مستشفى القدس العسكري ينظم فعالية ثقافية وتكريمية بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
يمانيون/ صنعاء
نظّم مستشفى القدس العسكري بصنعاء، اليوم، فعالية ثقافية وتكريمية بمناسبة اختتام فعاليات الذكرى السنوية للشهيد.وخلال الفعالية، التي حضرها مدير المستشفى العميد ركن دكتور عبدالكريم القدمي، القى القاضي مجاهد الشبيبي كلمة أشار فيها إلى أن مناسبة الذكرى السنوية للشهيد محطة هامة للوقوف أمام عظمة الشهداء وما سطروه من ملاحم بطولية وانتصارات في جبهات العزة والكرامة.
وتطرق إلى دلالات إحياء الذكرى السنوية للشهيد وأهميتها في إحياء مآثر الشهداء الأبرار واستلهام الدروس في واقع حياتنا العملية.
وأوضح أن شعبنا اليمني يجسد بإحياء هذه المناسبة قيم الوفاء والعرفان للشهداء والاهتمام وأسرهم باعتباره توجه أصيل لدى قيادتنا الحكيمة.
كما ألقيت كلمة عن أسر الشهداء ألقاها، الدكتور عصام الجرموزي، أكد فيها السير على درب الشهداء وبنفس الخطى والتوجه حتى تحقيق النصر.
وفي ختام الحفل قام مدير مستشفى القدس العسكري بتكريم أسر شهداء المستشفى.
تخلل الحفل قصيدة شعرية عن المناسبة. # الذكرى السنوية للشهيد# فعالية ثقافية# مستشفى القدس العسكريصنعاء
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الذکرى السنویة للشهید مستشفى القدس
إقرأ أيضاً:
كيف تسهم عودة الكفاءات من مسقط في إحياء القرى العُمانية؟
مُنذ بداية النهضة المباركة، شهدت سلطنة عُمان تحوّلًا سكانيًا صامتًا، تجلّى في نزوح جماعي للكوادر الوطنية نحو العاصمة مسقط. هذه الهجرة الداخلية، رغم أنها أسهمت في تركيز الخبرات في المراكز الإدارية والاقتصادية، خلّفت فراغًا واسعًا في القرى والولايات خصوصا في أيام الأسبوع، مجالس بلا أنفاس، أسواق تقاوم الركود أحيانا.
هذه ليست مجرد صورة رومانسية للمكان، بل واقع يعيشه المجتمع العُماني في تفاصيله اليومية. فبينما تستقطب مسقط فرص العمل، والتعليم العالي، والرعاية الصحية المتقدمة، تظل القرى تنتظر عودة أبنائها ممن يحملون أدوات التغيير. فما الذي يمكن أن يحدث لو قررت تلك الكفاءات العودة؟ هل يُمكن أن تعود الحياة إلى القرى بعودة أصحاب العقول والخبرات؟ هذا ما نحاول استكشافه من خلال هذا الاستطلاع الذي يستعرض شهادات من الميدان وتجارب حيّة لأشخاص قرروا أن يكونوا جزءًا من الحل.
لا تُعد هذه الظاهرة حكرًا على عُمان فحسب، بل تعاني منها العديد من المجتمعات التي تتّسم بطابعها القروي أو الريفي، حيث تميل الكفاءات إلى التمركز في العواصم والمراكز الحضرية الكبرى، مما يُخلّ بالتوازن التنموي بين المركز والأطراف. ومع تزايد التركيز على التنمية المستدامة، فإن عودة الكفاءات إلى مناطقها الأصلية لم تعد خيارًا فرديًا فقط، بل ضرورة وطنية ملحّة لتحقيق تنمية شاملة تُراعي خصوصية المكان، وتُثمّن الطاقة البشرية في مواطنها الأصلية.
