شكوك أخرى بشأن مستقبل غزة.. لماذا يرفض نتانياهو عودة السلطة الفلسطينية؟
تاريخ النشر: 12th, November 2023 GMT
ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بمزيد من الشكوك بشأن مستقبل قطاع غزة بعد أن أشار إلى أن السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي لا ينبغي أن تتولى مسؤولية القطاع، فماذا يعني ذلك؟ ولماذا يرفض نتانياهو عودة السلطة؟
وفي حين، اعتبر المحلل الإسرائيلي، إيلي نيسان، أن السلطة الفلسطينية "ضعيفة" ولا تستطيع تولي هذه المسؤولية، اعتبر المحلل الإسرائيلي وديع عووادة، أن نتانياهو يريد إبقاء الفصل بين القطاع والضفة قائما.
وقال نتانياهو، السبت، ردا على سؤال بشأن إمكانية تولي السلطة إدارة القطاع بعد الحرب: "ينبغي أن يكون هناك شيء آخر".
من جانبها، اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان أن "نتانياهو، وأتباعه من اليمين، يتعاملون مع السلطة كعقبة في طريق تنفيذ تلك المخططات، وكمانع قوي للتوجه الإسرائيلي الرسمي للحفاظ على الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك لضرب وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة وطنه، وأية فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض"، بحسب البيان.
وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حركة حماس التي تحكم غزة في أعقاب هجوم الحركة المباغت عبر الحدود في السابع من أكتوبر، وشنت لتحقيق هذا الغرض غارات جوية مكثفة، وأطلقت عمليات برية لا تزال متواصلة.
لكن إسرائيل لم تحدد من يتعين عليه حكم القطاع بعد انتهاء الحرب، مكتفية بالقول إنها ستحافظ على الأمن العام.
ومن جانبها، ترى واشنطن أن إسرائيل لا يمكنها احتلال القطاع بعد الحرب، إذ قال وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، الأسبوع الماضي، إنه يجب إعادة توحيد إدارة غزة مع الضفة الغربية المجاورة، التي تدير السلطة الفلسطينية أجزاء منها.
وقال رئيس السلطة، المقيم في رام الله بالضفة الغربية، محمود عباس، الجمعة، إن السلطة الفلسطينية يمكن أن تلعب دورا مستقبليا في حكم القطاع.
لكن نتانياهو أشار في تصريحات، السبت، إلى أنه لا يريد إطلاق العنان لقادة السلطة الفلسطينية الحاليين في غزة، لأنها لم تصدر إدانة لهجوم حماس.
وندد عباس بالعنف ضد المدنيين "من الجانبين" لكنه لم يصدر إدانة قاطعة للهجوم الذي أدى لمقتل 1200 شخص وخطف نحو 240 آخرين، معظمهم من المدنيين، بحسب إحصاء إسرائيلي.
وقال المحلل، إيلي نيسان، في تصريحات لموقع الحرة إن السلطة "ضعيفة ولم تصدر أي بيان يشجب المجزرة والقتل الذي شهده الشعب اليهودي في السابع من أكتوبر، كما أن أبو مازن توجه إلى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي متهما إسرائيل بارتكاب جرائم حرب".
وهذا يعني، وفق نيسان، أنه "من وجهة نظر عباس ليس من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها ضد حماس ما يعني أن حماس قادرة على ارتكاب مذابح وعندما ترد إسرائيل على ذلك، تُتهم بارتكاب جرائم حرب".
ومن جانبه، يرى عووادة في تصريحاته لموع الحرة أن نتانياهو يريد إطالة أمد الحرب لأنه يدرك أنه مع انتهائها، ستبدأ حرب سياسية "إذ سيقاتل من أجل سمعته وبقائه في سدة السلطة طمعا في النجاة من يوم الحساب (السياسي) العسير".
ويرفض نتانياهو، وفق المحلل، عودة السلطة الفلسطينية "لأنه لا يريد حل الدولتين، فعودة السلطة ستكون خطوة مهمة نحو ذلك، وهو أمر تحدثت عنه الإدارة الأميركية، وإن لم تطلب تحقيقه بشكل فوري".
ويرى أن كل "هذا الضرر الذي تعرضت له إسرائيل هو نتيجة استراتيجيته التي تقوم على منع تحقيق حل الدولتين وذلك بتكريس الخلاف بين غزة ورام الله حتى انفجرت هذه الاستراتيجية في وجهه".
و"بالإضافة إلى هذا الضرر الاستراتيجي الفادح، فإن القبول بالسلطة هناك الآن سيعني التسليم بهزيمة سياسية لكل مشروعه السياسي الذي يقوم على منع تسوية الدولتين، أو تبديد فرص حدوثها".
