ضياع البوصلة عند العرب والمسلمين ما بين مفهوم الدولة ومفهوم الامة
تاريخ النشر: 23rd, November 2023 GMT
بقلم : محسن الشمري ..
هجرة الحضارة وتنقلها بين الشعوب والامم والقارات تعد من سنن الحياة على الارض وكذلك بداية افراد ومجتمعات وشعوب وامم من حيث انتهى الاخرين من سنن الحياة،فلذلك ماضي كل الحضارات السابقة او الحالية ليس كله يعود لها وليس ملك خاص لها وبها باستثناء سومر التي مازال التحقيق في جذورها مستمرا.
هذه السنتين وغيرها من السنن الطبيعية تحدد درجة نجاح الفاعلين في الحاضر وتعطي فاعلوا الماضي تقييماتهم المستحقة بعيدا عن العواطف والمجاملات وتكشف التزوير والإملاءات وتؤسس منهاجا لمن يريد ان يكون فاعلا ايجابي في الحاضر والمستقبل.
أن ضياع البوصلة والارتباك في الاختيار بين تقديم مصالح الدولة(الشعب والأرض والثروات المعنوية والمادية) وبين تقديم مصالح الامة إن كانت هذه الامة عرقية(اقارب وجدهم واحد)او امة بلغة واحدة(اللسان العربي) او أمة دينية(الامة الإسلامية) او أمة أيدلوجية(الشيوعية او اليسارية)في مرحلة ما بعد الحربين العالميين السابقتين في القرن العشرين والتي تبعها اقرار الحدود الحالية لدول الجامعة العربية والدول الإسلامية وباقي دول المنطقة والعالم وأصبحت دول العالم تحتكم إلى القانون الدولي والمؤسسات الدولية والامم المتحدة ومجلس الامن الذي يمثل الذراع التنفيذية لكل الدول الموقعة على ميثاق الامم المتحدة.
عدد مهم من دول المنطقة(عرب ومسلمين) مازالت تعيش حالة التصدع والتناحر فيما بينها وبينها وبين باقي دول العالم بسبب التزاحم والتدافع الهدامين ما بين مفهوم الدولة ومفهوم الامة وما يتبعها من ثقافة حكم الأقليات وانفرادها بالسلطة إلى حد الاستبداد.
إن هذه الأقليات(الايدلوجية او العرقية)تقوم بفرض رؤيتها الاممية على اغلبية الشعب مستخدمة مقدرات الدولة(الشعب) من سلطة ونفوذ وسلاح واموال في تنفيذ مشروعها الاممي الذي يتعارض او يرفض القانون الدولي النافذ وهذه الاجندات الاممية تعيش اما في حالة غير واقعية وخيالية او تعيش في ماضي قريب او بعيد تميل كفة السلبيات فيه على الإيجابيات، وتريد هذه الاجندات العودة إلى واقع خالي من الوعي والرفاهية وبعيد عن حركة التحضر والتقدم والتطور التي تسير عليها الامم الاخرى.
يتزايد عدد حكومات دول الجامعة العربية وحكومات الدول الإسلامية التي تتصرف وفق منطق الدولة التي لها حدود مرسمه وفق القانون الدولي مع وجود استثناءات تزداد ابتعاد عن المجتمع الدولي مثل حكومة جمال عبد الناصر القومية في السابق ومثل حكومتي إيران وتركيا الحاليتين اللتين تستخدمان الدين لتحقيق اهداف قومية في خلطة خاصة مابين اليسار الأممي واليمين الديني والقومي في ايران واليمين القومي والديني في تركيا.
في حين إن نسبة من شعوب دول الجامعة العربية والدول الاسلامية؛تنطلق من مفهوم الامة(العربية او الإسلامية)وهذا الذي يجعل هذه النسبة من الشعوب توجه اتهامات الخيانة لحكامهم مرة وفي مرة اخرى يتهم الحكام بالخضوع والضعف ووووو.
علما بأن طريق الوصول إلى الأمة يبدأ من بناء الدولة واحترام حدود الدول الأخرى ووعي الشعوب بهذه المفاهيم وهذه المرحلة وصلت اليها دول اوربا بعد حروب كارثية فأنتجت الاتحاد الأوربي وسبقتها في ذلك 50 ولاية أمريكية لتكون الولايات المتحدة الأمريكية وفي كلا التجربتين كان التجمع الاقتصادي والمصالح المتبادلة والاحترام المتبادل الاساس والعمود الفقري لبناء الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة.
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
عبدالعزيز الحلو في وجه الطاحونة التي لا ترحم
عندما تمرد عبدالعزيز الحلو عقب انفصال الجنوب كان المؤتمر الوطني هو الحزب الحاكم وكان تمرده بالنسبة للجيش تمردا سياسيا في ظل وجود حكومة وحزب حاكم يقع على عاتقهما بشكل كامل التعامل مع هذا التمرد وحله بوصفه إشكال سياسي.
الجيش لم يتصور المعركة حينها كمعركة ضد الدولة وإنما كمعركة ضد النظام، حتى قيل حينها إن بعض العساكر كانوا يسمون حرب جنوب كردفان ب “حرب عمر البشير”.
ففي ظل وجود نظام سياسي هو نظام المؤتمر الوطني كانت الحرب تفهم كحرب ضد النظام بشكل صريح أو ضمني حتى بالنسبة للأجهزة النظامية وكذلك بالنسبة للشعب.
وتجمدت حرب جبال النوبة على هذا الأساس بعد اتفاق وقف إطلاق نار استمر تقريبا لعشرة سنوات.
ولكن بعد تحالفه مع الجنجويد في حربهم ضد الدولة والشعب وضع تمرده في سياق آخر مختلف كليا. الجيش الآن والقوات النظامية والمستنفرين يقاتلون حركة الحلو بدوافع جديدة، لم يعد الحلو متمردا على نظام المؤتمر الوطني، ولكنه يحارب الدولة والشعب في حرب يراها الشعب كحرب عدوان خارجي صريح ضد الدولة.
الحلو أراد أن يركب موجة حرب 15 أبريل ولكنه بذلك جر على نفسه وعلى قواته غضبة الطاحونة التي لا ترحم وستطحنه مع الجنجويد الذين هم أشد منه بأسا وأكثر قوة وعتادا وعددا وسيطروا على العاصمة وولايات مساحتها أضعاف منطقة كادوا فتمت هزيمتم وطردهم وتجري ملاحقتهم الآن في كردفان ودارفور. مساحة المنطقة التي يسيطر عليها الحلو هي شيء لا يذكر بالنسبة للحرب التي يخوضها الجيش وكذلك قواته وعددها وتسليحها هي لا شيء بالمقارنة مع المعارك الكبيرة التي خاضها الجيش وانتصر فيها كلها.
عبدالعزيز الحلو “دبور زن على خراب عشه”
حليم غباس