وسط استعدادات لعملية عسكرية كبرى في غزة.. تصاعد الخلافات داخل الجيش الإسرائيلي
تاريخ النشر: 30th, June 2025 GMT
البلاد (القدس)
تشهد الأوساط العسكرية والسياسية في إسرائيل انقسامات واضحة حول مسار الحرب في قطاع غزة، في وقت يستعد فيه الجيش الإسرائيلي لتنفيذ عملية عسكرية غير مسبوقة، قد تشمل تحريك خمس فرق عسكرية كاملة، مع تصعيد لافت في وتيرة الغارات الجوية، خاصة على مناطق شرق مدينة غزة.
وكشفت مصادر إسرائيلية مطلعة عن وجود خلافات عميقة بين قادة الجيش الإسرائيلي؛ بشأن كيفية التعامل مع الوضع العسكري الراهن في غزة.
وفي هذا السياق، نقلت القناة 12 الإسرائيلية أن رئيس أركان الجيش، إيال زامير، سيعرض خلال الأيام المقبلة أمام المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) عدة خيارات بشأن غزة، تتراوح بين استكمال احتلال القطاع بالكامل أو الدخول في مفاوضات جادة؛ لإبرام صفقة تبادل أسرى مع حركة حماس.
ميدانيًا، كثف الجيش الإسرائيلي هجماته على مناطق مختلفة من غزة، خاصة في حي التفاح شرق المدينة، وسط استمرار الاشتباكات مع مقاتلي كتائب عز الدين القسام. وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الكتائب ما زالت تحتفظ بقدرتها القتالية، وتنتشر في عدة مواقع من خان يونس إلى مدينة غزة، وهو ما يعكس حجم التعقيدات الميدانية التي تواجهها القوات الإسرائيلية رغم مرور أشهر على بدء الحرب.
في غضون ذلك، أصدر الجيش الإسرائيلي، صباح أمس، إنذارات جديدة لإخلاء عدة مناطق شمال قطاع غزة، شملت مدينة غزة وأحياء جباليا، الزيتون الشرقي، البلدة القديمة، التفاح، الدرج، الصبرة، ومعسكر جباليا، ضمن ما وصفه المتحدث العسكري أفيخاي أدرعي بأنه استعداد “لأعمال عسكرية مكثفة” في تلك المناطق.
وبحسب مصادر عسكرية إسرائيلية، يدرس الجيش تنفيذ واحدة من أوسع عمليات إخلاء للسكان الفلسطينيين منذ اندلاع الحرب، كجزء من التهيئة لعملية برية كبرى؛ تهدف إلى ضرب القدرات المتبقية لحركة حماس. ووفقًا للمعلومات المسربة، تشمل الخطة تحريك خمس فرق عسكرية كاملة – وليس بشكل جزئي كما في العمليات السابقة – مع احتمال استدعاء جديد لجنود الاحتياط.
وترى قيادات عسكرية إسرائيلية أن العملية القادمة قد تكون حاسمة في “كسر شوكة” حماس، لكنها تحمل في طياتها مخاطر عالية، خاصة أن القتال سيتم في مناطق مكتظة بالسكان وشبكات أنفاق معقدة؛ ما قد يؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة في صفوف الجيش الإسرائيلي.
على الصعيد السياسي، عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمس، اجتماعًا مهمًا مع كبار قادة الأجهزة الأمنية لمناقشة الخيارات المتاحة، خاصة في ظل تعثر مفاوضات تبادل الأسرى مع حركة حماس. وكشفت تقارير إعلامية أن الفجوات بين الطرفين لا تزال واسعة، ولم يتم حتى الآن اتخاذ قرار بإرسال وفد تفاوضي إلى القاهرة أو الدوحة.
وفي سياق متصل، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، عبر منصته “تروث سوشيال”، إلى الإسراع في إبرام صفقة مع حركة حماس من أجل الإفراج عن المحتجزين في غزة. وكتب ترمب:” اعقدوا صفقة غزة.. وأعيدوا المحتجزين”، في إشارة إلى سعيه الشخصي لدفع العملية التفاوضية نحو الأمام.
ومنذ استئناف العمليات العسكرية في مارس الماضي عقب انهيار الهدنة المؤقتة، صعّدت إسرائيل من وتيرة هجماتها وتوغلت في مناطق واسعة خاصة جنوب القطاع، مع فرض حصار خانق على إدخال المساعدات الغذائية والطبية، كما توعدت السلطات الإسرائيلية بعدم الانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها مؤخرًا، ما ينذر بتفاقم الوضع الإنساني بشكل غير مسبوق.
وفي ظل الانقسام داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وعدم وجود توافق سياسي على إنهاء الحرب أو مواصلة التصعيد، تبقى جميع الخيارات مطروحة على الطاولة. فإما أن تتجه الأمور نحو تسوية تفاوضية بوساطة دولية تعيد الأسرى وتوقف إطلاق النار، أو تتصاعد العمليات نحو مواجهة برية شاملة قد تكون الأوسع منذ بداية الحرب على غزة.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی
إقرأ أيضاً:
تحذير إسرائيلي: حرب غزة الدموية تستنزف الجيش.. ندفع أثمانا باهظة
بعد قرابة عشرين شهرًا من الحرب على غزة، فإن موقف القوة الذي حققه الاحتلال في مواجهة إيران، بات يخلق فرصة لإنهائها بأفضل الشروط، وقد حان الوقت لإبرام صفقة رهائن، بدل الاستمرار في حرب عصابات مطولة تُعرّض الرهائن للخطر، وتستنزف الجيش في غزة.
