ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، خطبة الجمعة اليوم، بعنوان: "التمسك بالأمل والعمل وقت الأزمات"، بمسجد الصديق بشيراتون بالقاهرة، بحضور الدكتور خالد صلاح الدين مدير مديرية أوقاف القاهرة، وجمع غفير من رواد المسجد.

وزير الأوقاف: مع الشدة الفرج ولا أمل بلا عمل

وفي خطبته أكد أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن باب الأمل في الله (عز وجل) مفتوح، وباب التوبة مفتوح، حيث يقول رب العزة تبارك وتعالى في الحديث القدسي: "يا ابنَ آدمَ ! إنك ما دعوْتَنِي ورجوتني غفرتُ لك على ما كان فيك ولا أُبالي، يا ابنَ آدمَ ! لو بلغت ذنوبُك عنانَ السماءِ ثم استغفرتني غفرتُ لك ولا أُبالي، يا ابنَ آدمَ ! إنك لو أتيتني بقُرابِ الأرضِ خطايا ثم لقيتَني لا تُشركُ بي شيئًا ؛ لأتيتُك بقُرابِها مغفرةً"، مؤكدًا أن ديننا دين الأمل والعمل، وسئل نبينا (صلى الله عليه وسلم) ما الكبائر؟ فقال: "الإشراك بالله، والأمن من مَكْرِ الله، والقُنُوطُ من رحمة الله، واليَأْسُ من رَوْحِ الله"، حيث يقول سبحانه على لسان سيدنا إبراهيم (عليه السلام): "قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ"، ويقول الشاعر:
لا تيأَسَنّ لِبَابٍ سُدَّ في طَلَبٍ
فاللهُ يفتحُ بعد البابِ أبوابا
ويقول آخر :
سيفتحُ اللهُ باباً كنتَ تحسبهُ
من شدة اليأسِ لم يخلق بمفتاحِ
ويقول آخر:
لا تَيأَسَنَّ من اِنفِراجِ شَديدَة
قَد تَنجَلي الغَمَراتِ وَهيَ شَدائِد
كَم كُربَة اِقسَمَت اِن لَن تَنقَضي
زالَت وَفَرجُها الجَليلُ الواحِد
ويقول آخر:
يا صاحبَ الهمِّ إنَّ الهمَّ مُنْفَرِجٌ
أَبْشِرْ بخيرٍ فإنَّ الفارجَ اللهُ
اليأسُ يَقْطَعُ أحيانًا بصاحِبِهِ
لا تَيْأسَنَّ فإنَّ الكافيَ اللهُ
اللهُ يُحْدِثُ بعدَ العُسرِ مَيْسَرَةً
لا تَجْزَعَنَّ فإنَّ الصانعَ اللهُ
إذا بُلِيتَ فثقْ باللهِ، وارْضَ بهِ
إنَّ الذي يَكْشِفُ البَلْوَى هو اللهُ

لماذا اختار النبي أخاه داود حتى يضرب به المثل في اتقان العمل؟ وزير الأوقاف: إن كنت مريضًا لا تيأس فمن شفى أيوب قادر على شفاءك

ولما اشتد الحال على السيدة مريم (عليها السلام) وقالت في لحظة شدة: "يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا"، جاءها الفرج من الله (عز وجل): "فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا"، وسيدنا يونس (عليه السلام) كما حكى القرآن الكريم: "وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ"، وسيدنا أيوب (عليه السلام) كما حكى القرآن: "وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ".

وشدد وزير الأوقاف: فإن كنت مريضًا لا تيأس فالذي شفى أيوب (عليه السلام) قادر على شفائك، وإذا كان الله وليك ومعك وناصرك فلا عليك بعد ذلك بمن عليك ومن معك، يقول سبحانه: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا"، ويقول سبحانه: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا"، ويقول سبحانه: "أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ"، ولولا الأمل ما ذاكر طالب ولا اجتهد، ولولا الأمل ما زرع زارع ولا حصد، فلا حياة مع اليأس، وكل شدة إلى انفراج، يقول سبحانه: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "تبسُّمُكَ في وجهِ أخيكَ صدقةٌ".

