أظهر استطلاع للرأى أجراه كل من تيموثى جارتون آش من جامعة أكسفورد البريطانية، وإيفان كراستيف، ومارك ليونارد من المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية، والذى شمل ٢١ دولة، أن التحالفات الجيوسياسية لم تعد تناسب إطار "الغرب ضد الباقى"، حيث يعتقد الكثيرون فى الغرب أنها فى حالة تدهور، بينما يريد الكثيرون من خارجها أن تكون الصين أكثر نشاطا فى اقتصاداتهم ويعتقدون أن روسيا ستنتصر فى حربها ضد أوكرانيا، كما يعتقد الكثيرون خارج أوروبا أن الاتحاد الأوروبي لن يستمر ٢٠ عاما أخرى، وفقا للاستطلاع الذى وجد أن العلاقات العالمية أصبحت "انتقائية" بشكل متزايد، بحسب ما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.

وقال معدى الاستطلاع إن القادة السياسيون فى أوروبا والولايات المتحدة ما زالوا يميلون إلى رؤية عالم القرن الحادى والعشرين من حيث التنافس ثنائى القطب بين نظامين أيديولوجى وسياسى مختلفين، لكن الاستطلاع أشار إلى أن هذا ليس ما يراه عدد كبير من الأشخاص فى الغرب، وخاصة خارجه.

وأظهر الاستطلاع أن أوروبا والولايات المتحدة لا يزالان ينظرا إليهما على أنهما "أكثر جاذبية ولديهما قيم أكثر إثارة للإعجاب" من الصين وروسيا.

ولكن بحسب معدى الاستطلاع، "هذا لا يترجم إلى توافق سياسى. بالنسبة لمعظم الناس، فى معظم البلدان، دخلنا فى عالم انتقائى حيث تعمل الدول على انتقاء شركائها فى قضايا مختلفة، بدلا من التعهد بالولاء لجانب أو آخر".
وفى مواجهة هذا الواقع، يجب على الاتحاد الأوروبى تبنى سياسة "الاعتماد المتبادل الاستراتيجى"، وإنشاء تحالف واسع من الشركاء عبر مجموعة من القضايا مع تعزيز المكانة العالمية للكتلة فى الوقت نفسه، وفقا لمعدى الاستطلاع.

وقال كراستيف: "العالم يتغير وليس فى صالح أوروبا. يجب عند البدء بإعداد أى استراتيجية تحليل العالم كما هو، وليس كيف نتمنى أن يكون. بالنظر إلى الطريقة التى تتسم بالثقة والتى تتصرف بها القوى الوسطى، مثل تركيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا الآن على المسرح العالمى، يجب على الاتحاد الأوروبى أن يأخذ ذلك فى الاعتبار. "

فى حين، قال جارتون آش إن الدرس واضح: "القوة الناعمة لأوروبا يجب أن يكملها المزيد من الاستثمار فى الأبعاد العسكرية والأمنية. أن توسيع الاتحاد الأوروبى شرقا سيساعد فى جعل الكتلة لاعبا عالميا أكثر قوة ومصداقية".

بينما قال ليونارد، إن البيانات الواردة من دول من بينها الولايات المتحدة والصين وروسيا وإندونيسيا وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى ١١ دولة من الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى، أظهرت أن الكتلة بحاجة إلى "فهم القواعد الجديدة للعبة انتقائية فيما يتعلق بالعلاقات الدولية والبحث عن شركاء جدد عبر القضايا الهامة".

وأظهر الاستطلاع أن ٤٧٪ من المستجيبين فى الولايات المتحدة و٤٠٪ فى كوريا الجنوبية متشائمون بشأن مستقبل بلادهم، بينما ٨٦٪ فى الهند و٧٤٪ فى إندونيسيا و٦٩٪ فى الصين كانوا متفائلين بشأن مستقبلهم.

وأشارت الأغلبية فى العديد من دول القوى الوسطى أيضا إلى قبول الوجود الاقتصادى الصينى فى بلدانها، بما فى ذلك السماح للشركات الصينية بشراء فريق رياضى كبير أو صحيفة أو شركة تكنولوجيا أو بنية تحتية، مقارنة بـ ٢٩٪ فقط فى أوروبا.

