د. عبدالله عيسى الشريف يكتب: هل نجحت أمريكا في حروبها الماضية؟
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
يتمثل جوهر الاستراتيجية فى كونها فن استدعاء واستخدام القوة لتحقيق الأهداف المركزية والغايات القومية للدولة -أية دولة- وسط تفاعلات الساحة العالمية، ومقاومة المنافسين والأعداء الحقيقيين والمُحتملين. وبهذا المعنى ترتبط الاستراتيجية ارتباطاً وثيقاً باستخدام القوة؛ لأن العالم إذا كان متناغماً، وتمكّن الجميع من تحقيق أهدافهم، فلن تكون هناك حاجة إلى نظام عالمى يُركز على إتقان التفاعلات التنافسية وحفظ الأمن والسلم الدوليين، خاصةً فى الوقت الحالى الذى يتسم بالمنافسة الشرسة التى يتخللها التهديد بنشوب صراع كارثى ذى عواقب وخيمة على المجتمع الدولى بأسره، فاحتمال نشوب حرب بين الدول النووية أمر حقيقى إلى حد مُخيف.
على الرغم مما سبق، فإن الكتاب الصادر فى مايو الماضى تحت عنوان «الصُناع الجُدد للاستراتيجية الحديثة: من العالم القديم إلى العصر الرقمى» يُجادل بأن إيمان الكثيرين بالحلول التكنولوجية باعتبارها الطريق الأكيد نحو النصر هو مسار مشكوك فيه؛ لأن إسقاط القنبلة الذرية على هيروشيما لم يكن السبب الوحيد لإجبار اليابان على الاستسلام فى الحرب العالمية الثانية عام 1945، تماماً كما لم تؤدِّ «الثورة فى الشئون العسكرية» التى نادى بها وأعلنها «دونالد رامسفيلد» إلى تتويج حروب أمريكا بالنصر بعد 11 سبتمبر بسرعة وبشكل حاسم، لأن الإمكانيات الخطيرة للتكنولوجيا لم ولن تستبق عملية صنع القرار البشرى.
فالتفضيل الأمريكى للقتال بالطريقة التقليدية جعل الأداء العسكرى الأمريكى فى ساحة المعركة سيئاً للغاية، وعجز عن تغيير الحقائق المعقدة وغير المتكافئة للحرب، بدءاً من فيتنام وصولاً إلى العراق وأفغانستان، حيث واجهت القيادة الأمريكية تحديات أيديولوجية وجيوسياسية متعددة، ومن المتوقع أن تواجهها الولايات المتحدة فى الحرب المحدودة غير المباشرة ضد روسيا فى أوكرانيا، وكذا فى أربعة عقود من المواجهة مع إيران، ومع كوريا الشمالية المسلحة نووياً، فضلاً عن المنافسة النظامية مع الصين الصاعدة لسدة الهيمنة العالمية.
ويُشير الكتاب إلى أن المهمة الأمريكية لفرض «الديمقراطية على حد الحراب» تميل إلى تحقيق نتائج مُنخفضة الجودة، خاصةً عندما تتم على عجل، ويكون لدى ما يسمى «الوكلاء» طموحات لا تتوافق مع طموحات رعاتهم الأمريكيين، فمن المُحتم أن يتحول بناء الأمة الذى تم تصوره بشكل خاطئ وسريع إلى حالة من الفوضى، أو فى أسوأ الحالات إلى حماقة استراتيجية. فمنطق العنف فى الحرب والعسكرة المُفرطة عيب أساسى تسببت به الولايات المتحدة فى سياستها الخارجية، فالحالات التى يشير إليها الكتاب هى الحروب الطويلة التى أعقبت أحداث 11 سبتمبر، باعتبارها فشلاً استراتيجياً، نظراً للتناقض مع المبادئ المُعلنة للحرب الليبرالية، وهو التعداد غير المتناسب إلى حد كبير لمئات الآلاف من الأشخاص الذين لقوا حتفهم نتيجة لـ(2996) شخصاً قُتلوا فى نيويورك وواشنطن جرّاء أحداث 11 سبتمبر 2001.
بالإضافة إلى الإخفاقات الأمريكية سالفة الذكر، يتطرق الكتاب إلى قضية فى غاية الأهمية، وهى مسألة إنهاء الحروب، فإذا كان الشىء الأكثر أهمية فى الحرب هو كيف تنتهى، فلماذا، منذ الحرب العالمية الثانية، واجهت الولايات المتحدة مثل هذه الصعوبة فى إنهاء حروبها؟ ويُجيب الكتاب بأن هناك مشكلة استراتيجية أساسية فى الفكر الأمريكى، لأن الطريقة التى يتم بها إنهاء الحرب هى التى لها التأثير الأكثر حسماً على المدى الطويل. وهو ما فشلت به الولايات المتحدة من حيث إنهاء حروبها الحديثة، بكل أنواعها؛ المحدودة وغير المحدودة، التقليدية وغير النظامية، التدخل الداخلى والعمل السرى، فى الهزيمة وحتى فى النصر. أخذاً فى الاعتبار أن إنهاء الحرب لا يعنى مجرد نهاية القتال، ولا ينبغى الخلط بين الخروج والسلام.
