يسبب العنف المُتصاعد في غزة وضعاً متفجراً لا سبيل لنزع فتيله سلميّاً إلا بحلٍ سياسي عادل.
أجبرَ عنف المستوطنين مجتمعات عديدة على الرحيل
وقالت صحيفة "غارديان" البريطانية في افتتاحيتها إن حجم الحرب في غزة وبشاعاتها المطلقة استحوذا على اهتمام العالم أجمع. غير أن تصاعد وتيرة العنف في الضفة الغربية المحتلة يجب أن يدق ناقوس الخطر أيضاً.
العام الأكثر دموية
وكان العام الماضي هو الأكثر دموية منذ عام 2005، والعام الجاري أسوأ. فقد وصفَ فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الوضع بأنه "قابل للاشتعال"، مُحذِّراً من تكثيف أعمال العنف والتمييز الشديد ضد الفلسطينيين.
"The scale and sheer horror of the war in Gaza has rightly captured the world’s attention. But surging violence in the occupied West Bank should sound the alarm too." It is "potentially explosive." https://t.co/Z7Yt8cFTQm
— Kenneth Roth (@KenRoth) December 15, 2023
ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، قُتِلَ أكثر من 450 شخصاً على إيدي قوات الأمن الإسرائيلية أو المستوطنين العام الجاري، أغلبهم في أعقاب مذبحة حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقُتل 28 إسرائيليّاً في الضفة الغربية على يد فلسطينيين عام 2023.
واستمرت الغارات العنيفة على مخيم جنين للاجئين يوم الخميس الماضي، حيث يعيش معظم السكان في خوف دائم، ويعانون من تضرر منظومة الرعاية الصحية بشدة، وفقاً للجمعيات الخيرية.
وادت هذه الغارات مراراً إلى مقتل مدنيين، بمن فيهم أطفال والصحافية شيرين أبو عاقلة. وفي وقتٍ سابق من هذا العام، حذّرت منظمة هيومن رايتس ووتش من "الإفلات المنهجي من العقاب" على قتل الأطفال الفلسطينيين.
The Guardian view on the West Bank: the suffering of Palestinians extends beyond Gaza | Editorial https://t.co/ui1GOK580P
— Rauli Virtanen (@rauli_virtanen) December 16, 2023
وظهرت موجة جديدة من المقاومة المُسلحة في السنوات الأخيرة في خضم إخفاق القيادة السياسية الفلسطينية، والغضب من انتهاكات قوات الأمن وعنف المستوطنين، واليأس من الاحتلال الذي لا ينتهي، وتقلُّص احتمالات حلّ الدولتين بالتزامن مع توسع المستوطنات غير القانونية.
وفي الشهرين الماضيين، اعتُقِل الآلاف من الفلسطينيين، بمن فيهم اثنان من الأعضاء البارزين في "مسرح الحرية للضفة الغربية"، إذ بلغ عدد المحتجزين دون تهمة أو محاكمة رقماً قياسيّاً، وصدرت تقارير متزايدة عن إذلال المعتقلين وإساءة معاملتهم.
وفي الوقت عينه، أجبرَ عنف المستوطنين مجتمعات عديدة على الرحيل، وواجه الفلسطينيون الجوع والإذلال والخطر.
وأفادت تقارير أخرى بأن مئات الآلاف إما فقدوا وظائفهم أو جُمِّدَت أجورهم بعد أن ألغت إسرائيل تصاريح عملهم وفرضت قيوداً مُشددة على المعابر. ولم تَعُد السلطة تتلقى ضرائب الاستيراد التي تعتمد عليها. وحتى ثمار الزيتون تُرِكت تتعفّن على أشجارها.
ووزَّعَ إيتمار بن غفير، وزير الأمن الوطني الإسرائيلي الذي أُدين بالتحريض العنصري، أسلحة نارية على "فِرَق مدنية" تابعة للمستوطنين. (يُزعَم أن إدارة بايدن تؤخر الآن صفقة لشراء 20 ألف بندقية).
وما يجري الآن في الضفة الغربية أمر بالغ الأهمية لمستقبل الفلسطينيين جميعاً. فما تبقى من مصداقية لدى السلطة الفلسطينية التي أمست في حالة يُرثى لها لن يصمد بكل تأكيد في مواجهة الانهيار الاقتصادي الوشيك.
وقالت تسيبي هوتوفلي السفيرة الإسرائيلية لدى المملكة المتحدة تعليقاً على حل الدولتين الأسبوع الجاري: "لا، لن يحدث قطعاً". وهذه المشاعر ليست مفاجئة، إذ التزم رئيس وزرائها بضم أجزاء من الضفة الغربية، وقيل إنه أخبرَ مشرعيه صيف العام الماضي بأن آمال الفلسطينيين في دولة ذات سيادة "يجب القضاء عليها في مهدها". مواطنة من الدرجة الثانية ما الذي تتصوره حكومة نتانياهو إذاً للفلسطينيين؟ تتساءل الافتتاحية وتقول إن الحكومة الإسرائيلية ترفض المزاعم بأنها تريد إجبارهم على الخروج من غزة. ويبدو أنَّ البديل حالة دائمة من المواطنة من الدرجة الثانية داخل دولة واحدة.
