لم يكن الضيف أبدًا يعشق الظهور الإعلامي، أو التقاط الصور، أو التفاخر بمجد شخصي تتفاخر به الآن كل الأمة، وقرر أن يختفى هو لنراه جميعًا في صورة البطل الذي يشكل الكابوس الأعظم لعصابة إسرائيل، وهذا ما قرره الضيف ألا يظهر للعلن لأكثر من عشرين عامًا سوى ثلاث مرات، كان إحداها عندما ظهر في فيديو في السابع من أكتوبر 2023، لإعلان انطلاق طوفان الأقصى الذي زلزل اليهود بل والعالم الغربي أجمع.
وهذا الاختفاء المخطط أصاب أجهزة (الموساد)، و(الشاباك) الإسرائيلية بفشل ذريع، حيث لم تستطع الحصول إلا على ثلاث صور أرشيفية، إحداها لظله، وثانيهما من أرشيف اعتقاله في العام 1989، وحتى منتصف 1991، وصورة أخيرة، وهو ملثم، لذلك هو الهاجس الأول لإسرائيل والمطلوب رقم واحد لديها.
ولأن الضيف أدمن ضرب العصابة في مناطق فخرها ونفوذها، فقد وجه أيضًا ضربة استخبارية كبرى بتلك المعلومات التي نشرها عن نفسه بأنه قد أصيب إصابات بالغة، أقعدته عن الحركة، بل وأصابت عينه اليسرى بالفشل، وهذا هو أرشيف معلومات الموساد منذ العام 2006، حين أصاب صاروخ إسرائيلي منزلاً كان الضيف يجتمع فيه مع قادة من كتائب القسام، وحتى اكتشاف الحقيقة الأسبوع الماضي، عندما عثرت تلك الأجهزة الفاشلة على فيديوهات له في غزة، وهو يتحرك منتصب القامة، مرفوع الهامة، يمشى بأقدامه فوق غرورهم.
وعندما قرر قائد المقاومة أن يختفي من عدو يملك أن يتلصص على الناس من البر والبحر والجو، اختفت الصورة ولكنه برز كقيادي بكتائب القسام عقب اغتيال العدو عماد عقل عام 1993، حيث نجح في الإشراف على تنفيذ أولى عمليات أسر للجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان عام 1994، كما نجح في تنفيذ سلسلة عمليات فدائية أخرى أوقعت عشرات القتلى، والجرحى في صفوف جيش الاحتلال، عقب اغتيال مهندس عمليات حماس يحيى عياش بالضفة الغربية في عام 1996.
ضيف، فنان المسرح المبدع في الجامعة الإسلامية، وراسم الكاريكاتير الذي كان يصنع به البسمة على شفاه المكلومين من غدر الصهاينة، أبدع في رسم خطط اصطياد جرذان الاحتلال، وحفل سجله بقتل أكبر عدد منهم منذ العام 2002، وكلما خططوا هم لاغتياله استدرج هو ضباط نخبتهم من لواء جولاني إلى لواء جفعاتي، حيث تخصصت كتائب القسام في قتل ضباط وجنود النخبة في الجيش الإسرائيلي، وقتل دعاية الموساد لأنه الجهاز الاستخباري الأعظم في العالم، كما أفشلت خطط قائد المقاومة كل دعايات التسويق حول الميركافا، الدبابة الأعظم في العالم، والتي يدمرها الآن رجال الضيف بصواريخ الـ"ياسين" التي صنعت في ورش تحت الأرض، وتدمير ناقلة الجنود "النمر" التي روجت الدعاية الإسرائيلية لها باعتبارها الأعظم في تاريخ الصناعات العسكرية.
ميركافا والنمر تحرسهما إسرائيل بمظلات من منظومات الدفاع الجوي فوق سطح الدبابة والناقلة، بحيث تدمر تلك المنظومة المتحركة على ظهريهما كل أنواع الصواريخ التي تطلق عليهما، ولأن الرجل يمتلك عبقرية العربي التي تذل اليهود وأتباعهم المتغطرسين، فقد نجح في صناعة صاروخ لا يحمل أي نوع من تلك التكنولوجيا والتقنيات الحديثة التي تتعامل معها دبابات وناقلات إسرائيل، فعميت أحدث تكنولوجيا العالم أمام وعي القائد.