كوبي ماروم، قائد الكتيبة الـ13 في لواء غولاني، وفرقة حيرام (769) على الحدود الشمالية، وخبير في الأمن القومي، أكد أن "الكارثة الكبرى التي وقعت في خانيونس، وقتل فيها سبعة جنود نتيجة انفجار عبوة ناسفة، عكّرت نشوة الإنجازات الهائلة في إيران، وحطّمتنا على أرض الواقع الدموي في غزة، مع أن الإنجازات الهائلة ضد البرنامج النووي الإيراني، والصواريخ الباليستية، واستعادة الردع تسمح بالتأكيد للقيادة السياسية ورئيس الوزراء باتخاذ قرار شجاع لإنهاء الحرب في غزة بقوة".
وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "الحاصل في غزة يتحول بشكل متزايد إلى حرب استنزاف، ولا يساعد على تحرير الأسرى، بل يعرّضهم للخطر، ويحد من قدرة الجيش على القتال، ولن يؤدي لتدمير حماس، وإن فكرة أن الضغط العسكري يؤثر على شروطها للتوصل لاتفاق، وإنهاء الحرب لا تأخذ في الاعتبار الثمن الباهظ الذي دفعته الحركة، وتستعد لدفعه كجزء من الجهاد ضد الاحتلال".
وأوضح أن "الجيش يخوض معاركه بأربعة فرق في غزة، ويخوض حرب عصابات ضد حماس، التي تستخدم نيران القناصة، والصواريخ المضادة للدبابات، والأجهزة المتفجرة، ويستخدم المسلحون في غزة الأنقاض والأعمدة والأنفاق تحت الأرض، مما يستدعي من رئيس الوزراء، الذي قرر التوجه لحملة ضد إيران، وأدارها بطريقة استثنائية، بالتعاون مع الولايات المتحدة، أن يظهر قيادة شجاعة، ويتخذ قرارا استراتيجيا بإنهاء الحرب".
وأشار إلى أن "هذا القرار بات مطلوبا رغم المطالبات السياسية داخل الحكومة من معسكر اليمين باحتلال القطاع، وفرض حكم عسكري عليه، لأن الرؤية الاستراتيجية للواقع المتطور لصالح الأمن القومي تتطلب إنجاز هذه الصفقة لإطلاق سراح الرهائن في نهاية الحرب، وهو التزام أخلاقي عميق من جانب الدولة والجيش تجاه من تخليا عنهم في السابع من أكتوبر، وستعيد روح الضمان المتبادل، وبذل الدولة كل ما بوسعها لإعادة كل أبنائها لديارهم، لأن ذلك ضرورة استراتيجية مهمة أيضاً، خاصة بعد الإنجازات التي تحققت في إيران".
وأضاف أن "انتهاء الحرب في غزة يشكل رافعة استراتيجية للإنجازات التي حققها الجيش في بناء المحور الجديد الذي تقوده الولايات المتحدة ضد إيران، مما سيعمق عزلتها وضعفها في المنطقة، ويزيد من الردع ضدها، كما أن اتفاق التطبيع مع السعودية ودول أخرى سيخلق واقعاً جيوسياسيا مختلفاً لصالح الاحتلال، رغم أن إنهاء الحرب في غزة يعني، في المقام الأول، عودة الرهائن".
وأردف أن "الجرح المفتوح الذي نلتزم به هو إنهاء حكم حماس، وإدخال قوة عربية متعددة الجنسيات لفترة مؤقتة إلى غزة، وإقامة حكومة تكنوقراط تتعامل حصرياً مع إعادة إعمارها، بالتوازي مع إنشاء جدار عازل حول المستوطنات المحيطة، وحرية العمل الأمني للجيش في كافة أنحاء القطاع، مما يجعل التصريحات التي حذرت من عودة حماس إلى مستوطنات الغلاف، وخطر وقوع هجوم آخر في السابع من أكتوبر، هي كذبة كاملة، فقد تعرضت الحركة لأضرار بالغة، وتخوض الآن معركة من أجل البقاء، وحرب عصابات ضد الجيش".
وأكد أن "العبء الواقع على عاتق الجيش الاحتياطي والنظامي في حرب استمرت عشرين شهرا ثقيل جداً، بجانب الالتزام والتصميم الهائلين، والضمان المتبادل في ساحة المعركة، وهناك عبء كبير على القوات البرية، التي تواجه عامًا ونصفًا من القتال المستمر في ساحة معركة معقدة، وهذا التحدي الذي لم يواجهه الجيش قط، ويجب أن تنتهي الحرب للسماح له بتنظيم صفوفه لمواجهة التحديات التي تنتظره".
وأوضح أن "الرئيس ترامب، الذي اتخذ قراراً شجاعاً بشأن القضية الإيرانية، يريد أن يرى شرق أوسط بنظام جديد، مع اتفاقية تطبيع مع السعودية، وبناء محور ضد إيران، وتوسيع اتفاقيات أبراهام إلى سوريا ولبنان، اللتان كانتا حتى وقت قريب جزءاً من المحور الإيراني، وإذا لم يتم الاتفاق على ذلك عشية الهجوم الأميركي على إيران، فمن المتوقع أن نواجه ضغوطاً أميركية شديدة وعدوانية لإنهاء الحرب في غزة، والتحرك نحو عمليات تؤدي لواقع استراتيجي مختلف، وأكثر أهمية للأمن القومي".