والتاريخ الأمريكى حافل بحروب دخلتها الولايات المتحدة بأوهام القوة وخرجت منها بعار الهزيمة، بدءاً من عام 1950 فى كوريا، وهى أول حرب معاصرة توقفت فيها الولايات المتحدة عن تحقيق النصر. فبعد تأرجحها فى العام الأول للحرب، استمرت المحادثات فى العامين التاليين، دون تغييرات كبيرة فى الأراضى وتسببت فى مقتل نصف القتلى الأمريكيين البالغ عددهم 36000، حتى تم التوقيع على هدنة فى أغسطس 1953. وبالنسبة لاتفاق باريس للسلام الذى أنهى القتال الأمريكى فى فيتنام، فلم يكن «السلام بشرف» حاضراً ومتحققاً، وقد مهد الإنهاء المعيب لهذه الحروب المسرح للحربين المطولتين اللتين خاضتهما أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر فى أفغانستان والعراق.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: أمريكا العراق أفغانستان أوكرانيا الولایات المتحدة فى الحرب
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: كفـانا غطرسـة.. وغباء !!
من يستعرض أحوال الأمة، يجد عجابا !! فنحن أشبة بإنسان فى حالة " أمساك " أى بمعنى أخر.. حالة من التشنج.. وحالة من الأستهتار ! أصبح الأستهتار عنصر هام وواضح وليس فى إحتياج لإخفائه.. خجلاَ !! أو كسوفاَ !! ليس من لاسمح الله غريب " بل حتى من أنفسنا من أولادنا !!
وكأن مايحدث شىء لايدعوا للخجل أو الكسوف ! فحالة الإستهتار تبدأ منذ خروجك من باب بيتك، من بواب المنزل المستهتر، إلى منادى السيارات المستهتر، إلى الشارع الفوضوى الذى يعج بجميع أنواع المركبات من القرن الخامس عشر ( حمار وعربة ) إلى القرن الواحد والعشرون " ماى باخ" " والشبح " وغيرهم ومابينهم من كل أنواع المركبات !
ولاتوجد إشارة مرور واحدة تعمل، لايوجد أى لمبة حمراء أو صفراء أو خضراء فى شوارع القاهرة وأن وجدت، فهى نادرة، تجدها بجانب منزل مسئول كبير ربما فى رئاسة الجمهورية وليس بمسؤول كبير فى " الداخلية "!!
لأن الموظفون الكبار لايهتمون أساساَ بأن هناك إشارة أو لاتوجد بالمرة !!
وأتحدى أن يكون هناك مسئول قد راودة خياله أن يبحث عن إشارة المرور الضوئية !!
حالة عبث كامل فى الشارع، تنتهى بك إلى مقر وظيفتك، ولتكن موظفاَ فى حكومة أو حتى قطاع أعمال، أستاذًا جامعيًا حتى ولوكانت الكلية التى تشرف بعضوية هيئة تدريسها هى كلية مما يسمونها كليات القمة (الطب، الصيدلة، الأقتصاد، الهندسة )
أى من مقار هذه الوظائف قمة الإستهتار من مسئول أمن إلى مسئول نظافة إلى مسئول حتى عن تحصيل العلم وهو ( الطالب ) قمة فى الإستهتار معامل سيئة وكراسى " مكسرة " وعدم توافر أدوات التدريس من ( سبورة ) أو أدوات حديثة ( بروجكتور)أو " أوفرهيد " طبعاَ مش ها نطمع ونسأل عن "فيديو بروجكتور" " ولاب توب " طبعا هذا الكلام ربما نجده فى الجامعات التى تسمى نفسها بأسم دول مثل الألمانية والفرنسية والبريطانية وهذه الدول بريئة من هذه التسمية !! فالعملية كلها تجارة وشطارة وليست كما قرأنا وسمعنا وشرعنا بأنها جامعات لاتبغى الربح !!
أسف جداَ إنها جامعات تبغى الربح وتربح وتستنزف المصريون ولاأعتقد أبداَ بأنها أمينة فى قدرتها على منافسة الجامعات الحكومية إذا توفر للأخرى الإمكانات !
المهم هذا موضوع مقال أخر !!
ولكن مقالنا اليوم عن الإستهتار والغطرسة وأننا لا نعترف أبداَ بأننا تخلفنا فى كل ما هو مصرى مشهور بإقليميته تدهورت أحوالنا الفنية والعلمية والثقافية وأصبح أنتاجنا من الخدمات مهزلة بكل المقاييس المعتمدة عالمياَ..
ومازلنا نتشدق بغطرسة وغباء بأننا متفوقون وبأن ما يكتب عنا حقداَ وغيره وعدم مشروعية أى نقد بناء ضد غطرستنا وضد تخلفنا !!
هذه الأمة مطلوب منها أن تقدم أحسن مافيها هذه الأمة مطلوب أن تعى دروس التقدم، والتفوق، وتعلم أدوات الأزدهار والنبوغ !!
وهذا ليس بصعب وليس بمستحيل، فالمصريون هم أنفسهم الذين بهاجر بعضهم فيتفوق ويحصل على " نوبل " وغيرها من جوائز العالم.
المصريون هم أنفسهم الذين يحترمون إشارات المرور فى شوارع الخليج حيث يعملون مطلوب أن يحترم المصرى مصريته فى مصر.. كما يحترمها خارج مصر !!