من المتوقع أن يؤدي القرار التاريخي لمحكمة العدل الأوروبية، الذي صدر يوم الخميس، إلى تغيير الطرق التي تدار بها كرة القدم، وخاصة على صعيد بطولات القارة العجوز على مستوى الأندية، والتي تجلب أنظار المتابعين من جميع أصقاع المعمورة.

وفي حكمها، قالت المحكمة العليا الأوروبية إن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" والاتحاد الأوروبي "يويفا" قد أساءا استخدام نفوذهما بمنع الأندية من المنافسة في الدوري الأوروبي الممتاز (السوبرليغ)، ورغم ذلك فهذه البطولة ربما لم تتم الموافقة عليها بعد نظرا لأن المحكمة لم تمنحها هذا الحق على وجه الدقة.

وكان المحلل الرياضي، علي الزين، قد أوضح في حديث سابق لموقع "الحرة": إنه "لا يوجد أي قانون في العالم يمنع الأندية من إطلاق بطولة جديدة، ولا يوجد قانون يعطي الاتحادات الوطنية حق منع تلك الأندية من المشاركة فيها".

وأضاف: "كذلك لا يوجد قانون يجعل الفيفا واليويفا يمنعان اللاعبين من المشاركة مع منتخبات بلادهم في البطولات الدولية".

وأوضح وقتها أن "الأندية العريقة في موقع قوة، فمن الواضح أن القائمين عليها وهم من كبار رجال الأعمال يعرفون ماذا يفعلون ودرسوا خطواتهم بعناية تامة".

وينظم"يويفا" المسابقات الأوروبية لكرة القدم منذ ما يقرب من 70 عاما ويرى أن مشروع دوري السوبر الأوروبي يمثل تهديدا لدوري أبطال أوروبا المربح له والذي تتأهل له الأندية على أساس الجدارة.

السوبر ليغ.. لعبة رأس المال لشراء الساحرة المستديرة خلال اليومين الماضيين، تفجرت ثورة كروية غير مسبوقة، قد تساهم بإعادة تشكيل الهياكل النظامية لكرة القدم في خطوة يقول عنها خبراء إن المال والسعي وراء الربح هو الدافع الأساسي لها.

وأعلنت أندية ريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس وتسعة أندية أوروبية كبرى أخرى تأسيسها بطولة مغلقة منفصلة في أبريل من العام 2021.

بيد أن تلك الخطوة انهارت في غضون 48 ساعة بعد احتجاجات جماهيرية وحكومات ولاعبين مما أجبر أندية مانشستر يونايتد وليفربول ومانشستر سيتي وتشيلسي وتوتنهام هوتسبير وأرسنال الإنكليزية وميلان وإنتر ميلان الإيطالي وأتلتيكو مدريد الإسباني على الانسحاب.

وزعمت شركة (إيه 22) للتطوير الرياضي، التي تأسست لإنشاء دوري السوبر الأوروبي، أن احتكار اليويفا والفيفا لمسابقات كرة القدم يمثل انتهاكا لقانون المنافسة وحرية الحركة بالاتحاد الأوروبي.

بعد فترة وجيزة من صدور الحكم، أصدرت (إيه 22) خططا لمسابقة جديدة تضم 64 فريقا للرجال و32 فريقا للسيدات يتنافسون في دوري خلال منتصف الأسبوع، مما يهدد بطولة دوري أبطال أوروبا أبرز بطولات الاتحاد الأوروبي.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة (إيه 22)، بيرند رايشارت، في مقابلة مع وكالة "رويترز" إن البطولة الجديدة ستجذب الجماهير من خلال توفير بطولة أكثر تنافسية وجعلها مجانية للمشاهدة على التلفزيون.

وأضاف: "هذا ما يجعل هذا الاقتراح يتمحور حول المشجعين وجذابا للغاية لكل مشجع".

"اليويفا في ورطة"

وأما رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ألكسندر تشيفرين، فعلق على قرار المحكمة بقوله "لن نحاول إيقافهم (الأندية التي تؤيد بطولة السوبر ليغ)، إذ يمكنهم فعل ما يريدون".

