يمانيون../
في زمن التخاذل والصمت العربي الرسمي، وفي عالم يغرق في ازدواجيته الأخلاقية، تبقى غزة عنوانًا للفداء، وصوتًا ناطقًا باسم الحق، وبوصلة لا تحيد في مواجهة الطغيان. لم تعد غزة مجرد مدينة أو قطاعًا محاصرًا منذ سنوات، بل غدت رمزًا لمشروع مقاومة راسخ، يتجاوز حدود الجغرافيا ليعيد تعريف الكرامة والحرية والرجولة في أمة أُريد لها أن تركع.

لقد أذهل صمود المجاهدين في غزة العالم، فوقف العدو قبل الصديق مندهشًا أمام هذا الثبات الاستثنائي، الذي لا تفسره موازين القوى المادية، بل موازين الإيمان والوعي والبصيرة. هؤلاء ليسوا جنودًا عاديين، ولا مقاتلين مأجورين، بل حملة مشروع، ومجاهدون يحملون راية الأمة، ويقاتلون نيابة عن كرامة شعوب صمتت حكوماتها، وتنكرت لها أنظمتها.

{فتية آمنوا بربهم فزادهم هدى}

من يظن أنه سيُخضع هؤلاء فهو واهم، بل مجنون؛ فهم الذين خرجوا من أزقة المخيمات وتحت الحصار، وصاغوا ملحمة ستتحدث عنها الأجيال. هم فتيةٌ آمنوا بربهم، فزادهم هدى، وثباتًا، وبصيرة لا تضاهى. يواجهون العدو الصهيوني المدجج بأعتى الأسلحة والمدعوم من قوى الغرب، لكنهم لم يهتزوا، ولم يتراجعوا، بل يسطرون أروع فصول البطولة والإيمان.

ازدواجية دولية وتخاذل عربي

في مقابل هذه الملحمة البطولية، يتجلى المشهد الدولي والعربي في أقبح صوره: أنظمة عربية تُطبع مع العدو وتغض الطرف عن مجازره، فيما دول كبرى تكتفي بتعاطف إعلامي، وتقدّم الغطاء السياسي والعسكري للقاتل. لم يعد الغرب بحاجة إلى إخفاء نفاقه؛ فصوته يعلو دفاعًا عن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، بينما تُنتشل جثث الأطفال من تحت الأنقاض، ويُباد شعب بأكمله على مرأى من العالم.

أما الموقف العربي الرسمي، فهو مشلول، عاجز، بل ومشارك أحيانًا بصمته وتواطئه. ومع ذلك، لا يزال هناك أمل متجدد في الشعوب الحيّة، التي خرجت تهتف لفلسطين، وتضغط من أجل موقف أخلاقي يعيد شيئًا من التوازن لصوت عربي غائب عن المؤسسات الرسمية.

اليمن… موقف في زمن التخاذل

وحدها جبهة اليمن المقاوِمة، وعلى رأسها السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، وقفت بوضوح وقوة إلى جانب فلسطين. كانت المواقف صريحة، والأفعال تسبق الأقوال. أطلقت صنعاء صواريخها وطائراتها المسيّرة نحو العدو، لا لتغير معادلة ميدانية فحسب، بل لتعلن للعالم: إن أمة ما زالت حيّة، تقف مع مظلوميها، وتقاتل دفاعًا عن قضاياها العادلة.

الحق لا يُهزم… والمشروع القرآني باقٍ

ما يجري في غزة اليوم ليس معركة حدود، بل مواجهة بين مشروعين: مشروع الهيمنة الصهيونية الأمريكية الساعي لإخضاع الشعوب ونهب مقدراتها، ومشروع قرآني تحمله قوى المقاومة، يبشّر بعالم جديد قوامه العدل والكرامة والحرية.

مجاهدو غزة ليسوا مجرد مقاتلين، إنهم طليعة أمة، وصفوة رجال، ومشروع مستقبلي يُكتب بالدم والإيمان، تاريخًا مختلفًا عن سجل الهزائم المتراكمة. وكل شهيد يسقط، وكل بيت يُقصف، يزيد جذوة هذا المشروع اشتعالًا، ويُقرب لحظة النصر الحتمية التي لا شك فيها.

