واشنطن بوست: أميركا تشعر بالعزلة وتزايد الضغوط بسبب غزة
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول أميركي رفيع، اعترافه بتصاعد الشكاوى والانتقادات من أصدقاء بلده ومن جميع أنحاء العالم وحتى على المستوى المحلي، بسبب تدهور الأوضاع في قطاع غزة.
وفي تقرير بعنوان "تأييد بايدن لإسرائيل قد يأتي بتكلفة على السياسة الخارجية الأميركية"، أوضحت "كارين دي يونغ" كبيرة مراسلي واشنطن بوست للأمن القومي، أن شركاء وحلفاء الولايات المتحدة يشعرون بإحباط متزايد بسبب عدم استخدام واشنطن للنفوذ الكافي لحماية حياة الفلسطينيين.
وأوضح التقرير أن موقف الرئيس جو بايدن من الحرب في غزة -رغم الإقرار بالتجاوزات الإسرائيلية والضغط لحماية المدنيين- قد يفرض ثمنا على مكانة الرئيس في الداخل والخارج.
ولفت التقرير إلى أنه ليس فقط الشركاء الأجانب الذين يحثون إدارة بايدن على بذل المزيد، بل إن بعض مسؤولي البيت الأبيض ووزارة الخارجية قد أعلنوا عن اعتراضاتهم، بسبب تداعيات ذلك على القيادة الأميركية.
ونقلت الصحيفة عن المسؤول الرفيع قوله إن الرسالة الأخيرة باتت أكثر وضوحا، حيث بدأت واشنطن "تسمع شكاوى وانتقادات، ليس فقط من الأصدقاء، ولكن من جميع أنحاء العالم. ليس فقط دوليا ولكن داخليا"، وذلك مع تدهور الأوضاع وتعرض غزة لهجمات جوية وبرية شرسة من إسرائيل، وارتفاع عدد الضحايا المدنيين وتحول القطاع إلى أنقاض.
وتحدث المسؤول عن العزلة التي تتعرض لها الولايات المتحدة في المحافل الدولية بشأن غزة، وقال "العزلة الأكثر وضوحا هي في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة، حيث كانت الولايات المتحدة وحيدة تقريبا في معارضة قرارات مجلس الأمن التي تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة".
ولفت المسؤول إلى أن العديد من الدول ترغب في دعم موقف الولايات المتحدة، لكن الرأي العام المعادي يمنع من ذلك، مشيرا إلى أن واشنطن تشعر بالضغط، وأنها أبلغت حكومة نتنياهو أن هذا الضغط ليس مفيدا للمصالح الإسرائيلية.
تصاعد الخلاف
يأتي هذا بعدما حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن -الأسبوع الماضي- رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن إسرائيل بدأت تفقد الدعم العالمي بسبب قصفها العشوائي لقطاع غزة، معبرا عن مخاوفه من فقدان واشنطن "قيادتَها الأخلاقية" في العالم، بسبب دعمها لإسرائيل.
ويعتقد خبراء ومحللون سياسيون أن تصريحات بايدن الأخيرة بشأن فقدان إسرائيل الدعم الدولي وضرورة تغيير حكومة نتنياهو، تعكس تحولا كبيرا في موقف الولايات المتحدة من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وأنها ربما تكون بداية تسويات كبرى.
وجاءت تصريحات بايدن بعد مكالمة أجراها مع نتنياهو -الاثنين الماضي- ويبدو أنها وسّعت الفجوة بين موقفي الرجلين من الحرب ومن مستقبل القضية الفلسطينية، حيث خرج كل منهما بتصريحات تناقض الآخر.
ففي حين أكد الرئيس الأميركي أن "وجود اليهود بات على المحك حرفيا" وفق تعبيره، خرج نتنياهو قائلا إن الشخص الوحيد الذي يصلح لرئاسة الحكومة الإسرائيلية حاليا هو الشخص الذي يمكنه معارضة الضغوط الأميركية.
وفي حديثه إلى مانحين ديمقراطيين في واشنطن -الأسبوع الماضي- انتقد بايدن الحكومة الإسرائيلية المتشددة، وقال إن "نتنياهو بحاجة إلى تغيير نهجه".
وأضاف بايدن "أعتقد أن عليه أن يتغير، وأن الحكومة الحالية في إسرائيل تجعل من الصعب عليه التحرك"، واصفا حكومة نتنياهو بأنها "الحكومة الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل".
من جهتها، أفادت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية بأن تصريحات بايدن تمثل أكبر تغير في لغة الولايات المتحدة بشأن إسرائيل منذ عملية حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأضافت الصحيفة أن الانقسام بين إسرائيل والولايات المتحدة ينفجر إلى العلن مع تصريحات بايدن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة تصریحات بایدن إلى أن
إقرأ أيضاً:
ما سر الضغوط والإدانات الدولية للاحتلال؟
بعد أن تصدَّرت صور المجاعة والقتل والتدمير وسائل الإعلام العالمية، وتحت وطأة الضغوط الأوروبية، قرر الاحتلال إدخال كميات محدودة من المساعدات، لكن ما يدور خلف الكواليس يكشف أن هذه الضغوط لا تهدف إلى إنقاذ الفلسطينيين بقدر ما تسعى إلى وقف التدهور الأخلاقي الذي يلاحق داعمي الاحتلال في العواصم الغربية.
وفي المقابل، يغيب الضغط العربي بشكل شبه كامل، وكأن ما يحدث في غزة لا يعني العرب، فلا قمة عربية طارئة، ولا قرارات فاعلة من جامعة الدول العربية، بل إن بعض الأنظمة تواصل التطبيع مع الاحتلال على الرغم من كل المجازر والإجرام الوحشي بحق الفلسطينيين.