واللافت للنظر، خارج الغرب، بدا أن الحرب فى أوكرانيا ينظر إليها على أنها صراع بالوكالة بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث يعتقد أغلبية الأشخاص بنسبة ٦٣٪ فى روسيا، و٥٧٪ فى الصين، و٥١٪ فى تركيا، أن الولايات المتحدة بالفعل "فى حالة حرب" مع روسيا، مقارنة بـ ٣٦٪ فى الاتحاد الأوروبى و٢٤٪ فى الهند و٢٠٪ فى الولايات المتحدة.

وأشارت الصحيفة إلى أنه هناك القليل من الرغبة خارج الغرب بدعم طويل الأمد لأوكرانيا، حيث قال ما بين ٣١٪ و٤٨٪ من الأشخاص فى الصين وروسيا والعديد من دول القوى الوسطى إن الصراع يجب أن ينتهى فى أقرب وقت ممكن، مقابل الرأى السائد فى الولايات المتحدة وأوروبا بأن أوكرانيا بحاجة إلى استعادة جميع أراضيها، حتى لو كان ذلك يعنى حربا أطول.

ويعتقد الكثيرون خارج أوروبا أن روسيا ستنتصر فى الحرب، بما فى ذلك أغلبية الأشخاص فى روسيا بنسبة ٨٦٪، والصين ٧٤٪ والهند ٦٣٪ وإندونيسيا ٦٠٪ وجنوب إفريقيا ٥٩٪ وتركيا ٥٥٪. حتى فى الولايات المتحدة، يعتقد ٥٢٪ من الأشخاص أن روسيا ستفوز، مقابل ٤٦٪ فى أوروبا.

وخارج أوروبا، رأى ٤١٪ من المشاركين فى الاستطلاع أن الاتحاد الأوروبى يمكن أن "ينهار" فى السنوات الـ٢٠ المقبلة، بما فى ذلك الأغلبية فى الصين بنسبة ٦٧٪ وروسيا ٥٤٪. وبدا أن الكثيرين يربطون مصيرهم بنتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، مما دفع معدى الاستطلاع إلى الإشارة إلى أن مصداقية الاتحاد الأوروبى على المحك فى الصراع.

ويعتقد الكثيرون فى جميع أنحاء العالم أيضا أن الولايات المتحدة يمكن أن تتوقف عن كونها ديمقراطية فى السنوات الـ٢٠ المقبلة.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الغرب الاتحاد الأوروبي الولايات المتحدة فى الولایات المتحدة الاتحاد الأوروبى فى الصین

إقرأ أيضاً:

لماذا تراجع سفر الكنديين إلى الولايات المتحدة هذا العام؟

ألبرتا- في مثل هذه الأيام من كل عام، كانت الأجواء بين كندا والولايات المتحدة تعج بالرحلات الجوية للسياح، لقضاء إجازة فصل الصيف، لكن ولأول مرة منذ عقود عدة، تشهد هذه المسارات تراجعًا غير مسبوق، بعدما شكلت هذه الرحلات شريان حياة اقتصادي وسياحي بين الجارتين.

بدأت التوترات السياسية بين كندا والولايات المتحدة في فبراير/شباط من هذا العام، عندما صرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بضم كندا إلى الولايات الأميركية، ثم عندما فرضت إدارته رسومًا جمركية على السلع الكندية مدعيةً مخاوف أمنية على الحدود.

وردّت كندا بإجراءات مماثلة بفرض رسوم على المنتجات الأميركية، ما أثار حالة من الغضب والاستياء الشعبي، وأطلقت حملات مقاطعة واسعة ضد السلع الأميركية والسفر إلى الولايات المتحدة.

حجوزات متراجعة نحو أميركا

ووفقًا لتقرير صادر هذا الشهر عن منظمة بيانات وتحليلات الطيران، فإن شركات الطيران، مثل "طيران كندا"، و"ويست جيت"، و"يونايتد إيرلاينز" قلصت رحلاتها إلى وجهات أميركية رئيسية مثل لوس أنجلوس وشيكاغو وأورلاندو، مع إعادة توجيه تركيزها نحو وجهات محلية ودولية تعتبر أكثر ربحية.

