لجريدة عمان:
2025-05-26@01:04:47 GMT

السرد والبوكر وشهرزاد

تاريخ النشر: 25th, May 2025 GMT

لا يمكن التعجب من تكرار فوز وتكريم المرأة ساردة في جائزة أو مجموعة جوائز عالمية وإقليمية ومحلية خصصت للسرد، بل العجب كل العجب أن تنأى المرأة عن هذه الحرفة إلى الصمت أو أن تلهى عنها انشغالا بالحياة والتزاماتها، أو بمجرد الاكتفاء بتلقي سرد الآخرين، لا نقول منذ شهرزاد وحسب، بل قبلها بكثير كانت المرأة وما زالت هي الراوي في قصص الجدة وصوت الأمهات وحكايات النساء مع جلسات الضحى وأسمار المساء، وما رمزية السرد التي هي الحياة في«ألف ليلة وليلة» إلا استمرار وتأكيد لارتباط السرد بالمرأة، ممثلة في شهرزاد التي أنقذت حياتها وحياة الأخريات بنسج خيوط القصص وحكايات الليل معالجة النزعة الانتقامية لدى شهريار الغارق في انشغاله بعدائيته وخصومته للمرأة بألفة السرد وانجذاب المتلقي لعصب الحكاية المعلق في حبكتها المسلمة إياه للتشويق منتظرا نهايتها حتى لو كلفه الانتظار تأجيل قرار الموت مقابل الحياة، صنعت منه خلقا جديدا يأنس بالسرد وسيلة للحياة عبر المرأة ممثلة في الراوي السارد «شهرزاد».

فازت الكاتبة الهندية والناشطة في مجال حقوق المرأة بانو مشتاق، مساء الثلاثاء الماضي، بجائزة بوكر الأدبية الدولية عن مجموعتها القصصية «مصباح القلب» التي تتناول الحياة اليومية لنساء مسلمات في جنوب الهند، تروي بانو في المجموعة القصصية التي كُتبت بالكانادية، اللغة المحلية في جنوب الهند، جوانب من حياة العديد من نساء الهند اللواتي يعانين من التوترات الأسرية والمجتمعية، المجموعة هي أول كتاب باللغة الكانادية يحصل على هذه الجائزة الدولية المرموقة التي تم تقديمها في حفل أقيم في لندن.

ومع الاحتفاء بفوز الكاتبة الهندية لا ينبغي إغفال استعادة النساء مجدهن السردي في هذه المسابقة وغيرها من المحافل الدولية، مع تكرار أسماء لكاتبات ساردات من مختلف أرجاء العالم، فما الذي حال دون ذلك من قبل؟ أ كانت النساء تعيش السرد أكثر مما تكتبه؟ أم كُنَّ يتقصدن تخزين أكبر معدل ممكن من السرد قبل توثيقة على شكل قصة أو رواية؟ هل عظم المخزون - خصوصا مع ما يعيشه العالم اليوم من أزمات وتحديات وكوارث، تتحمل النساء آلامها وتعاني مشقتها مضاعفة - حتى قررت أخيرا كتابتها ونشرها لتتشاركها والآخرين كعادتها لكن توثيقا؟ يعزز ذلك معرفة المدة التي نشرت خلالها الفائزة بجائزة البوكر قصصها بين عامي 1990 و2023، إذ احتاجت مجموعتها الفائزة إلى ثلاثة عقود من الصبر والمثابرة من الكاتبة في التأليف والنشر، ثم من المترجمة في اختيارها من المنشور اثنتي عشرة قصة، بعيدا عن بريق الجوائز وصخب المنصات، كما أنها تطلبت تمازجا مع المجتمع عبر تلبس شخوصه المقهورين والمهمشين من المسكوت عنهم في الكتابات الاستهلاكية العابرة، الكاتبة التي تعمل كمحامية وناشطة نسوية، ألفت ست مجموعات قصصية، ورواية واحدة، ومجموعة مقالات، وديوان شعر، جميعها بلغة الكانادا، قالت عند حصولها على الجائزة «أقبل هذا الشرف العظيم ليس كفرد، بل كصوت يقف مع العديد من الآخرين» واصفة فوزها بأنه «لحظة لا تصدّق» وبحسب منظمي الجائزة، فقد تعرّض الكتاب للرقابة من جانب الدوائر المحافظة في الهند، وتم تجنّبه من قبل الجوائز الأدبية الكبرى في البلاد، وقد استبق رئيس لجنة التحكيم ماكس بورتر الإعلان عن فوز مشتاق بالإشادة «بالكتب التي تتحدّى السلطات من السودان إلى أوكرانيا والصين وإريتريا وإيران وتركيا، في كل مكان»، ولا ننسى الاحتفاء بالترجمة كذلك إذ وصف بعض النقاد الترجمة قائلين: «إن القصص الفائزة تمثل انتصارًا ليس فقط للأدب المكتوب بالكانادا، بل أيضًا للترجمة بوصفها مقاومة ثقافية، فمن خلال شراكتها مع المترجمة ديبا بهاستي، فتحت بانو مشتاق نافذة جديدة لحكايات النساء المسلمات في جنوب الهند، وجعلت منها أدبًا عالميًا ذا صوت واضح وقوي»

جائزة بوكر الدولية هي جائزة أدبية كانت تُمنح كل عامين لكنّها منذ 2016 تُمنح سنويا للروايات المترجمة إلى الإنجليزية، وقد فازت بها الروائية العمانية جوخة الحارثي عام 2019 عن روايتها «سيدات القمر» كأول رواية مترجمة عن العربية.

