اقتصاد الإمارات.. الرهان الرابح لعبور المستقبل
تاريخ النشر: 9th, November 2023 GMT
لطالما كان رهان القيادة الرشيدة على اقتصاد الإمارات رهاناً رابحاً، حتى أضحى نموذجاً للاقتصاد الديناميكي المرن، وعلى مدار السنوات واصل تطوره حتى وصل إلى ناتج محلي قياسي عند 1.62 تريليون درهم في 2022، فيما تخطت التجارة الخارجية غير النفطية للدولة، حاجز التريليوني درهم، مسجلة خلال العام الماضي 2.23 تريليون لأول مرة في تاريخها، وجاءت وثيقة المبادئ الاقتصادية لدولة الإمارات، لمواكبة هذه التطورات، ومواصلة تعزيز الأداء الاقتصادي، وبناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم.
حضور عالمي قوي
تعمل الإمارات يومياً على تعزيز حضورها التجاري الخارجي من خلال الاتفاقيات التي تعقدها مع الدول الشقيقة والصديقة، وتمثل هذا مؤخراً، في الدور الكبير الذي قامت به في مشروع الممر الاقتصادي الذي جاء على هامش قمة «مجموعة العشرين» التي عقدت في الهند. وكذلك من خلال اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة التي عقدتها الإمارات مع العديد من دول العالم، وعلى رأسها الهند.
وتتمتع دولة الإمارات بمزايا جاذبة للمستثمرين من خلال مجموعة من المحفزات التي جعلت منها قبلة للاستثمارات الأجنبية؛ حيث جذبت أكثر من 23 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2022، وهو أعلى رقم تسجله على الإطلاق، بحسب تقرير «الأونكتاد».
عاصمة المواهب والكفاءات
تتصدر الإمارات دول المنطقة، وتأخذ مكانتها المتقدمة بين دول العالم في استقطاب أفضل الكفاءات والخبرات الاقتصادية من حول العالم، ما يضمن لها الازدهار بعيد المدى، عبر توفير البيئة المثالية لاحتضان وتنمية هذه الكفاءات التي تسهم في رسم مستقبل الدولة في العديد من المجالات الاقتصادية والمعرفية، واحتفظت الدولة بريادتها على المستوى الإقليمي، وتقدمت 3 مراكز عالمياً إلى المرتبة 22، بحسب مؤشر تنافسية المواهب العالمية 2023، الصادر عن كلية «إنسياد» العالمية لإدارة الأعمال.
مسار التحول الرقمي
بدأ التحول الرقمي في الإمارات منذ تدشين صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، مدينة دبي للإنترنت في عام 1999، ووصل حجم الاقتصاد الرقمي إلى 140 مليار درهم في الوقت الراهن، فيما من المتوقع أن يتجاوز النصف تريليون درهم في عام 2031.
وتقوم الإمارات ببناء قواعد راسخة، تتيح نمو وازدهار قطاعات اقتصاد المستقبل القائم على المعرفة؛ لذا أطلقت العديد من الاستراتيجيات التي من شأنها الدفع باتجاه اقتصاد المستقبل، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام قائم على العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، ويعتمد القدرات والكفاءات العالية والمواهب المميزة.
دينامو النموذج الاقتصادي
تؤمن الإمارات بدور الكوادر الوطنية الشابة والتي هي دينامو النموذج الاقتصادي، وتقوم على تطوير البرامج؛ لتزود الشباب بالمهارات والمعارف، لتصنع جيلاً من المبتكرين والرواد، فلا تبخل بالبرامج والمبادرات؛ لتعزيز مهارات المستقبل، ومن الأمثلة على ذلك، منصة جاهز للمواهب الحكومية، وبرنامج «مهارات المستقبل»، إلى جانب برامج متنوعة في الذكاء الاصطناعي، وصندوق تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، ومنصة ابتكر، وغيرها الكثير.
استعدادات ما بعد النفط
أعلنت القيادة الرشيدة، قبل سنوات، أنها تستعد لمرحلة ما بعد النفط، وأنها ستحتفل بآخر برميل تصدره من النفط، لتبدأ بعدها في وضع برنامج وطني شامل، لتحقيق هذه الرؤية وصولاً إلى اقتصاد مستدام للأجيال القادمة.
وبالفعل يلمس العالم يوماً بعد يوم تراجع اعتماد اقتصاد الإمارات على النفط، وفي إطار التنويع الاقتصادي تواصل الدولة البناء على الإنجازات وها هي تدشن الورشة الوطنية تلو الأخرى في هذا المجال، وعلى رأس المشاريع الوطنية الكبرى اليوم تقف مشاريع التصنيع والتكنولوجيا ودخول مجال الفضاء، وفي قلب كل ذلك تطوير التشريعات والسياسات، لضمان استدامة الموارد ومصادر الطاقة والمحافظة على البيئة والمصادر الطبيعية للأجيال القادمة.
