يعد الفنان السوري عدنان الشيخ عثمان واحداً من أبرز أساتذة فن الخط العربي المعاصرين على مستوى الوطن العربي والعالم الإسلامي، ويؤكد ذلك الجوائز الدولية التي استحقها في مسابقات "اللجنة الدولية للحفاظ على التراث الحضاري الإسلامي".

حول البيئة التي نهل منها، وما يميز أسلوب فنان الخط العربي ومسائل أخرى هذا اللقاء: جمال زلال

يتميز الخط العربي كفنٍ بجمعه بين الليونة والصلابة في تناغم مذهل، وهو كفن يتمتع بإمكانات تشكيلية عديدة، من خلال الفضاءات الجمالية التي يكونها فنان الخط في لوحته، سواء استخدم فيها بيت شعر متداول، أو حكمة ، أو قولاً مأثوراً.

ويعدّ الفنان عدنان الشيخ عثمان أحد الذين أبدعوا في هذا الفن بعد أن افتتنوا به، فنقل إلينا من خلال لوحاته العديدة فتنة جمالية لا تضاهى، وهي لوحات لا تملّ من تأملها وإشباع حاستك البصرية منها بخاصة إن كان اللوحة منسوجة بشعرٍ سبق له أن سحرك، كما في اللوحة التي نشاهد فيها ذلك الفضاء الجمالي للحروف العربية التي نسجها من شعر عمر الخيام: "القـــلب قـــد أضناه عشق الجــمال/ والصدر قد ضاق بما لا يُقــال/ يارب هل يرضـــيك هذا الظمأ/ والماء يـنساب أمامي زلال". أو لوحة مشغولة من بيت نظمه صديق له كما فعل في البيت الذي نظمه د. حسان فلاح أوغلي " وكلُّ عَدْلٍ سوى الرّحمنِ متّهمُ/ لا ينصِفُ المرءَ سوى واحِدٌ أحَدُ"، أو من شعر نزار قباني أحاطه باسمه الذي تصدّر البؤرة الأساسية للوحة.

فصاحة لسان ويد

وإن أردنا معرفة البيئة التي هيأت للفنان الشيخ عثمان ولعه بفن الخط، عنها يقول لموقع 24: تلقيت منذ صغري العلوم الشرعية والفقهية، وأحكام تلاوة القرآن الكريم فأكسبتني هذه الثقافة لساناً قويماً فصيحاً وفتحت أمامي الباب على مصراعيه لدخول فن الخط العربي، فكانت فصاحة اللسان جواز سفر  إلى فصاحة اليد، فتعلمت فن الخط العربي بنفسي على آثار الخطاطين العظام، واطّلعت على مدارس الخط الكبرى العربية والتركية والفارسية، فأتقنتها علماً وعملاً، ثم اتّخذت لنفسي من مجموعها أسلوباً خاصاً مبتكراً.

حيوية فن الخط

أمّا ما الذي يميز أسلوب كل خطاط في فن الخط العربي، فالفنان الشيخ عثمان يرى أن: فن الخط العربي كغيره من الفنون الأخرى يرسم شخصية صاحبه ويعبر عنها أصدق تعبير. فترى بين الخطاطين المتقاربي المستوى الفني تفاوتاً بيّناً في طرائق التراكيب للوحة المخطوطة على الرغم من اتفاقهم على مفردات الحروف ونسبها الذهبية المتعارف عليها، ورغم التقائهم على ضوابط ثابتة في طرائق تجاور تلك الحروف ضمن ما يستحسن وما لا يستحسن علماً وذوقاً. ويتابع موضحاً: هناك من يميل إلى التركيب البسيط معتمداً الثخانة الدنيا للحروف وهناك من يهوى التركيبات المعقدة معتمداً الثخانة العليا للحروف وهناك من يسلك أسلوباً وسطاً بين هذين المذهبين...ونجد بين الخطاطين من يكثر من استعمال التزيينات الفنية لملء الفراغات.. وبالمقابل هناك من لا يستعملها إلاّ لضرورة ملحة. وإذا كان معظم الخطاطين يعتمد أساليب التركيب المألوفة (كالتركيب على السطر، أو التركيب الدائري، أو البيضوي...) فإن منهم من يخرج على المألوف، وينهج مناهج محدثة في كسر القوالب التقليدية واعتماد التركيبات الحرة الصاعدة يميناً وشمالاً كمذهب ( التوازن القلق) أو الأساليب التي يكثر فيها اعتماد أكثر من قلم للنص الواحد. وقد تجد من أساتذة الخط الكبار من لا يستقر على طريقة بعينها فتراه مقلباً بين أساليب المدارس الخطية المختلفة المشارب، ينهل منها جميعاً وفي كل طلوع شمس يكون على موعد مع واحدة منها..وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على حيوية فن الخط العربي وارتباطه بشخصية كاتبه، وقوة تعبيره عن تقلبات مزاجه وعواطفه وأفكاره.