وتابع بلهجة ساخرة "أتمنى أن يبدأوا مسابقتهم الرائعة في أقرب وقت ممكن مع فريقين"، وذلك في إشارة إلى فريقي ريال مدريد وبرشلونة اللذين يدعمان بكل قوة فكرة إقامة تلك المسابقة".

ولكن الإعلامي والمحلل الرياضي الجزائري، ادريس حواس، يرى في حديث إلى موقع "الحرة" أن "قرار محكمة العدل الأوروبية قد وضع (اليويفا) في ورطة لأن الجهات المؤيدة لإقامة الدوري الأوروبي الممتاز أصبح بيدها ورقة قوة ضاغطة سوف تستفيد منها مستقبلا".

وشدد حواس على أن "الصراع هو في الأساس مادي إذ تعتبر الفرق الكبرى أنها لا تحصل على ما يكفي من الموارد المالية لتغطية نفقاتها، خاصة أن الكثير منها عانى أزمات كبيرة لاسيما خلال فترة جائحة فيروس كورونا".

زلزال "الدوري السوبر" الأوروبي.. التداعيات والتفاصيل بعد الزلزال المدوي الذي ضرب كرة القدم إثر إعلان نواد أوروبية إطلاق "الدوري السوبر" الأوروبي، في خطوة تهدف إلى منافسة دوري أبطال أوروبا، الأمر الذي أثار غضب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم وتنديد قادة سياسيين، ما تداعيات هذا "الانقلاب" وتفاصيله؟

وكانت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية قد نقلت في مايو الماضي عن مصدر لم تكشف هويته قوله إن بنك "جيه بي مورغان" الأميركي وافق على تمويل دوري السوبر الأوروبي بـ 4.8 مليار دولار.

وأشارت الوكالة إلى أن الفائدة من تمويل "جيه بي مورغان" تتراوح بين 2 إلى 3 في المئة عبر عقد يمتد لـ 23 عاما.

وسيكون البنك هو الراعي والممول الرئيسي للبطولة، بحسب ما أكده متحدث باسمه من لندن لوكالة فرانس برس في وقت سابق من شهر مايو.

وأما الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، فأوضح إنه سوف يدرس القرار بالتنسيق مع"يويفا"والاتحادات القارية الأخرى والاتحادات الأعضاء قبل الإدلاء بمزيد من التعليقات.

وأكد رئيس الاتحاد الدولي للعبة الأكثر شعبية في العالم، جياني إنفانتينو، أن قرار محكمة العدل الأوروبية، لن يغير شيئا، مضيفا: "تاريخيا، قمنا بتنظيم أفضل المسابقات في العالم، وسيكون هذا هو الحال أيضا في المستقبل".

وفي سياق متصل، أكد كل من "الفيفا" و"يويفا" ورابطة مشجعي كرة القدم في أوروبا، ورابطة الدوري الإسباني ورابطة الأندية الأوروبية والمكتب الأوروبي التابع للاتحاد اللاعبين المحترفين في بيان مشترك "لا يوجد مكان لأي نوع من دوري السوبر في أوروبا. الجدارة الرياضية هي ما يهم".

وأصدر مانشستر يونايتد وبايرن ميونيخ بيانين قالا فيهما إنهما ملتزمان بمسابقات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

وقالت الحكومة البريطانية إنها تعمل على وضع تشريع لمنع الأندية الإنجليزية من الانضمام إلى أي مسابقة انفصالية أخرى.

"بداية عصر جديد"

وفي المقابل، اعتبر رئيس نادي ريال مدريد، فلورنتينو بيريز، أن قرار  المحكمة الأوروبية هو فاتحة جديدة، موضحا في بيان رسمي: "اسمحوا لي أن أقول للأندية الأوروبية إننا نواجه بداية عصر جديد يمكننا فيه العمل بحرية من الحوار البناء، دون تهديدات.. بهدف ابتكار وتحديث كرة القدم لمواصلة الشغف".

