في الثالث والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت شركة غوغل عن إيقاف ميزة تتبع حركة المرور في الوقت الفعلي داخل الأراضي المحتلة وقطاع غزة، في تطبيق خرائط غوغل وتطبيق "ويز"  (Waze) التابعين لها. جاء هذا الإيقاف بناء على طلب خاص من جيش الاحتلال الإسرائيلي قبل البدء في إجراءات عملية الغزو البري للقطاع.

شركة أبل انصاعت أيضا للطلب نفسه وأوقفت تلك الميزة على تطبيق خرائط أبل المُستخدَم على هواتف آيفون (1).

اتخذت شركة غوغل نهجا مماثلا في أوكرانيا العام الماضي، بعد إعلان روسيا الحرب هناك، وأوقفت أيضا بيانات حركة سير المركبات والأشخاص في الوقت الفعلي، وفقًا لصحيفة بلومبيرغ. تعمل تلك الميزة في خرائط غوغل عبر دمج المعلومات الخاصة بالموقع والسرعة، التي تبثها الهواتف الذكية، في تطبيق الخرائط، ثم يستخدمها التطبيق ليظهر مدى كثافة حركة المرور في أحد الشوارع، أو مدى ازدحام أماكن معينة داخل المدينة، وكل هذا يحدث بصورة حية أو في الوقت الفعلي.

قبل بدء عملية الغزو البري للجيش الروسي لإحدى المدن الأوكرانية، اكتشف أحد خبراء الاستخبارات مفتوحة المصدر ازدحاما مروريا في إحدى مدن روسيا وصولا إلى الحدود مع أوكرانيا، وشاهد ذلك مباشرة على تطبيق خرائط غوغل، وربط حينها بين تحرك قوات الجيش الروسي وتوجهها نحو الغزو البري لأوكرانيا. بالطبع لم يستخدم الجنود هواتفهم الذكية عند التحرك، لكن في الغالب كانت تأتي البيانات من هواتف المدنيين المتوقفين عند الحواجز التي أقامها الجيش الروسي لكي تتحرك قواته.

According @googlemaps, there is a "traffic jam" at 3:15 in the morning on the road from Belgorod, Russia to the Ukrainian border. It starts *exactly* where we saw a Russian formation of armor and IFV/APCs show up yesterday.
Someone's on the move. pic.twitter.com/BYyc5YZsWL

— Dr. Jeffrey Lewis (@ArmsControlWonk) February 24, 2022

هذا الأمر أنذر غوغل والسلطات الأوكرانية إلى احتمالية استغلال روسيا لبيانات حركة المرور في خرائط غوغل، التي يمكنها نظريا استخدام تلك الميزة لمراقبة تحركات القوات الأوكرانية، لهذا قررت غوغل حينها إيقاف تلك الخدمة في تطبيقها. بالمثل، استجابت الشركة هذه المرة لجيش الاحتلال وأوقفت الخدمة، لتحمي القوات البرية الإسرائيلية عند تحركها على الأرض.

بالطبع تلك المساعدة من غوغل لجيش الاحتلال ليست مجرد مساعدة تقنية بسيطة، لكنها تدخُّل مباشر في الحرب يجعل غوغل شريكة -بقدر ما- في الدمار الحالي في قطاع غزة، وعموما هذه ليست المرة الأولى التي تساهم فيها شركات التقنية الكبرى في حرب الإبادة والاضطهاد ضد الفلسطينيين. أضخم شركات التقنية العالمية، مثل غوغل وأمازون ومايكروسوفت تشارك منذ سنوات بصورة مباشرة في العدوان على الشعب الفلسطيني، للدرجة التي تشعر معها أنها شركات تقنية عسكرية تعمل لصالح جهات بعينها.

