(عدن الغد)خاص:

تحليل يبحث في بوادر حرب جديدة تبدو مؤشراتها بالتشكل في البحر الأحمر..

ماذا لو أغلق مضيق باب المندب.. وهل يتدخل الغرب لمنع إغلاقه؟

ماذا لو أضيفت حرب جديدة إلى اليمن.. كيف سيواجه اليمنيون هذا الوضع؟

كيف سيكون شكل أي تدخل عسكري ضد الحوثيين؟

ما موقف الحكومة الشرعية والتحالف مما يحدث؟

عملية السلام في اليمن.

. هل تذهب مع الريح؟

حرب البحار تعصف بعملية السلام.

(عدن الغد) القسم السياسي:

لم يعرف مضيق باب المندب على امتداد تاريخه إغلاقا كاملا لحركة الملاحة عبره إلا بسبب حربين عُظمتين شهدتهما المنطقة، بين إسرائيل والدول العربية، الأولى كانت في يونيو/ حزيران عام 1967 والأخرى في أكتوبر/ تشرين أول عام 1973؛ نتج عنهما إغلاق قناة السويس الذي استمر حتى عام 1975.

وبالتالي فإن الحركة الملاحية في مضيق باب المندب توقفت حينها بشكل كامل، كون هذا المضيق لا يمكن أن يكون له أهمية إلا بقناة السويس في مصر، ولم تكن سوى الحرب هي السبب الوحيد وراء هذا الإغلاق الذي لم تشهده المنطقة حتى في حروب الخليج المتتالية، كونه ممرا دوليا حيويا يحتاجه العالم لتدفق تجارته.

لكن هذا الممر الهام بالنسبة للعالم بات اليوم مهددا مرة أخرى بالتوقف، عقب الهجمات الحوثية الأخيرة على السفن التجارية في البحر الأحمر، المرتبطة بإسرائيل، وهو ما أقدمت عليه مليشيات الحوثي نصرة للفلسطينيين في غزة كما تزعم، غير أن هذا التوقف المتوقع لن يكون بسبب هجمات الحوثيين فقط، ولكن أيضا بسبب التبعات المتوقعة لهذه الهجمات.

فمضيق باب المندب ممر تجاري يهم العالم، وتوقفه يعني شللا للاقتصاد العالم المترنح، وبالتالي فإن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة لن تسمح لأمر كهذا بالحدوث، عطفا على تأثيراته الجادة على التجارة العالمية، رغم أن بعض المحللين يرون إمكانية أن تنجر منطقة البحر الأحمر إلى حرب مفتوحة بسبب تهديدات الحوثيين بإغلاق باب المندب.

وهذه جميعها احتمالات ممكنة وواردة؛ نتيجة الممارسات الحوثية المتواصلة، والتي لا يمكن توقع توقفها على المدى القريب، خاصة وأنها تلقى دعما إيرانيا للتلاعب في الأوراق السياسية في المنطقة وخلطها، وهو أمر يستفز القوى الغربية والدولية، خاصة أن إيران ترى أن الفرصة سانحة أمامها للعودة مجددا إلى باب المندب عبر أداتها الحوثية، وهو ما لم يتحقق بعد تحرير المحافظات الجنوبية والساحل الغربي لليمن من الحوثيين.

> حرب البحر الأحمر

أطماع الحوثيين ومن ورائهم إيران في مضيق باب المندب، هي من قد تقود نحو حرب مفتوحة وشاملة في البحر الأحمر مع القوى الغربية، التي لن تسمح بأن تسيطر طهران وصنعاء على باب المندب وتغلقه وتوقف حركة السفن، لكن في المقابل فإن اندلاع حرب في هذه المنطقة يعني أيضا أن باب المندب سيتم إغلاقه، فليس من السهل الدخول بحرب في هذه المنطقة، وهو ما سينعكس بتأثيراته السلبية على الاقتصاد العالمي إذا حدث.

وبعيدا عن وقوف الحوثيين إلى جانب غزة والفلسطينيين ودعمهم من خلال ممارساتهم وهجماتهم بحق السفن في البحر الأحمر، فإن القضية برمتها لا تعدو عن كونها عودة للمواجهات السياسية و "كسر العظم" بين الإيرانيين والأمريكيين، تماما كما حدث في الخليج العربي بين هاتين القوتين، وحينها لن يتوقف أو يعلق مضيق هرمز أبدا، رغم تصاعد الصراع البحري بين واشنطن وطهران.