وزاد: "اعتبارًا من اليوم، أصبح حاضر ومستقبل كرة القدم الأوروبية أخيرًا في أيدي الأندية واللاعبين وجماهيرهم، ومصيرنا ملك لنا وأمامنا مسؤولية كبيرة، وسيشكل هذا اليوم علامة قبل وبعد. إنه يوم عظيم لتاريخ كرة القدم ولتاريخ الرياضة".

وعلى نفس المنوال، قال رئيس نادي برشلونة، خوان لابورتا، في تصريحات إعلامية لقناة فريقه: "لحكم الصادر عن محكمة العدل الأوروبية فرصة تاريخية لحل بعض المشاكل الخطيرة التي تهدد مستقبل الغالبية العظمى من الأندية".

"تخطط له الأندية الغنية".. الفيفا يحذر من المشاركة في دوري السوبر الأوروبي أكد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بأنه لن يعترف بالدوري السوبر الأوروبي، الذي تسعى أندية عدة لإطلاقه، وذلك في بيان رسمي صادر عنه الخميس، مشيرا إلى أن اللاعبين يواجهون الاستبعاد عن كأس العالم في حال مشاركتهم في صفوف انديتهم.

وفي هذا الصدد يرى الإعلامي الرياضي، ممدوح نصر الله، عبر مداخلة له في قناته الرسمية على "يوتيوب" أن ما قرار الحكم الذي صدر يوم الخميس يعتبر "شرارة شعلة لما سوف يحدث في المستقبل، بمعنى إذا قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أو الاتحاد الدولي معارضة مصالح الأندية فإن الأخيرة قد أصبح بيدها ورقة ضغط تضمن لها تلك المصالح، خاصة وأن النظام الجديد لبطولة دوري أبطال أوروبا والذي من المفترض العمل بها في الموسم القادم لا يزال يثير الكثير من الجدل والاعتراضات".

وشدد نصر الله على أن الكثير من الدول خارج القارة العجوز تسعى لاستضافة مباريات قوية بين الأندية الأوروبية على أراضيها، مردفا: "وهذا بالتالي سوف يزيد من شعبية اللعبة في العالم ويحقق فوائد مالية كبرى للاتحاد الأوروبي لكرة القدم وللعديد من الأندية".

وأما الإعلامي والمحلل الرياضي، محمد مصطفى، فيرى في حديثه إلى موقع الحرة: "إن قرار المحكمة قد أعاد الأزمة إلى مربعها الأول"، موضحا: "أن الاتحاد الأوروبي كان لديه بعض مشاكل في قوانينه، بيد أنه جرى إصلاح ذلك الخلل مؤخرا كما أكد مسؤوليه".

وتابع مصطفى: "وذلك الحكم القضائي رغم دلالاته المهمة، لا يعني أنه سوف ينفذ غدا، فهناك الكثير من السجالات والصراعات التي سوف نشهدها، واليويفا يبدو واثقا من خلال دعم الاتحادات الكروية له أنه لن يفقد سيطرته".

واعتبر: "أنه في حال نجح ريال مدريد وبرشلونة في إقناع الأندية الأوروبية بإقامة بطولة (السوبرليغ)، فإن ذلك يعني الخروج من سطوة الاتحاد الأوروبي، وهذا سوف ينعكس على بقية القارات إذ أننا قد نشهد خطوات مماثلة آسيا وأفريقيا، فعلى سبيل المثال أندية شمال أفريقيا مثل الأهلي والزمالك المصريين والترجي التونسي والوداد البيضاوي وصن دوانز الجنوب الأفريقي قادرون على إقامة بطولة نخبوية أكثر إثارة وقوة في القارة السمراء". 

وفيما إذا كانت بطولة "السوبرليغ"، في حال إقامتها، سوف تهدف إلى تطور اللعبة ورفع مستوى التنافس فيها، قال حواس:"لا أعتقد ذلك، لأنني كما ذكرت آنفا أن الغاية منها سوف تكون مادية وتحقيق المزيد من الأرباح، ولم يتكلم عن أحد حتى الآن حتى تطوير مستوى الاحتراف أو رفع سوية التنافس بين الأندية".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی لکرة القدم محکمة العدل الأوروبیة دوری السوبر الأوروبی دوری أبطال أوروبا الاتحاد الدولی ریال مدرید الکثیر من کرة القدم فی العالم لا یوجد