ختاما: فوز بانو مشتاق بالبوكر أعاد للمجاميع القصصية ألقها، ولكتاب القصة طمأنينتهم بعد عقود من تكريس فكرة تفوق الرواية على باقي فنون النثر والشعر معا، كما أنه أعاد شغف الالتفات للمجتمع في يومياته المشحونة بالتوتر، المسكونة بالسرد والدراما، المغذية كل الفنون بكافة أشكالها بطاقات من التعبير والإبداع، وفي شخوصه البسطاء حاملي عبء الحياة بكل ما فيها من ثوابت ومتغيرات، وأحلام ورؤى، وفي وظيفة الكاتب والمثقف لنقل رسالة المستضعفين للعالم دون التسليم باليأس عند عتبات إغلاق الأبواب، وإقصاء الأصوات.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

«صباح البلد» يستعرض مقال الكاتبة الصحفية إلهام أبو الفتح: «سلامتك يا أبو زهرة»

استعرضت الإعلامية رشا مجدي، ببرنامج «صباح البلد» على قناة صدى البلد، مقال للكاتبة الصحفية إلهام أبو الفتح، مدير تحرير جريدة الأخبار ورئيس شبكة قنوات ومواقع «صدى البلد»، المنشور في صحيفة «الأخبار» تحت عنوان: «سلامتك يا أبو زهرة».

رئيس الوزراء يعلق على واقعة وقف معاش الفنان عبدالرحمن أبو زهرةنجل عبد الرحمن أبو زهرة يكشف تطورات حالة والده وتفاصيل مكالمة الرئيس السيسي.. فيديو

عبد الرحمن أبو زهرة تاريخ فني كبير محفور في وجدان الفن المصري والعربي مثله مثل عادل امام محمود يسن .. نور الشريف وغيرهم الكثير .. استطاع أن يكون واحدا من العائلة المصرية عند متابعتهم لـ “الجزيرة”، و”بحب السيما”، و”ملاك وشيطان”، ومسلسلات عديدة أطل فيها ولو بمشاهد قليلة لكنها تظل في الذاكرة.

أصيب بوعكة صحية ، الرئيس الإنسان عبد الفتاح السيسي اتصل به للاطمئنان عليه لأنه يعرف قدره .. في لفتة إنسانية تحمل كثيرًا من الدلالات، بأن رموز الفن والثقافة ليسوا بعيدين عن اهتمام الدولة، ولا يسقطون بالتقادم.

ليوم، في لحظة يحتاج فيها الفن إلى رموزه، يبقى عبد الرحمن أبو زهرة علامة في تاريخ الإبداع العربي، ليس فقط بما قدّمه من أدوار خالدة، بصوته المميز وأداءه الفريد الذي يجمع بين الصدق،  والوقار والموهبة . واحد من القلائل الذين صنعوا للمسرح المصري هيبته، وللدراما عمقها، وللشخصية الفنية احترامها. وعلى مدار أكثر من خمسين عامًا، قدّم عشرات الأعمال التي  تركت أثرها في القلوب والعقول.

"الملك لير" و"الكونت دي مونت كريستو"، وامتلك ناصية اللغة العربية الفصحى، ليمنحها على لسانه حياة جديدة.

عبد الرحمن أبو زهرة ليس مجرد فنان مرّ في تاريخ الدراما المصرية، بل هو واحد من أعمدتها الراسخة، وشاهد حي على زمن كانت تُصنع فيه الشخصيات بروح وحرفية. وأداءه علي  المسرح، ووقوفه دائمًا في صف الكرامة والذوق الرفيع، يظل حاضرًا في الوعي كأيقونة لا تغيب.

فنان من الزمن الجميل، لم تستهلكه الشهرة، ولم تغرِه الأضواء، بل ظل مؤمنًا بأن الفن رسالة قبل أن يكون مهنة، وأن الكرامة هي أول شروط الإبداع.. اكتسب حب الجماهير بما يمثّله من قيم في الالتزام، والاحترام، كان ولا زال أحد أفضل الوجوه التي تحدّثت باسم الفن، وعبرت عنه.سلامتك يا أبو زهرة، وتعود لجمهورك قريبا بإذن الله  فالمسرح لا يزال ينتظر خطواتك، والكاميرا ما زالت تعرف مكانك ومكانتك.

طباعة شارك عبد الرحمن أبو زهرة الفن المصري السيسي إلهام أبو الفتح

مقالات مشابهة

  • «تحدي الرياضة».. «طاقة إيجابية» للارتقاء بـ «جودة الحياة»
  • تصنيف أفضل دول العالم للنساء في العام 2025 (إنفوغراف)
  • من ستري إلى لاباتا لايديز.. صعود بطيء للسينما النسوية في الهند
  • بالأرقام.. انتهاكات جسيمة بحق المرأة السودانية في خضم الحرب
  • برلمانية تؤكد على أهمية تعزيز تمثيل المرأة المصرية في الحياة النيابية
  • «صباح البلد» يستعرض مقال الكاتبة الصحفية إلهام أبو الفتح: «سلامتك يا أبو زهرة»
  • منال بنت محمد: دعم حضور المرأة الإماراتية في المحافل الدولية
  • الكشف عن خطة تستهدف تركيا وأذربيجان.. والدول التي تقف وراءها
  • نساء الجنوب اللبناني يواجهن التحديات ويترشحن للانتخابات البلدية