في حصار ونزوح وقصف وتجويع.. هكذا يكافح آباء غزة لإطعام أطفالهم
تاريخ النشر: 6th, November 2023 GMT
بعد ستة أيام من ولادتها لطفلها الأول عمر عقب محاولتين للتلقيح الاصطناعي، اضطرت سلمى راضي لإخلاء منزلها في شمال غزة هربا من قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي المستمر والبحث عن ملجأ في وسط القطاع، حيث تقيم حاليا هي وزوجها في شقة صغيرة مع عائلتهما و43 شخصا آخرين.
بهذه العبارات بدأت مها الحسيني، عبر تقرير بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE) ترجمه "الخليج الجديد"، في رسم ملامح كفاح الآباء لإطعام أطفالهم في وقت دخلت فيه الحرب على غزة الإثنين شهرها الثاني.
ومنذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يقطع الاحتلال إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان غزة، وهم نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون بالأساس من أوضاع معيشية متردية للغاية؛ جراء حصار إسرائيلي متواصل للقطاع منذ أن فازت حركة "حماس" بالانتخابات التشريعية في 2006.
وقالت سلمى (28 عاما): "كنت لا أزال أنزف بشدة بعد الولادة عندما اضطررنا إلى إخلاء منزلنا، وتركنا كل شيء ورائي. حملت ابني وحقيبة واحدة وركضت مع زوجي في الظلام لمدة ساعة تقريبا حتى وجدنا سيارة أجرة".
قبل فجر ذلك اليوم، تلقى الزوجان رسالة هاتفية مسجلة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، يأمرهما بالإخلاء قبل قصف وشيك على مدينة غزة.
وتابعت سلمى: "بدأنا نركض حول المنزل ولا نعرف ماذا نفعل. أخذنا أوراقنا الرسمية وأموالنا وتركنا كل شيء خلفنا: أكوام الأطعمة المعلبة التي اشتريناها في بداية الحرب، وملابسنا".
وبعد أيام قليلة من نزوحهم، توقف الرضيع عن الرضاعة الطبيعية، بحسب سلمى التي قالت: "كان يبدأ بالبكاء بشكل هستيري كلما حاولت إرضاعه، ويبصق الحليب، وبقي حوالي يوم كامل دون طعام".
وبعد محاولات لإجراء اتصالات هاتفية على شبكات الاتصالات المتضررة بشدة، تمكنت الأم من الوصول إلى طبيبها، الذي قال لها إن القلق والخوف يغيران طعم وملمس حليب الثدي، ولهذا يرفض طفلها تناوله.
وأضافت سلمى: "أنا أيضا لا آكل جيدا، وبالتالي لا أستطيع إنتاج ما يكفي من الحليب. بصراحة، في السنوات الماضية، كنت أتوق إلى إنجاب طفل، كنت أبكي وأدعو ليلا ونهارا، لكنني الآن نادمة وأشعر بالذنب لأنني أحضرته إلى هذا العالم، حيث سيستمر في المعاناة لبقية حياته طالما أنه فلسطيني".
اقرأ أيضاً
شهر ثانٍ من حرب غزة.. إبادة إسرائيلية بغطاء أمريكي ومزاعم إنسانية
كيس خبز
عندما شنت إسرائيل حربها على غزة، هرع محمود، زوج سلمى، إلى البقالة لتخزين الطعام والخبز ومياه الشرب والأدوية، لكن عندما اضطروا إلى النزوح من منزلهم، لم يتمكنا من أخذ أي شئ معهما.
ومع قطع الاحتلال لإمدادات المياه والغذاء عن غزة، يقول أصحاب أسواق البقالة إنهم لن يتمكنوا من إعادة تخزين الرفوف الفارغة.
وفي مخيم النصيرات للاجئين (وسط)، وهو أحد أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في وسط غزة، لجأ عشرات الآلاف من السكان هربا من القصف على مدينة غزة وشمال القطاع.
ومع وجود عدد قليل من الأسواق والمخابز التي لا تزال مفتوحة، يكافح السكان والنازحون للحصول على الطعام والخبز.
وقالت سلمى: "مع وجود حوالي 44 شخصا، نصفهم من الأطفال، يقيمون معا في منزل واحد، نحتاج إلى الطعام والمياه الجارية طوال الوقت".