صحار تنتعش في الإجازات لكن الكفاءات تستقر في مسقط
في ولاية صحار، التي تُعدّ إحدى أهم المدن العُمانية بعد العاصمة مسقط، يرصد إسحاق السعيدي مشهدًا أصبح مألوفًا ومتكررًا في كل نهاية أسبوع: ازدحام ملحوظ في الأسواق، امتلاء المقاهي، وعودة وجوه مألوفة طال غيابها. هذا الحراك المفاجئ والمؤقت، كما يصفه، لا يعكس حيوية دائمة بقدر ما يعكس ظاهرة موسمية مؤقتة مرتبطة فقط بالإجازات الرسمية ونهايات الأسبوع. إذ ما إن تنقضي الإجازة، حتى تعود المدينة إلى هدوئها النسبي، وتعود القرى والمناطق المجاورة إلى حالتها المعتادة من الركود الجزئي. يقول إسحاق: «ما يحدث في صحار خلال الإجازات يكشف بشكل واضح أن الغالبية العظمى من الكفاءات والموظفين والمتخصصين يقيمون فعليًا في مسقط، ويعودون إلى مناطقهم فقط في أوقات الراحة. وهذا يعكس خللًا عميقًا في توزيع الكوادر الوطنية داخل سلطنة عُمان». ويضيف أن هذا التمركز السكاني حول العاصمة، مع غياب حقيقي لفرص العمل المتنوعة والمتقدمة في الولايات، جعل من قرار العودة إلى المناطق الأصلية خيارًا غير عملي بالنسبة للكثيرين، رغم ارتباطهم العاطفي والاجتماعي الوثيق بها.
فرغم ما تتمتع به صحار من بنية تحتية متطورة، وموقع استراتيجي مهم، ووجود مناطق صناعية وميناء بحري، إلا أنها -برأيه- لا توفّر مناخًا وظيفيًا متكافئًا مع ما تعرضه المؤسسات المركزية في العاصمة. ويتابع: «كثير من الناس يتجهون إلى مسقط بحثًا عن فرصة مهنية أفضل، لكنهم لا يشعرون بالانتماء الكامل إليها. تظل قراهم ومدنهم الأصلية هي الملاذ، وهي البيئة النفسية التي تمنحهم الراحة والسكينة. هذا الانفصال بين مقر العمل ومكان الانتماء يولّد نوعًا من التوتر الصامت، ويفقدهم شعور الاستقرار الذي يحتاجه كل موظف للتميّز والإبداع».
ويؤمن إسحاق أن الحل الجذري يكمن في تفعيل مبدأ اللامركزية الإدارية بشكل فعلي وشامل. من وجهة نظره، لا ينبغي أن تكون اللامركزية مجرد إجراء إداري محدود بنقل بعض المهام، بل فلسفة شاملة تقوم على تمكين المحافظات من إدارة مواردها، واستثمار عقول أبنائها، وصياغة مشاريع تنموية نابعة من واقعها المحلي. يقول: «حين تمنح كل ولاية الصلاحيات الكافية، وتُتاح لها فرص التخطيط والتنفيذ، ستجد أن الكفاءات تعود إليها طواعية، لأنها ستشعر بوجود دور حقيقي لها في التأثير وصناعة القرار».
من المدينة إلى القرية: العودة التي أحدثت فرقًا
عبدالله العامري، أخصائي اجتماعي من ولاية إزكي، عاش سنوات طويلة في المدينة بحكم دراسته وعمله، قبل أن يتخذ قرارًا مصيريًا بالعودة إلى قريته التي نشأ فيها. لم يكن قراره نابعًا عن ظرف طارئ أو انتقال وظيفي مؤقت، بل من قناعة راسخة أن للمكان الأول حقًّا لا يسقط، وأن التنمية لا تُستورد، بل تُبنى من الداخل، بأيدي أبنائه.
يصف عبدالله المشهد المتكرر الذي تعيشه قريته في أيام الإجازات، فيقول: «في إجازات نهاية الأسبوع والأعياد، تستعيد القرية أنفاسها؛ المجالس عامرة بالحضور، تقام الأفراح، وتدبّ الحياة في الأسواق الشعبية التي كانت شبه خالية. يعود الناس محمّلين بالشوق، ويمتلئ المكان بالدفء واللقاءات. أما في أيام الدوام، فالوضع يختلف تمامًا، إذ يسود الهدوء وربما السكون، نتيجة غياب الشباب الذين يعمل معظمهم في مسقط».
لكن العامري لم يتوقف عند حدود الوصف والرصد، بل آمن بأن التغيير لا يبدأ إلا بالفعل، فبادر إلى إطلاق مبادرة طموحة حملت اسم «مركز الابتكار الاجتماعي»، من داخل مدرسته التي يعمل بها في قريته. وعن فكرة المركز يقول: «رأيت أن المدرسة يمكن أن تكون قلب القرية النابض، ومكانًا لا يقتصر دوره على التعليم التقليدي، بل يمتد ليكون محورًا للتنمية الاجتماعية، ومختبرًا للأفكار التي تربط الجيل الناشئ بجذوره».
