تعددتِ الأخبار والتقارير حول العروض الأمريكية والإسرائيلية والأوربية على مصر مقابل القيام بأدوار مختلفة في غزة بعد أن تنتهي أمريكا وإسرائيل من القضاء على حماس، وفقًا لمزاعمهم وآمالهم.
ومن ضمن ما نُشر في هذا الشأن ما نقلته صحيفة «إسرائيل اليوم» حول دعم الكونجرس الأمريكي لخطة تتضمن استقبال مصر عددًا كبيرًا من اللاجئين الفلسطينيين في غزة، تقدَّم بها للكونجرس السيناتور چون ويلسون، الذي اقترح أن يتم توزيع العدد الأكبر من أبناء غزة على مصر وتركيا والعراق واليمن، كما اقترح «ويلسون» توزيع سكان غزة الذين ستستقبلهم كل دولة: مليون في مصر، نصف مليون في تركيا، 250 ألفًا في العراق، و250 ألفًا آخرين لليمن.
والتصور الثاني هو تسلُّم مصر قطاع غزة وإدارة الأمن بداخله، والثالث هو انخراط مصر ضمن عدة دول عربية لإدارة غزة، والتصور الرابع هو انخراط مصر ضمن تحالف دولي لإدارة الأوضاع في غزة بعد حماس.
ومع كل هذه العروض التي تتحدث عنها الصحف الأمريكية والإسرائيلية تُنشر تفاصيل حول مساعدات وتسهيلات مالية تقدمها أمريكا وأوربا لمصر لإخراجها من أزمتها الاقتصادية الخانقة.
وبالتوازي مع تلك التصورات الكثيرة تتحدث الحكومة الإسرائيلية عن إقامة منطقة عازلة في شمال غزة، تفصل بينها وبين الأراضي المحتلة، وهو ما أعلن عنه بوضوح رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، الذي قال إننا لن نسمح بعودة الأمور إلى ما قبل السابع من أكتوبر، ولن يتعرض سكان غلاف غزة إلى خطر حماس مرة أخرى.
ويبدو من كثرة المقترحات والتصورات أنها تستهدف إغراق المنطقة العربية والفلسطينيين في حالة من التيه السياسي، بحيث لا يعرف أحدٌ حقيقة النوايا الإسرائيلية والأمريكية في غزة وفي الأراضي الفلسطينية في الفترة القادمة، حيث تتناقض في الكثير من الأحيان المقترحات التي تُنشر في الصحف والوكالات الأمريكية والإسرائيلية والغربية.
ويأتي ذلك استمرارًا لخطة الخداع التي تقوم بتنفيذها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه كل الدول العربية إضافة إلى إيران، حيث تتعمد تبني تصريحات تدعو إلى الهدنة وحماية المدنيين، وفي الوقت نفسه تمد إسرائيل بمئات القنابل التي يزيد وزن الواحدة منها على ألفَي كيلوجرام، وهي القنابل القادرة على تفجير المنشآت والتحصينات تحت الأرض لمسافة 30 مترًا، وهو ما يعني أن التحالف الأمريكي الإسرائيلي الذي دمَّر كل ما هو فوق الأرض في غزة، سوف يعمل على تدمير كل ما هو تحت الأرض فيها بحيث تتحول غزة إلى بركان من النار لا يمكن لأي بشر العيش فيه.
ووفقًا لهذا المخطط، فإن الناجين من تلك المحرقة وعمليات الإبادة الجماعية التي تُنفَّذ بالتعاون المشترك بين تل أبيب وواشنطن، ومعظم العواصم الغربية، لن يجدوا أمامهم إلا الحدود المصرية للهروب إليها في أكبر عملية تهجير قسري في التاريخ تنقلها شاشات الفضائيات، وتصمت أمامها كل دول العالم.
وتحاول الإدارة الصهيونية، تصدير أزمتها مع المقاومة الفلسطينية إلى مصر بحيث تتحول أكبر دولة عربية إلى شرطي يحمي حدودها، ويُحاسَب دوليًّا عند التقصير في ذلك، وهي تستغل هذا الدعم غير المسبوق من كافة الدول الأوربية والولايات المتحدة، لوضع القاهرة في مأزق كبير بين إشكالين: إما أن تقبل التهجير وتتحول إلى شرطي يحمي أمن إسرائيل، أو تقبل الصمت الكامل على عمليات الإبادة للشعب الفلسطيني، أو الدخول في صراع عسكري ليس مع إسرائيل وحدها ولكن مع التحالف الأمريكي الأوربي أيضًا.
