جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-27@14:48:25 GMT

الصديق بين الأمس واليوم والغد

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

الصديق بين الأمس واليوم والغد

 

سلطان بن ناصر القاسمي

 

نجتاز جميعًا مراحل مُتعددة في حياتنا، تتراوح بين الطفولة والشباب والنضج، وفي كل مرحلة من هذه المراحل، نجتمع بأصدقاء مُختلفين، وتتميز كل مرحلة بخصوصياتها الفريدة وكيفية التعامل معها.

تلك المراحل تمنحنا الفرصة لاكتساب خبرات جديدة، وفي بعض الأحيان تقدم لنا تحديات نحتاج إلى التغلب عليها، وبالتالي، يتجلى دور الأسرة بوضوح في توجيهنا خلال هذه المراحل المختلفة، حيث يجب علينا أن نفهم توجيهاتهم والفوائد المترتبة على ذلك، ومع ذلك، ينبغي للأسرة أيضًا أن تكون قريبة من اختيارات أبنائها فيما يتعلق بأصدقائهم، وهذا يتطلب أن تكون العلاقة بين الأبناء وأصدقائهم مبنية على التفاهم والثقة، كما ينبغي أيضًا مراعاة الفروق بين الأبناء الذكور والإناث فيما يتعلق بعلاقاتهم والتفاعل مع الأصدقاء، نظرًا للتباينات الجنسية في تلك العلاقات.

تأتي مرحلة الطفولة بسهولة تحكم وسيطرة على هذه العلاقات من قبل الأسرة؛ سواءً كان الأبناء أولادًا أم بناتًا، وبالتالي، يترتب على ذلك تأثيرها على سلوك الأبناء في المنزل والمجتمع والمدرسة، حيث تقتصر أساسًا على اللعب والاستمتاع دون الخروج إلى العالم الخارجي، وهذه المرحلة من وجهة نظري، لا تختلف كثيرًا بين الأولاد والبنات.

وفيما يتعلق بأخطر المراحل، تأتي مرحلة الشباب والمراهقة، إنها مرحلة تشكل تحديًا كبيرًا لأولياء الأمور، حيث تتراوح بين الطفولة البريئة والرشد البالغ بالتعقيد، ويعقب ذلك التغييرات الاجتماعية المتسارعة التي تستدعي تعديل آراء ومواقف المراهقين، وكما وصفها الأستاذ الدكتور طارق الحبيب، فإن هذه المرحلة تُشكل تحديًا كبيرًا للعديد من الأسر؛ حيث تحاول الأسرة الحفاظ على السيطرة والتوجيه فيما يتعلق بعلاقات أبنائها مع أصدقائهم، إلّا أن بيئة المدرسة والمجتمع لديها آراءها وتأثيرها الخاص في تشكيل تلك العلاقات.

ومع الأسف، قد يجد بعض الأبناء أن أصدقائهم يؤثرون في توجيههم ويعاندونهم بشأن قرارات الأسرة، وهنا تظهر العديد من التحديات والسلوكيات غير الصحية، وبالتالي، يصبح من الصعب التحكم فيها لاحقًا.

نصيحتي لأولياء الأمور هي أن يتبنوا لغة الحوار والمرونة في التعامل مع مشكلة توجيه أبنائهم خلال مرحلة المراهقة، كما يجب أن ندرك أن ما يتمسك به الأبناء في هذه المرحلة ليس إلا أفكاراً ومعتقدات مؤقتة من قبل أصدقائهم، ولهذا، يجب أن نتجنب استخدام العنف والضرب في التعامل معهم، حيث إن ذلك يمكن أن يؤدي إلى المكابرة وزيادة تمسكهم بتلك المعتقدات بشكل أكبر، وأيضا يجب أن نسعى لفهم تحديات هذه المرحلة والعمل على مواجهتها بذكاء وتوجيه الأبناء نحو السلوكيات الإيجابية والصحية.