وبغض النظر عن اندلاع حرب بسبب تهديدات الحوثيين وإغلاق باب المندب، أو السماح للحوثيين بمنع مرور السفن بكل جنسياتها عبر البحر الأحمر، الا أن اللافت في القضية مدى الترابط التاريخي الذي يذكر بسنوات إغلاق باب المندب عقب الحروب العربية مع إسرائيل قبل ما يزيد على نصف عقد من الزمان، وما يواجهه هذا المضيق العام اليوم من تهديدات بالإغلاق.

والرابط هنا هو أن الكيان الإسرائيلي قاسم مشترك في كلا الحالتين والفترتين، كما أن المنفذ والبحر نفسه هو العامل المشترك الآخر، الذي ترتبط تهديدات إغلاقه إلى كارثة اقتصادية عالمية تشبه تلك الكارثة التي عاشها العالم أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضي حين أغلق البحر الأحمر أمام حركة الملاحة من شماله في قناة السويس، وجنوبه في باب المندب.

وفي ستينيات وسبعينيات القرن الماضي احتاجت مصر، وربما العالم من ورائها، إلى حرب عسكرية للتمهيد لفتح قناة السويس أمام الحركة الملاحية الدولية، وهو ما كان ما بعد حرب عام 1973، الأمر الذي يدفع المحللين والمراقبين إلى ترجيح إمكانية شن حرب واسعة في البحر الأحمر من قبل الغرب ضد الحوثيين وداعميهم لتحرير المنطقة من التهديدات الحوثية، ومنع إغلاق باب المندب تحت ذريعة حماية المصالح العالمية.

> حرب جديدة في اليمن

يعاني اليمن من حرب قاربت عامها التاسع وهي مستمرة، لم تجد من يوقفها أو يكبح جماحها؛ لأسباب إقليمية ودولية عديدة، واحتمالات شن الغرب حربا جديدة ضد الحوثيين لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وهي حرب اليمن بمنأى عنها تماما، في ظل الأوضاع الإنسانية الأسوأ في العالم، التي خلفتها الحرب الطائرة منذ عام 2015.

غير أن إضافة حرب جديدة على كاهل اليمن، سيزيد بطبيعة الحال من الوضع الإنساني في البلاد المنهار أصلا، كما أن حربا كهذه لن تخرج اليمن منها بأية فوائد أو مكاسب مرجوة، بل إن الخسائر تبدو ثقيلة، وقد بدأت بالفعل بوادرها، عقب إعلان الحوثيين منع مرور السفن عبر البحر الأحمر وبحر العرب، ما يعني أنه حتى سفن المساعدات الغذائية ستضل طريقها إلى اليمن.

وبالتالي فإن عدم وصول سفن المساعدات الإغاثية والغذائية معناه أن الفقراء سيزدادون جوعا، وأن وبال الحرب سيكون عميقا ومأساويا لدرجة تغيب عن توقعات الحوثيين الذين يُسعرون لهيبها خدمةً لأجندات إيرانية ويستدعون أوزارها بممارساتهم الدول الغربية لشن هذه الحرب على اليمن لحماية مصالحهم الاقتصادية في المنطقة.

وقد تكتفي الدول الغربية في حربها ضد اليمن، لمنع إغلاق باب المندب، بقصف مصالح الحوثيين ومواقعهم التي تنطلق منها تهديداتهم ضد السفن في البحر الأحمر وضد إسرائيل، وقد لا تفكر بشن حرب تشمل الجانب البري، أو احتلال اليمن كشكل من أشكال تدخلاتها، غير أن أي شكل من أشكال الحرب لن تكون تبعاتها بالهينة أو السهلة، ولكنها ستُلقي بظلالها المؤثرة على كافة جوانب الحياة في اليمن دون أدنى شك.