إقرأ أيضاً:

زخم متنامٍ: هل تتمكن المبادرات الأمنية من معالجة قضايا الأمن الجماعي الأوروبي؟

 

زخم متنامٍ: هل تتمكن المبادرات الأمنية من معالجة قضايا الأمن الجماعي الأوروبي؟

 

 

اتسم المشهد الأمني الأوروبي خلال الآونة الأخيرة بحالة من الزخم المكثف؛ نتيجة التهديدات الأمنية الملازمة للقارة الأوروبية، ونتيجة لذلك فقد تعددت المبادرات والمقترحات الأوروبية التي تستهدف التعامل مع حالة السيولة الأمنية الجارية، وجاءت غالبية هذه المقترحات من مؤسسات الاتحاد الأوروبي ذاته، وليس من الدول.

مبادرات الاتحاد الأوروبي:

اتخذت  المفوضية الأوروبية وعدد من المؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبي عدداً من المواقف، وتبنت عدداً من المبادرات، التي تستهدف تعزيز الأمن والحماية ومواجهة التهديدات المتنامية، وذلك على النحو التالي:

أصدرت المفوضية الأوروبية في 1 ديسمبر 2025 بياناً أعربت خلاله عن ترحيبها بمشاركة كندا في المبادة الأمنية الأوروبية “SAFE” ، فيما أشار البيان الصادر عن المفوضية إلى أن هذا الإجراء يستهدف تعزيز وتطوير قاعدة الدفاع الصناعية الأوروبية فيما يحقق استفادة الدول المشاركة، على الأخص في ظل اضطراب الأوضاع العالمية، ومثل هذا الأمر يعني تعزيز التعاون المشترك للوفاء بالالتزامات الدفاعية، وبموجب التعاون القائم بين الاتحاد الأوروبي وكندا سيتم إنشاء وتدعيم سلاسل إمداد دفاعية مرنة بين الصناعات القائمة في الجانبين لتحقيق الأمن العالمي، وكذلك فإن تقوية القواعد الصناعية ستؤدي بالتوازي إلى تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل. اجتمع وزراء الدفاع لدول الاتحاد الأوروبي في 1 ديسمبر 2025؛ حيث أُجريت مباحثات بشأن آليات تقديم الدعم لأوكرانيا، وذلك بحضور وزير الدفاع الأوكراني دينيس شميكال، ونائبة الأمين العام لحلف الناتو رادميلا شيكيرينسكا؛ حيث ناقشوا خيارات التمويل المتاحة لتقديم الدعم العسكرية لأوكرانيا، وسبل تعزيز التعاون بين القواعد الصناعية الدفاعية، فيما تطرقت المباحثات لمسألة الضمانات الأمنية التي يجب تقديمها لأوكرانيا، والدور الذي يمكن أن تتولاه بعثتا الاتحاد الأوروبي: بعثة المساعدة العسكرية للاتحاد الأوروبي لدعم أوكرانيا وبعثة الاتحاد الأوروبي الاستشارية إلى أوكرانيا في تعزيز الدعم الأوروبي لأوكرانيا، وكذلك فقد ناقش الحضور مسألة حشد الدعم المالي الخاص لكييف من خلال البنك الاستثماري الأوروبي. أعلنت المفوضية الأوروبية في 19 نوفمبر 2025 عن إطلاق حزمة تنقل عسكري جديدة، وذلك في إطار سعي المفوضية لتعزيز الجاهزية الدفاعية للاتحاد الأوروبي، فيما تهدف هذه الحزمة إلى تسهيل حركة القوات والمعدات العسكرية بسرعة ومرونة عبر الدولة الأوروبية، وكذلك تدشين منطقة نقل عسكري أوروبية موحدة بحلول عام 2027، بما يشبه شينغن عسكري، فيما تشمل الحزمة تنظيماً جديداً للتنقل العسكري وتواصلاً مشتركاً يضع الأسس لتحرك عسكري منسق وفعال عبر الحدود عن طريق إزالة الحواجز التنظيمية، على أن يتم ذلك من خلال تقديم أول قواعد موحدة على مستوى الاتحاد الأوروبي للتنقل العسكري، مع تحديد مدة معالجة