دعت الأمم المتحدة إلى "وقف فوري لإطلاق النار" في قرارها الأخير بشأن الصراع في الشرق الأوسط.

 بدعوتها إلى "هدنة إنسانية فورية"، أثارت الأمم المتحدة غضب إسرائيل، خاصة وأن القرار لا يشير إلى حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حماس. 

مختارات سفير إسرائيل في برلين ينتقد امتناع ألمانيا عن التصويت على قرار غزة إسرائيل والأمم المتحدة: توتر وعلاقة معقدة! هل بدأ الجيش الإسرائيلي عمليته البرية الواسعة في قطاع غزة؟

وكانت هذه المنظمة الإسلاموية الفلسطينية المسلحة، التي يصنفها الاتحاد الأوروبي وألمانيا والولايات المتحدة ودول عربية منظمة إرهابية، قد قتلت أكثر من 1400 شخص في إسرائيل في هجوم كبير يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، معظمهم من المدنيين.

 

وردا على هذا الهجوم الإرهابي، قامت إسرائيل منذ ذلك الحين بقصف وقصف العديد من القواعد المشتبه بها لحماس في قطاع غزة. كما بدأ الجيش الإسرائيلي هجوما بريا. 

 

ماذا يعني قرار الأمم المتحدة بالنسبة لحرب إسرائيل ضد حماس؟ 

أولا وقبل كل شيء،  قرارات الجمعية العامة  للأمم المتحدة ليست ملزمة بموجب القانون الدولي. وينبغي أن تُفهم على أنها مناشدات للأطراف المتصارعة، والتي تعكس رأي الأغلبية في الهيئة العالمية. 

إن قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وحدها هي الملزمة بموجب القانون الدولي. وهذا يعني أن هذه الهيئة العليا للأمم المتحدة يمكنها تهديد الدول المعنية بالعقوبات إذا لم تلتزم بالقرار. إن قبول إسرائيل وحماس بالهدنة التي طالبت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة أمر متروك بالكامل لطرفي الصراع - فهما غير مجبرين على القيام بذلك. 

 

متى يتم التوافق على الهدنة عادة؟ 

غالبا ما تكون الهدنة عبارة عن اتفاقية غير رسمية إلى حد ما بشأن وقف القتال. ويكون ذلك لفترة زمنية قصيرة ومناطق محدودة. وغالبا ما تخدم الهدنة هدفا محددا.

يستمر إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة ولكن بكميات غير كافية، كما تقول الأمم المتحدة

على سبيل المثال، يمكن الاتفاق على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام على طرق نقل محددة بهدف السماح بإيصال المساعدات الإنسانية أو نقل المدنيين إلى مكان آمن. هنا يمكن الحديث أيضا عن "هدنة إنسانية". 

ويمكن أيضا استخدام وقف إطلاق النار خلال مفاوضات تبادل الأسرى أو حتى محادثات السلام. ومع ذلك، لا يمكن فهم هذه الهدنة أو وقف إطلاق النار المؤقت على أنه مؤشر على نهاية الأنشطة الحربية. 

 

ما مدى إلزامية وقف إطلاق النار الرسمي؟ 

في المقابل، فإن هناك نوعا آخر من وقف إطلاق النار، وهو نوع له طابع تعاقدي رسمي: "وقف إطلاق النار يقطع العمليات الحربية بموجب اتفاق متبادل بين المتحاربين"، وفق ما ورد في الفصل الخامس من الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية، وهو جزء من اتفاقيات لاهاي. ولذلك فإن هذا هو المصطلح الراسخ في القانون الإنساني الدولي. وهو يخضع بالتالي لقواعد معينة. 

ووفقا للاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية، يمكن أيضا أن يكون وقف إطلاق النار محدودا من حيث الموقع والوقت. ولكن: "إذا لم يتم الاتفاق على مدة محددة، فيمكن للأطراف المتحاربة استئناف الأعمال العدائية في أي وقت". ولكن هناك شرط أساسي وهو: يجب إخطار العدو باستئناف المعارك "في الوقت المناسب، وفقا لشروط الهدنة". 

مصافحة تاريخية: رئيس الوزراء الإسرائيلي رابين وزعيم منظمة التحرير الفلسطينية عرفات يتصافحان عند التوقيع على اتفاقيات أوسلو الأولى بين الإسرائيليين والفلسطينيين في سبتمبر/أيلول 1993. وقد أنشأ الاتفاق الأساس للحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.

إلا أنه في حال قام العدو بانتهاك جسيم من جانب واحد لشروط وقف إطلاق النار، فإن هذا يعفي الطرف الآخر من التزام الإخطار. 

 

من يستطيع إبرام معاهدة سلام؟ 

في كثير من الحالات يكون  وقف إطلاق النار الرسمي  بمثابة مقدمة لمعاهدة سلام، والتي تنظم بعد ذلك السلام الدائم. ويمكن لدولة ما أن تعلن انتهاء الحرب -ولو من جانب واحد- دون الالتزام بشروط محددة. 

ولكن لا يمكن إبرام معاهدات السلام واتفاقيات السلام إلا بين حكومات معترف بها بموجب القانون الدولي. ولأن حركة حماس لا تتمتع بهذه المكانة فلا يمكن عقد اتفاقية معها.

يعترف أكثر من ثلثي أعضاء الأمم المتحدة بـ"دولة فلسطين"، لكن حكومتها الرسمية هي السلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية. وفي عام 2012، امتنعت ألمانيا عن التصويت، عندما نُظّم تصويت في الأمم المتحدة بخصوص الاعتراف بدولة فلسطينية.

كلير روت/جان وولتر/ف.ي

المصدر: DW عربية

كلمات دلالية: هدنة إنسانية في غزة مفاوضات بين حماس وإسرائيل الهدنة الإنسانية وقف إطلاق النار اتفاقية السلام دويتشه فيله هدنة إنسانية في غزة مفاوضات بين حماس وإسرائيل الهدنة الإنسانية وقف إطلاق النار اتفاقية السلام دويتشه فيله وقف إطلاق النار الأمم المتحدة للأمم المتحدة

إقرأ أيضاً:

توماس فريدمان: مستقبل إسرائيل كدولة طبيعية مهدد بين الأمم

في مقال تحليلي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، وجّه الكاتب والمحلل السياسي  توماس فريدمان رسالة مباشرة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، محذرا فيها من خطورة السياسات التي تتبعها حكومة الاحتلال الإسرائيلي الحالية بقيادة بنيامين نتنياهو، والتي وصفها بأنها لم تعد تتصرف كحليف موثوق للولايات المتحدة. 

واستهل فريدمان رسالته بالإشارة إلى دعم بعض سياسات ترامب خلال ولايته الثانية، باستثناء مقارباته المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط، معبّرا عن ارتياحه لقرار الرئيس بعدم لقاء نتنياهو خلال زيارته المرتقبة للمنطقة، حيث اعتبر ذلك مؤشراً على إدراك متنامٍ لحقيقة أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تعمل ضد المصالح الحيوية لأمريكا في المنطقة.

ويؤكد فريدمان أن نتنياهو أخطأ التقدير حين ظن أنه يستطيع التلاعب بترامب كما فعل مع رؤساء أمريكيين سابقين، ويثني على الرئيس لقيامه بإشارات واضحة في مفاوضاته مع قوى إقليمية مثل حماس وإيران والحوثيين، بأنه لا يخضع لأي إملاءات من نتنياهو، ما دفع الأخير إلى حالة من الذعر السياسي.

ويضيف أن الشعبين الأمريكي والإسرائيلي يحتفظان بروابط تاريخية وثقافية عميقة، إلا أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي يتزعمها ائتلاف يميني متطرف ذي نزعة قومية٬ لم تعد تضع تحقيق السلام مع العرب في سلم أولوياتها، بل تركز على ضم الضفة الغربية، وطرد الفلسطينيين من غزة، وإعادة بناء المستوطنات فيها، وهي سياسات يرى فريدمان أنها تهدد المصالح الأمريكية في المنطقة وتُقوّض النظام الأمني الإقليمي الذي بنته الولايات المتحدة على مدار عقود.


ويعود فريدمان إلى جذور هذا التحالف الأميركي-العربي-الإسرائيلي، فيُذكّر بأن أساسه وُضع بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973 من قبل إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر، اللذين نجحا في إبعاد الاتحاد السوفيتي وتعزيز الهيمنة الأمريكية في المنطقة من خلال دبلوماسية معقدة أفضت إلى اتفاقيات فك الاشتباك ثم معاهدة كامب ديفيد، ما مهّد لاحقاً لاتفاقيات أوسلو، وترسيخ منظومة أمنية شرق أوسطية تخدم المصالح الأمريكية.

إلا أن فريدمان يرى أن هذا البناء الاستراتيجي القائم على الالتزام بحل الدولتين، مقابل اعتراف فلسطيني بدولة الاحتلال الإسرائيلي ونزع سلاح الدولة الفلسطينية المستقبلية، يتعرض الآن للانهيار بسبب سياسات حكومة نتنياهو. فمنذ عودته إلى السلطة في أواخر عام 2022، جعل نتنياهو من ضم الضفة الغربية أولوية، متجاهلاً الجهود الأمريكية الرامية إلى الحفاظ على استقرار المنطقة. 

ويشير الكاتب إلى أن إدارة الرئيس السابق جو بايدن سعت على مدار عام لإقناع نتنياهو بقبول فتح حوار مع السلطة الفلسطينية حول تسوية سياسية مستقبلية، وهو شرط سعودي لتطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، كان من الممكن أن يفضي إلى تحالف إقليمي جديد يوازن نفوذ إيران ويحد من التغلغل الصيني، ويُترجم بمعاهدة أمنية بين واشنطن والرياض.