هذا وقد صرَّحت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسليم" ومنظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش ومُقرِّر الأمم المتحدة بأن الفلسطينيين يخضعون فعلاً لشكلٍ من أشكال الفصل العنصري. حافز للعمل الدبلوماسي واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول: لطالما كان النقاش الدولي الدائر عن حل الدولين طُموحاً غامضاً على أفضل الفروض، وعلى أسوأ الفروض غطاءً للتقاعس عن العمل إذ تراجع الأمل تدريجيّاً في هذا الحل. ولكن، نظراً إلى البدائل، يجب أن يصبح هذا الحديث حافزاً للعمل الدبلوماسيّ.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل فی الضفة الغربیة
إقرأ أيضاً:
هآرتس: أهل الضفة الغربية يذبحون بهدوء
خصصت صحيفة هآرتس افتتاحيتها الرئيسية اليوم الاثنين للتعليق على حادثتين عنيفتين ارتكبهما مستوطنون يهود الأسبوع الماضي في الضفة الغربية، وأسفرت إحداهما عن استشهاد 3 فلسطينيين، في حين اعتدوا في الأخرى بعد يومين على جنود إسرائيليين كانوا قد أُرسلوا لإجلائهم من بؤرة استيطانية غير قانونية.
وكان المستوطنون قد هاجموا الأربعاء الماضي قرية كفر مالك شمال شرق رام الله بالضفة الغربية، وهذا أدى إلى استشهاد 3 فلسطينيين، أضرموا النار في منازل وسيارات.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أكسيوس: أوجه حملة ضغط ترامب لتأييد نتنياهوlist 2 of 2تايمز: جواسيس إسرائيليون داخل إيران منذ سنوات وربما لا يزالون نشطينend of listوبعدها بيومين، اعتدى مستوطنون على جنود إسرائيليين كانوا قد أُرسلوا لإخراجهم من البؤرة الاستيطانية التي جاء منها مرتكبو هجوم الأربعاء. وتسببت الحادثة التي وقعت مساء الجمعة في أضرار لمركبات عسكرية قبل أن تتمكن قوات من تفريق المعتدين واعتقال 6 منهم.
ورغم فظاعة الحادثتين -كما تقول هآرتس- فإن واحدة منهما فقط طالتها إدانة السلطات الإسرائيلية، وهي التي تعرض فيها اليهود للأذى.
ووفقا للمقال الافتتاحي، فقد كانت مسألة وقت فقط قبل أن يقوم المستوطنون الذين وصفتهم بأباطرة الفصل العنصري الخارجين عن القانون في المناطق، بتوجيه عنفهم ضد الجنود الإسرائيليين الذين يمنعونهم من تنفيذ مخططاتهم "الشريرة" ضد الفلسطينيين.
وانتقدت الصحيفة سياسة الكيل بمكيالين التي ينتهجها الجيش الإسرائيلي، حيث ظل لسنوات يسمح بالنمو الجامح للبؤر الاستيطانية غير القانونية، ولم يطبق القانون عندما يتعلق الأمر بالعنف ضد الفلسطينيين، وأوهم سكان البؤر الاستيطانية أنهم يتمتعون بحصانة جنائية، وأضعف نظام إنفاذ القانون الضعيف أصلا.
لكنها قالت إن الجيش يواجه الآن مستوطنين معتدين يهاجمون جنوده أيضا بعد أن اكتسبوا الشجاعة ودون أن يكبح جماحهم أي رادع، مضيفة أنه عندما يستهدف عنف المستوطنين الجنود، ينبري فجأة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لإدانة العنف في "المناطق"، هكذا دون تعريف.
إعلانوأشارت الافتتاحية إلى أن اعتداءات المستوطنين على الجنود الإسرائيليين كانت تُقابل بإدانات من اليسار واليمين على حد سواء، أما اليوم، في ظل حكومة نتنياهو والمستوطنين، لم يعد هناك إجماع حتى على هذه القضية.
وعزت ذلك إلى أن كبار أعضاء المجلس الوزاري المصغر يريدون من الجنود الإسرائيليين أن يفهموا أنه من الأفضل لهم عدم كبح جماح "شباب التلال"، وهي مجموعة من المستوطنين الصهاينة المتطرفين يعيش معظم أفرادها في بؤر استيطانية في الضفة الغربية المحتلة.
وأوضحت أنه عندما يكون هذا هو نهج كبار المسؤولين في إسرائيل، فإن كل من لا يزال يخطر بباله اعتقال شباب التلال العنيفين، فعليه أن يفكر مرتين قبل أن يُقدِم على ذلك.
كل هذا -برأي الصحيفة- يضمن أن أوامر الإخلاء التي أصدرها قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي لن تُنفذ، وأوامر المنطقة العسكرية المغلقة ستكون حبرا على ورق فقط، وستُنشر من أجل إدراجها ضمن القواعد والبروتوكول.
وخلصت الافتتاحية إلى أن الرسالة التي يبعثها كبار الساسة في إسرائيل إلى مليشيات شباب التلال هي: "نفذوا أي مذبحة بهدوء".
وختمت بالقول إنه حري بنا أن نفهم كيف اكتسب الجيش الإسرائيلي سمعته باعتباره جيشا يسمح بارتكاب المذابح بدلا من أن يمنعها، وكيف انتهت حادثة اعتداء المستوطنين على قرية فلسطينية بمقتل 3 أشخاص برصاص الجنود.