ويقول الشاعر:
قالَ: السماءُ كئيبةٌ وتجهما
قلتُ: ابتسمْ يكفي التجهم في السما
قال: الليالي جرعتني علقما
قلت: ابتسم و لئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مرنّما
طرح الكآبة جانبًا و ترنما

كما أكد وزير الأوقاف أنه مع الأمل لا بد من العمل، ولا بد من الأخذ بالأسباب، فالأمل بلا عمل أملٌ يسير على ساق واحدة أو بلا ساق، وخيركم من يأكل من عمل يده، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ" وفي رواية : "كان نبي الله داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يده"، وخص نبينا (صلى الله عليه وسلم) سيدنا داود (عليه السلام) من بين سائر الأنبياء؛ لأن داود (عليه السلام) كان ملكًا نبيًا فلا يعمل من أجل الحاجة، بل كان له من الملك والمال ما يكفيه، لكنه مع هذا الملك الواسع والمال الوفير كان يعمل لشرف العمل ولشرف الأكل من كسب اليد.

مؤكدًا أن الإسلام لم يطلب مجرد العمل بل طلب إتقان العمل، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إنَّ اللهَ يحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكم عملًا أنْ يُتقِنَه"، ولنعمل في أشد اللحظات حتى وإن كانت الساعة على مشارف قيامها، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إن قامتِ الساعةُ و في يدِ أحدِكم فسيلةً، فإن استطاعَ أن لا تقومَ حتى يغرِسَها فليغرِسْها"، أي: أن لا تقوم الساعة وأن لا يبادر قيامها بغرسها فليغرسها، أي: عليه أن يعمل، وحتى مع قيام الساعة وعلمه أنه لا ينتفع بهذا الغرس أحد ولكن لشرف العمل، ذلك أن الموت بالنسبة للمؤمن ليس انتهاء وإنما انتقال، والمؤمن كلما أحس بدنو أجله ازداد عملا للآخرة، وازداد قربًا من الله (عز وجل).


وقال وزير الأوقاف: نحن في حاجة إلى حسن التوكل على الله (عز وجل) القائم على حسن الأخذ بالأسباب وحسن العمل، ونقول نحن في حاجة إلى الدواء والدعاء معًا، فالدواء ليس غنيًّا عن الدعاء، والدعاء ليس غنيًّا عن الدواء ونحن مأمورون بالأخذ بالأسباب، قال (صلى الله عليه وسلم): "تداووا فإنَّ اللهَ لم يضَعْ داءً إلا وضَعَ له دواءً غيرَ الهِرَم"، فالدواء لا يؤتي ثمرته إلا بإعمال الله (عز وجل) له، فما أحوجنا إلى الأمرين معًا حسن العمل وحسن اللجوء إلى الله (عز وجل) وحسن التوكل على الله سبحانه.

واختتم وزير الأوقاف خطبته بالتأكيد على أنه لن يحترم الناس ديننا إلا إذا تفوقنا في أمور دنيانا، فإن تفوقنا في أمور دنيانا احترم الناس ديننا ودنيانا في عالم لا يعرف إلا القوة، وهو ما أمرنا به ديننا الحنيف، قال الله (عز وجل): "وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ"، قوة عسكرية وقوة اقتصادية وقوة ثقافية وقوة علمية وقوة إيمانية، فنحن مأمورون بأن نأخذ بأقصى الأسباب ونلجأ إلى الله (عز وجل) ونتعلق به، وأن نرفع الأمل والرجاء إليه، سائلًا الله (عز وجل) أن يفرج همومنا وهموم أشقائنا في فلسطين، وأن يرفع الكرب عنهم، وأن يتقبل شهداءهم، وأن يشفي مصابيهم، وان يرزقهم الصبر والثبات ، وأن يجعل الدائرة لهم لا عليهم.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأوقاف وزير الاوقاف مسجد الصديق خطبة الجمعة اليوم الأمل في الله صلى الله علیه وسلم وزیر الأوقاف علیه السلام یقول سبحانه یقول نبینا حیث یقول عز وجل

