وفق المقاييس الإلهية القرآنية، لا تقاس القوة بمقياس الإمكانيات المادية والعسكرية ولا بكثرة الجيوش بل تقاس القوة بمعيار المعية الإلهية وبمقياس الثقة المطلقة بالله تعالى، وهذه هي القوة الحقيقية التي لا تُقهر بل هي التي تقهر الطواغيت والمفسدين، فكل قوة عسكرية أو مادية أو بشرية لا علاقة لها بالله ولا ارتباط لها بالله ولا تتحرك وفق ما يريد الله فهي ضعيفة وهزيلة، فالقوة المطلقة لله تعالى وحده وهو تعالى يمنح من يستجيبون له ويتحركون على أساس توجيهاته يمنحهم القوة من قوته والعزة من عزته ولو كانت أعدادهم قليلة وإمكانياتهم المادية والعسكرية بسيطة ومتوسطة، لهذا على أساس هذه الرؤية القرآنية يتحرك اليمن اليوم قيادة وشعباً وجيشاً في صراعه مع دول الطاغوت والاستكبار بقيادة أمريكا وإسرائيل وحلفائهم وعملائهم، يتحرك اليمن في مواجهة باطلهم من منطلق ثقته بالله تعالى ويستمد قوته من الله تعالى رأساً، ومن يستمد قوته من الله تعالى الذي له القوة جميعاً فهو قوي بمعية الله ولن يهزمه أحد.
أمريكا اليوم هي فرعون العصر الحديث تمارس الطغيان بكل أشكاله وأنواعه بحق البشرية بشكل عام وبحق العرب والمسلمين بشكل خاص، وتقول للجميع بأفعالها الإجرامية ونفوذها السياسي وهيمنتها الاقتصادية (أنا ربكم الأعلى)، ولكن هنا في اليمن شعب وقيادة وجيش يؤمنون إيماناً حقيقياً أن الله تعالى وحده ملك السماوات والأرض وما بينهما ويