صحيفة الخليج:
2025-05-18@10:40:52 GMT

«كوب 28» طوق النجاة للأرض

تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT

«كوب 28» طوق النجاة للأرض

إعداد: مصطفى الزعبي

في خضم درجات الحرارة المرتفعة، والفيضانات، والجفاف، وحرائق الغابات، يجتمع زعماء العالم في جولة أخرى من محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ في الإمارات، بالحدث العالمي «كوب28»، والذي يعد بمنزلة طوق النجاة للأزمات التي وضعت مناخ الأرض في ورطة.

ومن خلال هذا المؤتمر ستقود الإمارات جهود الدول واقتراحاتها والحلول المستدامة للتحديات المناخية، وسلة أهداف مناخية منها: التحول العالمي السلس إلى الاقتصاد الأخضر، وتحقيق الاستدامة والتنوع الاقتصادي، وزيادة النمو، وتذليل العقبات أمام ذلك، والانتقال إلى عمليات التنفيذ، وتجاوز مرحلة التسويف، وسيوحد المؤتمر الجهود العالمية لتقليل انبعاثات الكربون، وإيجاد الحلول للتحديات المناخية، وتعزيز العمل الجماعي؛ لضمان مستقبل مستدام.

يقول المؤرخون: إن الأشخاص الذين ادعوا القدرة على التحكم في الطبيعة وموارد الطاقة من حولهم، رأوا في البيئة أداة يمكن استخدامها لتحقيق التقدم، وعلى مدار مئات السنين، أدى هذا الدافع إلى إعادة تشكيل مناخ الكوكب أيضاً، ودفع سكانه إلى حافة الكارثة للتغير المناخي.

وأعطوا مثالاً على ذلك، مكسيكو سيتي التي تعود إلى قرون مضت، كانت قائمة على جزر وسط بحيرة تيككوكو. وفي السنوات الأخيرة، اختفت معظم البحيرة، وجفت منذ فترة طويلة، لإفساح المجال للبناء والنمو الذي يضم اليوم 22 مليون شخص ينتشرون على حواف وادي المكسيك.

وقال لويس زامبرانو، أستاذ علم البيئة في الجامعة الوطنية في المكسيك: «الطبيعة لا تسبب هذه المشاكل الضخمة لوحدها».

وفي أماكن أخرى، تمت إزالة الغابات من مساحات شاسعة من الأراضي لأغراض الزراعة أو رعي الماشية، أو تدهورت وتلوثت بسبب المحاجر والتعدين للمعادن. وأدى استغلال الطبيعة للحصول على مواردها إلى تحقيق التقدم والإنتاجية بالنسبة للبعض، لكنه كان أيضاً محركاً رئيسياً للانبعاثات والتدهور البيئي.
الفحم محرك الاقتصادات

بينما بنيت مدينة مكسيكو فوق الماء، كانت بريطانيا تستغل مساحات شاسعة من الفحم الذي ساعد بنهاية المطاف في تشكيل غطاء من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تضر الغلاف الجوي.

واستخدموا الفحم في المنازل للتدفئة والطهي، ولم يكن المصدر الوحيد للطاقة؛ إذ كانت الأخشاب أيضاً من المصادر، لكن الميزان مال بشكل كبير لمصلحة الفحم خلال أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر من خلال الاختراعات التكنولوجية؛ مثل: الطاقة البخارية، وطرق النقل الجديدة مثل القنوات ووسائل النقل وفي وقت لاحق السكك الحديدية.

وعندما وصل الاقتصاد البخاري لتطوير محركات تعمل بالفحم لتسخين المياه وإنتاج الطاقة البخارية سهّل على أصحاب المصانع التحكم في العمل والطبيعة، مقارنة بالاقتصاد القائم على الطاقة المائية.