وزادت: "ينتهي الأطفال من تناول وجبة الإفطار وبعد 30 دقيقة يبدأون في طلب الغداء أو وجبة خفيفة؛ لأنهم لا يحصلون على ما يكفي من الطعام في كل وجبة".
وأضافت: "لكي نحصل على كيس خبز، علينا أن نستيقظ فجرا ونسير حوالي 60 دقيقة للوصول إلى المخبز الوحيد الذي لم يتعرض للقصف في منطقتنا بعد، ثم ننتظر في طابور حيث يقف المئات الذين قدموا من جميع مناطق القطاع، وبعد حوالي ساعتين أو ثلاث ساعات نحصل أخيرا على كيس خبز واحد".
ونظرا لعدم توفر الدقيق والماء والوقود اللازم لتشغيل الآلات وخبز الخبز، أصبح أصحاب المخابز يبيعون لكل شخص كيسا واحدا فقط من الخبز لتغطية احتياجات أكبر عدد ممكن من الأسر.
أما العائلات التي تحتاج لأكثر من كيس، فعليها إرسال عدة أفراد للوقوف في الطابور خارج المخبز وشراء كيس واحد لكل منهم.
سلمى قالت: "بالطبع لا نطبخ؛ فليس لدينا غاز الطبخ وما يكفي من الماء والخضروات، لذلك نعتمد على الأغذية المعلبة، لكنها تحتاج إلى الكثير من الخبز، لذلك نحن دائما في معضلة ماذا نطعم الأطفال".
وزادت: "وبسبب عدم وجود ماء، نقوم بتحميم الأطفال بالمناديل المبللة فقط، وقد بدأوا يعانون من الحساسية والتهابات الجلد بسبب عدم توفر الظروف الصحية".
"كل يوم نقول إن هذا سينتهي قريبا، لكن الأمر يزداد سوءا. كل يوم نقول إنهم لن يستهدفوا الأماكن المحيطة بنا، لكنهم يقصفون المزيد من المنازل في منطقتنا. لم نتوقع أن نعيش هذا في أسوأ كوابيسنا"، كما ختمت سلمى.
اقرأ أيضاً
الأمم المتحدة: غزة أصبحت لمقبرة للأطفال (فيديو)
المصدر | مها الحسيني/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة أطفال حرب تجويع نزوح قصف حصار
إقرأ أيضاً:
حماس: إعلان اليمن فرض حصار جوي على الاحتلال يعيد الاعتبار لعمق الروابط بقضايا الأمة
ثمنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الأحد، إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصارا جويا شاملا على الاحتلال “الإسرائيلي”، ردا على نية جيش الاحتلال توسيع عملياته العدوانية في غزة.
وقالت الحركة في بيان، إن “هذا الإجراء البطولي يجسّد عمق انخراط اليمن والإخوة في أنصار الله في معركة الدفاع عن شعبنا وإسناده، في ظل هجمة صهيونية إجرامية تستهدف إبادته وتصفية قضيته”.
وأضافت أن “اليمن العزيز بمواقفه المشرّفة التي تعبّر عن أصالة شعبه وشجاعة قيادته، يُعيد في هذه المعركة البطولية، الاعتبار لقِيَم الأخوة وروابط الدين والعروبة؛ والالتصاق بقضايا الأمة وشعوبها، ومقدساتها التي تئنُّ تحت وطأة احتلال همجي فاشي”.
وأشارت الحركة إلى أن “تأكيد القوات المسلّحة اليمنية، عدم قبول اليمن الحرّ استباحة الاحتلال للأراضي العربية خصوصاً في لبنان وسوريا، هو تأكيدٌ مسؤولٌ على وحدة المصير، وضرورة توحيد الجهود للتصدي للمخططات الصهيونية الخطيرة التي تستهدف الأمة برمّتها”.
وجددت نداءها إلى الأمتين العربية والإسلامية بمكوّناتها كافة، “للانخراط في معركة الدفاع عن الأمة واستقلالها، ومواجهة مشاريع الاحتلال الفاشي، والعمل لاقتلاعه عن كل الأراضي العربية المحتلة”.