ما وراء مشروع نيمبوس

في سبتمبر/أيلول العام الماضي، تظاهر العشرات من موظفي غوغل وأمازون أمام مكتب غوغل في مدينة نيويورك، احتجاجا على مشروع للحوسبة السحابية عُرف باسم مشروع "نيمبوس" (Nimbus). قبلها بأكثر من عام، في أبريل/نيسان 2021، وقَّعت حكومة الاحتلال على اتفاق مع شركتَيْ غوغل وأمازون لبناء مراكز بيانات إقليمية داخل الأراضي المحتلة لتقديم الخدمات السحابية، وبهذا ستضمن استمرارية الخدمة حتى إن تعرضت الشركتان لضغوط دولية لمقاطعة دولة الاحتلال فيما بعد، وقُدرت تكلفة المشروع بـ1.2 مليار دولار (2).

هذا بالطبع ما ذُكر رسميا في وسائل الإعلام حينها، لكن مشروع "نيمبوس" كان ينطوي على أكثر من مجرد مراكز بيانات إقليمية. ورغم عدم توفر تفاصيل رسمية كثيرة حول مشروع "نيمبوس"، فإن تقريرا لموقع "The Intercept"، صدر في شهر يوليو/تموز العام الماضي، استشهد بوثائق ومقاطع فيديو تدريبية داخلية من غوغل تشير إلى أن جزءا أساسيا من المشروع سيوفر لحكومة الاحتلال مجموعة كاملة من أدوات تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي تقدمها منصة غوغل السحابية (3).

تلك الاحتجاجات، التي نظمها موظفو الشركتين، كانت تنتشر بالفعل في عدد من الولايات الأميركية أمام مكاتب غوغل، وكان السبب الأساسي وراءها مخاوف استخدام جيش الاحتلال لهذه التقنيات سلاحا في مراقبة الفلسطينيين وقمعهم ضمن نظام الفصل العنصري "الأبرتهايد" (apartheid) الذي تتبعه دولة الاحتلال منذ سنوات طويلة.

We're outside Google's SF offices now, speaking out against Project Nimbus, the $1.2 billion AI contract with the Israeli gov.

We're all demanding Google cut this contract.#NoTechforApartheid pic.twitter.com/PbCh919N6C

— Alphabet Workers Union (AWU-CWA) (@AlphabetWorkers) August 31, 2022

 

تعتمد الأجهزة العسكرية والأمنية لدولة الاحتلال بالفعل على أنظمة معقدة للمراقبة الإلكترونية والرقمية، وربما أشهرها هو نظام "الذئب الأزرق"، الذي يستخدم فيه جنود الاحتلال هواتف خاصة مزودة بالتطبيق، ويقومون بتصوير الفلسطينيين وبطاقات الهوية الشخصية بهدف إنشاء قاعدة بيانات رقمية عن مواطني الضفة الغربية المحتلة (4). لكن التقنيات الأكثر تطورا التي تقدمها عروض تحليل البيانات في أنظمة غوغل وأمازون من المرجح أن تؤدي إلى زيادة القدرات القمعية لجيش الاحتلال الذي أصبح يعتمد على تلك البيانات بصورة متزايدة خلال السنوات الماضية.

تقنيات مراقبة أكثر تطورا!

لم يُكشف تقريبا عن أي شيء حول مشروع "نيمبوس" علنا خارج نطاق وجوده، وبقيت وظيفته الأساسية لغزا حتى بالنسبة لمعظم العاملين في الشركات التي طوّرته من الأساس. بيد أن مجموعة الوثائق التدريبية ومقاطع الفيديو الخاصة بشرح المشروع، والموجَّهة لموظفي الحكومة الإسرائيلية، وضحت لأول مرة مزايا منصة غوغل السحابية التي تقدمها الشركة لدولة الاحتلال من خلال المشروع (3).

توفر غوغل مجموعة كاملة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، تلك التقنيات ستمنح الكيان المُحتل قدرات أكبر في التعرّف على الوجوه، والتصنيف الآلي للصور، وتتبع مسار تحرك الأجسام، وحتى القدرة على تحليل المشاعر الذي تدّعي الوثائق أن بإمكانه تقييم المحتوى العاطفي داخل الصور والكلام والكتابة. تلك الإمكانيات ستزيد من قدرات دولة الاحتلال على فرض رقابة صارمة على المواطنين الفلسطينيين، بجانب معالجة كميات هائلة من البيانات.