وبحلول منتصف القرن التاسع عشر، اعتمدت الطاقة البخارية في الصناعات التحويلية ومصانع القطن والسفن البخارية والقاطرات حول العالم، ما أدى إلى تحول الفحم إلى تجارة عالمية.
بداية التغير

أنشأت القرون السابقة الظروف المناسبة لتغير المناخ الناجم عن أنشطة بشرية، ولكن الأجيال القليلة الماضية جعلت ذلك حقيقة واقعة.

في عام 1960، أطلق البشر نحو 9 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون في الهواء؛ وفي عام 2021، أنتجوا 36 مليار طن، وفقاً لمشروع الكربون العالمي.

وارتفع استخدام الطاقة بشكل كبير؛ حيث أصبح شراء السيارات والسفر الجوي والتكنولوجيا متاحاً بشكل أكبر في العديد من دول أمريكا الشمالية وأوروبا. وكانت دول أخرى مثل الصين واليابان والهند تقوم بتجميع أنظمة الطاقة الخاصة بها، اعتماداً على الوقود الأحفوري، وحدث كل هذا وسط تزايد الفهم والقلق بشأن الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

ونما استخدام النفط في أواخر القرن التاسع عشر؛ لأنه لم يكن يتطلب عمالة كثيفة مثل الفحم، وهو أكثر ثراءً بالطاقة، كما أنه أسهل في نقله.

وقال جيه آر ماكنيل، المؤرخ في جامعة جورج تاون: «يمكن شحن النفط كسائل عبر الأنابيب، وكذلك عن طريق الشاحنات والناقلات وعربات السكك الحديدية».

وأدى ظهور السيارات في عشرينات القرن العشرين إلى قيام الولايات المتحدة ببناء نظام الطاقة الخاص بها والكثير من تقنياتها حول محركات الاحتراق الداخلي التي لا تزال تهيمن على السيارات والسفن والطائرات.

مقياس للتنمية

في الصين واليابان، كان الاستهلاك المتزايد بمنزلة مقياس للتنمية الاقتصادية في أوائل القرن العشرين، كما قال مؤرخ العلوم في جامعة هارفارد، فيكتور سيو.

ودرست اليابان التعدين الغربي لتطوير حقول الفحم الخاصة بها في كل من جزرها الأصلية وإمبراطوريتها.

وتعد الصين أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة في العالم حالياً، على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تزال تتفوق عليها تاريخياً.

وفي الهند أيضاً، التي كانت جزءاً من الإمبراطورية البريطانية حتى حصولها على الاستقلال في عام 1947، تم استخدام الفحم لتعزيز تنمية البلاد، ومساعدة حكومات الولايات على كسب الدعم الشعبي، كما تقول إليزابيث تشاترجي، المؤرخة في جامعة شيكاغو الأمريكية.

وأنشأت الهند محطات مملوكة للدولة تعمل بالفحم، وبدأت في كهربة مدنها ومزارعها الأكبر حجماً، مع عدم وصول العديد من المناطق الريفية الأخرى إلى الخدمة حتى أوائل القرن الحادي والعشرين.

وقال تشاترجي: «تحدثت إنديرا غاندي، في وقت مبكر من عام 1981، علناً عن تغير المناخ، باعتباره تهديداً، لكنها واصلت استخدام الفحم وكانت بداية لعدم تطبيق».

زخم أمريكي

في الولايات المتحدة، بدأت القضايا البيئية تكتسب زخماً في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، مع أول يوم للأرض في عام 1970، بحسب ما قال جوشوا هاو، مؤرخ البيئة في كلية ريد في بورتلاند بولاية أوريغون. واستشهد بالتشريعات الرئيسية لإنشاء وكالة حماية البيئة الأمريكية، وقانون الأنواع المهددة بالانقراض؛ باعتبارها استجابات كبيرة لتلك اللحظة الكبيرة.