> موقف الحكومة والتحالف

يرى مراقبون أن ما يجري في البحر الأحمر رسالة واضحة للعالم بمدى خطورة مليشيات الحوثي على السلم والاستقرار العالمي، وليس فقط على استقرار اليمن، ولهذا فإن الممارسات التي يقوم بها الحوثيون تؤكد وتعزز موقف التحالف العربي الذي طالما حذر من خطر الحوثي على المنطقة والعالم، وها هو العالم اليوم يرى كيف أن هذا الخطر تخول إلى كابوس يهدد اقتصاده وتدفق تجاراته.

موقف التحالف العربي من أية تدخلات غربية في اليمن، يتوقع المراقبون أنها ستكون مساندة ومؤيدة، وتتسق مع نظرة التحالف للمليشيات، غير أن ما قد يعيق هذا التأييد هو أن التحالف -السعودية تحديدا- يسعى إلى إبرام تفاهمات السلام مع الحوثيين في اليمن، وأي تدخل عسكري غربي ضد المليشيات قد يؤخر أو يؤجل إن لم يلعب تلك التفاهمات، وتفقد الرياض فرصة إنهاء الحرب في اليمن، وإخماد الجبهة الجنوبية بالنسبة للسعودية.

وبالتالي فإن موقف الشرعية اليمنية لن يكون بعيدا عن موقف التحالف من أي تدخل عسكري، فالحكومة غالبا ما تتماهى مع مواقف المملكة في كافة المواقف، لكن المعضلة في كل هذا أن ثمة جوانب إنسانية وسياسية ستصبح ضحية للحرب العسكرية، والمقصود هنا التسوية السياسية المرتقبة التي توقفت تفاصيلها نتيجة التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وباب المندب.

وهو ما يجعلنا نستقبل أية تفاهمات سياسية بين الحوثيين والشرعية من جانب، والتحالف من جانب آخر، في مهب الريح، في زيادة مؤشرات تعثرها بشكل كامل، وبالتالي بقاء الحرب هي الخيار الوحيد في اليمن، سواءً على جبهات القتال أو في البحار.

 

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: إغلاق باب المندب فی البحر الأحمر مضیق باب المندب حرب جدیدة فی الیمن وهو ما غیر أن حرب فی

إقرأ أيضاً:

رواية مدين نجل "صالح" عن مقتل والده برصاص الحوثيين تثير الجدل في اليمن

أثارت رواية مدين صالح نجل الرئيس اليمني الأسبق، عن مقتل والده بنيران جماعة الحوثي، الجدل في اليمن، ليؤكد رواية الحوثيين لحادثة مقتل "صالح" في ديسمبر 2017م، والتي كانت محل شكل كبير في الأوساط اليمنية.

 

وقال مدين علي عبدالله صالح نجل الرئيس السابق "صالح" خلال فيلم وثائقي بثته قناة العربية، إن والده لم يقتل في منزله بصنعاء في الرابع من ديسمبر 2017م، على يد جماعة الحوثي، مشيرا إلى ان "صالح" قتل في قرية الجحشي بعد خروجه من منزله، ومحاولته الذهاب إلى قرية حصن عفاش، التي تعد مسقط رأسه.

 

وتطابق رواية نجل صالح مع رواية جماعة الحوثي التي أكدت وقتها أن صالح لقي مصرعه خلال محاولته الفرار، في إشارة منها إلى أنه فر من المواجهة، فيما ذهبت روايات أخرى إلى القول أنه قتل في منزله بصنعاء، بعد محاصرته.

 

ويعد هذا أول تأكيد من عائلة صالح عن مكان مقتله، على يد حلفائه في جماعة الحوثي، بعد تصادم بين الطرفين، انتهى بمصرعه.

 

وأحدث الفيلم ردود فعل من نشطاء يمنيين، سارعوا للتعليق على ما قدمه الفيلم، وقال الصحفي ماجد الداعري إن الفيلم قدم خلاصة تؤكد أن صالح قتل بقرية الجحشي قرب حصن عفاش بسنحان.

 

نهايته عبرة للتاريخ

 

الصحفي شاكر خالد، أكد أن معركة صالح الأخيرة أو نهايته ستظل عبرة للتاريخ. فجيل كامل كان يتسائل، كيف سينتهي هذا الحكم والهيلمان، حتى ظنوا بأنه سيخلد.

