دوي إنفجار قوي يهزّ البقاع.. ماذا قيلَ بشأنه؟
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
أفادَ شهود عيون عن سماع دويّ إنفجار قويّ في البقاع، مساء اليوم، وتحديداً في المناطق المحاذية لسلسلة جبال لبنان الشرقية.
وفيما تضاربت المعلومات عن سبب ما حصل، قالت مصادر صحفية إنّ صوتاً قوياً سُمع في منطقة بوداي ومحيطها من دون أن تُعرف طبيعته. كذلك، تحدثت معلومات أخرى عن أن الصوت الذي سُمع تزامن مع تحليق كثيف للطيران الإسرائيلي فوق السلسلة الغربية لجبال لبنان.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
لاجئو لبنان بعد 77 عامًا على النكبة: ماذا تعني "العودة" لجيل لم يطأ أرض فلسطين؟
منذ النكبة، تحوّل المفتاح في المخيلة الفلسطينية من أداة إلى رمز لحلم معلّق وحقّ يظل حاضرًا على مر الزمن. وبينما يتواصل إحياء الذكرى كل عام، تبقى العين على الأجيال الجديدة التي لم تعرف فلسطين إلا عن طريق الأجداد والصور والمفاتيح المتوارثة. فهل لا زالت "العودة" حيّة في قاموس الشباب اللاجئ؟ اعلان
"وضعته على راحة كفي اليسرى وتأملته. مفتاح حديدي قديم، داكن اللون صقيل... أمسكتُ بالحبل الدقيق بكلتا يديّ ورفعته ثمّ أدخلتُ رأسي فيه. صار المفتاح معلّقًا في رقبتي.. مثل أمي سيبقى المفتاح معلّقًا في عنقي. في الصحو والمنام. لا أخلعه حتى في الحمام. وكلما اهترأ الحبل استبدلتُه بحبل جديد".
حين استلمت رُقيّة، بطلة رواية "الطنطورية"، مفتاح منزل والديها في فلسطين بعد رحيل والدتها التي احتفظت به طيلة سنوات اللجوء في لبنان، لم يكن الأمر مجرد لحظة عابرة. بدا المفتاح كأنه امتداد لذاكرة لا زالت حيّة.
قد يبدو المشهد أشبه برمز روائي أو تفصيل من خيال أدبي، لكن سرعان ما يتبيّن أنه واقع حيّ في كثير من البيوت. المفتاح ليس جمادًا، بل رمز يختزن الإصرار، والحنين، والإيمان بأن العودة ليست حلمًا بعيدًا، بل حق يتمسك به الفلسطينيون مهما طال الانتظار.
وما يبدو تفصيلًا شخصيًا في حكاية عائلية، هو في الحقيقة جزء من سردية جماعية ظلّت تتناقلها الأجيال، وتعود إلى لحظة مفصلية في التاريخ الفلسطيني: النكبة.
في 15 أيار/مايو من كل عام، يُحيي الفلسطينيون حول العالم ذكرى النكبة التي مثّلت بداية تهجير جماعي من أرضهم، وقد تحوّلت إلى جرح مفتوح امتدّ على مدى 77 عامًا، إذ غيّر مسار حياة مئات آلاف العائلات، ورسّخ واقعًا من التهجير والشتات.
في أيار/مايو 1948، وبعد إعلان قيام دولة إسرائيل، خسر الفلسطينيون أرضهم، منازلهم، وقراهم. وأُجبر حوالي 760 ألف شخصًا على ترك ديارهم واللجوء إلى أماكن أخرى: إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، أو إلى بلدان الجوار مثل لبنان وسوريا والأردن. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت "العودة" جزءًا من الهوية التي يتوارثها الأبناء عن الآباء.
من وعد بلفور إلى القرار 194يعود أصل النكبة إلى ما هو أقدم من عام 1948. ففي عام 1917، أصدر وزير الخارجية البريطاني اللورد بلفور وعده الذي حمل اسمه، حيث تعهدت حكومته بدعم إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وهي الأرض التي خضعت لاحقًا للانتداب البريطاني بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية. وقد مثّل هذا الوعد أول تحوّل جذري في مصير الفلسطينيين.