إقرأ أيضاً:

قطاع خفر السواحل بالبحر الأحمر يُحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام

الثورة نت / يحيى كرد نظّمت  الإدارة العامة لقطاع خفر السواحل بالبحر الأحمر، اليوم الأربعاء، فعالية خطابية وثقافية إحياءً لذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وذكرى عاشوراء لعام 1447هـ. وخلال الفعالية، التي حضرها وكيل محافظة الحديدة لشؤون الخدمات محمد سليمان حليصي، ونائب مدير القطاع العقيد علي الشحفي، أكد وكيل أول المحافظة أحمد مهدي البشري أن إحياء هذه الذكرى يأتي في ظل العدوان والحصار المفروض على الشعب اليمني منذ أكثر من عشر سنوات، في تأكيد على الموقف المبدئي الثابت الرافض للظلم والاستكبار. وأشار البشري إلى أن ثورة الإمام الحسين عليه السلام تمثل مصدر إلهام للشعب اليمني في صموده وتضحياته، كونها ثورة ضد المذلة والهيمنة، لافتاً إلى أن الشعب اليمني يسير على نهج الإمام الحسين في مواجهة قوى الطغيان، رافضاً الانكسار أمام العدوان ومتمسكاً بخيار الكرامة والسيادة. وأضاف أن ثورة الإمام الحسين عليه السلام علمتنا كيف نواجه الظلم ونتمسك بالمبادئ مهما كانت التضحيات، وهو ما يعزز من عزيمة الشعب اليمني في مختلف ميادين البناء والتصدي للعدوان، مؤكداً أن هذه الذكرى تذكّر الأمة بأهمية عدم التفريط وضرورة مواصلة الثبات حتى تحقيق النصر. كما تطرق البشري إلى ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب وحصار خانق، في ظل صمت دولي مخزٍ وتخاذل عربي وإسلامي يرقى إلى حد التواطؤ، مشيراً إلى أن آلاف الأطفال والنساء يسقطون ضحايا للجوع والعطش والمرض دون أي تحرك إنساني فاعل. من جهته، أكد المقدم عبدالملك الفصيح، مساعد مدير قطاع خفر السواحل بالبحر الأحمر، أن مظلومية الإمام الحسين عليه السلام تتقاطع مع مظلومية الشعب اليمني في مواجهة قوى العدوان، مشدداً على أن الثورة اليمنية اليوم امتداد حي لثورة الإمام الحسين في مناهضة الظلم والاستعباد. وأوضح الفصيح أن الشعب اليمني، وعلى الرغم من الحصار والتجويع، لم يركع أو يخضع، لأنه يحمل في وجدانه ثقافة “هيهات منا الذلة”، مستلهماً من نهج الإمام الحسين الصبر والثبات والرفض المطلق للخنوع. تخلل الفعالية بحضور  عدد من ضباط وفراد  قطاع خفر السواحل بالبحر الأحمر، قصيدة شعرية و أنشودة  معبرة عن المناسبة.

 

مقالات مشابهة

  • «الأوقاف» تطلق قوافل دعوية موسعة إلى مختلف محافظات الجمهورية
  • خطبتا الجمعة بالحرمين: ما أحوج الشعوب للأمن والسلام والرشاد.. ومن واظب على ذكر الله تعالى أشرقت عليه أنواره وتوافدت عليه خيراته
  • الأوقاف تفتتح 7 مساجد اليوم الجمعة ضمن خطة إعمار بيوت الله
  • في 4 محافظات | الأوقاف تفتتح اليوم 7 مساجد ضمن خطتها لإعمار بيوت الله
  • «السلام رسالة الإسلام».. موضوع خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف
  • هل يستحق البائع العربون إذا لم يتم البيع؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم الصلاة على النبي في الميكرفون آخر الأذان
  • السلام رسالة الإسلام.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة
  • قطاع خفر السواحل بالبحر الأحمر يُحيي ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام
  • وزير الأوقاف يغرس الشجرة المصرية في الفلبين تجسيدًا لرسالة السلام