 

وقال: "حتى لو كان صالح، قتل في منزله وليس في الطريق أثناء محاولته الفرار إلى قريته، وهي الرواية التي أكدها وثبتها نجله في الفيلم الوثائقي".

 

وتساءل الصحفي شاكر خالد: ما البطولة التي تستدعيها مناسبة حاكم لأكثر من ثلاثين سنة، وهو ينسفها بخيانة عظمى للجمهورية ولتاريخه وتاريخ أسرته، بشهوة انتقام جبان لحثالة التاريخ؟.

 

وأضاف: "مخازن سلاح ومعسكرات وقيادات عسكرية وقبلية، وأكثر من ذلك، كل شيء، وضعه في خدمة التمرد والانتقام. هذه خيانات موثقة بالصوت والصورة ولا زالت طرية، بدون وثائقيات من جار أذي للبلد".

 

وحمل صالح المسؤولية الكاملة عن الأوضاع التي تشهدها البلاد، مع الرئيس السابق عبده ربه منصور هادي بالقول: "روائح الدم والخراب المبذور في جغرافيا البلد، يتحملها كاملة مكتملة مع هادي عن سبق إصرار وترصد".

 

تأكيد لرواية الحوثيين

 

أما المنهمي عبدالله فقد أشار هو الأخر إلى أن نجل صالح أكد رواية جماعة الحوثي، حول مقتل والده، بأنه مات في الطريق منسحبا من المعركة.

 

وعلق بالقول: "لا يهم إن كانت وجهته حصن عفاش كما قال مدين، أو مارب كما قال الحوثيون يومها. كلا الأمرين سواء".

 

بعد سقوط عمران لم يكن هنالك من مفاجأة

 

الصحفي عامر الدميني، كتب في صفحته على منصة فيسبوك: "بالنسبة لي لم أعد أتفاجئ من أي إخفاق عسكري أو مقتل شخصية كبيرة، منذ استشهاد العميد حميد القشيبي في عمران 2014م. كان خبر استشهاده صادما ونحن في ذروة مخاوفنا من القادم، وذروة طموحنا أن الدولة ستتدخل لإيقاف هرولة الحوثيين ولجم تمددهم".

 

وأضاف: "كان الأمل مرتفعا في أن يتدارك الحكام قبل المعارضين الأمر، ولا يسمحوا لهؤلاء بالتقدم، خاصة أن ملامح حكم الحوثي كانت واضحة في صعدة التي أسقطها مبكرا وسلخها من جسد الدولة. لكن كانت الأوضاع تزداد قتامة، وكأنها تمضي في مخطط واضح ومعلوم سلفا، سقطت عمران واستشهد القشيبي، وكان ذلك بداية الهبوط والانتكاسة".

 

ووصف الدميني يوم مقتل القشيبي بالقول: "كان يوما مظلما، ولا زلت أرى صنعاء من يومها مظلمة وموحشة بعد ذلك السقوط، الذي امتد لها، ولازال. كنا نتألم بقهر بينما كان حلفاء تلك اللحظة من صالح والحوثيين يتشفون ويتغنون ويرحبون، ووصف صالح القشيبي بالكلب، وفق تسجيلات صوتية منشورة".

 

وأردف: من بعدها لم أعد أشعر بالصدمة من أي حدث آخر، كانت صدمة مستنجد مؤمل لكنه شعر بالخذلان النهائي. وللمفارقة نفس الجهة التي قتلت القشيبي قتلت صالح، وتسببت بطرد هادي وكادت أن تقتله".

 

وختم بالقول: "لقد سقطنا هناك في عمران، ومن بعدها لم يعد سوى ارتدادات، ومن توطأ دفع الثمن، ومن بارك شرب من نفس الكأس، بينما لايزال القاتل حرا طليقا يعبث بالجميع".

 

الصحفي سمير النمري، كتب قائلا: "لم يكن علي عبد الله صالح رئيسًا لدولة بقدر ما كان شيخًا لقبيلة مترامية الأطراف اسمها اليمن. لم يحكم بقوة القانون، بل بسلطة العُرف؛ ذلك الميثاق غير المكتوب الذي يقدّس الهيبة الشخصية ويُعلي الولاء فوق كل اعتبار".

 

وتحدث عن طريقة إدارة صالح للبلاد، فقال إنها كانت تتم بـ "عقلية الشيخ المُحنّك. الشيخ في اليمن كريم، شهم، شجاع، لكنه عصبيّ يُستفز بسرعة، ويدير حياته باستراتيجية اللحظة لا بالضوابط والسلوكيات المنمقة. وهكذا، كان الشيخ صالح يمدّ يده بالكرم لشراء الولاءات، ويضرب بقبضته الحديدية لسحق الخصوم".

 

وأضاف: "كان يتقن عبارته الشهيرة التي يقولها في كل مناسبة "الرقص على رؤوس الثعابين"، وهي ليست مجرد استعارة سياسية، بل استراتيجيته الجوهرية للبقاء.

 

وأوضح أن صالح "حوّل المشهد السياسي إلى شبكة معقدة من التحالفات الهشة والمصالح المتقاطعة، حيث كان هو الخيط الوحيد الذي يربطها جميعًا. هذه الحكمة القبلية كانت هي نفسها التي قادت الدولة إلى حتفها".

 

وأشار إلى أنه وفي "ظل حكم “الشيخ الأكبر”، تآكل مفهوم الدولة الحديثة بشكل ممنهج. تم إفراغ المؤسسات من جوهرها وتحويلها إلى مجرد واجهات شكلية، بينما كانت القرارات المصيرية تُطبخ في مجالسه الخاصة وتُحسم وفقًا لموازين القوى القبلية ومزاجه الشخصي. لم يعد الولاء للوطن قيمة، صار الولاء للشيخ علي صالح هو معيار المواطنة الصالحة، ومفتاح الثروة والسلطة".

 

وأردف: "الصبر والدهاء اللذين مكّناه من الحكم لثلاثة وثلاثين عامًا، كانا هما نفسهما معاول الهدم التي حفرت قبر الدولة اليمنية. بنى نظامًا شديد المركزية حول شخصه، لدرجة أنه عندما سقط، انهار الهيكل بأكمله".

 

وعن نهايته المحتومة، قال النمري، إن صالح ظل "وفيًا لهويته كشيخ قبيلة. لم يتنازل أو يستسلم كما يفعل الساسة، بل اختار المواجهة حتى الموت. في قاموس العُرف القبلي، الشرف يقتضي أن يموت الشيخ مدافعًا عن مكانته، مهما كانت الكلفة".

 

ووصف نهاية صالح بأنها كانت لحظة "خلع فيها عن نفسه آخر أثواب “الرئيس”، ليموت كما عاش: شيخًا عنيدًا، في معركته الأخيرة مع قبيلته التي لم يفهمها ولم تفهمه إلا بلغة القوة".

 

وختم بالقول: "الخسارة الكبيرة أننا خسرنا اليمن كدولة.. وإعادة بناءها سيحتاج محو جيل كامل وربما أكثر".

 

تراشق أنصار صالح والإصلاح

 

الجدل الذي أثير عقب بث قناة العربية للفيلم، زاد حدته بين أنصار صالح ومنتسبي حزب الإصلاح، حيث هاجم أنصار صالح حزب الإصلاح بشراسة وحدة كبيرة خصوصا وأن بعض ناشطي الإصلاح حملوا صالح المسؤولية عن خراب البلاد وتسليم الجمهورية للحوثيين، نكاية بأعداء صالح خصوصا حزب الإصلاح الذي ناله النصيب الوافر من عملية الإنتقام التي كانت أحد أهداف صالح الرئيسية.

 

القيادي الإصلاحي عبده سالم كتب في سياق الدفاع عن الإصلاحيين من شتائم أنصار صالح، حيث خاطب الأخيرين بود كبير قائلا: "يا أحبابنا في المؤتمر الشعبي العام: الإصلاحيون لا أنتجوا فيلم "المعركة الأخيرة"، ولا كتبوا له السيناريو، ولا حددوا موعد عرضه! ... ليش مصرّين تلبّسوها لهم؟".