ما أثار قلق موظفي الشركة أكثر، بشأن تقنيات المراقبة والتطبيقات العسكرية لهذا النظام، هو نموذج "AutoML"، وهي أداة أخرى من أدوات تعلم الآلة التي توفرها غوغل عبر مشروع "نيمبوس". تعلم الآلة في أبسط تعريفاته هو تدريب نموذج ذكاء اصطناعي لكي يتعرف على الأنماط داخل مجموعة من البيانات، ثم يتمكن مستقبلا من التنبؤ الصحيح عندما يرى بيانات مشابهة لتلك التي تدرب عليها، يحدث هذا في مختلف الأنظمة، مثلا أنظمة التعرف على الصور، أو حتى إنتاج النصوص مثل نظام "GPT" الذي يعتمد عليه روبوت المحادثة "شات جي بي تي" الشهير.

مع نموذج "AutoML" يمكن لدولة الاحتلال الإسرائيلي الاستفادة من قدرات وإمكانيات غوغل الحاسوبية القوية لتدريب نماذج جديدة باستخدام البيانات الحكومية الخاصة التي تمتلكها بالفعل عن الفلسطينيين (الصورة: شترستوك)

المشكلة هنا أن تدريب مثل هذا النموذج من الصفر يحتاج إلى موارد كثيرة، سواء كانت موارد مالية أو أجهزة حاسوبية قوية للغاية. لكن بالنسبة لشركات بحجم غوغل وأمازون، لا يُشكِّل هذا الأمر أي مشكلة من الأساس، ولهذا تختارهما الدول والشركات الأخرى للاستفادة من أنظمة الذكاء الاصطناعي الجاهزة والمُدربة مُسبقا على مجموعة من البيانات، وهذا ما يقدمه في الأساس مشروع "نيمبوس". لكن فكرة نموذج "AutoML" تسهل عملية تدريب تلك النماذج، بحيث يمكن للعملاء استخدام بياناتهم الخاصة ليُصمِّموا نموذجا من الصفر دون استهلاك موارد ضخمة، ودون الحاجة إلى بيانات أو خبرات الشركة المطورة من الأصل.

بخلاف ذلك، فإن النماذج الجاهزة التي تقدمها غوغل عادة ما تضع عليها بعض القيود التقنية، فمثلا قد يقتصر عمل النموذج على مجرد اكتشاف أن هناك وجها أمام الكاميرا، ولا يمكنه التعرّف على هذا الوجه ومطابقته بالبيانات التي يملكها وبالتالي التعرف على صاحب هذا الوجه. بينما مع نموذج "AutoML" يمكن لدولة الاحتلال الإسرائيلي الاستفادة من قدرات وإمكانيات غوغل الحاسوبية القوية لتدريب نماذج جديدة باستخدام البيانات الحكومية الخاصة التي تمتلكها بالفعل عن الفلسطينيين، مثل البيانات التي تجمعها من تطبيق "الذئب الأزرق".

ولسوء الحظ، لا يقتصر الأمر على شركتَيْ غوغل وأمازون في هذا النطاق، لأن شركة مايكروسوفت لها دورها الذي تشارك به في تقنيات نظام الفصل العنصري التي يطبقها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.