شركات الطيران الكندية تعيد جدولة رحلاتها وفقًا للطلب الجديد وتوجهات المسافرين (الجزيرة)

وأشار التقرير إلى بيانات وإحصاءات لافتة، أبرزها:

إلغاء أكثر من 320 ألف مقعد على الرحلات بين البلدين حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2025، وذلك استنادًا إلى مقارنة البيانات بين الفترة من 3 إلى 24 مارس/آذار 2025. شهرا يوليو/تموز وأغسطس/آب 2025، وهما ذروة موسم السفر الصيفي، شهدا أكبر انخفاض في السعة بنسبة 3.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. رغم الاستقرار العام في سعة الرحلات خلال الصيف، إلا أن التحديثات الأسبوعية الأخيرة أظهرت اتجاهًا تنازليًا واضحًا في عدد المقاعد المتاحة. كما انخفضت حجوزات الركاب على الخطوط الجوية بين كندا والولايات المتحدة بنسبة 70% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، في مؤشر واضح على التراجع الكبير في الطلب على السفر عبر الحدود. إعلان

وقالت إيمي بوتشر، نائبة رئيس الشؤون العامة في جمعية صناعة السياحة الكندية، إن الكنديين اختاروا تجنب زيارة الولايات المتحدة هذا الصيف.

وأضافت أن السفر جوًا تراجع بنسبة 22.1% في يونيو/حزيران الماضي مقارنة بالعام السابق، بحسب بيانات هيئة الإحصاء الكندية، كما انخفضت رحلات العودة الكندية بالسيارة بنسبة 33.1%.

وأشارت بوتشر، في بيان نقلته شبكة "سي بي سي" الكندية، إلى أن السياحة تُعد واحدة من أقوى المحركات الاقتصادية في كندا، حيث بلغت عائداتها 130 مليار دولار كندي ( نحو 95 مليا دولار) في عام 2024، منها 75% من السفر المحلي.

كما أكدت هيئة الإحصاء، أن الإنفاق السياحي في كندا من المقيمين ارتفع بنسبة 0.8% في الربع الأول من عام 2025، مدفوعًا بشكل أساسي بالإنفاق على الإقامة.

حملات مقاطعة الكنديين السفر نحو أميركا

ويعزو الخبراء الانخفاض الحاد في الطلب إلى مزيج من العوامل السياسية والاقتصادية.

ويقول الدكتور زياد الغزالي، الخبير الاقتصادي من مقاطعة أونتاريو، إن تصريحات ضم كندا كولاية أميركية، أثارت موجة من السخط الوطني، وقد انعكست هذه الموجة في حملات مقاطعة السفر إلى الولايات المتحدة، خاصة بعد الرسوم الجمركية التي فرضها دونالد ترامب، ولغة التهديد والوعيد التي استخدمها في تصريحاته تجاه أوتاوا.

السياحة الداخلية في كندا تشهد انتعاشًا ملحوظًا على حساب الوجهات الأميركية التقليدية (الجزيرة)

ويضيف الغزالي، في حديث للجزيرة نت، أن تراجع قيمة الدولار الكندي بنسبة 6% هذا العام، إلى جانب زيادة أسعار تذاكر السفر، وارتفاع تكاليف المعيشة في البلاد، جعل السفر إلى الولايات المتحدة أكثر تكلفة على المواطن الكندي.

ويستطرد: "إلى جانب تباطؤ سوق العمل وارتفاع معدلات البطالة إلى 7% في مايو/أيار الماضي، وهي الأعلى منذ عام 2016 باستثناء فترة جائحة كورونا، فقد ساهم هذا التدهور في تقليص ثقة المستهلك الكندي وقدرته على الإنفاق على السفر".

إعادة جدولة الرحلات وتغيير الوجهات بعيدا عن أميركا

وانعكس هذا التراجع الكبير في سفر الكنديين إلى الولايات المتحدة مباشرة على شركات الطيران الكندية، ما دفعها إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بتعديل جداول رحلاتها الصيفية، وتقليص سعة الرحلات المتجهة جنوبًا، وإضافة المزيد من المقاعد والوجهات الجديدة، مع التركيز على "أسواق القوة" في أوروبا والوجهات السياحية المشمسة.