 

وأضاف: الفيلم من إنتاج قناة "العربية"، والمتحدّثين فيه هم نجل الزعيم، وأقاربه، وقادة حزبه، وحراسته الخاصة… يعني من بيتهم وفيهم! أما الإصلاح؟ والله ما لهم فيه لا صوت ولا صورة، ولا ريحا ولا نفسا! لكن الظاهر أنكم مش قادرين تتخلّصوا من عقدة الإصلاح، حتى وهم خارج المشهد. تخافوهم وهم ساكتين، وتتهموهم في بلاوي أنتم صنعتوها بأيديكم!".

 

وتابع: "لا أحد يرغب في الإساءة للزعيم، ويكفيه شرفاً أنه قُتل على يد أعداء الوطن، بصرف النظر عن الكيفية، هارباً كان أو مقاوماً… فقد أفضى إلى ربه، فدعوه في ذمّة الله، ولا تُحمّلوه حصائد ألسنتكم وأقلامكم".

 

وأردف: "ورغم أننا لا نعرف بالضبط ما هو الثقب الذي فتحه هذا الفيلم، ولا ما ستكون عليه تداعياته في قابل الأيام، إلا أن "الإصلاح" — كما يبدو — قد تحوّلوا عند البعض من خصم سياسي إلى فزّاعة نفسية، وهكذا المرعوب يشوف خصمه في كل ظل، والمذعور يحسب الهواء مؤامرة، - الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا. سُنّة الله في خلقه. الرحمة للزعيم ... والعافية "للإصلاح"!".

 

أما الناشط عبداللطيف ياسين فكتب قائلا: "الإصلاح ليس لقمة صائغة يا أيتام صالح الإصلاح في أوج قوته ولو كل كفيل يتخلى عن مكفوله وقالوا سدوا لحسمها الإصلاحيين لصالحهم هزة من سالم إلى المخا وهزة من لعكب إلى عدن وانتهى الأمر".

 

غاغة

 

الصحفي حمود هزاع، علق قائلا: "استعادة صنعاء لا تستوجب تمجيد صالح أو مهاجمته.. ووحدة الصف تتحقق بوحدة القضية، وليس بوحدة الرأي والموقف حول شخص سواء كان صالح او عبدربه او علي محسن او حميد الاحمر او طارق صالح او غيرهم..".

 

وأوضح أن "الإصطفاف الوطني لا يلغِ حق نقد حزب سياسي أو مكون او شخصيات.. الاصطفافات الوطنية ومعارك الخلاص تحتاج قادة كبار يهتمون بالهدف وهو مواجهة الحوثيين والقضاء عليهم ويعملون من اجل ذلك لا يلتفتون لما دون ذلك".

 

الناشط نبيل الفقيه أقسم أن ما يجري عبارة عن "غاغة"، حيث قال: "أكملت مشاهدة الفلم الوثائقي لقناة العربية حول اللحظات الأخيرة لصالح. ولا يوجد مبرر واحد أو نقطة تبرر ان تتحول الحلقة لمهاترات بينتا".

 

وأضاف: "الأصل كانت تعزز تقوية سهامنا ضد الحوثي. ودليل على أنه غدار وعدو للجميع. لكن معي عبارة دائما اختم بها مداخلتي لأي قناة. "استوا واعتدلوا رصوا الصفوف لا تجعلوا فرجة للحوثي".

 

صالح توقع مصيره على يد الحوثيين

 

وفي ذات السياق، قال وزير الخارجية اليمني السابق أبو بكر القربي إن الرئيس السابق علي عبدالله صالح، لذي قتل على يد جماعة الحوثي قبل ثماني سنوات، كان يتوقع مصيره على أيدي الجماعة.

 

وأضاف القربي في مقابلة مطولة مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية أن "المواقف التي بدأت بعد أن أعلن الشراكة مع الحوثيين وشعوره بأن الحوثيين رغم شراكة حزب "المؤتمر الشعبي العام" في الحكومة. إلا أن وزراء المؤتمر في الحكومة لم تكن لديهم جميع الصلاحيات، وكان المشرفون من الحوثيين هم الذين يديرون الوزارات، فبدا التوتر واضحاً بإقصاء الحزب من دوره السياسي في اليمن، وبدأت الخلافات أيضاً عندما بدأ المؤتمر يكثف من نشاطه السياسي والاحتفاء بذكرى تأسيسه في 2017.

