نعيش الآن مرحلة من مراحل التكاتف الشعبي التي تتفق مع مبادئنا كمصريين. نحن شعب عربي مسلم يدعم القضية الفلسطينية، وربما يكون أول شعوب الأرض التي حملت القضية للمحافل الدولية مع أبنائها ودافعت عنها وتحملت من أجلها الكثير من التبعات الموجعة ومازلنا. إن القضية الفلسطينية بالنسبة للمصريين هي قضية وجودية يؤمنون بها ولا يمكن المزايدة على أفعالهم ومشاعرهم نحوها.
نساعد إخوتنا بما يتفق مع مبادئنا القوية بقوة وحسم، نحافظ على حياتهم مع حفاظنا على حياتنا واستقلالنا. ليس من المنطقي أن يأتي استقلال على حساب استقلال آخر ويسمى هذا دفاعًا بل يسمى اعتداء على كلا الاستقلالين وربما تصفية لأحدهما. لحكومتنا موقف مشرف ولشعبنا قوة داعمة مشرفة في أيامنا هذه. يمكنك أن ترى ذلك في كل مكان في مصر. ويمكنك أن ترى فعلًا خارج مصر من لا يزال يرى أن كل تمرة أعطاها أحد لمصر كانت من نخلة زرعها المصريون في أرضه كما يقول الكثيرون عن إيمان عميق.
ترى الآن في الداخل المصري حالة من الغضب الشديد تجاه ما يحدث في غزة. وقد حبى الله مصر بحياة صناعية جيدة يمكنها أن تدعمها في مقاطعتها لمنتجات شركات تدعم قتل إخوتنا. سترى المصريون الآن في كل مكان ينتقلون من عقدة الخواجة التي تحدث عنها باستغراب الراحل "صلاح ذو الفقار" إلى التأكد بقراءة كل الملصقات على المنتج بأن المنتج مصري 100%. وسترى الرسائل التحذيرية على كافة مواقع التواصل الاجتماعي من بعض المنتجات. لقد وصل مستوى مبيعات بعض العلامات التجارية التي تمت مقاطعتها إلى 30% فقط خلال أيام، وأغلقت فروع البعض الآخر منها اعتمادًا على الاكتفاء بالفروع المركزية ترشيدًا لنفقات لا أرباح وراءها. وجد المصريون البدائل. ولا أظنهم عائدون. لأننا الآن ندعم صناعتنا الداخلية. لم تعد لرفاهية الـ"Brand" مكان على الأرض لأسباب كثيرة وجودية وإنسانية. فأنت ترى هنا أنك تقتل شخصًا حين تنعش مبيعات من يقتله.
وجدنا أيضًا بالتزامن مع كل ذلك شركات وعلامات تجارية تقدم دعوات توظيف لهؤلاء الذين قد يفقدون وظائفهم جراء رحيل بعض العلامات التجارية على أثر الخسائر المتوالية. هناك خارطة مستقبلية يعمل الشعب على رسمها. نظيفة من كل دم. هو شعب تحركه حضارته تلقائيًا. تنظمه وتجعله مختلفًا دون أن يبذل مجهودًا في ذلك. لذلك حين أكون على أرض مصر لا أحتاج لـ"كتالوج" لأنني أينما حللت أجد شيئًا أحبه لن أحتاج معه للكثير من الشرح. حفظ الله بلادي. تساعد مصر الجميع ولا تتحدث كثيرًا. أخذت على عاتقها أن تدخل المساعدات لغزة ولم تتراجع أو تتوانى. تبذل جهودًا جبارة في كافة الأصعدة من أجل حماية الفلسطينيين وقضيتهم ولكنها ترى ذلك ببساطة واجبًا لا يمكنها أن تتنصل منه، كما فعل البعض ببساطة.
يعرف المصريون أن العالم مكان يتقاسمه البشر جميعًا. مازالوا رغم قسوة الحياة يتقاسمون الأرض مع شركائهم. مر بأي جمعٍ منهم وانظر إلى ترحابهم. مازالوا مبتسمين. مازالت ثقتهم بكل شيء جميل حاضرة وموجودة. هي بلد للعطاء حتى إنها تعرف كيف تخترع ما تعطيه. إنها تعطي الكثير ولا تريد الانتصارات الحنجورية ولا تسرق الكاميرات. هكذا علمتنا الحضارة. وهكذا قدنا الأرض. ولينعق الناعقون.. فنحن نفعل ما نراه حقًا ولا ننتظر أن يرى السفهاء الحق كما يراه الكبار.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: القضية الفلسطينية
إقرأ أيضاً:
أمومة على طريقة البشر.. الشمبانزي يكشف جذور التعلق العاطفي
في قلب غابات كوت ديفوار، وتحديدا في حديقة "تاي الوطنية"، راقب باحثون سلوك صغار الشمبانزي على مدى 4 سنوات. كان هدف هذه المراقبة هو فهم طبيعة العلاقة بين الأم وصغيرها، وإذا ما كانت تشبه الروابط التي تنشأ بين الإنسان وأمه في الطفولة.
