نهى زكريا تكتب: ادّاين وازرع.. ولا تِدّاين وتبلع
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
ستتفاجأ عندما تعلم أن أميركا صاحبة أقوى اقتصاد فى العالم هى أكثر الدول ديوناً لدول أخرى و تتصدر اليابان قائمة أكثر الدول امتلاكا للدين الأمريكي بنحو 1.112 تريليون دولار، يليها الصين بـ821 مليار دولار، ثم المملكة المتحدة ولوكسمبورج وبلجيكا بحوالي 662 و349 و318 مليار دولار، وتشير تقديرات مكتب الميزانية في الكونجرس الأمريكي إلى أن الدين العام سيرتفع بنحو الضعف على مدى الثلاثة عقود المقبلة.
وتسببت قرارات خفض الضرائب وانخفاض الإيرادات الضريبية خلال ذروة "كورونا" في ارتفاع اقتراض الحكومة الأمريكية لمستويات غير مسبوقة.
والبداية منذ عام 2001 وليس مع كورونا حيث تجاوز إنفاق الحكومة إجمالى إيراداتها و هذا يعني ضرورة الاقتراض لتعويض الفارق والنتيجه هى تقليص الأموال الموجهة إلى استخدامات مثل الرعاية الصحية والتعليم وكذا البحث العلمي وهى أمور تشدقت اميريكا بالاهتمام بها طيلة عمره القصير على الأرض .
وقد أعلنت وكالة "فيتش" في شهر أغسطس 2023 خفض التصنيف السيادي الأمريكي من "إيه إيه إيه" إلى "إيه إيه +"، مبررة ذلك بتدهور الوضع المالي للبلاد والقلق بشأن قدرة الحكومة على معالجة عبء الديون المتضخم وسط انقسام سياسي واضح.
وإذا بحثنا فى أكثر الدول مديونية سنجد أن الدول العظمي هى أكثر الدول صاحبه أعلي ديون ، و سنجد أن أقل الدول مديونه هى هونج كونج 0% ديون و هذا يعنى أن وضع الدول الاقتصادي لا يمكن تقيمه بحجم ديونه و لكن بما يفعله بسبب هذه الديون، وكما قالوا من قبلنا( اتداين وإزرع، ولا تتداين وتبلع)، و هذا ما يحدث فى مصر فى العقد الماضى، حيث أصبحت ديون مصر للتطوير من بنيه تحتيه و مباني و زراعة وغيره، و حتى أن لم تظهر النتيجه كاملة فى فترة وجيزة إلا أن هناك علامات تدل على أننا نسير فى الطريق الصحيح و الدليل على ذلك ما حدث مؤخراً من الفيضانات في شرق ليبيا أحدثت دمارا وفي (درنة) ، حيث انهار سدان بعد هطول أمطار غزيرة وصلت إلى حد الإعصار، وقد تسبب إعصار (دانيال) في غرق أحياء بسكانها، وابتلع البحر أحياء و كان إهمال البنية التحتية الأساسية من أسباب هذه الكارثة حيث أن التقارير أفادت أن أحد سدي (درنة )لم تتم صيانته منذ عام 2002، والبنية التحتية هى أول ما اهتمت به مصر فى سنوات ما بعد ثورة 30/6 ، وأيضاً الاهتمام بالجيش وهى مسألة لا تحتاج إلى شرح بالنسبة لما يحدث هذه الأيام ولكم أن تتخيلوا وضع مصر الآن إذا لم يكن لديها هذا الجيش العظيم.
و يكفى ما صرحت به مديرة صندوق النقد الدولي (كريستالينا غورغييفا) في حديث خاص لسكاي نيوز عربية، إن "الدول التي تحيط بمصر تواجه مشاكل كبيرة بدءاً من السودان وصولاً إلي ليبيا وبالطبع ما يحدث في غزة مؤخراً، هذا الدور الذي تقوم به مصر لا يمكن أن يتحقق بطبيعة الأمر إلا من خلال اقتصاد قوي".
و عبرت غورغييفا، عن امتنان العالم لمصر لكونها دولة صامدة ومستقرة.
ثقتى فى بلدى دائما لم تقل وخاصة لعلمى أن البداية هى لدولة تريد منافسة أكبر الدول اقتصادياً فى العالم و لكى نبني مثل هذه الدولة يجب أن يكون أساسها قوياً بمعني أن الإنجازات لن تظهر إلا بعد وقت لان بناءً حتى الآن مازال مجرد أساس تحت الارض .
و فى كل الاحوال تظل مصر الأعظم بتاريخها و هى حقيقة لا يدركها إلا أولى الألباب.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أکثر الدول
إقرأ أيضاً:
أروى رأفت تكتب: غرور الإنسان.. من وهم المركزية إلى سلب الحرية
اعتقد الإنسان على مر العصور أنه محور الكون وأساس كل شيء فالغرور الإنساني المتجذر في أعماق البشر جعل الفلاسفة يظنون لقرون أن الشمس تدور حول الأرض، وأن الأرض بدورها تدور حول الإنسان، متناسين التنوع البيولوجي الهائل على كوكب الأرض.
فيوجد بين 1.6 إلى 1.9 مليون نوع من الكائنات الحية، هذا بخلاف الأنواع التي لم تكتشف بعد.
وبالنظر إلى هذا، فالحقيقة أن البشر ليسوا إلا مثقال ذرة من الكوكب ضئيلون بحجم نملة، ومغرورون بحجم الأنهار والمحيطات.
بداية ونهاية غرور البشر
بدأ غرور البشر حينما اكتشفوا الزراعة وبنوا الحضارات، فاعتقد العلماء والفلاسفة ورجال الدين أن الإنسان هو مركز الكون، وأن كلُ مسخر لخدمته وانتقل الغرور من الجزء إلى الكل، فأصبح البشر مغرورين حتى على أنفسهم.
وترسخت هذه الفكرة عند فئة "الخاصة" وهم فئة من العلماء والفلاسفة والمفكرين ورجال الدولة والدين إلخ بأنهم الصفوة، وعليهم توجيه "العامة" (بقية الشعب)، كما شرح أفلاطون في كتابه الجمهورية.
ويرى الخاصة أن فئة العامة لا تستوعب الأمور الكبيرة والمعقدة، وأنهم منقادون يتبعون كل ما يقال لهم، لذا فرضوا عليهم القيود تحت عنوان: "كي لا يلتبس عليهم الأمر ويخربون النظام السائد".
فأختفت حرية الرأي وقمع الإبداع، خوفًا على العامة من "الأفكار الغريبة" لكن في الحقيقة، كل هذا نابع من بؤرة الغرور الإنساني لدى الخاصة.
إن لكل إنسان الحق في أن يرى ويقرأ ويفكر والعامة مثل الخاصة تمامًا لديهم فكر وقرار نابع من ذواتهم.
فالوصاية على أفكار الآخرين أمر بغيض ونابع من الغرور الإنساني… والغرور، بلا شك، هو أسوأ صفات البشر.