«لا مكان آمنًا فى غزة، ولا ملجأ بإمكانه إيواء الفارين من الحرب».. هذه الجملة كفيلة بأن تصف الوضع الحقيقى وكيف يعيش أهالى غزة على أرض غير مستقرة تهدد ثباتها القنابل والصواريخ ودانات المدافع، وسماء ممطرة نارا ولهيبا، وبحر قل خيره ونفعه وزادت شروره بما يقذفه على الآمنين من فوق بوارج بخارية لا تتوقف طلقاتها.
شباك الموت باتت تحصد كل الأرواح فى ظل ظروف معيشية صعبة، وبات توسع العمليات العسكرية بصورة كبيرة ومتسارعة دافعا قويا لتدفق آلاف الفلسطينيين من منطقة لأخرى ليزداد الضغط على نظام صحى منهار، وبنية تحتية مدمرة، فمن لم يمت فى الشارع مات تحت الأنقاض.
أول أمس الثلاثاء، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلى تطويق خان يونس فى جنوب القطاع، وحذرت لين هاسينغز، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فى الأراضى الفلسطينية من توسيع إسرائيل لنطاق عملياتها العسكرية فى الجنوب الأمر الذى سيؤدى إلى «سيناريو أكثر رعبا».
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن الوضع فى غزة يزداد سوء كل ساعة، وقد يكون الأكثر حلكة فى تاريخ البشرية جمعاء.
ووصف مصطفى البرغوثى، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية ما آلت إليه الأحداث بأنه «استباحة مطلقة» عبر استهداف الفلسطينيين من الجيش والشرطة والمستوطنين الإسرائيليين، مضيفا أنهم يشعرون أن لديهم الحق فى قتل الفلسطينيين، وأن الأسرى يعانون من التعذيب والمضايقات الهمجية.
فى المقابل زادت شراسة المقاومة فى الدفاع عن أرضهم والتصدى للمحتل الغاصب ليعترف جيش الاحتلال مساء الثلاثاء -خلال كتابة هذه الكلمات – أن قواته خاضت أشرس معارك لها مع المقاتلين الفلسطينيين فى قطاع غزة منذ بدء العملية البرية، وذلك عقب وقت قصير من إعلان حركة حماس عن سلسلة هجمات ثأرية أوقعت عشرات القتلى والجرحى فى صفوف القوات الإسرائيلية.
رغم اعتراف الحكومة الإسرائيلية أن المرحلة الثانية من الحرب ستكون أكثر صعوبة من المرحلة الأولى قبل الهدنة الإنسانية، إلا أن إسرائيل لديها إصرار كبير على مواصلة حربها على قطاع غزة وعلى معركتها البرية فى جنوب القطاع.
إسرائيل ماضية فى غيها لا رادع يوقفها، ولا قانون تخشاه، ولا ضمير يعذبها، المهم أن تحقق ما تصبوا إليه مهما كانت خسائرها، وباتت تتعامل على طريقة الفرصة الأخيرة، وسياسة أرض الواقع لتضع شروطها بعد ذلك وفقا لمبدأ القوة وعلى المتضرر الشجب والتنديد والعويل والبكاء، فتجربتها خلال الصراع الممتد لأكثر من 7 عقود كاملة أكسبتها خبرة فى ردود الفعل العربية والإسلامية.
باختصار.. رغم إعلان إسرائيل ما تكبده جيشها من خسائر، مساء الثلاثاء الماضي، ووصفه بالثلاثاء الدامى إلا أننا فى الوقت ذاته نعرض الخسائر التى تعرض لها الأشقاء فى غزة منذ انهيار الهدنة، كمؤشر لنوايا الاحتلال الدموية وغير الآدمية تجاه فلسطين وانعكاسات حرب الإبادة على المنطقة بل العالم أجمع.
الإحصائية أعلنها مسؤولون فلسطينيون فى قطاع غزة، أن إسرائيل ارتكبت خلال 5 أيام 77 مجزرة خلفت أكثر من 1200 شهيد فى أماكن متعددة ليرتفع عدد الشهداء منذ السابع من أكتوبر الماضى إلى 16 ألفًا و800 شهيد، بالإضافة إلى 6 آلاف مفقود تحت الأنقاض، ليصل الإجمالى إلى ما يقرب من 23 ألف شهيد، كما ارتفع عدد المصابين لأكثر من 40 ألف مصاب غالبيتهم بإصابات خطيرة.