دعم واسع من مايكروسوفت شركة "AnyVision" من أشهر الشركات الإسرائيلية التي تزود دولة الاحتلال بالكاميرات وبرمجيات التعرف على الوجوه لفرض الرقابة والفصل العنصري ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. (الصورة: AnyVision)

العلاقة بين مايكروسوفت ودولة الاحتلال علاقة ممتدة وطويلة، يكفي فقط معرفة أن أول مركز بحثي تؤسسه الشركة خارج الولايات المتحدة كان في الأراضي المحتلة عام 1991 (5). تبع هذا بالطبع سنوات من التعاون والاستثمار في التقنيات العسكرية الخاصة بجيش الاحتلال. في عام 2002، عقدت مايكروسوفت صفقة على مدار ثلاث سنوات بقيمة 100 مليون شيكل (حوالي 26 مليون دولار حاليا) مع حكومة الاحتلال، وكانت الصفقة الأكبر من نوعها للكيان الصهيوني في ذلك الوقت، وجزءا من التعاقد وافقت الشركة الأميركية على تقديم عدد غير محدود من منتجاتها لصالح جيش الاحتلال ووزارة الدفاع، مع تبادل واسع للمعلومات (6).

لا تقف الأمور عند هذا الحد، فمن المعروف أن وحدات المراقبة التابعة لجيش الاحتلال، مثل وحدة الاستخبارات الإلكترونية 8200، تؤسس شركات ناشئة لأغراض عسكرية، كما تتولى تدريب قوى عاملة بخبرات تقنية ترغب بها شركات مثل مايكروسوفت. على مر السنوات الماضية، استحوذت مايكروسوفت على العديد من الشركات الناشئة التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وفي بعض الأحيان استعانت بفِرَق تلك الشركات، واستثمرت في شركات إسرائيلية أخرى. تشمل تلك الاستثمارات مثلا شركة "AnyVision"، وهي من أشهر الشركات الإسرائيلية التي تزود دولة الاحتلال بالكاميرات وبرمجيات التعرف على الوجوه لفرض الرقابة والفصل العنصري ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية (7).

خلال السنوات القليلة الماضية، استحوذت مايكروسوفت على شركات إسرائيلية تعمل في مجال الأمن السيبراني، مثل شركة "Aorato" عام 2014 مقابل 200 مليون دولار (8)، وشركة "Adallom" عام 2015 مقابل 250 مليون دولار (9)، وشركة "Hexadite" عام 2017 مقابل 100 مليون دولار (10)، وشركة "CyberX" عام 2020 مقابل 165 مليون دولار (11). كل تلك الشركات تصنع تقنيات للمراقبة والتجسس، وتعتمد على تقنيات عسكرية من جيش الاحتلال الإسرائيلي وتعمل مباشرة معه.

بالطبع كل ما ذكرناه هو مجرد أمثلة بسيطة على تعاون أكبر وأعمق بين شركات التقنية الكبرى ودولة الاحتلال في الاستهداف المباشر للفلسطينيين، رغم أن هذه الشركات تقدم دائما تعهدات بتجنب استخدام تقنياتها في الحروب وانتهاكات حقوق الإنسان. بالتأكيد نعرف الآن أن هذه ليست إلا مجرد ادعاءات لا تساوي قيمة الحروف التي كُتبت بها على صفحات ومواقع تلك الشركات!

________________________________________________

المصادر:

1) Google Maps Disables Live Traffic Data in Israel, Gaza at Military Request 2) Israel picks Amazon’s AWS, Google for flagship cloud project 3) DOCUMENTS REVEAL ADVANCED AI TOOLS GOOGLE IS SELLING TO ISRAEL 4) ما تطبيق "الذئب الأزرق" الذي يستخدمه الاحتلال لمراقبة الفلسطينيين في الضفة؟ 5) Microsoft to launch new cloud datacenter region in Israel 6) Microsoft 7) Why did Microsoft fund an Israeli firm that surveils West Bank Palestinians? 8) Microsoft Buys Israeli Hybrid Cloud Security Startup Aorato In $200M Deal 9) Microsoft Confirms Purchase Of Cloud Security Firm Adallom 10) Microsoft to buy Israeli security firm Hexadite, sources say for $100M 11) Microsoft acquires Israeli cybersecurity company CyberX