تقرير | عبدالمؤمن جحاف

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

36 مسيرة جماهيرية حاشدة في صعدة تهتف لغزة وتعلن التصعيد ضد العدوان الصهيوني

يمانيون../
شهدت محافظة صعدة، اليوم الجمعة خروج 36 مسيرة جماهيرية حاشدة في مختلف المديريات، في مشهد شعبي واسع عبّر عن الغضب الشعبي اليمني المتصاعد تجاه جريمة الإبادة الجماعية والتجويع التي يرتكبها كيان العدو الصهيوني بحق المدنيين في قطاع غزة، وذلك تحت شعار: “ثباتاً مع غزة.. سنصعد في مواجهة جريمة الإبادة والتجويع”.

امتدت المسيرات من مركز المحافظة إلى المديريات والمناطق الحدودية، حيث ارتفعت الهتافات الغاضبة المنددة بالعدوان الصهيوني الأمريكي، والمطالبة بمواقف عملية من الأمة الإسلامية لكسر جدار الصمت المخزي، ومواصلة التصعيد السياسي والعسكري حتى يتوقف العدوان وتتحقق نصرة فلسطين.

وفي المسيرة المركزية التي احتضنتها ساحة المولد النبوي الشريف بصعدة، أكد المشاركون دعمهم المطلق لقائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي وللقوات المسلحة اليمنية، مشيدين بما وصفوه بـ”الضربات المباركة” التي وجهتها صنعاء للكيان الصهيوني ردًا على الجرائم بحق غزة.

كما شهدت الساحات الأخرى في خولان عامر، حيدان، باقم، مجز، غمر، كتاف، منبه، الظاهر، الصفراء وغيرها، مواقف شعبية قوية أكدت أن التصعيد الشعبي والسياسي والعسكري هو السبيل لردع العدو وكسر هيمنته وكشف تواطؤ الأنظمة العربية المتخاذلة.

وخلال كلمته في المسيرة المركزية، أشاد محافظ صعدة محمد جابر عوض بالحشود الجماهيرية، مؤكدًا أن أبناء المحافظة كانوا وسيظلون في طليعة من يتقدمون صفوف المواجهة مع العدو، دفاعًا عن كرامة الأمة وقضيتها المركزية – فلسطين.

وصدر عن المسيرات بيان شديد اللهجة، حمّل الأنظمة العربية والإسلامية مسؤولية التواطؤ مع جريمة الإبادة في غزة، مؤكدًا أن الشعب اليمني يرفض أن يكون جزءًا من صمت العار، بل يقف بثبات ليؤدي مسؤوليته الدينية والتاريخية في مواجهة هذه الجريمة النكراء.

وأشاد البيان بالصمود الأسطوري لأبناء غزة ومقاومتها الباسلة، معتبرًا أن ما يقدمه الشعب الفلسطيني من تضحيات يجب أن يكون منارًا لكل أحرار الأمة، ودافعًا للقيام بواجبات النصر والدعم بكافة أشكاله.

وختم البيان بدعوة صريحة لشعوب الأمة الإسلامية إلى مغادرة مربع الصمت، والالتحاق بركب الشرف والتحرك العاجل والفاعل لنصرة غزة ومقاومتها، وإنقاذ ما تبقى من كرامة هذه الأمة قبل أن يطويها العار التاريخي.

مقالات مشابهة

  • مجاهدو غزة يكتبون تاريخ الأمة من جديد
  • اجتماع أوروبي عربي بإسبانيا لوقف حرب غزة ومدريد تطالب بمعاقبة إسرائيل
  • اليمن ينتصر لغزة ويثأر لكرامة الأمة
  • السيد القائد صوت الحق في زمن الانهيار… ودور محوري في معركة الأمة مع الكيان الصهيوني
  • في الطريق إلى غزة يطهر الغرب نفسه
  • كيف يخطط الغرب؟!
  • الكارثة تتعمق في قطاع غزة: مائة طفل يُقتلون يومياً في غزة، وهي النسبة الأعلى في تاريخ الصراعات!
  • 36 مسيرة جماهيرية حاشدة في صعدة تهتف لغزة وتعلن التصعيد ضد العدوان الصهيوني
  • إنقاذ الكيان من نتنياهو حاجة غربية