برعاية نهيان بن مبارك.. انطلاق فعاليات «شتاء صندوق الوطن» بإمارات الدولة كافة
تاريخ النشر: 9th, December 2025 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
انطلقت أمس، فعاليات «برنامج شتاء صندوق الوطن» الذي يركز على تعزيز الهوية الوطنية، ومكوناتها الرئيسة لدى الأجيال الجديدة تحت شعار «العربية لغة القرآن»، واستقبل البرنامج طلاب وطالبات المدارس الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و16 عاماً، للمشاركة بالأنشطة كافة التي تستمر على مدى أسبوعين في 10 مواقع بإمارات الدولة كافة، برعاية معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، رئيس مجلس إدارة صندوق الوطن، بالتعاون مع العديد من الوزارات والهيئات المحلية، والاتحادية والتعليمية والخاصة.
ويضم برنامج شتاء صندوق الوطن هذا العام أكثر 150 نشاطاً ثقافياً وتراثياً وفنياً وترفيهياً، ورياضياً، كما يشارك في أنشطة البرامج ما يزيد على 37 فناناً وكاتباً، بالإضافة إلى عدد من الحرفيين وكبار المواطنين، في الأنشطة، التي يديرها أكثر من 84 مدرباً ومدرساً ومشرفاً.
وقال ياسر القرقاوي، المدير العام لصندوق الوطن: إن الصندوق برئاسة معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، حريص كل الحرص على أن تركز أنشطة وفعاليات برامج شتاء صندوق الوطن على تعزيز القيم الإماراتية الأصيلة المتعلقة بالهوية الوطنية، مؤكداً أن الباب مازال مفتوحاً أمام جميع الطلاب للانضمام للبرنامج، إلى جانب كل الذين اشتركوا من قبل عبر موقع صندوق الوطن، بشرط أن تتوافر أماكن لهم، سواء في المقار الرئيسة التي تم اختيارها هذا العام.
وأوضح القرقاوي أن العنوان الأبرز، والذي يعد شعاراً لأنشطة الأسبوع الأول كافة هو «السنع الإماراتي لغة عمل وقيم أخلاقية»، باعتبار السنع جزءاً رئيساً في تكوين الشخصية الإماراتية ينتقل من جيل إلى جيل بقيم إماراتية نبيلة نعتز بها جميعاً.
وأكد القرقاوي أن عدداً من طلاب المدارس يشاركون في الأنشطة عبر 10 مقار رئيسة في أبوظبي والعين ودبي والشارقة والفجيرة، مشيراً إلى أن التفاصيل الخاصة بالمقار والبرامج والجداول المختلفة كافة متاحة للجميع من خلال موقع صندوق الوطن.
ولفت القرقاوي إلى أن صندوق الوطن حرص على الاستعانة بعدد كبير من المدربين والمدرسين المؤهلين لإدارة أنشطة البرامج كافة، ليستفيد كل المشاركين من أبنائنا الطلبة بالأنشطة كافة، منوهاً بأن الصندوق حريص على استشراف آراء أولياء الأمور في الأنشطة وأسلوب العمل من أجل عملية التطوير المستمرة بالأنشطة.
السنع الإماراتي
تضمنت أنشطة اليوم الأول أنشطة رياضية متنوعة منها، تصميم شعار عن السنع الإماراتي، أو كتابة قصة قصيرة أو مشهد تمثيلي يوضح موقفاً من الحياة اليومية يظهر فيه السنع، في موروثنا الثقافي، بالإضافة إلى قراءات قصصية، ورسم لوحات فنية حول احترام البيئة، وجلسة نقاش حول ممارسة قيمة الاحترام في المدرسة، في البيت، وفي الشارع، كما طلب المشرفون من الطلاب أن يكتبوا عن تجاربهم في تطبيق فخرهم بالسنع الإماراتي، سواء في البيت، أو الشارع، أو المجالس المختلفة، وفي محاولة لاكتشاف المواهب الطلابية، تم تنظيم ورش عمل لكتابة قصة قصيرة، أو حوار يوضح موقف كرم، مثل استقبال الضيف، أو مساعدة صديق.