ويضيف عووادة أن نتانياهو يرفض رسميا عودة السلطة لأنها لم تستنكر هجوم حماس "لكن السؤال هو: لو كانت السلطة استنكرت الاعتداء على إسرائيل، هل كان سيقبل بعودة السلطة؟ طبعا لا هي مجرد ذرائع من أجل إبعاد كابوس التسوية".
وخلال مؤتمر صحفي، السبت، أبدى نتانياهو شكاواه طويلة الأمد بشأن المناهج الدراسية في مدارس السلطة الفلسطينية، التي يقول إنها تغذي الكراهية لإسرائيل، وسياستها المتمثلة في دفع الرواتب لعائلات الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل.
وقال: "لن تكون هناك سلطة مدنية تعلم أبناءها... القضاء على دولة إسرائيل، ولا يمكن أن تكون هناك سلطة تدفع رواتب عائلات القتلة".
وأضاف "لا يمكن أن تكون هناك سلطة يرأسها شخص لم يدن المذبحة (في السابع من أكتوبر) بعد مرور أكثر من 30 يوما".
ويقول عووادة إن من سيتولى مسؤولية القطاع يبقى سؤالا مفتوحا، ونتانياهو لا يرد حماس أو جهة عربية يكون لها سيطرة طويلة الأمد، ومع ذلك فهو "ليست لديه خطة، واضحة وهو ما أثار انتقادات في إسرائيل وحتى الولايات المتحدة".
ولا يعتقد أن الحكومة الحالية ستقبل بتسوية، بل أن بعض الجهات في هذه الحكومة تريد عوة "احتلال غزة".
وأصر نتانياهو على أنه بعد الحرب، سيتم نزع سلاح قطاع غزة وستحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية هناك.
وردا على سؤال عما يعنيه بالسيطرة الأمنية، قال رئيس الحكومة إنه يجب أن يكون بوسع القوات الإسرائيلية دخول غزة عندما يكون ذلك ضروريا لملاحقة المسلحين، وفق ما نقلته أسوشيتد برس.
وكان نبيل أبو ردينة، المتحدث باسم عباس قد قال لرويترز إن الإسرائيليين يسعون إلى "إبقاء الانقسام بين الضفة الغربية وغزة".
وأضاف أن "المحاولات الإسرائيلية لفصل غزة عن الضفة الغربية ستفشل، ولن يسمح بها مهما كانت الضغوط".
وكانت السلطة الفلسطينية تدير كلا من الضفة الغربية وغزة لكن تم طردها من القطاع، في عام 2007، بعد صراع مع حماس.
وقال مسؤولان اثنان في إدارة بايدن إن بلينكن أبلغ عباس في رام الله، الأسبوع الماضي، أن الولايات المتحدة تعتقد أن السلطة الفلسطينية بحاجة إلى لعب دور رئيسي في غزة بعد الحرب.
وأكد بلينكن للصحفيين في وقت لاحق ضرورة أن تكون هناك "عناصر إيجابية للتوصل إلى سلام مستدام" بعد الحرب. وأضاف أن ذلك "يجب أن يشمل الحكم بقيادة فلسطينية، وتوحيد غزة مع الضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية"، وفق موقع أكسيوس.
وقالت باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، خلال جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، إن إدارة بايدن تعتقد أن السلطة الفلسطينية "هي المكان المناسب للحكم في نهاية المطاف".
لكنها أشارت كذلك إلى أنها لا تستطيع أن تحدد "ما إذا كانت السلطة الفلسطينية مؤهلة لدخول القطاع فورا (بعد الحرب)، ربما لا. ولذا سنتشاور بشكل شامل مع كل من إسرائيل والفلسطينيين بينما نفكر في هذا الأمر".
وبينما تريد الحكومات الغربية إشراك السلطة الفلسطينية في مستقبل غزة، قال دبلوماسيون لرويترز إن هناك أيضا مخاوف من أن عباس، البالغ من العمر 87 عاما، لا يتمتع بالسلطة الكافية أو الدعم من شعبه لتولي المسؤولية.
وقال دبلوماسي مقيم في القدس لوكالة: "في الوقت الحالي لا توجد فكرة واضحة بخصوص ما قد يحدث في غزة بمجرد توقف القتال".
ويرى نيسان في تصريحاته لموقع الحرة أن عباس "لن يكون شريكا في أي عملية سلام مستقبلية، كما أنه لا يتمتع بالشعبية في الشارع الفلسطيني، لذلك لا يستطيع تولي السلطة والمسؤولية في غزة".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: أن السلطة الفلسطینیة الضفة الغربیة عودة السلطة تکون هناک بعد الحرب فی غزة
إقرأ أيضاً:
ضغط أم عقاب.. لماذا ألغى نائب ترامب زيارة إسرائيل؟
تتأرجح التخمينات بين الحديث عن خلافات حقيقية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن حرب غزة، وتصريحات تنفي وجود أزمة بين الطرفين، وأن الأمر لا يعدو تباينا في ترتيب الأولويات.