ولا يمكن تفسير المسعى الإسرائيلي الأمريكي بأنه رد فعل على ما حدث في السابع من أكتوبر الماضي، لأن كل عمليات إسرائيل ضد المسجد الأقصى والقدس، والشعب الفلسطيني في جنين وطولكرم ونابلس وغيرها مدن الضفة الغربية، إضافة إلى تدنيس واحتلال المسجد الأقصى من قطعان المستوطنين، كانت عملًا منظمًا سبق طوفان الأقصى، وكان جليًا أن الهدف منه القضاء التام على حل الدولتين، وإجبار الشعب الفلسطيني على الهروب من أرضه.
ويبقى أن ما تقوم به إسرائيل الآن بغطاء أمريكي من استخدام مذهل لأحدث الأسلحة الفتاكة ضد الشعب الفلسطيني في غزة هو النموذج الذي تريد به أمريكا أن تُرهب العرب وتضعهم جميعًا تحت سيف الذل الإسرائيلي، بينما تتفرغ هي لمعاركها الكبرى مع روسيا والصين.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
موقع ديلي بيست الأمريكي يكشف القرار المزلزل الذي وعد ترامب بإعلانه
أفاد موقع "ديلي بيست" الأميركي بأن القرار "المزلزل" الذي وعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم بإعلانه خلال الأيام القليلة الماضية، ظهر أنه سياسة من سياساته التي كان يرغب في تنفيذها أثناء ولايته الأولى في الرئاسة ولم ينجح.
وأعلن ترامب الليلة الماضية أنه سيوقع صباح اليوم أمرا تنفيذيا يقضي بتخفيض أسعار الأدوية في أميركا بنسب تتراوح بين 30% و80%، وفقا للموقع.
وأوضح ترامب في تغريدة له على منصته "تروث سوشيال" أن هيئة الرعاية الطبية الأميركية -ميديكيد- يجب ألا تدفع، بموجب الأمر، أكثر من أدنى سعر يُدفع في أي مكان في العالم، واصفا قراره بأنه إحياء لسياساته لجعل أميركا "الدولة الأكثر رعاية" لمواطنيها.
أهم قرار على الإطلاق
وأضاف في تغريدته: "لسنوات عديدة تساءل العالم لماذا تكون أسعار الأدوية في الولايات المتحدة أعلى بكثير من أي دولة أخرى. سيتم التعامل مع بلدنا أخيرا بشكل عادل، وسيتم تخفيض تكاليف الرعاية الصحية لمواطنينا بأرقام لم يتم التفكير فيها من قبل".
وقبل الكشف عن قراره، وصف ترامب هذا القرار بأنه سيكون "واحدا من أهم القرارات التي أصدرها وأكثرها تأثيرا على الإطلاق".
وذكر "ديلي بيست" أن أول محاولة لترامب لسن هذه السياسة قد أجهضها في عام 2020 قاض فدرالي قال إن الحكومة فشلت في اتباع عمليات التنفيذ المناسبة، وألغاها لاحقا الرئيس السابق جو بايدن.
لن يرضخ للشركات
وقال ترامب أمس إنه سيفعل ما هو صحيح "وهو الأمر الذي حاربه الديمقراطيون لسنوات عديدة"، ملمحا إلى أن مقاومة هذه السياسة تعود إلى تأثير جماعات الضغط والمصالح السياسية، وأعلن رفضه للرضوخ لضغوط شركات الأدوية.
ونسب "ديلي بيست" إلى مراقبين توقعهم أن تعارض شركات صناعة الأدوية هذه الخطوة، مشيرا إلى وصف صحيفة "وول ستريت جورنال" في افتتاحية لها الأسبوع الماضي هذه السياسة بأنها "أسوأ فكرة لترامب منذ التعريفات الجمركية".
وكانت وول ستريت جورنال قالت إن هذه السياسة لن تقرّب إدارة ترامب من تحقيق هدفها المتمثل في توفير 880 مليار دولار من نفقات الرعاية الطبية، لأن "ميديكيد" تنفق على المستشفيات أكثر من 10 أضعاف ما تنفقه على الأدوية.
وأوضحت الصحيفة أن الضغط المالي على شركات الأدوية قد يؤدي إلى انسحاب بعضها من برنامج "ميديكيد"، مما قد يؤثر سلبا على تطوير العلاجات الجديدة والمبتكرة