وكان الضيف أحد رجال "عياش"، الذين تعلموا على يديه صناعة القنابل والمتفجرات، واكتسب من عياش خطط التنقل والتخفي التي اشتهر بها، ومن كثرة تنقله ضيفًا على بيوت الفلسطينيين هربًا من ملاحقة العدو اكتسب محمد دياب إبراهيم المصري، اسمه "محمد الضيف".
ووفقًا لمقربين من الرجل، فإنه يملك عقلًا عسكريًا واستراتيجيًا، غير مسبوق، لا يعرف أبدًا الثبات على حال، وهو ما مكنه من تطوير سلاح المقاومة من القنابل إلى ترسانة صواريخ متنوعة، تعتمد بشكل رئيسي على خبرات الشباب الفلسطيني، والتي ضربت معظم المدن الفلسطينية المحتلة بما فيها تل أبيب والقدس، كما كانت رحلة التنقل والتخفي من بيت إلى بيت دافعًا إلى تطوير أكبر شبكة أنفاق وأكثرها تعقيدًا تحت الأرض في كل الشرق الأوسط، وهي التي كانت أول أهداف العدو الإسرائيلي في عدوانه على غزة، واعترفت صحافة العدو بفشل جميع استخباراتها في كشف تلك الشبكة طوال السنوات الماضية.
قاوم "الضيف" العدوان الإسرائيلي على المكان والإنسان الفلسطيني بصمود رجاله، ووحدة المقاومة، وشعارات بقيت خالدة في كل الحروب الخمسة التي خاضها دفاعًا عن دولته وأرضه وشعبه بداية من (معركة الفرقان) 2008، و(حجارة السجيل) 2012، و(العصف المأكول) 2014، ومرورًا بمعركة (سيف القدس) 2021، لكن معركته العظمى هي التي بدأها، وسجل فيها مفاجأة لكل أجهزة استخبارات العالم في السابع من أكتوبر الماضي، عندما اقتحم رجاله الأسوار الحديدة التي شيدتها إسرائيل، واقتحموا معسكرات جيوشهم، وأسروا قادتهم وضباطهم وجنودهم في مشهد أسطوري قال عنه الكاتب الأشهر في أمريكا "توماس فريدمان": "إن ما قامت به حماس في السابع من أكتوبر، سوف يدرس في كل أجهزة المخابرات الكبرى بالعالم طوال الخمسين سنة القادمة".
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
استشهاد فلسطيني وإصابة 3 بينهم طفل بنيران العدو الإسرائيلي في قلقيلية وجنين
الثورة نت /..
استشهد شاب فلسطيني وأصيب آخران، مساء اليوم الأحد، برصاص قوات العدو الإسرائيلي، شرقي مدينة قلقيلية، فيما أصيب طفل بجراح متوسطة، إثر استهداف قوات العدو مركبة مدنية غربي مدينة جنين، شمالي الضفة الغربية بفلسطين المحتلة.
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، في تصريح مقتضب لوكالة “سند” للأنباء، إن طواقمها الطبية قدمت الإسعافات لمصابين بالرصاص؛ قبل أن تحتجزهما قوات العدو قرب بلدة عزون، شرقي قلقيلية.
وأوضح الهلال الأحمر أن طواقمه الطبية وصلت موقع إطلاق النار تجاه مركبة فلسطينية في عزبة الطيب قرب بلدة عزون، وتعاملت مع إصابتين؛ “بينما يوجد شهيد في الموقع لم تسمح لنا قوات العدو الإسرائيلي بالوصول له”.
وأضاف أن جنود العدو أجبروا الطواقم بعد ذلك على مغادرة المكان واحتجزوا جثمان الشهيد والمصابين، مؤكداً أن جراح أحدهما حرجة.
إلى ذلك قال مكتب إعلام الأسرى الفلسطينيين، في بيان مقتضب اطلعت عليه وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، إن قوات العدو الصهيوني اعتقلت المصاب براء بلال عيسى قبلان (21 عاماً) بعد إطلاق النار عليه قرب بلدة عزبة الطبيب شرق قلقيلية.
على صعيد متصل، أصيب طفل فلسطيني، مساء اليوم الأحد، بشظايا رصاص قوات العدو الإسرائيلي في بلدة برقين، غرب جنين.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” عن مصادر محلية أن قوات العدو اقتحمت البلدة وأطلقت الرصاص الحي تجاه المواطنين، ما أدى لإصابة طفل (12 عاما) بشظايا رصاص في ركبته، أثناء لعبه على دراجته.