المركز لم يكن مجرد فكرة نظرية، بل تحوّل إلى كيان فاعل يقدّم سلسلة من البرامج والأنشطة التربوية والسلوكية والاجتماعية. فمن ورش عمل تُعنى بالسلوك الطلابي مثل التعاون والانضباط والمسؤولية، إلى لقاءات حوارية مع أولياء الأمور تبحث التحديات المشتركة بين الأسرة والمدرسة، مرورًا ببرامج تحفيز للطلبة المجيدين في سلوكهم، وصولًا إلى إشراك متطوعين من أبناء القرية في تقديم ورش واستشارات نوعية في مجالات الريادة والدعم النفسي والمهارات الشخصية.
ويُضيف العامري أن فريق المركز لا يتوقف عن التطوير، بل يسعى حاليًا لإطلاق مبادرات جديدة أبرزها «مدرستي مسؤوليتي»، التي تهدف إلى تعزيز روح الانتماء للمرافق التعليمية من خلال أعمال تطوعية يقودها الطلاب، ومشروع «إعادة اكتشاف قريتي» الذي يربط الجيل الجديد بالتراث الزراعي والإنساني من خلال جولات ولقاءات ميدانية، وكذلك «نادي الحوار الشبابي» الذي سيكون منصة حوارية مفتوحة لتمكين الشباب من التعبير عن قضاياهم وأفكارهم في جو من الإنصات والتوجيه.
ويختتم عبدالله قائلًا: «القرى لا تفتقر إلى الموارد، بل إلى من يوقظها. حين تعود الكفاءات إلى بيئتها، تعود معها الروح. إنهم لا يحملون مجرد شهادات أو خبرات، بل يحملون الحافز، والانتماء، والرغبة في صناعة فارق. الإيمان بالقرية هو أول خطوة نحو بعث الحياة فيها من جديد».
الهدوء ليس كافيًا: بهلا تبحث عن حيوية دائمة
من ولاية بهلا، يتحدث عبدالمجيد الشعيلي عن العودة إلى القرية لا كقرار جغرافي، بل كـ«ملاذ نفسي» يعيد للروح توازنها ولليوم معناه. يقول: «حين أعود إلى قريتي، أشعر أنني أستعيد شيئًا من ذاتي. أترك خلفي ضجيج المدينة، ازدحام الطرقات، وتدافع المواعيد، وأجدني مجددًا بين وجوه تعرفني بالاسم لا بالوظيفة، بين أيدٍ صافحتني منذ الطفولة، وقلوب لم تتغير».
لكن عبدالمجيد، رغم هذا الارتباط العاطفي العميق، لا ينكر أن الشعور وحده لا يصنع التنمية. فهو يرى أن هذا الدفء لا يكفي لتغيير الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه القرى العُمانية، ما لم تعُد الكفاءات لتبني معًا منظومة متكاملة من العمل والإبداع والابتكار. «الحنين لا يكفي، ما لم يتحوّل إلى مبادرات عملية قادرة على إحياء المكان من الداخل»، يقول بثقة.
يرى الشعيلي أن نزوح الكفاءات والطاقات الشابة إلى مسقط -العاصمة التي تحتكر أغلب الفرص النوعية- أدى إلى تراجع ملحوظ في الحركة الاقتصادية داخل القرى. ويشرح: «الشباب هم قلب المجتمعات الحيّة. هم الذين يفتتحون المشاريع، يبادرون في الجمعيات، ويخلقون حراكًا مستمرًا في الحياة العامة. لكن حين ينزحون، تفقد القرى نبضها، وتتحول إلى أماكن انتظار طويلة». ولا يقتصر تأثير هذا النزوح على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يمتد -كما يرى عبدالمجيد- إلى التعليم، والوعي المجتمعي، والمبادرات التطوعية. فغياب الكفاءات يعني غياب القدوة، وغياب الأفكار الجديدة، وغياب الدفع الحيوي الذي تحتاجه المجتمعات الريفية لتظل في حركة ونمو مستمرين.
ولتجاوز هذا الواقع، يدعو الشعيلي إلى صياغة منظومة دعم مزدوجة للكفاءات الراغبة في العودة، تتضمن بعدًا ماديًا يشمل التسهيلات التمويلية والمحفزات، وبعدًا معرفيًا يتمثل في التدريب، والتوجيه، وفتح مساحات للإبداع والريادة داخل القرى. ويقترح أن يتم ذلك من خلال شراكات ذكية بين الحكومة والمجتمع المحلي والقطاع الخاص، بحيث يشعر الشاب العائد بأن لديه حاضنة حقيقية يمكن أن ينمو من خلالها.
