلى حرب حقيقية أو مباشرة على الإطلاق.الحرب الوحيدة، بالوكالة، كانت حرب العام 2006 بين إسرائيل وحزب الله، بوصفه لواء من ألوية الحرس الثوري الإيراني يتخذ من لبنان قاعدة له.

هذه الحرب اندلعت لأسباب لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية، ولا بالعنتريات المعروفة ضد إسرائيل.ما حصل هو أن حزب الله كان يخوض سجالا مع الحكومة اللبنانية برئاسة فؤاد السنيورة حول نزع سلاحه، لتعزيز سيادة الدولة على أراضيها، بما يكفل للجيش مسؤولية حفظ الأمن في جنوب لبنان والدفاع عن سيادة لبنان على أراضيه.في خضم ذلك السجال، وفي 12 يوليو من ذلك العام، هاجمت مجموعة مسلحة تابعة للحزب دورية إسرائيلية ما أدى إلى مقتل ثلاثة جنود وأسر اثنين آخرين. اندفعت إسرائيل لتهاجم مواقع الحزب في الجنوب، وسرعان ما امتدت الضربات الصاروخية والجوية إلى بيروت، مما تحول إلى حرب انتقام.عشرات المليارات، بل ربما مئات المليارات من الدولارات، وجدت طريقها إلى طهران لكي تستمد “الثورة الإسلامية” قدرتها على الصمود في وجه العقوبات الأميركية، بما تم نهبه من عائدات نفط العراق الضربات الإسرائيلية قامت على أساس مبدأ الردع عن طريق “الدمار الشامل”. كانت تلك تجربة أولى لهذا المبدأ، الذي عادت إسرائيل لتجربه على نطاق أوسع وأكثر وحشية ضد غزة.التجربة نجحت في إثارة رعب حزب الله، إلى درجة أن زعيمه حسن نصرالله قال بعد سنوات إنه لو كان يعلم النتيجة ما كان ليخوض الحرب أصلا.ولكن، “ما كان ليخوض” ماذا؟ الجواب البديهي هو أنه ما كان ليشن الهجوم على دورية إسرائيلية للتعمية على سجال نزع السلاح، أو ما كان ليتخذ من “المقاومة” ذريعة لأجل أغراض أخرى.ولكن “المقاومة” دائما ما كانت ذريعة لأغراض أخرى، ليس لحزب الله وحده وإنما لإيران نفسها أيضا.الدمار كان بشعا إلى درجة أبكت السنيورة وهو يخاطب الزعماء العرب. والحرب توقفت بموجب القرار رقم 1701 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي، وقضى بإنهاء العمليات الإسرائيلية في لبنان ووقف جميع الهجمات من حزب الله ضد إسرائيل. وحيث أن القرار صدر بالإجماع، فهو ما كان يعني تسوية مرضية من كل الأطراف بما فيها إسرائيل وحزب الله. الإسرائيليون انسحبوا، وبقي حزب الله يحمل سلاحه بذريعة “المقاومة” إلى يومنا هذا. ولو أن السجال عاد ليتجدد حول نزع سلاحه، فإنه سيعود لمهاجمة إسرائيل.في ذلك الوقت حمل حسن نصرالله لقب “سيد المقاومة”. وهو لقب ما كان ليستحقه من الأساس، لأن “المقاومة” لم تكن ذات صلة لا بفلسطين ولا بالقضية الفلسطينية.الشعارات “غير”، طبعا. ولا شيء أسهل من أن ينخدع العرب بالشعارات. فكلما تعلق الأمر بمواجهة إسرائيل، أصبح جزءا مقدسا في الاعتقاد.الكثير من الأنظمة العربية الفاشلة سبق لها أن ارتدت ثوب ذلك الشعار أيضا. وما يزال هناك من يبيع ويشتري بالقضية الفلسطينية على هذا الأساس. ولكن عندما سألت بعض الدول العربية نفسها عما إذا كان من الصحيح الاستمرار في المنهج الخاطئ، حيث يتستر الطغيان والفشل بالسعي لـ“تحرير فلسطين”، فقد امتلك بعضها الجرأة على قبول الإدراك بأن اقتصادا فاشلا ومجتمعا يغرق في غياهب الجهل والتخلف لا يمكنهما خوض حرب تحرير ناجحة. من هذا الإدراك أو الاستدراك افترق الأداء عن الشعار. فنشأت الهوة بين إيران ودول المنطقة، فيما يخص القضية الفلسطينية. بعض دولنا اختار أن يتجاوز الفشل، وأن يعيد النظر في كيفية بناء القدرات والإمكانيات. بينما كان الفشل كافيا بالنسبة إلى إيران.