وأشار هاو أيضاً إلى عدم الرغبة في الانضمام إلى اتفاقيات المناخ الدولية، بما في ذلك تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع في عام 1997 ضد التوقيع على أي معاهدة مناخية تقضي بخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

وقال هاو: إن هذا التصويت جاء، في رأيي، إلى حد كبير عندما ذهب التفاؤل بشأن الالتزام على المستوى الوطني بالتخفيف من آثار تغير المناخ وخاصة من خلال الاتفاقيات الدولية إلى الدخان.

لكن العديد من المؤرخين يتفقون، وسط كآبة المخاوف المتصاعدة بشأن المناخ والبيئة، على أن التحولات الجذرية بعيداً عن أفكار التقدم التي تعود إلى قرون من الزمن يمكن أن تشكل مستقبلاً أفضل.

وقال فريدريك ألبريتاون جونسون، المؤرخ بجامعة شيكاغو: «إذا أعاد البشر التفكير في الحاجة إلى النمو المستمر، فيمكن للمجتمعات أن تعمل ضمن قيود الموارد المحدودة وحدود الغلاف الجوي».

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: تسجيل الدخول تسجيل الدخول فيديوهات الإمارات كوب 28 الاستدامة التغير المناخي فی عام

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: مستويات قياسية في نسبة الجوع عبر العالم بسبب النزاعات وأزمة المناخ

أفاد تقرير أممي بأن النزاعات والصدمات المناخية والاقتصادية دفعت الجوع إلى مستويات غير مسبوقة في العالم عام 2024، حيث تجاوز عدد المتأثرين 295 مليون شخص في 53 دولة. وحذر التقرير من تفاقم الأزمة عام 2025 مع تراجع تمويل المساعدات الإنسانية وتزايد سوء تغذية الأطفال. اعلان

كشفت الأمم المتحدة، في تقريرها الصادر يوم الجمعة، أن انعدام الأمن الغذائي الحاد وحالات سوء تغذية الأطفال سجّلا ارتفاعاً للسنة السادسة على التوالي في عام 2024، حيث طالت هذه الأزمات أكثر من 295 مليون شخص في 53 دولة وإقليم، بزيادة بلغت 5% مقارنة بعام 2023. وفي أكثر المناطق تضرراً، يعاني نحو 22.6% من السكان من مستويات جوع مصنفة في "مرحلة الأزمة" أو ما هو أسوأ.

وقال راين بولسن، مدير قسم الطوارئ والقدرة على الصمود في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو): "يرسم تقرير الأمن الغذائي العالمي لعام 2025 صورة مروّعة... النزاعات، والتطرف المناخي، والضغوط الاقتصادية هي المحركات الرئيسية لهذه الكارثة، وغالباً ما تتداخل فيما بينها لتفاقم الأوضاع."

ويتوقّع التقرير أن تتدهور الأوضاع أكثر خلال عام 2025، مشيراً إلى أن التمويل المخصص للمساعدات الغذائية الإنسانية يشهد أكبر تراجع منذ بدء إعداد هذه التقارير، حيث يُقدَّر الانخفاض بنسبة تتراوح بين 10% وأكثر من 45%.

ويأتي هذا التراجع في ظل انسحاب الولايات المتحدة من دورها التقليدي في تقديم المساعدات، بعد أن أقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تقليص وكالة التنمية الدولية (USAID) وإلغاء أكثر من 80% من برامجها الإنسانية.

وحذرت سيندي ماكين، مديرة برنامج الأغذية العالميالتابع للأمم المتحدة، ومقره روما، قائلة: إن "الملايين من الجوعى فقدوا، أو هم على وشك أن يفقدوا، شريان الحياة الذي نوفره لهم."