ونقل موقع أكسيوس عن مسؤول أميركي قوله إن جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي تراجع عن التفكير في زيارة إسرائيل "حتى لا تفهم على أنها دعم من واشنطن لتوسيع تل أبيب عملياتها العسكرية في غزة".
وفي هذا السياق، يرى الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي أن إلغاء زيارة دي فانس تعد ثاني ضربة بعد تجاهل ترامب زيارة إسرائيل في جولته الخليجية الأخيرة.
ووفق حديث مكي لبرنامج "ما وراء الخبر"، فإن ترامب أراد بإرسال نائبه إلى إسرائيل "كسر حدة الخلاف بين الجانبين"، لكن بدء عملية "عربات جدعون" العسكرية من دون إبلاغ واشنطن أدى إلى إلغائها.
وبناء على ذلك، أرادت واشنطن بهذه الخطوة -حسب مكي- إبلاغ إسرائيل ألا تتصرف لوحدها وأن عليها الاطلاع بالتفصيل على السلوك الإسرائيلي، وليس حينما يريد نتنياهو.
بدوره، أعرب الكاتب المختص بالشؤون الإسرائيلية إيهاب جبارين عن قناعته بأن الضوء الأخضر الأميركي بدأ ينطفئ، ولكن لا توجد بوادر على إشهار الضوء الأحمر من واشنطن.
إعلانوقال جبارين إن هناك تحفظا أميركيا ناعما، لكنه اعتبر ذلك "يندرج في سياق الضغط على إسرائيل، ولكن لم يصل إلى مرحلة العقاب".
أما إسرائيل فتحاول التغيير من قواعد اللعبة ميدانيا، وإحراج الولايات المتحدة، مما قد يدفع نتنياهو إلى نوع من التمرد والعناد وإظهار واشنطن بأنها تخلت عنه في خضم معركة حاسمة.
وخلص جبارين إلى أن إسرائيل تدرك أن لديها مساحة للمناورة مع الجانب الأميركي رغم الثمن الذي تدفعه دوليا.
تذمر ترامب
وبشأن سياسة الرئيس الأميركي، فأعرب مكي عن قناعته بأن ترامب بات متذمرا بسبب تأخر نتنياهو في الحسم بغزة وعدم تحقيق إنجاز حقيقي على الأرض، مما يخلق تداعيات إنسانية تضغط على أميركا في علاقاتها العربية والدولية، وتقدم رواية فلسطينية متضامنة دوليا.
وأكد أن ترامب يتفق مع نتنياهو في عدم رؤية حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والمقاومة في غزة، وكذلك لا تبتعد فكرة التهجير عن الرغبة الأميركية، مشيرا إلى أن نتنياهو يبقى "مشكلة مؤقتة، في وقت لا تزال فيه إسرائيل جزءا من الأمن القومي الأميركي".
واستدل بقوله إن أميركا متماهية في الحرب وهي جزء منها، إذ تعد المزود الرئيسي للسلاح إلى إسرائيل وتحميها سياسيا.
من جانبه، شدد جبارين على أن واشنطن لا تتحدث عن حل الدولتين ولا القضية الفلسطينية، إذ تكتفي بالتطرق إلى اليوم التالي لغزة فقط، مؤكدا أن واشنطن "لا تحاول منع إسرائيل من النصر، بل تحاول منع أن يجرها نتنياهو إلى الهزيمة".
ولفت إلى استمرار إسرائيل في احتلال الأراضي الفلسطينية وحصارها والاستيطان فيها وتهويدها، مشيرا إلى أنها "أدوات ناعمة كلاسيكية تضر تكتيكيا ولكن ليس إستراتيجيا".
مصير المفاوضات
وخلص مكي إلى أن ترامب يريد إنجاح الجولة الحقيقية من مفاوضات الدوحة بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، لكن إسرائيل تريد نزع سلاح حركة حماس وطرد قياداتها من غزة وتضع ذلك شرطا أساسيا لإنهاء الحرب، في حالة وصفها بالمستعصية.
إعلانوقال إن مفاوضات الدوحة الحالية تمثل الفرصة الأخيرة لإنجاز اتفاق يطلق سراح الأسرى المحتجزين بغزة، مرجحا مقتل الأسرى إذا انطلقت عملية "عربات جدعون" بالقوة التي تتحدث عنها إسرائيل.
في المقابل، دخلت إسرائيل معركة الدقيقة الـ90 -حسب جبارين- إذ تصعد عسكريا لتحقيق أمرين، وهما عدم وجود خيار دبلوماسي، وخلط الأوراق بتصعيد يهمش الأفق الجديد.