في الواقع كان الفشل متوافقا تماما مع طبيعة نظام ديني طائفي. الجهل والفقر مفيدان لبقائه، بينما الرفاه والتنمية الاقتصادية والاجتماعية يهددان سلطته. ولهذا السبب فقد كان الشعار مفيدا، ولسوف يظل مفيدا باستمرار، حتى ينقضي أجل “ولاية الفقيه” نفسها.هذا الوضع منح إيران القدرة على أن تخوض صراعها مع إسرائيل، من ناحية للتنديد بالحكومات العربية التي اختارت التخلي عن المعارك الإذاعية، ومن ناحية أخرى لكي يتحول الصراع “العربي – الإسرائيلي” إلى “صراع إيراني – إسرائيلي على الأراضي العربية”. التهمة في غزة هي أن إيران هي التي تقف وراء هجوم حماس. كل الذين قتلوا، في هذه التهمة، فلسطينيون. ليس بينهم إيراني واحد، إيران تحتل أربع عواصم عربية، باسم فلسطين. هذا وحده كاف للدلالة على فائدة الشعار. ولكنه كاف أيضا للدلالة على طبيعة “توظيف الشعار” أو استخداماته.ففي خضم المعركة حامية الوطيس إذاعيا وعن طريق ميليشيات أصبح من الممكن لـ”الثورة الإسلامية” أن تتحول إلى إمبراطورية صفوية جديدة، تملي سيطرتها على اليمن ولبنان وسوريا والعراق. أصبح من الممكن أيضا أن يتحول بلد مثل العراق إلى مصدر من مصادر النهب لتمويل إيران وميليشياتها.عشرات المليارات، بل ربما مئات المليارات من الدولارات، وجدت طريقها إلى طهران لكي تستمد “الثورة الإسلامية” قدرتها على الصمود في وجه العقوبات الأميركية، بما تم نهبه من عائدات نفط العراق، بل إنما بما تم نهبه لتجويع وإفقار شعب العراق. الشعار كان نافعا بوضوح، ولو من دون أن تطلق إيران صاروخا واحدا ضد إسرائيل، حتى بعد أن ظلت هذه الأخيرة تشن هجمات داخل إيران.إسرائيل بدورها وجدت فائدة إستراتيجية من تسخين أجواء “العداء”. أرادت أن تستغل المخاوف من إيران لكي تبرر إقامة “تحالف إقليمي” في مواجهة إيران. تحالف لا يقصد مواجهة إيران فعلا، ولكنه يقصد تحويل كيان منبوذ في المنطقة إلى حليف مقبول، أو يمكن التعايش معه.مرت الكثير من الأحداث والتوترات على بيئة هذا العداء. ولكن لا إيران وجهت ضربة عسكرية لإسرائيل، ولا إسرائيل أو الولايات المتحدة وجهت ضربة عسكرية لإيران.توجيه ضربة كان يعني اندلاع حرب. وككل حرب، فإنها يجب أن تتوقف على حل ما. وما كان لأي حل أن يكون مفيدا بمقدار ما هو الوضع القائم، للطرفين معا. يقول الإنجليز في أحد أمثالهم “إذا كان الشيء ما يزال يعمل، فلماذا تُصلحه”؛ بمعنى آخر إذا كان العداء المزيف مفيدا فلماذا تقطع الطريق عليه؟الصراع نفسه، وهميا كان أم غير ذلك، عندما يُخاض على ساحة عربية فإن أحد طرفيه سوف يخرج منتصرا، فعلا أو ادّعاءً على الأقل. وفي الحالتين سيكون على حساب المنطقة. وهذا ثمن أكبر من “احتلال أربع عواصم عربية”، باتت بلا سيادة ولا استقلال.التهمة في غزة هي أن إيران هي التي تقف وراء هجوم حماس. كل الذين قتلوا، في هذه التهمة، فلسطينيون. ليس بينهم إيراني واحد.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: حزب الله ما کان