كما استضاف برنامج شتاء صندوق الوطن عدداً من الحرفيين، أو كبار المواطنين، للحديث عن آداب السنع في المجالس والكرم، إضافة إلى فقرات مميزة لممارسة الرياضة والمسابقات الترفيهية كلعبة كرة قدم، وكرة سلة، وألعاب حركية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: صندوق الوطن نهيان بن مبارك الإمارات ياسر القرقاوي وزير التسامح والتعايش شتاء صندوق الوطن
إقرأ أيضاً:
خلاص سوريا… ذاكرة وطن يستعيد ذاته
خلاص #سوريا… #ذاكرة_وطن يستعيد ذاته
بقلم: المهندس محمود “محمد خير” عبيد
تطلّ مناسبة انعتاق سوريا من النظام البائد و الذي اراد البعض تسميته بـ “ذكرى تحرير سوريا”، وسط نقاش حول دقة المصطلح ومعانيه. فالوطن الذي تمتد جذوره الحضارية لآلاف السنين لا يُختزل في عهد ولا في سلطة، ولا يمكن توصيفه يوماً بأنه كان “غير حرّ” بمعناه الحقيقي. فسوريا، بتاريخها وأرضها وناسها، بقيت دائماً فضاءً للحرية والانتماء، حتى وإن عاش شعبها في ظل منظومات سياسية ضيّقت حقوقه الطبيعية، وسعت إلى احتكار الدولة وتقييد المجال العام.
من هنا، فإن الاسم الأقرب لروح المناسبة هو نهضة سوريا أو انعتاق سوريا؛ انعتاق من مرحلة طويلة من الاستبداد والفساد، ومن زمن جرى فيه اختزال الدولة في أشخاص أو أجهزة أو أحزاب. هذه النهضة هي عودة الوطن إلى أبنائه، وفتح باب نحو مستقبل يكتبه السوريون بإرادتهم الحرّة، بعيداً عن القيود التي كبّلتهم لعقود.
ستة عقود مضت بين ألمٍ مُتراكم ورغبة لا تُقهر في الحيا, فمنذ ستينيات القرن الماضي، شهدت سوريا تحولات سياسية عميقة تراكم فيها الانغلاق، واشتدت المركزية، حتى أصبحت الحياة اليومية محكومة بالخوف والرقابة. تراجعت المشاركة العامة، وتآكلت المؤسسات، واستفحل الفساد، وضاق المجال العام إلى حدّ تحوّل الوطن إلى ساحة صراع بين مجتمعٍ حيّ يطلب الكرامة، وبين منظومة ترفض الإصلاح.
ومع ذلك، لم يخفت الأمل. فالسوريون، بمختلف انتماءاتهم، حافظوا على إيمان راسخ بأن وطنهم يستحق أفضل، وأن التغيير حقّ طبيعي. وحين ارتفعت الأصوات مطالِبة بالكرامة والعدالة، لم تكن تلك الصرخة وليدة اللحظة، بل حصيلة عقود من الإحباط ومن توقٍ عميق لحياة تحترم الإنسان وتمنحه أفق المشاركة.
الانعتاق ليس حدثاً سياسياً فحسب، بل تجدّد في الوعي وتحول اجتماعي ونفسي. الانعتاق هو أن يستعيد الشعب ثقته بذاته وبقدراته، وأن يشعر بأن الوطن ملك لجميع أبنائه لا حكراً على أحد او لفئة على حساب فئة أخرى, وأن تعود السياسة إلى المجتمع، وأن تخدم مؤسسات الدولة الناس لا أن تخدم نفسها.
الانعتاق هو انتقال من الألم إلى التعافي، ومن الانقسام إلى المصالحة، ومن الخوف إلى دولة قانون ومواطنة. إنه تحرّرٌ من التصلّب والكراهية بقدر ما هو تحرّرٌ من الاستبداد.
سوريا، كانت وما زالت وستبقى أيقونة المشرق وسوريا الكبرى وملاذ أبنائها، فها هي سوريا اليوم، تعود شيئاً فشيئاً إلى أبنائها. فسوريّو اليوم يتطلعون إلى وطن يُعيد جمع أهله، ويُعيد لنفسه مكانته في محيطه وعلى خريطة العالم، وطن يقوم على العدالة والتنوع والمواطنة. فـ انبعاث سوريا ليس حدثاً عابراً، بل مسار طويل يتشارك فيه كل فرد داخل البلاد وخارجها، عبر التمسّك بالهوية الوطنية والعمل على ترميم مجتمع أنهكته سنوات القلق والعنف.
