تقنية ذكاء اصطناعي قد تفك تشفير "أقدم النصوص في العالم"
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
طور العلماء تقنية رائدة للذكاء الاصطناعي، يمكن أن تساعد أخيرا على فك تشفير نصوص قديمة، عمرها 5 آلاف عام.
واستخدم العلماء برنامجا شبيها بـ"ترجمة غوغل" (Google Translate) لكشف الألغاز الكامنة وراء أقدم أشكال الكتابة البشرية.
إقرأ المزيدوكشف فريق ألماني من جامعات مارتن لوثر في هالة-فيتنبرغ، ويوهان غوتنبرغ ماينز، وماينز للعلوم التطبيقية، عن نظام ذكاء اصطناعي قادر على فك رموز النصوص المسمارية القديمة.
واعتمد الفريق على نحو 2000 لوح مسماري، فيما يقال إن هناك مليون لوح من هذا القبيل في العالم. ومعظمها نشأ من بلاد الرافدين، وهي منطقة تاريخية تقع حاليا في العراق وسوريا وتركيا، ما بين نهري دجلة والفرات، والمعروفة باسم "مهد الحضارة".
ويبلغ عمر العديد من هذه الألواح المسمارية أكثر من 5000 عام، ما يجعلها أقدم السجلات المكتوبة الباقية للبشرية.
وتغطي النصوص القديمة مجموعة واسعة من المواضيع بدءا من قوائم التسوق وحتى أحكام المحكمة.
وقال هيوبرت مارا، أحد مؤلفي الدراسة: "توفر الألواح لمحة عن ماضي البشرية منذ عدة آلاف من السنين. ومع ذلك، فهي تتعرض للعوامل الجوية بشدة وبالتالي يصعب فك شفرتها حتى بالنسبة للعيون المدربة".
وتم نقش اللغة القديمة على شكل رموز وعلامات على ألواح طينية مبللة. وأدت آلاف السنين إلى تآكل هذه الألواح، ما جعل من الصعب قراءتها.
ويمكن للتكنولوجيا التقليدية مسح وترجمة المخطوطات وغيرها من المواد ثنائية الأبعاد. ولكنها لا تأخذ في الاعتبار عوامل تشتيت الإضاءة والألوان التي يمكن أن تؤثر على الكائنات ثلاثية الأبعاد مثل الألواح.
إقرأ المزيدويعمل التعرف الضوئي على الحروف (OCR) عادة مع الصور الفوتوغرافية أو عمليات المسح الضوئي. وهذه ليست مشكلة بالنسبة للحبر على الورق أو البرشمان (ورق نفيس للمخطوطات).
وقال إرنست ستوتسنر، المؤلف المشارك: "في حالة الألواح المسمارية، تكون الأمور أكثر صعوبة لأن الضوء وزاوية الرؤية تؤثر بشكل كبير على مدى إمكانية التعرف على أحرف معينة".
لكن النظام الجديد يلغي الحاجة إلى الإضاءة المثالية، وحتى المعرفة الأساسية باللغة القديمة عند ترجمة النص.
وقال جاي جوثرز، عالم الكمبيوتر الذي كان جزءا من الفريق الذي طور البرنامج: "الأمر المذهل هو أنني لست بحاجة إلى فهم اللغة الأكادية على الإطلاق لترجمة اللوح والحصول على ما وراء الكتابة المسمارية. يمكنني فقط استخدام الخوارزمية لفهم واكتشاف ما يقوله الماضي".
ويمكن للنموذج الأولي للبرنامج تمييز الرموز بشكل موثوق من لغتين، إحداها هي اللغة الأكادية التي لم يتم التحدث بها أو كتابتها منذ أكثر من 2000 عام.
المصدر: ذي صن
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: ذكاء اصطناعي معلومات عامة
إقرأ أيضاً:
باستخدام الدم وقشر البيض ويرفض الأدوات الحديثة.. هذا الفنان في مهمة لنسخ الفنون الصخرية القديمة
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في أوائل سبعينيات القرن الماضي، وتحت الشمس الحارقة، تبع ستيفن تاونلي باسيت، الذي كان يبلغ من العمر 14 عامًا آنذاك، عمّه باتجاه مكان مظلّل وفرته إحدى الكهوف العديدة المنتشرة بين جبال "سيدربيرغ" في مقاطعة كيب الغربية جنوب إفريقا.
انبهر المراهق ممّا رآه، فتناثرت على واجهة الصخرة لوحة فنية مذهلة لأشكال نصف حيوانية ونصف بشرية، وجعله ذلك يتساءل: من صنع هذا العمل؟ ومتى صنعوه؟ ولماذا؟
ولكن أكثر ما أثار فضوله هو كيفية صُنِع العمل بالتحديد.
أصبح باسيت "مهووسًا" بالعثور على الإجابات منذ خروجه من ذلك الكهف، وأمضى الفنان المولود في كيب تاون عقودًا في زيارة آلاف مواقع الفن الصخري القديمة المنتشرة في البلاد، ليُنتج نسخًا بالغة الدقة لمحاولات البشر الأولى في عالم الرسم.