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی لدولة الاحتلال لجیش الاحتلال شرکات التقنیة دولة الاحتلال جیش الاحتلال ملیون دولار التعرف على خرائط غوغل

إقرأ أيضاً:

تحقيق يفضح ممارسات جيش الاحتلال: قادة صهاينة يأمرون باستخدام الفلسطينيين دروعاً بشرية

 

الثورة / متابعات

كشفت وكالة أسوشيتد برس، أمس السبت، عن شهادات لجنود إسرائيليين ولمنظمة «كسر الصمت» وأسرى فلسطينيين سابقين أن «قادة بالجيش أصدروا أوامر باستخدام فلسطينيين دروعا بشرية، في ممارسة خطيرة أصبحت شائعة خلال الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ 20 شهرا».
ونقلت الوكالة عن جنود قولهم إن «القوات الإسرائيلية تُجبر الفلسطينيين بشكل منهجي على العمل كدروع بشرية في غزة، وتُرسلهم إلى المباني والأنفاق بحثًا عن متفجرات أو مسلحين»، وفق وصفهم.
وأضافوا أن «هذه الممارسة الخطيرة أصبحت شائعة خلال الحرب المستمرة منذ 20 شهرًا».
وقال جنديان إسرائيليان تحدثا إلى «أسوشيتد برس»، وثالث قدم شهادة لمنظمة «كسر الصمت»، إن «القادة كانوا على دراية باستخدام الفلسطينيين دروعا بشرية وتسامحوا مع ذلك، بل وأصدر بعضهم أوامر بذلك».
وأشار البعض إلى أن استخدام الفلسطينيين دروعا بشرية كان يُشار إليه باسم «بروتوكول البعوض»، وإن الفلسطينيين كانوا يُطلق عليهم أيضًا اسم «الدبابير» وغيرها من المصطلحات اللاإنسانية.
وبهذا الخصوص، قال ضابط إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته خوفًا من الانتقام: «غالبًا ما كانت الأوامر تأتي من الأعلى، وفي بعض الأحيان كان كل فصيل عسكري تقريبًا يستخدم فلسطينيًا لتطهير المواقع».
بدوره، قال المدير التنفيذي لمنظمة «كسر الصمت»، التي جمعت شهادات حول هذه الممارسة من داخل جيش الاحتلال: «هذه ليست روايات معزولة، إنها تُشير إلى فشل منهجي وانهيار أخلاقي مُريع».
كما تحدثت الوكالة الأمريكية مع 7 فلسطينيين تحدثوا عن استخدامهم كدروع بشرية في غزة والضفة الغربية المحتلة.
وقال الشاب الفلسطيني أيمن أبو حمدان (36 عامًا) لوكالة أسوشيتد برس، إن القوات الإسرائيلية أجبرته، مرتديًا زيًا عسكريًا وكاميرا مثبتة على جبهته، على دخول منازل في قطاع غزة للتأكد من خلوها من القنابل والمسلحين، وعندما تنتهي إحدى الوحدات منه، ينقل إلى التالية.
وفي معرض وصفه لفترة احتجازه لمدة أسبوعين ونصف، الصيف الماضي، لدى الجيش الإسرائيلي في شمال غزة، قال أبو حمدان: «ضربوني وقالوا لي ليس لديك خيار آخر، افعل هذا وإلا قتلناك».
ولفت أبو حمدان إلى أنه احتُجز في أغسطس الماضي بعد فصله عن عائلته، وأخبره الجنود أنه سيساعد في «مهمة خاصة».
وأوضح أنه «أُجبر، لمدة 17 يومًا، على تفتيش المنازل وتفتيش كل حفرة في الأرض بحثًا عن أنفاق، فيما يقف الجنود خلفه، وبمجرد اتضاح الأمور، يدخلون المباني لتدميرها أو تخريبها.
وسلط الضوء على أن «المرات الوحيدة التي كان فيها غير مقيد أو معصوب العينين كانت عندما استخدمه الجنود الإسرائيليون درعا بشريا».