إن عودة سوريا إلى أبنائها لا تعني انتصار طرف على آخر، بل انتصار فكرة الوطن على كل محاولة لاحتكاره أو اختزاله في شخص او نظام او جزب. وتعني أن مستقبل الدولة يجب أن يُبنى بإرادة السوريين جميعاً، وفق عقد اجتماعي جديد يضمن الحقوق والحريات، ويطوي صفحة الدورات المتكررة من الاستبداد او التفرد بالقرار.
مقالات ذات صلةسوريا الحرّة، لا تنطفئ، فسوريا رغم ما مرت به من تداعيات على مدى عقود من الاستبداد و التفرد بالسلطة لم تفقد سوريا روحها يوماً، مهما اشتدت الأزمات. كانت حريتها كامنة في ثقافة شعبها، وفي إصرار أجيالها، وفي قدرتها الدائمة على النهوض. واليوم، حين نطلق على مناسبة سقوط النظام البائد بـ “ذكرى انعتاق سوريا” أو “نهضتها”، فنجن نؤكد ان الوطن أبقى من أي سلطة، وأعمق من أي نظام، وأقوى من كل محاولة لكسر إرادة الناس.
إنها لحظة للتأمل والرجاء، لتعميق الإيمان بأن سوريا—بلد الحضارات والأديان والثقافات—قادرة على إعادة إنتاج ذاتها، وقادرة على الخروج من كل ظلام نحو نور السلام والحرية.
غالبية الشعوب لم تكن في يوم مع أي نظام سياسي، بل كانت وما زالت مع إرادة الوطن و مصلحته. واليوم لا يمكن النظر إلى أي سلطة بمعزل عن التوازنات الدولية التي تتحكم بمسارات السياسة في منطقتنا. فمعظم الأنظمة في الشرق واقعة تحت ضغوط وإملاءات خارجية تحدّ من سيادتها وتوجّه قراراتها.
لذا علينا اليوم عدم الدخول في سجالات مع الأنظمة، بل بناء سوريا التي تتسع للجميع؛ سوريا مدنية تستمد قوتها من تاريخها العريق وروحها الإنسانية، لا من الانقسامات الطائفية أو العرقية.
الشعوب المتحضرة و التي تسعى الى دولة القانون تتطلع الى دولة مدنية, فضاء يحمي الجميع, فنحن هنا ابضا” نتطلع إلى سوريا بدستور ونظام مدني؛ مدنيّة لا تعني الإقصاء ولا العداء للدين، بل احترام الإنسان بتنوّعه واختلافه. فالمدنية ليست إلحاداً ولا خروجاً عن الإيمان كما يحاول البعض تصويرها، بل منظومة قيم تُعيد الاعتبار للمواطنة وتضمن لكل فرد حقه في أن يؤمن، وأن يختار، وأن يعيش بسلام مع غيره.
فالمدنية تعني أن يُعامل الناس وفق القانون لا وفق الانتماء، وأن يتساوى المواطنون مهما اختلفت معتقداتهم، وأن يكون الفضاء العام ملكاً للجميع لا حكراً على جهة واحدة. إنها إطار يحمي حرية المتدين كما يحمي حرية غير المتدين، لأن جوهرها العيش المشترك وصون الكرامة الإنسانية.
بهذه الروح، تصبح المدنية الطريق الطبيعي نحو وطن يحتضن أبناءه جميعاً، ويعيد لسوريا مكانتها التاريخية كجسر حضاري لا يُقصي أحداً ولا يخاف من تنوّع أبنائه.
فنحن لسنا بحاجة للتحرر من نظام طائفي استبدادي لنقع في مستنقع جديد من الكراهية؛ فسوريا الكبرى وسوريا لم تكن يوماً طائفية أو عنصرية. سكنها المسيحيون أولاً، ثم المسلمون، وتشكلت عبر التاريخ فسيفساء من الأعراق والمعتقدات. وستظل قبلةً للتنوع لأن أبناءها يؤمنون بإنسانيتهم قبل أي انتماء آخر.
فليكن التحرر ليس فقط من الاستبداد السياسي، بل من التعصب والانغلاق والكراهية وليكن إحياء سوريا مشروعاً أخلاقياً بقدر ما هو مشروع سياسي.