 

وتأتي تصريحات القربي غداة يوم من بث قناة العربية فيلم وثائقي المعركة الأخير لصالح في العاصمة صنعاء، بشهادات نجله مدين وأقرب المقربين منه حراسته الشخصية الذي كانوا معه لحظة مقتله على يد الحوثيين في الراربع من ديمسبر 2017م.

 

ونفى القربي نية صالح ومساعيه لتوريث الحكم لنجله أحمد، وقال إن "هذا الحلم أعتقد لم يكن مطروحاً جدياً، وأعتقد أن المعارضة ضخّمت الموضوع، وللأسف أيضاً أن بعض قيادات الحزب كانت تدلي بتصريحات توحي بهذا الأمر".

 

وأضاف "لكن صالح قال مباشرة إن ولده من حقه أن يرشح نفسه إذا هو أراد لأن هناك انتخابات والشعب يقرر مَن سيختار لكن في الوقت نفسه قال: أنا لن أترشح للانتخابات المقبلة ولن يترشح ولدي".

 

وتحدث القربي عن مشكلة الحوثيين منذ 2004 وعن ثورات الربيع العربي وثورة 11 فبراير عام 2011، وكيف تبدّل تحالف صالح ونائبه عبد ربه منصور هادي، ولماذا تحوّل الحوثيون إلى إيران.

 

كما نفى تحالف صالح مع الحوثيين وقال "لا نستطيع القول إنه تحالف مع الجماعة، ربما في بداية الأمر عندما بدأ الحوثيون بالتقدم نحو صنعاء، ربما كان يعتقد أنه ستأتي مرحلة تقوم فيها الحكومة بقيادة هادي في ذلك الوقت، بوقف تقدمهم. لأن الرئيس هادي كان رئيس الجمهورية في ذلك الوقت وهو المسيطر على الجيش والقوات المسلحة".

وأردف "كان صالح ربما يرى أن ما يجري في المناطق القبلية من قبل الحوثيين هو تصفية حسابات بينهم، وربما يرى فيها من جانبه أنها أضرت بخصومهم من مشايخ القبائل في المنطقة".

 

وزاد "لكن عندما تقدموا إلى عمران كان واضحاً أن الخطر قادم، لذلك طلب من الرئيس هادي، وذهبت مجموعات من حزب «المؤتمر الشعبي» وطلبت من الرئيس هادي التدخل لوقف تقدمهم لأنهم إذا وصلوا إلى عمران فسيصلون إلى صنعاء.

 

وحسب القربي فإن صالح كان لديه شعور أن هادي غدر به، وتعزز هذا الشعور خاصة عندما بدأ التعامل مع "المؤتمر الشعبي" في أثناء مؤتمر الحوار الوطني الشامل في تمثيل المؤتمر والشخصيات التي تشارك في المؤتمر،

 

وأضاف "شعر بأن الرئيس هادي يحاول أن يزيحه من الدور الذي له الحق فيه كرئيس للمؤتمر. اتخذ هادي القرارات، وشعر صالح كأنه يريد أن يستبعده من رئاسة المؤتمر، فبدأت الحساسيات.


مقالات مشابهة

  • لويدز ليست: اليمن يفتح مرحلة جديدة من التصعيد في البحر الأحمر
  • في تصعيد استراتيجي.. اليمن تدخل المرحلة الرابعة من حصارها البحري لـ الاحتلال الإسرائيلي
  • مستنقع اليمن.. لماذا لا تنتصر القوة الأمريكية على الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • تحليل أمريكي: السعودية تدرك فشل حربها ضد الحوثيين باليمن
  • صحيفة روسية: اليمن يهزم القوى الكبرى ويفرض إرادته على البحر الأحمر
  • جنرال أمريكي: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ساهمت في تطوير التكتيكات العسكرية الأمريكية
  • رواية مدين نجل "صالح" عن مقتل والده برصاص الحوثيين تثير الجدل في اليمن
  • تقرير روسي: اليمن يفرض إرادته على أهم الممرات الملاحية ويتحدى القوى الكبرى
  • اعلام روسي: اليمن يفرض إرادته على أهم الممرات الملاحية ويتحدى القوى الكبرى
  • تداعيات هزيمة إيران النووية على شبكة أذرعها في المنطقة من العراق إلى اليمن (تحليل)