ومن خلال العديد من التجارب التي نعيشها ونسمع عنها، يتبين أن الأخطاء التي يرتكبها الشباب والأبناء في مرحلة المراهقة غالبًا ما تكون مجرد أوهام يضعها أصدقاؤهم السيئين في ذهنهم، وعليه، يجد الأبناء الذين يمرون بهذه المرحلة أن الاعتقاد بأخطائهم والمصارعة من أجلها ليست سوى طور عابر في مرحلة عمرية، وبناءً على ذلك، يمكن أن يكون التدارك للأخطاء والعودة عنها أفضل بكثير من المضي في الخطأ، وذلك وفقًا للقول المأثور الذي يقول: "أن تأتي متأخرًا خيرًا من ألا تأتي على الإطلاق."

إن مرحلة المراهقة تمثل فترة من التغييرات النفسية والسلوكية الكبيرة، وتتطلب تكييفًا لنمط تفكير الشباب الجديد وتغييرات في نمط سلوكهم، ونطلب من الله حفظهم من التأثر بأصدقاء السوء، وعليهم أن يكونوا حذرين ومنفتحين على توجيهات والديهم، كما يجب عليهم وضع هذه التوجيهات في اعتبارهم وتجاوز ما تدفعه لهم عواطفهم وانغماسهم في علاقات سلبية. كما إن تجنب العنف والعقوبات القاسية يمكن أن يساعد في تجنب تصاعد المشكلات والحفاظ على العلاقة الإيجابية بين الأهل وأبنائهم.

وبمرور الوقت، ينمو الأبناء ويتطورون من مرحلة المراهقة إلى مرحلة النضج، حيث يمكن للعديد منهم أن يستفيدوا من تلك الفترة لبناء علاقات أقوى وتطوير أنفسهم بشكل شامل.

إن تجارب الشباب التي تتضمن الصداقة مع أصدقاء سيئين يمكن أن تكون درسًا قيمًا في توجيههم نحو اختيار الأصدقاء الصالحين والنضج في تفكيرهم وسلوكهم.

ومن القصص الجميلة والواقعية التي مرت علي وعايشتها هي لبعض الشباب الذين كانوا مزعجين لوالديهم في تربيتهم وكثرة تحمل مشاكلهم وذلك بسبب اقترانهم بأصدقاء السوء، لنجدهم بعد ذلك يبنون أسراً صالحة والأبناء صالحين ملتزمين ومتفوقين دراسياً وعملياً .

وفي نهاية المطاف.. يبقى الصديق رفيقًا مهمًا في حياتنا، وإن فهم دور الصداقة على مراحل الحياة المختلفة وتقدير أهميتها يمكن أن يساعدنا في تطوير علاقات صحية وبناءة، كما يجب على الأسرة أن تلعب دورًا حيويًا في توجيه أبنائها نحو اختيار أصدقاء جيدين وتعزيز قيم الحوار والمرونة في التعامل معهم، حيث إن فهم أهمية الصداقة وكيفية تأثيرها على مراحل حياتنا يمكن أن يساعدنا جميعًا في بناء علاقات صحية وناجحة تستمر معنا طوال حياتنا.

 

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خطوات قانونية.. كيف تتصرفين حيال تعرضك لسلب حقك في الميراث على يد جد أولادك؟

تتقدم الكثير من السيدات سنويا بشكاوي أمام المحاكم المختصة، بسبب حرمانها من حقها في الميراث، وكذلك نفقات الأقارب من قبل أهل زوجها-بعد وفاته- ، على أمل العثور على طوق النجاة بعد أن وقعن فى يد أشخاص قرورا حرمانهن من حقوقهن الشرعية.

وخلال السطور التالية نرصد أبرز الحلول القانونية من خطوات قانونية ومستندات وإجراءات أمام الزوجات اللاتي فقدن أزواجهم وعجزن عن الحصول على حقوقهم الشرعية في الميراث ونفقات الأقارب.

- القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث والذي ينص بإن يعاقب كل من امتنع عمداً عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث، بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

-كما يعاقب القانون بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألفا، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من حجب سنداً يؤكد نصيباً للوارث أو امتنع عن تسليمه حال طلبه من أى من الورثة الشرعيين، وتكون العقوبة الحبس الذى لمدة لا تقل عن سنة فى حال العودة لذلك.

- الزوجة عليها توثيق قانوني لما حدث لها وتقديم المستندات التي تثبت حقها في الميراث، مثل عقد الزواج، وشهادات ميلاد الأبناء إذا وجدوا.

- تقديم شكوى إلى الجهات القضائية المختصة لمنع التصرف في التركة وتحديد جلسة لتقسيم التركة.

- بعد صدور حكم المحكمة يتم تقسيم التركة وتنفيذ الحكم ويتم تسليم الزوجة نصيبها الشرعي.

-نفقة الأبناء للأرملة في القانون - نفقة الأقارب- تخضع لأحكام المادة 3 من قانون 1 لسنة 2000 طبقا لقوانين الأحوال الشخصية بالقدر الذى يكفى الحاجة الضرورية لمعيشة طالب النفقة.

-شروط نفقة الأقارب أن يكون طالب النفقة معسرا حتى ولو كان قادرا على الكسب، وأن يكون المطالب بالنفقة موسرا، وتشمل المأكل والملبس والمسكن، وكذلك بدل الفرش والغطاء .

- وجوب الإنفاق على القريب يشترط فيه- فقره واحتياجه-، فلا يجب الإنفاق على من يجد نفقته، وكذلك يسار المنفق وقدرته على الإنفاق بعد سداده لنفقة نفسه ونفقة زوجته وأولاده.

- يلتزم الجد -بنفقة احفاده - من ابنه المتوفي ويحق لأرملة الأبن إقامة دعوى قضائية تطالب فيها الجد أو الجدة بالإنفاق على صغارها- حال امتناعهم ويسر حالتهم المادية-.

- نفقة  الأقارب تكون من خلال مكتب تسوية المنازعات الأسرية لعمل تسوية قبل رفع الدعوى، والتحري عن صافى دخل المدعي عليه الشهري لتحديد النفقة المستحقة ومدى سعته ويسار حالته المالية.

- تستحق نفقة الأقارب من تاريخ الحكم المزيل بالصيغة التنفيذية وفقا للمادة 65 من قانون 1 لسنة 2000.

- تنفيذ حكم نفقة الأقارب بكل طرق التنفيذ بما فيها بنك ناصر الاجتماعي، والنفقة على الأبناء القصر تكون من مالهم طالما ترك لهم أبوهم مالا، أما أن كانت هذه الاموال لا تكفي نفقاتهم فالأرملة الحق للمطالبة بالنفقة الضرورية على من تقع عليه شروطها.
 




مشاركة

مقالات مشابهة

  • مستشارة تربوية: الشخصية الكمالية تعاني من الاحتراق الوظيفي
  • أحمد سيف بن زيتون: دور الأسرة حيوي في توعية الأبناء
  • مع أحمد موسى| حسام الغمري للشرطة المصرية: أخطأت في حقكم عن جهل واليوم أرفع لكم القبعة
  • للمرة الثانية.. ميرنا وليد تقابل إلهام شاهين في «إيرمج قرن الشيطان» بعد «قصة الأمس»
  • أنصار الأمس .. أنصار اليوم : قراءة في دروس الهجرة النبوية للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي (تفاصيل)
  • بعد قصة الأمس .. ميرنا وليد تقابل إلهام شاهين في قرن الشيطان
  • تربية الأبناء في عصر الذكاء الاصطناعي.. الموازنة بين الفرص والمسؤوليات
  • القيادة تهنئ رؤساء موزمبيق وكرواتيا وسلوفينيا بذكريَي الاستقلال واليوم الوطني بلادهم
  • خطوات قانونية.. كيف تتصرفين حيال تعرضك لسلب حقك في الميراث على يد جد أولادك؟
  • فضل أبو طالب: من يهاجمون إيران اليوم هم أدوات للصهاينة بالأمس واليوم