وشدد على أنه كان يقضي كل ليلة مقيدًا في غرفة مظلمة، ليستيقظ ويجبر على تكرار العملية.
أما الشاب الفلسطيني مسعود أبو سعيد (36 عامًا)، فقال إن القوات الإسرائيلية استخدمته درعا لمدة أسبوعين في مارس/آذار 2024 في مدينة خان يونس جنوبي القطاع.
ونقلا عما قاله لجندي إسرائيلي آنذاك، قال أبو سعيد: «هذا أمرٌ بالغ الخطورة، ولديّ أطفال وأريد العودة إليهم».
وأكد أنه أُجبر على دخول منازل ومبانٍ ومستشفى لحفر أنفاق مشتبه بها وتطهير المناطق.
وأضاف أنه كان يرتدي سترة الإسعافات الأولية لسهولة التعرف عليه، ويحمل هاتفًا ومطرقة وقواطع سلاسل.
وخلال إحدى العمليات، التقى أبو سعيد بأخيه، الذي استخدمته وحدة إسرائيلية أخرى كدرع، وتعانقا، قائلاً: «ظننتُ أن جيش إسرائيل قد أعدمه».
وبشأن استخدامها درعا بشريا، قالت الفلسطينية هزار إستيتي إن الجنود الإسرائيليين أخذوها من مخيم جنين للاجئين في نوفمبر الماضي، وأجبروها على تصوير عدة شقق وتطهيرها قبل دخول القوات.
ولفتت أنها توسلت للعودة إلى ابنها البالغ من العمر 21 شهرًا، لكن الجنود لم يستمعوا.
وتابعت: «كنتُ خائفةً جدًا من أن يقتلوني، وأن لا أرى ابني مرةً أخرى».
كما أفاد شهود فلسطينيون آخرون بأنهم استُخدموا كدروع في الضفة الغربية.
وردا على فحوى التصريحات التي نقلتها أسوشيتد برس، زعم الجيش الإسرائيلي أنه يحظر تمامًا استخدام المدنيين كدروع بشرية.
وتدق جماعات حقوق الإنسان ناقوس الخطر بالقول إن «هذه الممارسة المحظورة بموجب القانون الدولي أصبحت إجراءً اعتياديًا يُستخدم بشكل متزايد في الحرب».
كما تفيد جماعات حقوقية بأن تل أبيب استخدمت الفلسطينيين كدروع بشرية في غزة والضفة الغربية لعقود.
وحوّلت إسرائيل غزة إلى أكبر سجن بالعالم، إذ تحاصرها للعام الـ18، وبات نحو 1.5 مليون من مواطنيها، البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون فلسطيني، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، وسط شح شديد ومتعمد في الغذاء والماء والدواء.

مقالات مشابهة

  • تحقيق يفضح ممارسات جيش الاحتلال: قادة صهاينة يأمرون باستخدام الفلسطينيين دروعاً بشرية
  • شخصيات افتراضية تتحدث نيابةً عن رؤساء الشركات التقنية
  • حماس: استخدام الاحتلال الفلسطينيين كدروع بشرية جريمة حرب
  • ما هي شركات الهواتف الذكية التي سيشملها قرار ترامب فرض رسوم جمركية؟
  • مصر تدعم زيادة مشاركة الشركات السويسرية في مشروعات الكهرباء والطاقة المتجددة
  • بحضور رئيس الدولة..تحالف شركات تكنولوجيا عالمية يطلق مشروع “ستارجيت الإمارات”
  • بحضور رئيس الدولة.. تحالف شركات تكنولوجيا عالمية يطلق مشروع «ستارجيت الإمارات»
  • «رتيبة النتشة»: خطة نتنياهو لتوزيع المساعدات تهدف لتهجير الفلسطينيين قسرًا
  • مصطفى بكري: المخطط الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين مستمر
  • كبريات شركات الطيران العالمية توقف رحلاتها للكيان (قائمة بأسماء الشركات)