تصل إلى ثلاثة أيام كحد أقصى وتبسيط الإجراءات الجمركية، إلى جانب إنشاء إطار طوارئ جديد عبر نظام الاستجابة السريعة الموسع للتنقل العسكري الأوروبي الذي يوفر إجراءات معجلة، وأولوية الوصول إلى البنية التحتية لدعم القوات المسلحة عند العمل في سياق الاتحاد الأوروبي أو حلف الناتو، كما تسعى الحزمة إلى تعزيز مرونة البنية التحتية للنقل من خلال ترقية الممرات العسكرية الرئيسية في الاتحاد وفق معايير الاستخدام المزدوج وحماية البنية التحتية الاستراتيجية باستخدام أدوات جديدة للمرونة، مع استثمارات محددة لتعزيز الأمن السيبراني والأمن الطاقي والاستعداد في فترات السلم والأزمات، كما تم الاتفاق على تعزيز القدرات المشتركة بين الدول الأعضاء عبر إنشاء “صندوق التضامن” وإمكانية تطوير نظام معلومات رقمي للتنقل العسكري يتيح متابعة وتنسيق التحركات بصورة أكثر كفاءة، بالإضافة إلى تقوية الحوكمة والتنسيق عبر إنشاء مجموعة النقل العسكري الأوروبية ولجنة شبكة النقل الأوروبية مدعومة بمنسقين وطنيين للتنقل العسكري عبر الحدود في كل دولة عضو؛ لضمان تنفيذ الحزمة ومراقبة مستوى الجاهزية على جميع المستويات. توصل مفاوضو البرلمان الأوروبي ومجلس الاتحاد الأوروبي في 5 نوفمبر 2025 إلى اتفاق مبدئي لتشجيع الاستثمارات الدفاعية ضمن ميزانية الاتحاد الأوروبي الحالية، وذلك في إطار “خطة إعادة تسليح أوروبا” التي تهدف إلى زيادة الإنفاق الدفاعي وتعزيز القدرات العسكرية للاتحاد، ويشمل الاتفاق ربط أوكرانيا بالصندوق الأوروبي للدفاع، وتعديل خمسة برامج أوروبية تشمل: برنامج أوروبا الرقمية، الصندوق الأوروبي للدفاع، مرفق ربط أوروبا، منصة التقنيات الاستراتيجية لأوروبا، وبرنامج هوريزون أوروبا؛ وذلك بهدف تسريع وتسهيل الاستثمارات الدفاعية التكنولوجية والصناعية، فيما تم توسيع الدعم المالي ضمن برنامج هوريزون ليشمل الشركات ذات الاستخدام المزدوج والمتعلقة بالدفاع، مع الحفاظ على قواعد الأهلية الموجودة في أدوات الاتحاد الأوروبي الحالية. وقّع المفوض الأوروبي للشؤون الداخلية والهجرة ماغنوس برونر، في 30 أكتوبر 2025، خطة عمل مشتركة جديدة مع شركاء الاتحاد الأوروبي من دول غرب البلقان للوقاية من الإرهاب ومكافحة التطرف العنيف، وذلك على هامش منتدى وزراء الاتحاد الأوروبي ودول غرب البلقان للعدل والشؤون الداخلية في البوسنة والهرسك؛ وتهدف خطة العمل الجديدة إلى تعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي وشركائه في غرب البلقان على مواجهة التهديدات الناشئة والجديدة، بما في ذلك التطرف عبر الإنترنت، والتحديات المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة مثل مخاطر استخدام الطائرات من دون طيار أو العملات المشفرة في تمويل الإرهاب، كما تشمل الخطة خمسة محاور رئيسية لتعزيز التعاون وبناء القدرات، وهي: تحقيق التوافق مع تشريعات الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، ومنع التطرف، وتعزيز التعاون مع وكالة يوروبول في التحقيقات المتعلقة بالإرهاب، وتقوية القدرة على التحقيق في تمويل الإرهاب، وتعزيز حماية البنية التحتية الحيوية والأماكن العامة.