صحة الترتيب

أمّا ما هي التركيبات الأكثر جاذبية له، المعقدة أم المبسطة، وما الأسباب، يوضح الفنان الشيخ عثمان قائلاً: كل خط له طبيعة تركيبية خاصة به، فالرقعة والتعليق والنسخ مثلاً خطوط مبسطة التركيب أم الثلث الجلي والجلي الديواني فهما أقرب إلى التعقيد التركيبي، وخط الثلث تحديداً يكتب مبسطاً ومركباً في آن معاً، وهو أكثر الخطوط العربية إمكانية لاستيعاب الأهواء المختلفة والأمزجة المتعددة في التركيبات الفنية. وبالنسبة لي فإنني مارست كل طرائق التركيب الفني للوحة الخطية قديمها وحديثها، وإن كنت أميل إلى التبسيط نسبياً. ولكن الأهم في التركيب الخطي للوحة أن يراعى فيه أمران جوهريان هما، حسن التركيب وصحة الترتيب. أما حسن التركيب، فهو كفاح فنان الخط العربي للوصول إلى أحسن شكل لعلمه الفني من حيث تجاور الحروف تجاوراً سليماً، بحيث لا يطغى بعضها على بعض، وإحراز العلاقة الجمالية المثلى بين الحروف وتشكيلاتها وحركاتها التزينية وصولاً إلى أفضل توزيع للسواد والبياض بحيث لا يكون هناك ازدحام في مكان ..وتصلّع في مكان آخر. وأما صحة الترتيب، فهي مراعاة تسلسل الحروف والكلمات بحيث تسهل قراءة النص مهما كانت درجة تركيبه.

إحدى عشرة جائزة

وعن عدد الجوائز الدولية التي نالها والمعارض التي شارك فيها، يشير الفنان الشيخ عثمان إلى أنها جوائز عدة أهمها إحدى عشرة جائزة دولية، وكانت أثر مشاركتي في مسابقات ( اللجنة الدولية للحفاظ على التراث الحضاري) التي تنظمها منظمة "أرسيكا" في استانبول بإشراف منظمة المؤتمر الإسلامي منذ عام 1986 وشاركت في مهرجانات ومعارض كثيرة في دول عربية ودول إسلامية وفي كل مشاركاتي كنت ألقى مع زملائي المشاركين الاهتمام اللائق رسمياً وشعبياً، وكانت تتخلل تلك الملتقيات والمعارض ندوات تطرح فيها أفكار ذوات قيمة عن واقع فن الخط العربي وسبل النهوض به ومسايرته للتقدم العلمي الذي يشهده العالم في مشارق الأرض ومغاربها.
 

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة ثقافة فن الخط العربی الشیخ عثمان

إقرأ أيضاً:

استمرارًا لرسالتها في دعم الفنون.. مكتبة الإسكندرية تنظم مسابقة الخط العربي لطلاب المدارس

نظمت مكتبة الإسكندرية من خلال مركز دراسات الخطوط التابع لقطاع البحث الأكاديمي، فعاليات المسابقة السابعة عشر للخط العربي لطلاب مدارس الإسكندرية، وذلك بالتعاون مع مديرية التربية والتعليم بالإسكندرية. وقد جاءت هذه النسخة استمرارًا لمسيرة ممتدة بدأها المركز منذ سبعة عشر عامًا بهدف دعم فن الخط العربي بين الأجيال الشابة، وتنمية قدراتهم الإبداعية، وتعزيز وعيهم الفني والجمالي.
“ لجان ا لتحكيم ”
وقد بُنِيت الفكرة الأساسية للمسابقة - كما هو معتاد في دوراتها المختلفة- على فتح باب المنافسة بين طلاب المراحل الثلاث: الابتدائية، والإعدادية، والثانوية، وذلك في مجالات التصميم الخطي، والإدراك الفني، والتجويد الكتابي؛ واعتمدت لجان التحكيم هذا العام على مجموعة من المعايير الدقيقة التي توازن بين سلامة البناء الحروفي، والقدرة على التطويع الجمالي، وحسن التكوين والتوزيع البصري لصفحة الخط.
 