ويختم قائلا: «عودة الكفاءات ليست فقط عودة أفراد، بل عودة نبض. عندما يعود الإنسان بعقله وخبرته إلى أرضه، تعود السوق للازدهار، والمدرسة للحيوية، والمجتمع للتماسك. عندها فقط، يمكن أن نستعيد القرى ليس كما كانت، بل كما يجب أن تكون: أماكن إنتاج، وإلهام، وبناء مستقبلي متوازن».
إجازة نهاية الأسبوع تُنعش القرى ولكن إلى متى؟
عاصم السعدي يُشبّه إجازات نهاية الأسبوع بـ«عملية تنفس اصطناعي للقرى». في رأيه، القرى لا تموت كليًا، لكنها تعيش على فترات قصيرة من الانتعاش، أشبه ما تكون بجرعات مؤقتة من الحياة. يقول: «في الإجازات، تعود الحياة بكل تفاصيلها؛ المجالس تعود لتستقبل زوارها، المقاهي القديمة يعلو فيها صوت النقاش والضحك، ملاعب الطائرة تمتلئ بالحماس، وحتى الشواطئ تستقبل العائلات والشباب في نزهات طال انتظارها. لكن ما إن تنتهي الإجازات حتى تعود القرى إلى حالة من الخمول، وكأنها فقدت أوكسجينها الوحيد».
من وجهة نظر عاصم، لا يمكن فصل هذا التراجع عن ظاهرة هجرة الكفاءات والطاقات الشابة نحو العاصمة مسقط، التي باتت مركزًا شبه حصري للفرص الوظيفية والتعليمية والمهنية. ويقول: «رحيل الكفاءات من القرى إلى المدينة لم يسحب فقط الأفراد، بل سحب معهم العمود الفقري للتنمية المحلية. لم نعد نجد الطبيب القريب، ولا المعلم المُحفّز، ولا الشاب الذي كان يملأ الحي بالمبادرات التطوعية والمشاريع الصغيرة».
ويستطرد عاصم في التحليل، موضحًا أن هذه الظاهرة تركت فراغًا في البنية الاجتماعية والاقتصادية، وأن كثيرًا من الفرق الخيرية والمبادرات الشبابية التي نشأت في الجامعات وأماكن العمل بالمدن لم تتمكن من العودة إلى قراها، فبقيت خارج السياق المحلي. ويقول: «حتى ريادة الأعمال تأثرت، فمعظم من أراد بدء مشروع اختار المدينة، حيث توجد القوة الشرائية، وشبكات الدعم، والوعي المجتمعي بالخدمات الجديدة». ولا يرى عاصم أن الأمل مفقود، بل على العكس، يعتقد أن مجرد عودة جزء من هذه الكفاءات يمكن أن يُطلق ما يُشبه «ثورة تنموية مصغّرة»، تبدأ من المدرسة، وتصل إلى السوق، وتمتد إلى السياحة والتراث. يتخيل مدارس ذكية تقدم محتوى تفاعليًا حديثًا، ومنصات رقمية تروج للمنتجات الزراعية والحرفية المحلية، ومشاريع سياحية قائمة على تاريخ القرى وكنوزها الجغرافية، بل وحتى محتوى إعلامي عصري يعيد تشكيل الصورة الذهنية للريف العُماني كمساحة واعدة للحياة، لا مجرد ماضٍ يُحكى.
لكنه يشدد في الوقت ذاته على ضرورة تدخل المؤسسات الرسمية لإحداث نقلة حقيقية. يقول: «ليس المطلوب فقط تشجيع الكفاءات على العودة، بل تمكينهم فعليًا من النجاح. هذا يتطلب دعمًا ماليًا، إنشاء حاضنات أعمال محلية، تقديم حوافز حقيقية، وخلق مسارات وظيفية تتيح التقدم لمن يختار البقاء في قريته». ويضيف: «نحتاج إلى حملات إعلامية تُبرز النماذج الناجحة من القرى، تُغيّر الصورة النمطية السائدة بأن النجاح مقترن بالمدينة وحدها».
ويختتم رسالته بإصرار: «القرى ليست أماكن صغيرة... بل هي مساحات كبرى للفرص غير المستغلة. فقط، تحتاج من يراها بعين الرؤية، لا بعين الحنين».