مبادرات الدول الأوروبية:

بالتوازي مع مبادرات الاتحاد الأوروبي، أطلق عدد من الدول والشركات الأوروبية مبادرات مماثلة، وذلك على النحو التالي:

قدمت شركة الدفاع والفضاء الجوي الإيطالية “ليوناردو” خططاً جديدةً للدفع بتدشين نظام دفاع جوي متعدد الطبقات يُعرف باسم “قبة ميكيلانجيلو” المصممة خصيصاً من أجل حماية البنية التحتية الحيوية ومناطق المصالح الوطنية والدولية من التهديدات المتنامية؛ حيث تعمل هذه القبة من خلال تعزيز التواصل بين المنصات والمعدات المختلفة في الفضاء والبحار وسطح الأرض، ومن خلال ذلك سيتم استحداث نظام جديد يكون معنياً برصد واعتراض وتحييد التهديدات الجوية مثل الطائرات المسيرة والصواريخ قبل أن تخترق المجال الجوي وتحدث أي ضرر، فيما صرح الرئيس التنفيذي لشركة ليوناردو روبرتو سينجولاني، بأن هذا النظام هام من أجل أمن إيطاليا والدول الأوروبية والدول الأعضاء في حلف الناتو، كما أشار إلى أن شركة ليوناردو (هي بالأساس شركة وطنية إيطالية مملوكة للدولة) ستقوم بتجهيز فريق من العاملين بالشركة والقوات المسلحة الإيطالية لتنفيذ هذا المشروع، على أن تقوم القبة ببدء عملياتها في 2028، وقد سبق وأن صرح وزير الدفاع الإيطالي، غويدو كروسيتو، بحاجة إيطاليا لوحدات مدنية ودفاعية جديدة تقوم بتوظيف 5 آلاف عنصر لمكافحة التهديدات الهجينة، مؤكداً أهمية استخدام أدوات واضحة خلال فترة زمنية قليلة لتطوير قدرات تنبؤية وتكيفية؛ تستهدف منع وردع واستيعاب التهديدات الهجينة. اقترح وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، إنشاء نظام عقوبات أوروبي جديد لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود المرتبطة بالمخدرات، وذلك في ظل تصاعد ظاهرة تهريب المخدرات في فرنسا والقارة الأوروبية؛ حيث أوضح أن الهدف من نظام العقوبات الجديد هو استهداف المقدرات المالية لمهربي المخدرات للقضاء على الأزمة من جذورها، وأشار إلى أن نظام العقوبات المقترح سيستهدف المجرمين المقيمين في الخارج وداعميهم، سواء أكانوا متورطين في تهريب المخدرات أم الاتجار بالبشر أم تهريب المهاجرين أو تجارة الأسلحة.

تهديدات متنوعة:

تستهدف المؤسسات الأوروبية من خلال المبادرات الأمنية السابقة مواجهة التهديدات الأمنية التي تشهدها القارة الأوروبية، والتي سبقت الإشارة إليها، ويمكن تفصيلها على النحو التالي:

الحوادث الإرهابية: شهدت أوروبا خلال الآونة الأخيرة عدداً معتبراً من الهجمات الإرهابية، حيث استهدف كل من الجماعات المتطرفة والمهاجمين المنفردين المدنيين الأماكن العامة، وتعكس هذه الهجمات تهديداً متزايداً من أيديولوجيات مختلفة، بما في ذلك التطرف الإسلامي، والتطرف اليميني، والحركات الانفصالية، مثل حادث دهس ماغدبورج، وطعنات مدينة سولينجن بألمانيا، وهجوم سكين أمستردام في 2025، وقد أثارت هذه الهجمات تخوفات من الثغرات الأمنية في جميع أنحاء القارة. الهجمات السيبرانية: ففي السنوات الأخيرة شهدت أوروبا تنامياً في الهجمات السيبرانية، حيث تم استهداف مواقع عدة أحزاب سياسية هولندية وبعض مؤسسات الاتحاد الأوروبي، في أعقاب الانتخابات البرلمانية الأوروبية في يونيو 2024، من قبل مجموعة قراصنة مؤيدة للكرملين تدعى “HackNeT”؛ مما أدى إلى تعطيل الخدمات الإلكترونية مؤقتاً، ومن جانب آخر، فقد تعرضت المكتبة البريطانية في أكتوبر 2023 لهجوم فدية من قبل مجموعة القراصنة “Rhysida”، التي طالبت بفدية قدرها 20 بيتكويناً لاستعادة البيانات المسروقة وإعادة الخدمات؛ وقد أدى الهجوم إلى نشر 600 جيجابايت من البيانات المسروقة على الإنترنت. تهريب الأسلحة: كثفت السلطات الأوروبية عملياتها لمكافحة تهريب الأسلحة؛ ما أدى إلى ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر واعتقال العديد من المهربين. فعلى سبيل المثال، قادت وكالة “فرونتكس” عملية واسعة في منطقة جنوب شرق أوروبا في نوفمبر 2023؛ استهدفت تهريب الأسلحة والجرائم المنظمة عبر دول غرب البلقان وشرق أوروبا، وأسفرت العملية عن ضبط 310 أسلحة، بالإضافة إلى مصادرة نحو طن من المخدرات واعتقال 566 شخصاً، كما قادت “وكالة فرونتكس” في يونيو 2024 عملية في وسط وجنوب شرق أوروبا أسفرت عن ضبط 300 سلاح ناري واعتقال 172 مهرباً، وفي ديسمبر 2024، تعاونت السلطات الألبانية والكوسوفية مع وكالتي “يوروست” و”يوروبول” لاكتشاف شبكة لتهريب الأسلحة بين البلدين؛ مما أسفر عن اعتقال 14 شخصاً وضبط 29 مسدساً و3 بنادق طويلة و2,600 طلقة ذخيرة.

التحديات:

على الرغم من حالة الزخم والتعبئة المكثفة للجهود الأمنية والدفاعية؛ فإنه يوجد عدد من التحديات التي تعوق منظومة الأمن الأوروبي، وذلك على النحو التالي:

عدم القدرة على استيعاب بريطانيا في المنظومة المؤسسية الأمنية الأوروبية: فقد فشلت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا في التوصل إلى اتفاق يتيح لبريطانيا المشاركة في برنامج الإجراء الأمني الأوروبي للتمويل الدفاعيSAFE ؛ حيث كانت المفاوضات تهدف إلى استثناء بريطانيا من الشروط الخاصة بوضع سقف 35% لأي مساهمة من خارج دول الاتحاد الأوروبي والنرويج وأوكرانيا، واشترط الاتحاد لذلك أن تقوم بريطانيا بزيادة مساهمتها المالية في البرنامج؛ لتسهم بنحو 4 إلى 6.5 مليار يورو، في حين قدمت بريطانيا عرضاً أقل من الرقم المطلوب أوروبياً حتى بعد تخفيضه، إلا أنه لايزال بإمكان بريطانيا المشاركة في المشتريات المشتركة ضمن الحد الأقصى المسموح به البالغ 35% من قيمة النظام التسليحي. غياب التنسيق الأوروبي الموحد: تتعارض القوى الأساسية في القارة بشأن القضايا المحورية على الأخص فرنسا وألمانيا، وكذلك لم ترحب بعض القوى الأوروبية بخطة إعادة تسليح أوروبا والمبادرات المرتبطة بها (على الرغم من الترويج الإعلامي المُكثف لها) مشيرين إلى التداعيات السلبية التي قد تخلفها الخطة؛ حيث أشار رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إلى أن خطة إعادة التسليح من شأنها أن تدمر أوروبا، كما عارضت زعيمة الحزب الديمقراطي (ضمن أكبر أحزاب المعارضة في إيطاليا) والنائبة في البرلمان الأوروبي إيلي شلاين الخطة، مشيرة إلى أنها ستعمل على طرح بعض التغيير على المقترحات المقدمة في من قبل رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين؛ ومن ثم سيتعين على الدول الأوروبية الدفع بآلية مُحكمة، تضمن في المقام الأول تحقيق التكامل وتوحيد الجهود؛ لتكون بمثابة قوة ضغط على الرئيس الأمريكي ترامب في تشكيل سياساته نحو القارة. ضعف مشاركة الفاعلين من غير الدول في المبادرات المطروحة، وإن كان هذا الأمر بدأ يُدرك من الجانب الإيطالي؛ إذ تفرض التطورات الجيوسياسية الحالية على القوى الأوروبية التحرك لتعزيز وبناء شبكة جديدة من التحالفات الأمنية، وإن كانت هذه التحالفات لن تقتصر على الدول كفواعل رئيسية في النظام الدولي؛ حيث سيتعين على الاتحاد الأوروبي تعزيز الشراكة مع الجهات الفاعلة مثل شركات الأسلحة أو الشركات التكنولوجية والابتكارية، وكذلك تعزيز الشراكة القائمة بالفعل مع الدول ذات الرؤية المماثلة للدول الأوروبية. استمرار النهج الاستقلالي في تعزيز القدرات الدفاعية، فعلى الرغم من المبادرات التي طرحتها المفوضية مثل خطة إعادة إعمار أوروبا والورقة البيضاء ومبادرة الجاهزية؛ فإنه من الناحية الفعلية تُعطى الأولوية للسياسات المتخذة على المستوى الوطني، كما أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي فضلاً عن الدول الأعضاء في حلف الناتو، تعمل على توظيف أنظمة دفاعية مختلفة، وكذلك يوجد اتجاه عام رافض لفكرة “جيش الاتحاد الأوروبي”؛ ومن ثم فالركيزة الأساسية لتعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية غائبة. التأثير السلبي في التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة: أدت المبادرات الأوروبية التي تنص صراحة على الاعتماد على الانتاج الدفاعي الأوروبي، وتقليص الاعتماد الخارجي (مثل برنامج SAFE والذي تقتصر فيه المساهمات الخارجية على 35% فقط) إلى انتقادات أمريكية لهذه المبادرات؛ وهو ما ظهر جلياً في توجيه نائب وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر لاندو، انتقادات حادة لحلفاء الناتو الأوروبيين خلال اجتماع وزراء الخارجية في بروكسل؛ بسبب تفضيلهم للصناعات الدفاعية المحلية على حساب الشركات الأمريكية. وقال لاندو إن السياسات الإقصائية تضعف الدفاع المشترك. من المرجح أن يستمر السعي الأوروبي في تعزيز منظوماته الأمنية والدفاعية سواء على مستوى الدول أم على مستوى الاتحاد ككل، ولا سيما الدول التي تشعر بالخطر الروسي (بعض دول شرق أوروبا وبولندا)، مع التعاطي بإيجابية مع مبادرات المفوضية الأوروبية، على أن ذلك سيظل مرهوناً بقدرة النخب السياسية الوسطية الأوروبية في الاستمرار في الحكم، واحتواء النزعة اليمينية المتطرفة المشككة في المشروعات الجماعية الأوروبية.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الفرعي مصراتة لكرة القدم يشرف على دورة تدريبية للمدربين
  • وزير الرياضة يشهد ختام بطولة الأندية لكرة القدم الإلكترونية باستاد القاهرة
  • تدشين دوري الهوية الإيمانية المدرسي لكرة القدم في مديرية الوحدة
  • تأجيل دوري السلة الأردني احتفالاً بإنجاز المنتخب الوطني
  • وزير الرياضة يشهد اليوم ختام بطولة الأندية لكرة القدم الإلكترونية
  • وزير الرياضة يشهد ختام بطولة الأندية لكرة القدم الإلكترونية غدا
  • وزير الرياضة يشهد غدا ختام بطولة الأندية لكرة القدم الإلكترونية
  • سياسي: خطة المفوضية الأوروبية تجاه أموال روسيا المجمدة تهدد الاقتصاد الأوروبي
  • 2025.. عام مالي معقد في الاتحاد الأوروبي بسبب اتساع العجز
  • زخم متنامٍ: هل تتمكن المبادرات الأمنية من معالجة قضايا الأمن الجماعي الأوروبي؟