الخليج الجديد:
2025-12-15@04:01:06 GMT

رذيلة الكذب تترسخ في النظام الأمريكي

تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT

رذيلة الكذب تترسخ في النظام الأمريكي

رذيلة الكذب تترسخ في نظام الحكم الأمريكي

أصبحت أمريكا مؤخراً أبرز من يمثل ظاهرة الكذب بكل ألوانها ومستوياتها وألاعيبها.

ترسخت رذيلة الكذب في النظام السياسي والأمني الأمريكي وأصبح النظام نظاماً كذاباً.

منذ الحرب العالمية الثانية، تمارس أمريكا الكذب لتبرر كل صراعاتها وحروبها وابتزازاتها وتلاعبها باقتصاد العالم واستقراره المالي النقدي.

نثق في العدالة الإلهية بأن هذا النظام سيكتب عند الله أيضاً نظاماً كذاباً، ويواجه مستقبلا عدالة الأرض وعدالة السماء. ويا ويلهم عندما يتمكن العالم كله منهم بمباركة من عدالة السماء.

* * *

إذا كان من رذيلة تتميز في هذا الزمن الذي نعيشه، فهي رذيلة الكذب الذي أصبح مرض العصر بصورة وبائية قاتلة، والذي لا يبدو أن له علاجا في الأفق القريب.

وقد أصبح لهذه الرذيلة جماعات ودول ومراكز إعلام ومؤسسات بحوث تدعم بعضها بعضا، وتغطي مساوئ بعضها بعضا، وتطوع الأزلام لنشرها على نطاق واسع جنوني بواسطة شبكات التواصل الاجتماعي، التي لا تترك أحداً إلا وتغويه وتنهكه لتصديق ذلك الكذب.

وإذا كان لا بد من تسمية جهة قيادة لذلك التوجه في عالمنا فإن الأصابع تتجه نحو الولايات المتحدة الأمريكية، إذ أصبحت مؤخراً أفضل من يمثل ظاهرة الكذب بكل ألوانها ومستوياتها وألاعيبها. فهذه الدولة، منذ الحرب العالمية الثانية، وهي تمارس الكذب لتبرر كل صراعاتها وحروبها وابتزازاتها وتلاعبها باقتصاد العالم واستقراره المالي النقدي.

فقد خاضت حروب فيتنام وكوريا وكمبوديا وهندوراس، وخططت وأشرفت على قتل مئات الألوف في إندونيسيا، وغزت ودمرت أفغانستان والعراق، وتآمرت على سوريا وليبيا والسودان واليمن، وتدخلت في شؤون أمريكا الجنوبية على نطاق واسع، ودمرت كل محاولات دولها للخروج من تحت عباءتها، وأدخلت مؤخراً العالم في جحيم الحرب الأوكرانية، وافتعلت الحروب الاقتصادية مع الصين وروسيا وغيرهما.

فعلت كل ذلك، وغيره الكثير، تحت أغطية ومبررات من الكذب والادعاءات وأصباغ الفضيلة التي لا توجد إلا في شعاراتها المخادعة، تارة باسم حماية العالم الحر، وتارة باسم حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان وحماية الأقليات والمحافظة على السلم الأهلي والعالمي، بينما الجميع كان يعرف أنها كانت حروب نهب واستعمار.

ولم تعتذر قط عن كل تلك الأفعال التي قامت بها والتي قادت إلى موت الملايين وإلى حرق أراضي الغير، وإلى تدمير بنيتها التحتية وأنظمتها السياسية والأمنية والاقتصادية، بل بالعكس، كانت وما زالت تنصب نفسها الدولة المسؤولة عن أمن ونظام هذا العالم، وبالتالي يحق لها أن تكون القاضي والمحامي والسجّان، بينما هي في كثير من الأحيان الجاني الذي يجب أن يحاكم ويحاسب.

نضطر أن نذكّر بكل ذلك، رغم احترامنا الشديد للشعب الأمريكي، لنقول بأن المسؤول الأول هو نظام الحكم الأمريكي، والدولة العميقة التي تملكه وتحركه وتوظّفه ليفعل كل ذلك باسم أمريكا، وأمريكا التي نعرفها جيداً براء من كل ذلك، وإنما هي أيضاً ضحية من ضحايا نظام الحكم ذاك ودولته العميقة.