أنظمة الدولة المالية
قام المصرف المركزي بدور كبير في رفع المعايير اللازمة للمحافظة على القطاع المالي في الدولة، بما يضمن شفافيته وموضوعيته، والعمل على مراقبة عمل البنوك والمصارف، بما يتماشى مع الأهداف التي وضعت من قبل المصرف، كما أقرت على مدى السنوات القليلة الماضية سلسلة من الإجراءات على صعيد حماية الأسواق، وضمان عدم استغلالها من ضعاف النفوس، فيما كان لدخول الدولة عالم الضريبة على الشركات، وقبلها الاستهلاكية، العامل الحاسم في حوكمة قطاعات الأعمال، وضمان تنافسية الشركات محلياً وعالمياً، وفي نفس الوقت دعم أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في نظام ضريبي عادل.
تشريعات تضبط الإيقاع
في ورشة نهوض متكاملة، صدرت في الإمارات خلال السنوات القليلة الماضية جملة من القوانين والتشريعات والتحديثات، لتواكب بذلك متطلبات التغيرات الاقتصادية الجديدة، والتحول والاستثمار في اقتصادات جديدة، وإيصال رسالة إلى قطاعات الأعمال والمستثمرين حول العالم، بأن النجاح والتنوع الاستثماري وازدهاره يقوم على أسس متينة في الدولة، على الرغم من التقلبات الاقتصادية والتحديات العالمية التي هددت شركات كبرى ودولاً من الطراز الأول.
ومؤخراً تم الاحتفال بتحديث وإصدار 40 قانوناً وتشريعاً كان أهمها: قانون الشركات العائلية، وقانون المعاملات التجارية، وقانون التأمين ضد التعطل عن العمل، وقانون ضريبة الشركات، وقانون التعاونيات الجديد، وقانون الموارد البشرية، وقانون الوكالات التجارية.
الشفافية تساوي الثقة
قبل أكثر من عقدين من الزمن أصدرت الإمارات أول تشريع جزائي يجرّم غسل الأموال، وتم تعديل هذا التشريع ومن ثم اعتماد إطار قانوني ناضج وقوي لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، في سياق حرص الدولة على الالتزام بالمصداقية ومبدأ سيادة القانون، وبمعايير عالية من الشفافية الاقتصادية، بما يعزز ثقة المستثمرين وأصحاب الأعمال، والجهات الاقتصادية والمالية العالمية. وبدعم من الشفافية والموثوقية للمصادر الحكومة، أصبح قطاع الأعمال في الإمارات أكثر قدرة على التنافسية في مختلف القطاعات.
نظام مصرفي تريليوني
يتمتع النظام المصرفي الإماراتي بمستويات رأس مال جيدة، أعلى بكثير من الحد الأدنى للمتطلبات الرقابية وهو ما يوفر الحماية للمودعين ويعزز استقرار وكفاءة النظام المالي للاقتصاد، وأسهم النمو القوي في الودائع في دعم كفاية السيولة وأوضاع التمويل، وتحسنت نسبة القروض إلى الودائع ونسبة السلف إلى الموارد المستقرة إلى أقل مستوى في 7 سنوات، لتشير بذلك مستويات رأس المال المستدامة إلى جانب التمويل القوي إلى وضع مالي متين كلياً في النظام المصرفي للدولة.
وتجاوز صافي الاحتياطات الدولية للقطاع المصرفي الإماراتي التريليون درهم فيما ارتفاع إجمالي الأصول المصرفية إلى 3.9 تريليون درهم للمرة الأولى في تاريخه. ويصل إجمالي أصول القطاع المصرفي إلى 3.52 تريليون درهم فيما إجمالي الائتمان تجاوز 1.95 تريليون درهم، كذلك تجاوز إجمالي الودائع المصرفية مستوى 2.4 تريليون درهم.
بنية تحتية نموذجية
تواصل الإمارات يوماً بعد يوم تطوير بناها التحتية التي تعد نموذجاً للعالم؛ حيث تتمتع بشبكة واسعة من الموانئ بينها أحد أكبر موانئ العالم في جبل علي، والذي يعد مع ميناء خليفة من الأهم في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك بمطارات هي الأسرع نمواً في العالم، وعلى رأسها مطار دبي الأكبر للمسافرين الدوليين ومطار أبوظبي الذي يدشن عصراً جديداً، ليحمل بفخر اسم مطار زايد، ما يجعل الإمارات همزة وصل بين شرق العالم وغربه وشماله وجنوبه.
كما تتميز الدولة بشبكة طرق متطورة ومترابطة وسلسلة، وشبكة حديثة من السكك الحديدية والمترو لنقل الركاب وربط الموانئ لتعزيز حركة التجارة ونقل البضائع، فضلاً عن نقل الركاب.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات المستقبل تریلیون درهم فی فی الإمارات
إقرأ أيضاً:
الصقري: "الاقتصاد" تعكف على بناء نموذج مؤسسي مُستدام لرفع جاهزية الدولة للمستقبل
مسقط- الرؤية
كشف معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد أن وزارة الاقتصاد، ومن خلال المكتب الوطني لاستشراف المستقبل، تعكف على بناء نموذج مؤسسي مستدام يدعم اتخاذ القرار ويرفع جاهزية الدولة للمستقبل".