نسْخ الأعمال ليس أمرًا جديدًا، ولكن أعمال باسيت ليست نسخًا طبق الأصل.
لا يستخدم الفنان ألوانًا أو فرشًا تجارية لصنع أعماله، فهو لا يستخدم إلا المواد والأدوات التي كانت متاحة لشعب "سان" الأصلي (الذي اعتمد على الصيد وجمع الثمار) عند ابتكاره هذه التصاميم منذ 10 آلاف عام تقريبًا.
قال باسيت لـ CNN: "الأمر يتعلق بفهم ما كان في قلوب وعقول من رسموا اللوحات.. لا أريد صنع نُسَخ أو أعمال فنية غريبة فحسب. منذ البداية، أردت أن يكون عملي دقيقًا للغاية بحيث يمكن للباحثين والأكاديميين استخدامه كمرجع".
شعب "سان" هم السكان الأصليون في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولا تزال العديد من المجموعات المعتمِدة على الصيد وجمع الثمار موجودة حتى يومنا هذا في ناميبيا، وبوتسوانا، وجنوب إفريقيا، ودول أخرى في المنطقة.
بقايا لوحاتهم ونقوشهم لا زالت ظاهرة في آلاف المواقع في جميع أنحاء القارة، ويصل عددها إلى 7 آلاف عمل في جبال "سيدربيرغ" وحدها، وفقًا لمنسق الفنون الصخرية المحلية، لوندي ندزيما.
اعتُقِد سابقًا أنّ أعمالهم الفنية، التي تُظهر الحيوانات والبشر، وهجينًا من الاثنين أحيانًا، تجسِّد مشاهد من الحياة اليومية، ولكن تغيّر الفكر الأكاديمي ليرى أنّ الفن الصخري في جنوب إفريقيا غالبًا ما يعكس صورًا وزخارف ذات أهمية روحية وثقافية، بحسب المتحف البريطاني.
يُعتقد أنّ بعض الصور تعكس رؤى شاهدها الـ"شامان" أثناء دخولهم حالات أشبه بالغيبوبة لأداء مهام جماعية مثل شفاء المرضى.
وأوضح ندزيما: "عندما كانوا يرسمون، لم يفعلوا ذلك بغرض التزيين فحسب، بل كانت هناك دائمًا قصة وراء ذلك".
بدأ سعي باسيت لإظهار كيفية صنع الفن الصخري بجدية عام 1998 عندما تخلى عن وظيفته في إحدى الشركات لممارسة شغفه.
بالنسبة للفنان، تبدأ العملية في أيٍّ من المواقع المزينة بالفن الصخري، من بوتسوانا إلى زيمبابوي، حيث يقضي أيامًا في تصوير، ورسم، وقياس اللوحات المرسومة على جدران الكهوف المختلفة، والنتوءات الصخرية، والصخور الكبيرة.
عندما يتعلق الأمر بإعادة إنشاء اللوحات، يرفض باسيت الأدوات الحديثة، فهو يفضّل المواد المتوفرة في الموقع فقط، ولكن التكنولوجيا الحديثة خيار مُتاح خلال عملية التحضير.
على سبيل المثال، عند فحص فن صخري لأسدٍ يقفز بين قطيع من الماشية عن قرب، يرتدي باسيت عدسات مكبّرة للأسنان، وهي عبارة عن جهاز تكبير يُستخدم في العمليات الجراحية، لتوثيق كل نقطة وضربة فرشاة.
ومن ثمّ يعود الفنان إلى الاستوديو الخاص به في بلدة كوماني في كيب الشرقية، حيث يستعين بمختلف الأصباغ، والمواد اللاصقة، والأدوات التي صممها لتوثيق الأعمال القديمة.
إعادة إنتاج المواد المستخدمة كانت عملية استغرقت عقودًا من المحاولة والتعلم من الأخطاء.
وخلالها، اكتشف باسيت أنّ البيض، والدم، وشحم نخاع الحيوانات تُعدّ مواد لاصقة جيّدة، بينما أثبتت فضلات الطيور الجارحة، وقشور بيض النعام المسخّنة بالنار فائدتها الكبيرة في صنع الصبغة البيضاء، التي تُعدّ من أصعب الألوان التي يمكن حصول عليها من بين الألوان الأربعة الأساسية التي تهيمن على الفن الصخري (الأحمر، والأصفر، والأسود، والأبيض).
الكتابة على الجدرانبعد تأليف ثلاثة كتب عن الفن الصخري، والعمل مع علماء من جنوب إفريقيا وفرنسا فيما يتعلّق بتركيبة الأصباغ، يأمل باسيت أن تُشكّل أعماله "أداة بحث" لأجيال من المؤرخين وعلماء الأنثروبولوجيا القادمين.