أما الأمم المتحدة، فبينما تُصدر التقارير وتطلق التحذيرات، تظل رهينة قرارات مجلس الأمن التي يعطلها "الفيتو الأمريكي"، مما يحول كل نداءاتها إلى صرخات تضيع في فراغ دولي مريب.
هذه الموجة الدولية من الإدانات، وإن كانت متأخرة، تشكل تحديا سياسيا للاحتلال، وتعكس بداية تحول في خطاب المجتمع الدولي الذي طالما تغاضى عن الانتهاكات تحت ذرائع "الحق في الدفاع عن النفس"
لكن في تطور دبلوماسي ملحوظ يعكس تحولا في المواقف الدولية، فقد رحبت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ببيان مشترك صادر عن 80 دولة أعربت فيه عن قلقها العميق إزاء الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة، واعتبرت الحركة أن هذا البيان يشير بوضوح إلى تزايد الرفض العالمي لما وصفته بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي الذي تمارسه سلطات الاحتلال النازي منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
أكد البيان، الذي وصف الوضع في غزة بأنه يشهد "أسوأ أزمة إنسانية" منذ اندلاع الحرب، على ضرورة الالتزام الصارم بحماية المدنيين بموجب القانون الإنساني الدولي، وشدد على رفض استغلال المساعدات لأغراض سياسية أو أمنية، وفي هذا السياق.
في ذات السياق دعم هذا التوجه، وصف المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، ممارسات الاحتلال بأنها "استخدام للجوع كسلاح"، داعيا الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى التدخل الفوري لرفع الحصار عن 2.3 مليون فلسطيني يواجهون خطر المجاعة.
ومن جهة أخرى، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن المساعدات التي دخلت القطاع ما هي إلا "قطرة في بحر" الاحتياجات المتزايدة، مؤكدا أن الوضع ينذر بكارثة إنسانية ما لم تُؤمَّن ممرات آمنة ومستدامة لإيصال الغذاء والدواء دون عوائق.
وعلى الرغم من إعلان الاحتلال السماح بدخول 90 شاحنة مساعدات، أكدت الأمم المتحدة أن أيا من هذه المساعدات لم تصل إلى مستحقيها بسبب صعوبات التوزيع داخل القطاع.
ويظل الوضع على الأرض قاتما، بل وأكثر مأساوية من أي وقت مضى، فالعدد المعلن عنه من الشاحنات لا يمثل سوى "نقطة في بحر" مقارنة باحتياجات مليون ونصف المليون نازح يعانون الجوع والمرض، في ظل حصار شامل يفرضه الاحتلال منذ أكثر من سبعة أشهر، وسط تواطؤ عربي وتخاذل دولي واضح.
وكما تؤكد الأمم المتحدة، لم تصل أي من تلك المساعدات إلى مستحقيها حتى الآن، مما يؤكد أن ما يجري ليس سوى محاولة إعلامية للتغطية على جرائم الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج التي تُرتكب بحق شعب أعزل، وتلاعب الاحتلال بالمساعدات لإطالة أمد المجاعة.
الوصف الصريح للتجويع كسلاح حرب، والتحذيرات المتكررة من خطر المجاعة الشاملة، يضع الاحتلال أمام اتهامات غير مسبوقة، هذا الأمر يزيد الضغط على الحكومات الغربية التي لم تعد قادرة على تبرير صمتها
يزعم جيش الاحتلال أنه "سمح" بدخول 90 شاحنة مساعدات محمّلة بالطحين وأغذية الأطفال والمعدات الطبية إلى قطاع غزة، في مشهد يوحي بكرم زائف من الجلاد تجاه الضحية، لكن الأمم المتحدة كشفت سريعا زيف هذا المشهد، حيث أكد المتحدث باسمها، ستيفان دوجاريك، أن المساعدات لم تُوزّع حتى الآن، بسبب عراقيل الاحتلال ومشاكل النقل والتخزين، بل إن إحدى فرق الأمم المتحدة انتظرت لساعات عند معبر كرم أبو سالم لجمع المساعدات، دون أن يُسمح لها بنقلها إلى مستودعاتها وحتى الآن لم يتم إيصال أي مساعدات غذائية بشكل منتظم إلى مراكز التوزيع، مما يجعل اعلان الاحتلال مجرد إجراء شكلي. ويبدو واضحا أن الاحتلال يستخدم هذه الشاحنات كأداة لتخفيف الضغوط السياسية الدولية، لا وسيلة لإغاثة المنكوبين.
هذه الموجة الدولية من الإدانات، وإن كانت متأخرة، تشكل تحديا سياسيا للاحتلال، وتعكس بداية تحول في خطاب المجتمع الدولي الذي طالما تغاضى عن الانتهاكات تحت ذرائع "الحق في الدفاع عن النفس". وتعتبر دعوة حركة "حماس" إلى ترجمة المواقف إلى إجراءات ملموسة؛ اختبارا حقيقيا لمدى جدية المجتمع الدولي.
في سياق مكافحة الجرائم الجماعية ومنع الإفلات من العقاب، فإنّ الوصف الصريح للتجويع كسلاح حرب، والتحذيرات المتكررة من خطر المجاعة الشاملة، يضع الاحتلال أمام اتهامات غير مسبوقة، هذا الأمر يزيد الضغط على الحكومات الغربية التي لم تعد قادرة على تبرير صمتها أمام الرأي العام العالمي المتضامن مع معاناة الفلسطينيين في غزة.