تبقى كلمة.. النازحون يعيشون حالة صعبة للغاية منذ وصولهم إلى جنوب القطاع دون أن يتمكنوا من العثور على أماكن للاحتماء فيها من الموت، فإن ما يحدث على أرض غزة أشبه بيوم القيامة، ولا ملاذ لهم إلا رفح الفلسطينية فى جنوب القطاع والتى تعد «المحطة الأخيرة» بالنسبة لهم، لتتزايد الضغوط عليهم عبر فكرة التهجير للهروب من الموت، إلا أنهم يفضلون الشهادة على ترك بلادهم، فهل ينجح صمودهم ويحققون أحلامهم بالعودة إلى ربوع وطنهم؟ أم أنهم اختاروا مكان مقابرهم؟
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: باختصار المحطة الأخيرة الوضع الحقيقي العمليات العسكرية صورة كبيرة الاحتلال الإسرائيلى جنوب القطاع
إقرأ أيضاً:
72 شهيدا بغزة وحماس تحذر من إقامة معسكرات اعتقال
استشهد عشرات الفلسطينيين الخميس في غارات إسرائيلية على عدة مناطق في غزة، بينما حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من أن تستغل إسرائيل المساعدات لإقامة معسكرات اعتقال في جنوب القطاع.
وقالت مصادر طبية للجزيرة إن 72 فلسطينيا استشهدوا في غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر الخميس.
وفي أحدث التطورات، أفاد مراسل الجزيرة باستشهاد 6 أشخاص وإصابة عشرات آخرين في غارة إسرائيلية استهدفت منازل في جباليا البلد شمالي القطاع.
فلسطينيون يشيعون جثامين 10 شهداء من عائلة واحدة في مجمع الشفاء الطبي بعد استهداف منزلهم في جباليا البلد شمال قطاع #غزة#حرب_غزة #الأخبار pic.twitter.com/MRK0rFuLhB
— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 22, 2025
كما استشهد 5 وأصيب آخرون في غارة على منزل بمخيم المغازي وسط قطاع غزة.
وفي وسط القطاع أيضا، قصفت طائرات الاحتلال منزلا جنوب دير البلح مما أسفر عن 3 شهداء ومصابين.
وفي جنوب القطاع، استهدف قصف إسرائيلي خيمة نازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس وأسفر عن شهيد و30 جريحا.
وكان مراسل الجزيرة أفاد في وقت سابق باستشهاد 25 فلسطينيا جراء غارات على مدينة غزة، وبث ناشطون صورا تظهر قصفا عنيفا على الأحياء الشرقية للمدينة ومنها حي الشجاعية.
إعلانوأعلنت الأمم المتحدة أن القصف الإسرائيلي أودى بأرواح أكثر من 600 فلسطيني خلال 5 أيام.
وكانت إسرائيل استأنفت العدوان على غزة في 18 مارس/آذار الماضي بعد أن انقلبت على اتفاق وقف إطلاق النار، ومن ذلك الوقت استشهد 3600 فلسطيني وأصيب 10 آلاف آخرون، وفقا لبيانات وزارة الصحة في القطاع.
نزوح من الشمال
ووسط الغارات الكثيفة، يواصل العديد من سكان شمالي قطاع غزة النزوح باتجاه مدينة غزة جنوبا إثر تهديدات إسرائيلية بقصف تلك المناطق.
وأظهرت صور نزوح عائلات بأكملها من شمالي القطاع بعد أن أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء 13 منطقة سكنية في جباليا وبيت لاهيا.
وتوعد جيش الاحتلال بشن هجمات عنيفة على تلك المناطق السكنية بذريعة إطلاق المقاومة الفلسطينية صواريخ منها باتجاه مستوطنات غلاف غزة.
وأكدت الأمم المتحدة الخميس تهجير 160 ألف شخص مرة أخرى في غزة خلال الأسبوع الماضي فقط.
وقفة بمدينة غزة، للمطالبة بفتح المعابر ووقف الحرب الإسرائيلية، وإدخال المساعدات الكافية بشكل عاجل. pic.twitter.com/CVsHPtiozK
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) May 22, 2025
معسكرات اعتقالمن جهة أخرى، حذرت حماس من مخطط إسرائيلي لإقامة معسكرات اعتقال جنوبي قطاع غزة تحت غطاء المساعدات.
وقالت الحركة في بيان عبر تطبيق تليغرام إن خطة "مساعدات الغيتو" محاولة لتجميل جريمة الإبادة ولن تعفي الاحتلال من المسؤولية، وشددت على أن هذا المخطط لن يكتب له النجاح.
وقالت حماس إن الاحتلال يواصل هندسة التجويع في غزة، وأضافت أن المساعدات الحالية لا تمثل سوى قطرة في محيط الاحتياجات الإنسانية.
وتابعت أن ما يدخل غزة من مساعدات لا يتجاوز عُشر الاحتياجات الفعلية، مؤكدة أن المجاعة تتسع يوما بعد يوم.
وطالبت الحركة بممر إنساني دائم وكسر كامل للحصار ورفض الابتزاز الإنساني.
إعلانوقد تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الخميس عن إقامة "مناطق آمنة" يتم توزيع الطعام فيها على المدنيين جنوبي القطاع.
وسمح الاحتلال بدخول عدد محدود من شاحنات المساعدات إلى غزة، في حين تؤكد الأمم المتحدة أن سكان القطاع المحاصر يحتاجون إلى 600 شاحنة يوميا.