ونبرز كل ذلك لنقول بأن تلك القائمة من الممارسات الأمريكية المجنونة واللاأخلاقية والمستهترة بكل القيم الإنسانية والحقوقية، والمتدثّرة بألف كذبة وكذبة، تلك القائمة قد وصلت خلال الشهرين الماضيين إلى أقبح صورها وأكثرها إجراماً وتوحشاً في المشهد الفلسطيني الحزين، يفضحها ويعرّيها مشهد الألوف من أطفال فلسطين ونساء فلسطين وكبار السن في فلسطين، المدنيين العزّل، المستنجدين يطلبون الرحمة، بينما يقوم نظام الحكم في أمريكا بإمداد المجرم الصهيوني، جيشاً ومستوطنين، بالسلاح والعتاد والمال والدعم الأعمى السياسي والمعنوي في كل محفل من محافل العالم.

وهذا الدعم كله يتم تحت عباءة الكذب الأمريكي الشهير، فهي تدّعي أنها ضد موت المدنيين وضد تجويع ملايين الفلسطينيين، وضد تدمير المستشفيات والمدارس والمساجد، وضد إلقاء القنابل العشوائية لتدمير مئات المباني على رؤوس ساكنيها… إنها ضد كل ذلك، وهي تحاول إقناع الكيان الصهيوني بعدم ممارسة كل ذلك… لكنها لا ترى تعارضاً بين إمداد الكيان بكل ما يسمح له بارتكاب جرائمه، ومنع العالم من إيقاف الحرب.

ما على من يريد أن يعرف طبيعة الكذب المتأصّلة في نظام الحكم الأمريكي، إلا أن يقارن بين ما تقوله وتفعله وتعد به لتطمين الكيان الصهيوني، والدروس والتهديدات والفهلوانية التي تمارسها تجاه من يتجرأ لمساعدة الفلسطينيين المغلوبين على أمرهم، وتجاه أي محاولة دولية لإيقاف الحرب الإجرامية المجنونة في غزة.

كنا نعرف بأن كتب العالم ووسائل المعرفة فيه قد كشفت منذ زمن طويل ترسخ رذيلة الكذب في النظام السياسي والأمني الأمريكي وسمّت النظام نظاماً كذاباً. لكننا الآن نثق في العدالة الإلهية بأن هذا النظام سيكتب عند الله أيضاً نظاماً كذاباً، وسيواجه في المستقبل، طال الزمن أو قصر، عدالة الأرض وعدالة السماء. ويا ويل أمريكا عندما يتمكن العالم كله منها، بمباركة من عدالة السماء.

*د. علي محمد فخرو سياسي بحريني، كاتب قومي عربي

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا الكيان الصهيوني المشهد الفلسطيني نظام الحکم کل ذلک

إقرأ أيضاً:

قرار القضاء العراقي بين سندان القانون ومطرقة الفساد

آخر تحديث: 13 دجنبر 2025 - 9:36 ص بقلم:ادهم ابراهيم أثار القرار الأخير الصادر عن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، والقاضي باتخاذ إجراءات قانونية بحق كل من يحرض أو يروج لإسقاط النظام السياسي أو المساس بشرعيته عبر وسائل الإعلام والمنصات الإلكترونية، موجة من التخوفات المشروعة.
فالقرار، رغم مايراه البعض من هدف معلن يتمثل في حماية الاستقرار، يثير في المقابل تساؤلات مشروعة تتعلق بحرية الرأي والتعبير التي نصّت عليها المادة (38) من الدستور العراقي، وبالخصوص في ظلّ بيئة سياسية معقّدة ومثقلة بإرثٍ ثقيل من الأزمات.
حيث يكفل الدستور العراقي حرية التعبير والصحافة والتجمع، بل يعتبر انتهاك تلك الحريات جريمة يُحاسَب عليها القانون. ويقع على القضاء واجب دستوري أساسي يتمثل في مراقبة التشريعات والقرارات بما يضمن عدم المساس بهذه الحقوق، لأن المساس بها يعني المساس بروح النظام الديمقراطي نفسه. وهنا يتولد السؤال الجوهري: كيف يمكن التوفيق بين قرار كهذا وبين الالتزام الدستوري بحماية الحريات، خصوصاً إذا كانت صياغته قابلة لتأويلات واسعة؟ لقد عانت دول عديدة من صعوبة الانتقال من أنظمة شمولية إلى أنظمة تقوم على سيادة القانون . ومصداقية القضاء، في أي تجربة ديمقراطية، لا تقوم على النصوص وحدها، بل على السلوك القضائي ذاته : النزاهة، الحياد، والالتزام بوقائع القضايا دون تأثير سياسي.فثقة المجتمع بالقضاء ليست ترفاً، بل شرطاً أساسياً لاستقرار الدولة. وحين تتزعزع تلك الثقة، يبدأ المواطن بالتشكيك في قدرة القضاء على حماية الحقوق وتحقيق العدالة. في العراق، تتصدر ملفات الفساد المشهد السياسي، وهي ملفات تمسّ مباشرةً حياة المواطن وخدماته الأساسية: الكهرباء، الماء، الصحة، التعليم، والإعمار.ومع ذلك، يلاحظ كثيرون أن الادعاء العام لا يتحرك بالزخم نفسه تجاه ملفات الفساد الكبرى، رغم وجود تصريحات علنية واعترافات تُعرض في وسائل الإعلام حول هدر المال العام وتقاسمه. وهذا التفاوت في الحزم يثير تساؤلات لا يمكن تجاهلها:
هل يُحاسَب من ينتقد الفاسدين قبل محاسبة الفاسدين أنفسهم؟ وأين هي المذكرات القضائية بحق سراق المال العام مقارنةً مع إجراءات تُتخذ ضد المنتقدين أو الإعلاميين أو الناشطين؟وهل أصبح النقد السياسي جريمة؟ الخلط بين “إسقاط النظام” كفعل عنفي أو تحريضي، وبين نقد الأحزاب أو المسؤولين، يشكّل خطراً على الديمقراطية.فانتقاد الأداء السياسي، والسؤال عن الخدمات، والاعتراض على الفشل الإداري، والمطالبة بالإصلاح، ليست دعوات لهدم النظام الديمقراطي، بل أدوات لحمايته وتصويبه.
وعندما يصبح مجرد السؤال عن الخدمات العامة مقدمة لاتهام بالترويج لإسقاط النظام، فإن معنى المواطنة يتعرض للاهتزاز، ويصبح الفضاء العام ضيقاً إلى حدّ الاختناق .كما ان هناك ازدواجية خطيرة حيث لا يُحاسَب خطاب الكراهية والطائفية بنفس القدر؟
فبالرغم من وجود قوانين واضحة تجرّم التحريض الطائفي وخطاب الكراهية، إلا أن المحاسبة لا تطال إلا فئات محددة، بينما تبقى فصائل مسلحة وأحزاب تمتلك أذرعاً عسكرية خارج نطاق المساءلة، بالرغم من ان ذلك يشكل خرقاً دستورياً واضحاً. ان القرارات التي تصاغ بعبارات عامة وفضفاضة تمنح السلطة التنفيذية مساحة واسعة للتأويل، قد تتحول مع الوقت إلى أدوات لتكميم الأفواه.وكلما اقترب القضاء من العمل السياسي، أو بدا وكأنه حامٍ للسلطة لا للمجتمع، دخلت الدولة في مسار خطير يهدد جوهر النظام الديمقراطي ويقربه من أنماط حكم استبدادية، حتى لو كانت ترتدي عباءة الديمقراطية . المعركة الحقيقية التي ينتظرها العراقيون ليست معركةً ضد منشور في منصّة إلكترونية، بل معركة ضد شبكة فساد متجذرة تهدر الثروة العامة وتفرغ الدولة من معناها.وحين يرى المواطن أن من يتجرأ على كشف الفساد يُلاحق، بينما من يمارس الفساد يُحمى، فإن الإحباط يتحول إلى غضب، والغضب إلى فقدان ثقة، وفقدان الثقة إلى التمرد. إن بناء دولة قانون حقيقية يتطلب قضاءً مستقلاً لا يخشى مواجهة الفاسدين، ويعتبر حماية المواطن أولوية فوق حماية المسؤول.حماية النظام لا تتحقق بتقييد النقد، بل بتقوية المؤسسات، وتحقيق العدالة، واستعادة ثقة الناس. فالدول لا تنهض بإسكات الأصوات، بل بالاستماع إليها، ولا تستقر بالخوف، بل بالعدالة.والقضاء، بما يمثّله من سلطة مستقلة، هو حجر الأساس في هذا البناء؛ فإذا فقد استقلاله، اهتزّ كل شيء من بعده.

مقالات مشابهة

  • الهباش: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في فلسطين تزيد موجة العنف
  • حزمة قرارات حكومية جديدة
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بفلسطين تزيد من موجة العنف
  • الفظائع التي تتكشّف في السودان “تترك ندبة في ضمير العالم”
  • أمريكا تستعد لمصادرة مزيد من السفن التي تنقل النفط الفنزويلي
  • فلنغير العيون التي ترى الواقع
  • تهويل بلا وزن استراتيجي: قراءة في تغريدات سافايا
  • مصر تحذر أمريكا من محاولات إسرائيل فرض وقائع جديدة في غزة
  • قرار القضاء العراقي بين سندان القانون ومطرقة الفساد
  • استراتيجية الأمن القومي الأمريكي: راعي الأبقار وماشية العالم