فشركة "ويست جيت" الكندية، ثاني أكبر ناقل بعد "الخطوط الكندية"، أعلنت أنها قلّصت عددًا من رحلاتها بين كندا والولايات المتحدة، كما ألغت تسعة مسارات جوية في مايو/أيار الماضي، استجابة للانخفاض الكبير في الطلب.

وعللت هذه التعديلات بالتوترات الجيوسياسية القائمة بين البلدين، وتزايد الإقبال على تجارب السياحة الداخلية.

أما شركة "الخطوط الكندية"، فقد أعلنت في وقت سابق عن انخفاض بنسبة 10% في الحجوزات المتجهة نحو الولايات المتحدة، ابتداء من منتصف مارس/آذار الماضي وحتى الأشهر الستة المقبلة.

وإثر ذلك، بدأت الشركة بخفض الطاقة الاستيعابية، وإعادة تركيز عملياتها نحو وجهات في أميركا اللاتينية وأوروبا، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية.

زياد الغزالي: تراجع ثقة المستهلك الكندي وقدرته على الإنفاق على السفر (الجزيرة)

ويقول مشغل السياحة في مقاطعة أونتاريو، فؤاد علي، إن الرحلات الجوية والبرية والبحرية نحو الولايات المتحدة انخفضت عموما بنسبة 38%، مرجعًا هذا التراجع إلى التوترات السياسية والتجارية، والرسوم الجمركية المفروضة على كندا.

إعلان

وأشار في حديثه للجزيرة نت، إلى أن المواطنين الكنديين، سواء كانوا عربًا أم أجانب، يتوجهون بشكل كبير في رحلاتهم الداخلية إلى غرب كندا، خاصة إلى مدينة فانكوفر.

وفي السياق ذاته، قررت المواطنة شيرل راتزلاف من مقاطعة ألبرتا تغيير وِجهة سفرها هذا العام إلى تركيا بدلًا من الولايات المتحدة.

وقالت لـ"الجزيرة نت": "إن تغيير وِجهة السفر يعود للتوترات السياسية والرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي على بلادنا، والتصريحات التي تدعو إلى ضم كندا كولاية أميركية، لذلك قررت قضاء إجازتي أنا وزوجي في مدينة إسطنبول التركية".

وتجولت "الجزيرة نت" منتصف الأسبوع في صالات المغادرة والوصول في مطار كالغاري الدولي، بمقاطعة ألبرتا، حيث لوحظ نشاط لافت في صالات وصول الرحلات الداخلية القادمة من المقاطعات الأخرى، في المقابل، بدت صالات المغادرة المخصصة للرحلات الدولية، لا سيما المتجهة إلى الولايات المتحدة، في حالة من الركود والانخفاض الواضح في الحركة، مما يعكس صورة ميدانية لما يعيشه قطاع السفر الكندي من تغيرات جذرية هذا الصيف.

مقالات مشابهة

  • استطلاع بريطاني: تعاطف متزايد مع فلسطين وقلق من الهجرة وقوة الصين وروسيا
  • لماذا تراجع سفر الكنديين إلى الولايات المتحدة هذا العام؟
  • إصابة 14 شخصاً في حادث طعن في الولايات المتحدة
  • استطلاع يكشف شعور البريطانيين تجاه المهاجرين المسلمين وتأثيرهم على المملكة
  • خشية الصدام مع واشنطن.. الغرب يترك ماكرون وحيدًا في معركة الاعتراف بفلسطين
  • قطر تهدد بوقف إمدادات الغاز إلى أوروبا
  • صحيفة تشير إلى احتمال وقف ضخ الغاز المسال من قطر إلى أوروبا وتكشف السبب
  • لوموند: قمة بكين تكشف ضعف أوروبا الكبير في مواجهة الصين
  • منظمة حقوقية: غزة الإنسانية تقود مصائد موت.. طالبت أوروبا بعقوبات عاجلة
  • نتنياهو: ندرس الآن مع الولايات المتحدة خيارات بديلة لاستعادة المحتجزين