عام 1947، طرحت الأمم المتحدة خطة لتقسيم فلسطين إلى دولتين، مانحة ما يزيد عن نصف الأرض للدولة اليهودية المرتقبة، وهو ما قوبل بالرفض من قبل الفلسطينيين والدول العربية. ومع نهاية الانتداب البريطاني وإعلان قيام إسرائيل، بدأت سلسلة من أعمال العنف والتهجير، تضمنت أكثر من سبعين مجزرة موثّقة بحق المدنيين الفلسطينيين، في أماكن مثل دير ياسين والطنطورة وحيفا.
وفي أعقاب إعلان قيام إسرائيل، دخلت قوات من مصر وسوريا والأردن ولبنان والسعودية والعراق إلى الأراضي الفلسطينية في محاولة لوقف التقدم العسكري الإسرائيلي. إلا أن العمليات العسكرية انتهت بهزيمة الجيوش العربية، وتمكنت إسرائيل من توسيع رقعة سيطرتها، لتشمل أجزاءً أوسع من تلك التي خُصصت لها في خطة التقسيم الأصلية.
وبعد أشهر، وتحديدًا في كانون الأول/ديسمبر 1948، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 194، الذي نصّ بوضوح على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم "في أقرب وقت ممكن"، مع تعويض من لا يرغب بالعودة أو ممن لحقت به أضرار. ورغم أن هذا القرار لا يزال مرجعية قانونية إلى اليوم، لم يُنفذ فعليًا، ولا تزال إسرائيل تمنع عودة اللاجئين.
لاجئو لبنان: حياة معلّقة بين المخيم والحلمفي لبنان، حيث استقر جزء كبير من اللاجئين الفلسطينيين منذ النكبة، لا تزال المخيمات شاهدة على معاناة بدأت منذ أكثر من سبعة عقود ولم تنتهِ. وفقًا لوكالة "الأونروا"، بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في لبنان 493,201 لاجئ حتى نهاية عام 2023، يعيش أكثر من نصفهم في 12 مخيمًا رسميًا، بينما يقيم الآخرون في تجمعات غير منظمة، غالبًا ما تفتقر إلى البنية التحتية والخدمات الأساسية.
Relatedوسط الآلام والدموع ... الفلسطينيون في رام الله يحيون الذكرى الـ 76 للنكبة "النكبة لن تتكرر"... فلسطينيون وأردنيون يحيون ذكرى النكبة أمام مبنى الأمم المتحدة بعمّان "يلقبونني بالشهيد الحيّ".. ناجٍ من مجزرة دير ياسين يروي تفاصيلها المروعة في الذكرى الـ76 للنكبةالحياة في هذه المخيمات محكومة بالفقر، والبطالة، والقيود القانونية التي تحدّ من فرص العمل والتملك والتنقل. لكن، وسط هذا الواقع القاسي، تبقى "العودة" حاضرة بقوة في الذاكرة الجماعية، وإن اختلفت دلالاتها بين الأجيال.
في أيار/مايو 2023، وللمرة الأولى، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة رسميًا تاريخ 15 أيار/مايو لإحياء ذكرى النكبة. خطوة رمزية في مضمونها، لكنها تعكس اعترافًا متأخرًا بمعاناة لم تندمل جراحها بعد.
أي حضور تملكه "العودة" في وجدان الشباب الفلسطيني؟بين أزقة المخيمات، نشأ جيل لم يشهد النكبة، ولم تطأ قدماه أرض فلسطين، لكنه تربى على قصص الجدات، على مفاتيح البيوت المعلقة، وعلى جملة واحدة تكررها الجلسات العائلية: "سنعود".
فيما يلي، سوف نستعرض شهادات شبّان وشابات فلسطينيين، يروون لـ"يورونيوز" علاقتهم بمفهوم "العودة"، والهوية، والانتماء.