“فعاليات المسابقة ”
وانطلقت فعاليات المسابقة على مدى ثلاثة أيام؛ حيث خُصِّص اليوم  لطلاب المرحلة الابتدائية، ويوم الثلاثاء  لطلاب المرحلة الإعدادية، ويوم الأربعاء لطلاب المرحلة الثانوية. وقد خضعت جميع أعمال الطلاب لتحكيم دقيق من قبل لجنة متخصصة برئاسة  محمد المغربي، المدير الأسبق لمدرسة محمد إبراهيم للخط العربي، وأُعلنت نتائج المسابقة في احتفالية كبرى، شهدت تكريم الطلاب الفائزين وتوزيع شهادات التقدير والدروع التذكارية، إلى جانب عرض أعمالهم في معرض شارك فيه أولياء الأمور والمعلمون وعدد من الخطاطين البارزين من مدرسة محمد إبراهيم للخط العربي.
“ المسابقة ”
وجدير بالذكر أن هذه المسابقة التي استمرت للعام السابع عشر على التوالي، أثمرت في جميع دوراتها السابقة عن اكتشاف عدد كبير من المواهب الشابة في فنون الخط العربي، وهي مواهب تبنّاها مركز دراسات الخطوط وقدّم لها برامج تدريبية ورعاية فنية ساعدتها على التطور والمشاركة في فعاليات وطنية ودولية؛ ومن أبرز ملامح مسابقة هذا العام مشاركة مجموعة من الخطاطين الشباب الذين كانوا من الفائزين في دورات سابقة ضمن لجان التحكيم، في خطوة تهدف إلى بناء أجيال جديدة قادرة على فهم التراث الحروفي العربي وتطويره ضمن رؤية معاصرة واعية.

“ التربية والتعليم ”
وأقيمت المسابقة هذا العام بدعم كامل من  وكيل وزارة التربية والتعليم بالإسكندرية، الأمر الذي عزَّز من موثوقيتها، وأكَّد استمرار التعاون المؤسسي بين مكتبة الإسكندرية ومديرية التربية والتعليم بمحافظة الإسكندرية في دعم الفنون وتطوير المواهب الطلابية، وخاصة ما يتعلق بالخط العربي باعتباره أحد أهم روافد الهوية الثقافية العربية والإسلامية.

مقالات مشابهة

  • خبير علاقات دولية: خطة ترامب تخدم روسيا أكثر من أوكرانيا
  • شاهد بالفيديو.. أول من دخل عليه بعد وفاته.. صاحبة الشقة التي يسكن فيها المذيع الراحل محمد محمود حسكا تكشف تفاصيل جديدة: “وجدته كأنه نائم”
  • تكليف الشيخ عبدالباسط عثمان مديرًا للدعوة بأوقاف البحر الأحمر
  • "البرلمان العربي": اقتحام الاحتلال مقر الأونروا بالقدس جريمة دولية
  • ذكرى رحيل يحيى حقي .. أيقونة الأدب العربي التي لا تغيب
  • المسابقة 17 للخط العربي لطلاب المدارس بمكتبة الإسكندرية
  • استمرارًا لرسالتها في دعم الفنون.. مكتبة الإسكندرية تنظم مسابقة الخط العربي لطلاب المدارس
  • معايير دقيقة جديدة في المسابقة 17 للخط العربي لطلاب المدارس بمكتبة الإسكندرية
  • الحفرة التي سقطت فيها الفتاة: أهمية منع الإهمال لمنع الكارثة قبل أن تقع
  • طبيب يكشف الحالات التي يمكن فيها خفض ضغط الدم دون الحاجة إلى أدوية