إقرأ أيضاً:

كشف الأباطيل

#كشف_الأباطيل

د. #هاشم_غرايبه

التضليل الأكبر في التاريخ البشري هو قصتا: شعب الله المختار وأرض الميعاد، فهما كذبتان لا أساس ديني لهما، ولا يمكن لله الذي خلق الناس جميعا من آدم، وجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا ويتعاونوا على البر والتقوى، وحدد معايير التفاضل بينهم بمقدار التقوى وليس بالأنساب ولا الأعراق، لا يمكن أن يختار شعبا محددا يعطيه السيادة على الآخرين، ويمنحهم الحق في ارض يملكها الغير وطرد أهلها منها وممارسة كل الشرور بحقهم.
هل هذا يتوافق مع عدالة الإله؟.
وإن كان هؤلاء من العصاة ومن معادي رسالاته وقاتلي أنبيائه..فهل من المنطق أن يكافئهم الله على ذلك أم يعاقبهم ويلعنهم ويكتب عليهم الذلة والشتات!؟.
الحقيقية هي ما أورده الله تعالى في القرآن، وهي أن الله بعد أن انقذهم من ظلم فرعون، وجههم الى أن يسكنوا الأرض المقدسة فرفضوا إلا بعد أن يخرج أهلها منها، فعاقبهم الله بالتيه.
من المهم أن نعرف ان الأرض المقصودة التي سماها اليـ.ـهود أرض الميعاد ليست فلسـ.ـطين بل هي منطقة طور سيناء، وهذه التسمية حديثة اعتمدتها الحركة الصـ.ـهيونية والتقفتها بريطانيا لأنها تحقق أحد بنود مؤتمر كامبل، والدليل القرآني على أنها ليست فلسـ.ـطين ما يلي:
1 – منطقة فلسـ.ـطين وما حولها معرّفة في كتاب الله بوضوح بأنها المباركة وليست المقدسة، لقوله تعالى: “المسجد الأقصى الذي باركنا حوله” [الإسراء:1]، وأكد مرة أخرى أنها المباركة: “وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ” [الأنبياء:71]، وثابت تاريخيا أن هذه الأرض هي بلاد الشام.
2 – منطقة الطور هي المنطقة المقدسة لقوله تعالى: “إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى” [طه:12] وقوله تعالى: “هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى” [النازعات:10]، وهو المكان الذي كلم الله فيه موسى أول مرة عندما رأى نارا: “فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ” [النمل:8-9].
نالت هذه البقعة القدسية لأنها البقعة الوحيدة في الأرض التي تجلى فيها الله سبحانه لبشر، فكان موسى الوحيد الذي كلمه مباشرة لكن محجوبا عن رؤيته، وعندما طلب رؤيته عيانا أخبره أنه لن يمكنه ذلك وأراه دليلا يقنع عقله عندما تجلى الله للجبل فجعله دكا، مرأى ذلك جعله يخر صعقا فاقتنع.
3 – ومما يدل على أن هذه المنطقة هي المعنية بقوله تعالى على لسان موسى: “يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ” [المائدة:]، أنها الأقرب الى مصر من فلسطين، حيث أن الله كان وعد بني اسرائيل ان يعيدهم الى موطنهم (مصر) الذي كانوا يقطنونه منذ أن هاجر اليه أبيهم (يعقوب) بعد أن مكن الله لإبنه يوسف فيه، وذلك في قوله تعالى في وصف ما حل بفرعون وقومه: “فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ . كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ” [الشعراء:57-59]، لكن التاريخ يبين لنا أن هذا التوريث لم يتحول الى واقع، فما عاد بنو اسرائيل الى مصر قط، وذلك لأنهم عصوا الله عندما رفضوا دخول الأرض المقدسة في سيناء، فحرمهم من العودة الى مصر.
4 – حتى يعقوب عليه السلام وأبنائه، كانوا مقيمين في سيناء وليس في فلسطين، بدليل قوله تعالى على لسان يوسف: “وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ” [يوسف:100]، فقد كان يقطن فلسـ.ـطين الحضر، وأما سيناء فكانت مزدهرة وعامرة بأقوام من البدو، كونها الطريق بين مصر وحضارات غرب آسيا، وشرقها مدين التي ارسل الله فيها شعيبا والتي لجأ اليها موسى بعد هربه من مصر وأقام فيها ثماني سنين قبل بعثته.
5 – كانت بين مناطق الشام وفلسـ.ـطين وسيناء والحجاز ومصر تواصل دائم، وتتنقل الأقوام فيها بحسب تبدل المناخ بين خصوبة وجدب، لذلك بعد زمن طويل، ومن ضمن تلك الهجرات، كان انتقال بني اسـ.ـرائيل الى فلسـ.ـطين بقيادة طالوت، واستوطنوا فيها، وبعده تولي داود ثم سليمان النبيين المسلمين الملك، وتوسعت مملكتهم وعلت علوا كبيرا، ودامت ثمانين عاما، ثم دولة الحشمودائيم، التي أفسدت في الأرض فأرسل الله بوعده الأول عليها “نبوخذ نصر” فأبادها ولم تدم سوى ثمانين عاما.
هذه هي الحقيقة، لأن مصدرها كتاب الله.

مقالات ذات صلة معهد وايزمن ليس هدفا عاديا 2025/06/26

مقالات مشابهة

  • فرقة جديدة في الجيش الإسرائيلي.. ما علاقة الصراع مع إيران؟
  • المفسدون في الأرض
  • خامنئي يتعهد بعدم استسلام إيران لأمريكا تزامنًا مع جنازات رسمية بالبلاد
  • بوريل: لم يعد بإمكان الاتحاد الأوروبي البقاء على هامش الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
  • كشف الأباطيل
  • وول ستريت جورنال: إسرائيل تدربت بضرب الحوثيين لمهاجمة إيران
  • طارق فهمي: لا نزال في المرحلة الأولى من الصراع بين إسرائيل وإيران
  • عن حزب الله وضرب إيران.. ماذا أعلنت إسرائيل؟
  • مسيرات جماهيرية في 235 ساحة بالحديدة رفضا للعدوان الإسرائيلي ومباركة لانتصار إيران
  • نعيم قاسم: إيران أفشلت 3 أهداف للعدوان الإسرائيلي والأمريكي