Relatedفي مستشفيات غزة لا دواء ولا غذاء.. المرضى يصارعون الجوع في ظل حصار إسرائيلي خانقالسودان: فرّوا من ويلات الحرب ليلاحقهم شبح الجوع أينما ولّوا وجوههمالجوع يفتك بسكان غزة والمطابخ الخيرية على وشك الانهيار بسبب الحصار الإسرائيليالحروب تقود إلى المجاعة

وأوضح التقرير أن النزاعات المسلحة شكّلت السبب الأول للجوع، حيث طالت قرابة 140 مليون شخص في 20 دولة خلال 2024، بما في ذلك مناطق تعيش مستويات "كارثية" من انعدام الأمن الغذائي، مثلغزة، وجنوب السودان، وهايتي، ومالي. وقد أعلنت السودان رسمياً دخولها في حالة مجاعة.

أما الصدمات الاقتصادية، بما فيها التضخم وانهيار العملات، فقد دفعت بـ59.4 مليون شخص في 15 دولة -من بينها سوريا واليمن- إلى هاوية الجوع، أي ما يقرب من ضعف العدد المسجَّل قبل جائحة كوفيد-19.

وفي السياق المناخي، تسببت ظواهر الطقس القاسي، وخاصة الجفاف والفيضانات المرتبطة بظاهرة "النينيو"، في إدخال 18 دولة في حالة أزمة غذائية، مؤثرةً على أكثر من 96 مليون شخص، خصوصاً في مناطق إفريقيا الجنوبية، وجنوب آسيا، وشرق إفريقيا.

مستويات تنذر بالخطر

أشار التقرير إلى أن عدد الأشخاص الذين يواجهون ظروفاً أشبه بالمجاعة قد تضاعف أكثر من مرتين، ليصل إلى 1.9 مليون شخص، وهو أعلى رقم مسجّل منذ بدء مراقبة هذه المؤشرات عام 2016.

كما بلغت معدلات سوء التغذية لدى الأطفال مستويات مفزعة؛ إذ يُقدَّر أن نحو 38 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد في 26 بؤرة تغذوية، من بينها السودان واليمن ومالي وقطاع غزة.

وقد ساهم التهجير القسري أيضاً في تعقيد الأزمة، حيث يعيش نحو 95 مليون نازح -سواء لاجئين أم مهجّرين داخلياً- في دول تعاني من أزمات غذائية، كجمهورية الكونغو الديمقراطية وكولومبيا.

ورغم الصورة القاتمة العامة، شهد عام 2024 بعض التحسن في 15 دولة، من بينها أوكرانيا وكينيا وغواتيمالا، حيث ساهمت المساعدات الإنسانية، وتحسُّن المحاصيل، وتراجع معدلات التضخم، وانخفاض حدة النزاعات، في تخفيف حدة انعدام الأمن الغذائي.

اعلان

ودعا التقرير إلى كسر الحلقة المفرغة للجوع من خلال الاستثمار في الأنظمة الغذائية المحلية. وقال بولسن:

"تُظهر الأدلة أن دعم الزراعة المحلية هو الطريق الأنجع لإغاثة أكبر عدد من الناس، بكرامة، وبأقل التكاليف."

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • بتكلفة 25 مليار دولار.. المغرب ونيجيريا يقرعان أجراس مشروع القرن الإفريقي
  • حظر إنتاج الفحم الحيوي من السماد الحيواني في الزراعة العضوية
  • الحر الشديد يهدد الحوامل وأطفالهن بسبب تغير المناخ
  • الأمم المتحدة: مستويات قياسية في نسبة الجوع عبر العالم بسبب النزاعات وأزمة المناخ
  • تقرير: تغيّر المناخ يهدد صحة الحوامل حول العالم
  • قادة 7 دول أوروبية: لن نصمت أمام الكارثة التي تجري في غزة
  • قوات حكومية تُحبط محاولة تهريب آثار يمنية نادرة إلى دول القرن الإفريقي
  • ارتفاع عدد الشركات الأوروبية المؤيدة لإجراءات مناخية
  • زمزم: “مراكب النجاة” أنقذت القرى الأكثر فقرًا من كارثة الهجرة غير الشرعية
  • أكبر 10 محطات كهرباء في الوطن العربي.. عملاقة الطاقة التي تقود 5 دول نحو المستقبل