لكن نتنياهو رفض هذا المسار تحت ضغط حلفائه من المتطرفين اليهود في حكومته، والذين هددوا بإسقاطه في حال التنازل. كما أن نتنياهو، الغارق في قضايا فساد ومهدد بالسجن، متمسك بمنصبه لحماية نفسه من الملاحقة القضائية. 


ويقول فريدمان إن نتنياهو بهذا السلوك لا يخدم لا الاحتلال الإسرائيلي ولا الولايات المتحدة، بل يقدّم مصالحه الشخصية على المصلحة الوطنية للطرفين.

ويتابع الكاتب أن التطبيع بين السعودية والاحتلال لو تم، لفتح الأبواب أمام تعاون اقتصادي وثقافي غير مسبوق بين إسرائيل والعالم الإسلامي، ولأسهم في تخفيف التوتر الديني على المستوى الدولي، وعزز الدور الأمريكي الإقليمي لعقود قادمة. 

غير أن محاولات نتنياهو، على مدار عامين، لخداع الجميع أفشلت هذا المسار، وأجبرت الأمريكيين والسعوديين على استبعاده من أي اتفاق، ما اعتبره فريدمان خسارة مؤسفة لإسرائيل والشعب اليهودي على حد سواء.

ويستشهد فريدمان بتقرير لوكالة "رويترز" أشار إلى أن الولايات المتحدة لم تعد تشترط تطبيع العلاقات بين السعودية والاحتلال الإسرائيلي للمضي في اتفاقات التعاون النووي المدني مع الرياض، في دلالة على تغير المقاربة الأمريكية.

ومما يزيد الطين بلة، بحسب فريدمان، أن نتنياهو يستعد لشن هجوم عسكري واسع على قطاع غزة، في خطة ترمي إلى حشر سكان القطاع في مساحة ضيقة جداً بين البحر والحدود المصرية، بالتزامن مع تسريع ضم الضفة الغربية. 

ويحذر الكاتب من أن هذه الحملة قد تقود إلى مزيد من اتهامات جرائم الحرب ضد الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً في ظل التوقعات باستخدام الجيش الإسرائيلي لقوة مفرطة قد تدمر ما تبقى من البنية التحتية المدنية، وتؤدي إلى موجات نزوح ومجاعات، بما يعرّض قادة إسرائيل للملاحقة القانونية، وعلى رأسهم رئيس الأركان إيال زامير.


ويضيف أن تداعيات هذه السياسات قد تمتد إلى خارج حدود فلسطين، مهددة استقرار دول حليفة لأميركا مثل الأردن ومصر، اللتين تخشيان من أن تؤدي سياسات نتنياهو إلى تهجير الفلسطينيين باتجاه أراضيهما، ما قد يشعل اضطرابات إقليمية خطيرة.

وينقل فريدمان عن هانز ويكسل، المستشار السياسي السابق للقيادة المركزية الأميركية، قوله إن "اليأس الفلسطيني المتزايد يُضعف الرغبة الإقليمية في المضي قدماً في مشروع التكامل الأمني بين واشنطن والعرب وإسرائيل، وهو المشروع الذي كان يمكن أن يمنح الولايات المتحدة مزايا استراتيجية طويلة الأمد دون الحاجة لوجود عسكري كبير".

ويختتم فريدمان مقاله بنداء موجه لترامب يحثه فيه على الإصغاء لحدسه المستقل، محذراً من أن مستقبل إسرائيل كدولة طبيعية بين الأمم مهدد، مشيراً إلى أن أحفاده اليهود قد ينشؤون في دولة منبوذة دولياً، إن استمرت السياسات الحالية. 

مقالات مشابهة

  • إشادة أممية بجهود سلطنة عُمان في وقف إطلاق النار بين أمريكا واليمن
  • توماس فريدمان: مستقبل إسرائيل كدولة طبيعية مهدد بين الأمم
  • أول هجوم للحوثيين على إسرائيل بعد إعلان ترامب التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار
  • موسكو وكييف تتبادلان الاتهامات بانتهاك الهدنة
  • (الحوثي) تعتبر الاتفاق مع واشنطن (انتصارا لليمن) وتتوعد إسرائيل
  • اتهامات روسية أوكرانية متبادلة بانتهاك الهدنة
  • رغم الهدنة.. كييف تتهم روسيا بشن هجمات على طول خط الجبهة
  • الأمم المتحدة ترحب بوقف إطلاق النار في اليمن وتحث على التعاون مع غروندبرغ لتحقيق تسوية سياسية
  • لماذا ترفض أوكرانيا الهدنة الروسية قصيرة الأمد؟
  • الجماعة اليمنية: إسرائيل خارج اتفاق وقف إطلاق النار