وتوصلت الدراسة -التي نشرت يوم 12 مايو/أيار في مجلة نيتشر هيومان بيهيفيور- إلى نتائج مفاجئة، إذ أظهرت أن الشمبانزي، مثل البشر، يطور أنماطا من الارتباط بالأم، لكن بشكل مختلف حين يتعلق الأمر بعنصر اضطراب العلاقة.
اعتمد الباحثون على نحو 3800 ساعة من المراقبة في حديقة تاي الوطنية بكوت ديفوار، ووجدوا أن الصغار يلجؤون لأمهاتهم عند الشعور بالتهديد، ويكفون عن البكاء عند اقتراب الأم، مما يعكس سلوكيات تعلق منظمة.
توضح المؤلفة الرئيسية للدراسة إلينور رولان -وهي باحثة ما بعد الدكتوراه في معهد العلوم المعرفية التابع للمركز الوطني للبحث العلمي، في برون بفرنسا- في تصريحات للجزيرة نت أن الدراسة أظهرت أن بعض صغار الشمبانزي تطور ارتباطا آمنا بأمهاتها، فتشعر بالثقة لاستكشاف العالم من حولها، وتعلم أن الأم ستكون إلى جانبها عند الحاجة.
وأضافت الباحثة أن "صغارا آخرين تبدي سلوكا يعرف بالارتباط التجنبي غير الآمن، حيث يميل الصغير إلى الاستقلالية وعدم اللجوء للأم كثيرا عند التوتر".
لكن المثير للدهشة هو غياب نمط ثالث يعرف عند البشر بـ"الارتباط غير المنظم"، الذي يظهر عادة عند الأطفال الذين تعرضوا لسوء معاملة أو صدمات نفسية. هذا النمط تحديدا ارتبط في دراسات كثيرة باضطرابات عاطفية ومشكلات نفسية لدى الأطفال لاحقا.
إعلانوتوضح رولان: "في الحياة البرية، لم نعثر على أي دليل على وجود أنماط ارتباط غير منظم. هذا يعزز فرضية أن هذا النوع من الارتباط لا يخدم إستراتيجية البقاء في بيئة طبيعية قاسية"
وتوضح بعبارة أخرى أن صغار الشمبانزي التي تطور أنماط ارتباط مضطربة في البرية ربما لا تتمكن من النجاة، إذ إن البقاء في بيئة مليئة بالمخاطر يتطلب استقرارا عاطفيا، ومعرفة واضحة بمن يلجأ إليه الفرد وقت الحاجة.
ولهذا، بحسب الدراسة، فإن صغار الشمبانزي التي تنشأ في أحضان أمهاتها تطور أنماطا متزنة تساعدها على النجاة والتفاعل الاجتماعي.
تعتقد المؤلفة الرئيسية للدراسة أن هذه النتائج يمكن أن تفتح بابا واسعا للأسئلة حول أساليب التربية البشرية الحديثة. فبينما يتأثر كثير من الأطفال اليوم بظروف اجتماعية متغيرة، أو غياب الأمان العاطفي، تظهر لنا الحياة البرية أن الاستقرار والرعاية المستمرة هما أساس تكوين علاقة صحية بين الطفل وأمه.
وتقول رولان إن "نتائجنا تعمق فهمنا لتطور الشمبانزي الاجتماعي، لكنها تجعلنا نتساءل أيضا: هل ابتعدت بعض ممارسات الرعاية البشرية الحديثة عن الأسس المثلى لنمو الطفل؟".
كما أوضحت الباحثة أن التعرف على أنماط الارتباط عند الشمبانزي يسهم في فهم جذور السلوك الاجتماعي البشري، وتشير أيضا إلى أن الاختلاف بين الشمبانزي البري والموجود في الأسر يعكس أهمية بيئة التنشئة في تشكيل شخصية الطفل، سواء كان من البشر أو الشمبانزي.
وبعيدا عن المختبرات، ترى رولان أن هذه الدراسة تقدم درسا تربويا من الطبيعة نفسها، إذ يحتاج الطفل إلى علاقة مستقرة وداعمة مع مقدم الرعاية الأول، ليطور شعورا بالأمان والثقة. في المقابل، فإن البيئة غير المستقرة، سواء كانت في الأسر أو في المجتمعات البشرية المعاصرة، قد تدفع الطفل إلى أنماط اضطراب نفسي لاحق.
إعلان