جاء ذلك خلال تصريح لمعاليه على هامش ورشة العمل الوطنية التي نظَّمها المكتب الوطني لاستشراف المستقبل بوزارة الاقتصاد أمس، بعنوان "مواءمة الجهود الوطنية في مجال استشراف المستقبل"، بحضور أصحاب السعادة وممثلين عن الجهات الحكومية والخاصة والأكاديمية ذات العلاقة.
وتهدف الورشة إلى بناء إطار موحد لتنسيق الجهود المؤسسية والقطاعية في سلطنة عُمان في مجال استشراف المستقبل، من خلال حصر المبادرات القائمة والجهود وتفعيل التنسيق المؤسسي بين الجهات، بما يعزز من جاهزية سلطنة عُمان للتعامل مع التحولات المستقبلية المتسارعة ويمكّن من تطوير السياسات العامة وصنع القرار على أسس علمية ورؤى استراتيجية طويلة المدى.
وقال معاليه إن العمل في مجال استشراف المستقبل أصبح عنصرًا حاسمًا في تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وقدرته على الاستجابة للتحولات العالمية. وقال معاليه: "نسعى لبناء منظومة وطنية موحدة تسهم في استيعاب التحولات الاقتصادية والتكنولوجية والديموغرافية، وتحويلها إلى فرص حقيقية للنمو والتنويع.
وتناولت الورشة عددًا من الموضوعات المرتبطة بمشهد الاستشراف الوطني؛ شملت استعراض المبادرات والمنظومات القائمة، وتحليل الفرص والتحديات والتقاطعات، ومناقشة آليات توزيع الأدوار بين الجهات، إلى جانب مناقشة مقترحات لتعزيز بناء القدرات الوطنية وتطوير الكفاءات في مجالات التحليل والتنبؤات المستقبلية. كما خُصصت جلسات لمناقشة أبرز القطاعات ذات الأولوية المستقبلية للسلطنة، ولا سيما تلك المرتبطة بالتحولات التكنولوجية والديموغرافية والاقتصادية.
وشهدت الورشة استعراضًا لعدد من التجارب الوطنية الرائدة في مجال الاستشراف؛ من بينها: تجربة أكاديمية الدراسات الاستراتيجية والدفاعية بوزارة الدفاع التي قدمت نموذجًا متقدّمًا في توظيف أدوات التحليل الاستراتيجي والتخطيط طويل المدى لدعم اتخاذ القرار وتعزيز الأمن الوطني. علاوة على استعراض تجربة وحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040 التي طوَّرت منهجيات مرنة لربط المؤشرات الوطنية بالتحولات المستقبلية، وتطوير أُطر للرصد والتحليل تُساهم في تقييم المخاطر وتعزيز القدرة على استشراف الفرص ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي. وقدّم ممثلو الجهتين رؤى وتوصيات حول أهمية التكامل المعرفي والمؤسسي بين الجهات الوطنية لتطوير منظومة استشراف وطنية متجانسة وفاعلة.
من جانبه، أكد مبارك بن خميس الحمداني مدير المكتب الوطني لاستشراف المستقبل أهمية بناء قاعدة معرفية وطنية مشتركة، مشيرًا إلى ضرورة التنسيق المؤسسي. وقال: "نسعى من خلال هذه الورشة إلى بناء سجل وطني شامل للمبادرات والمشاريع المرتبطة بالاستشراف، وإيجاد آليات عملية لتنسيق الجهود بين الجهات الحكومية والخاصة والأكاديمية". وأضاف: "هدفنا هو أن يتحول الاستشراف إلى وظيفة مؤسسية مستدامة، تدعم صنع السياسات وتعزز الابتكار وتسرّع تحقيق مستهدفات رؤية عُمان 2040".
وأسفرت الورشة عن جملة من المخرجات العملية؛ من بينها: إعداد تقرير لحصر مبادرات الاستشراف وتقديم توصيات لصناع القرار حول أهم التحولات العالمية التي تؤثر على سلطنة عُمان، إلى جانب وضع آليات تنسيقية مشتركة بين الجهات المعنية بما يسهم في تعزيز جاهزية الدولة للتعامل مع المخاطر والفرص المستقبلية، وتمكين الجهات الحكومية من صياغة سياسات وتدخلات أكثر فاعلية واستباقية. كما تم تقديم مقترحات لتطوير برامج لبناء القدرات الوطنية تستهدف إعداد كوادر مؤهلة في مجال الاستشراف والذكاء الاستراتيجي بما يعزز من تنافسية السلطنة ويدعم تحقيق التنمية المستدامة عبر مختلف القطاعات.
وأكدت وزارة الاقتصاد أن هذه الورشة تمثل نقطة انطلاق نحو بناء منظومة وطنية متكاملة للاستشراف، تستند إلى التعاون بين الجهات الحكومية والخاصة والأكاديمية، وتعمل على تعزيز جاهزية السلطنة للتعامل مع المستقبل بكفاءة ومرونة، مع استمرار الجهود لعقد لقاءات دورية وتطوير شراكات استراتيجية بهدف تحويل توصيات الورشة إلى مبادرات تنفيذية داعمة لمسيرة التنمية الوطنية.