"العودة" كشماعة للحلمروان سيد، صحافية فلسطينية تبلغ من العمر 24 عامًا، تنتمي إلى مدينة الرملة، وتعيش في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان. تصف العودة بأنها أمل يومي تتشبث به للبقاء، في بلد تحبه وتشعر بالانتماء إليه، لكنه لا يعترف بها قانونيًا، ولا يمنحها أبسط حقوقها المدنية كحق العمل أو التملك.
تقول روان: "العودة مثل الشماعة أعلّق عليها آمالي وطموحاتي. إنها في ذاكرتي كل يوم. عندما يسألني أحدهم: ‘لو تحررت فلسطين، هل ستعودين؟’، أجيب دائمًا: طبعًا، أذهب وأبني حياة جديدة هناك. العودة بالنسبة لي حقيقة، وليست مجرد احتمال".
وتشير الشابة الفلسطينية إلى أن انتماءها لبلدها تشكّل منذ الطفولة، من قصص الأجداد عن الرملة، ومن زياراتها للحدود، ومن شعورها بالألم عند رؤية أرضها من بعيد. وفي عصر وسائل التواصل، أصبحت تتابع أخبار مدينتها، تبحث عن صور الطبيعة والأماكن الأثرية فيها، تتخيل البحر، وتفكر كيف كانت حياتها لتكون لو وُلدت هناك.
وترى روان أن التمسك بحق العودة يجب أن يترافق مع تمكين حقيقي للفلسطينيين في لبنان. فبرأيها، عندما ينشغل اللاجئون بتحديات الحياة اليومية، من فقر وبطالة وغياب الفرص، يصبح من الصعب التفرغ لتوثيق الذاكرة الفلسطينية.
أحمد أبو النيل، فلسطيني في الخامسة والثلاثين من عمره، يعيش في منطقة الفوار بمدينة صيدا جنوب لبنان، ويتحدّر من مدينة يافا. يصف العودة بأنها واقع سيتحقق حتمًا، استنادًا إلى معتقداته الدينية: "العودة إلى أراضينا التي احتُلّت عام 1948 ليست حلمًا، بل وعد إلهي. صحيح أن بعض الناس يرون القضية من زاوية إنسانية، وأنا أفهمهم، لكن بالنسبة لي، فلسطين جزء من هويتي الإسلامية".
ويُضيف: "ورثنا من آبائنا وأجدادنا أن فلسطين أرضنا، وأن النكبة لم تكن مجرد لحظة في التاريخ، بل لحظة باع فيها العرب فلسطين. هذه الذاكرة نحملها وسننقلها إلى أولادنا" وفق تعبيره.
وفيما يعتبر أحمد نفسه "صيداويًا" من حيث النشأة والمكان، لكنه يعتبر أن فلسطين هي قضيته التي لم تفارقه، كما يشعر أن الجيل الجديد أصبح أكثر تمسكًا بهذه القضية من الأجيال السابقة.
ويُضيف: "أحداث 7 أكتوبر، وما تلاها من مجازر نشهدها اليوم، أعادت تسليط الضوء عالميًا على القضية الفلسطينية. أشعر أن جيلنا عبّر عنها بوضوح أكثر مما فعلته الأجيال السابقة".
"العودة" كجزء من الكرامةرنيم قاسم عثمان، الشابة الفلسطينية البالغة من العمر 23 عامًا، والمنحدرة من بلدة سعسع قضاء صفد، لا تنظر إلى "العودة" على أنها مجرد شعار، بل هي "حق راسخ وجزء من كرامتنا وهويتنا".
تقول رنيم: "لم أرَ فلسطين في حياتي، ولم أزرها يومًا، لكنني أشعر بها في داخلي، أشعر أنني أحملها في قلبي كل يوم. في أحاديث أجدادي، مفاتيح البيوت، في صور القرى، كل هذه التفاصيل كان أثرها بالغًا في حياتي".
وتعبّر عن تمسكها بالعودة في القول: "فلسطين هي قضيتنا التي لن نتخلى عنها، والحلم الذي يرافقنا كل يوم، والوطن الذي نؤمن أننا سنعود إليه يومًا ما. لقد ورثنا عن أجدادنا ذاكرة الألم والتهجير والنكبة والفقد، وورثنا معها التمسك بالكرامة، والإصرار على حق العودة".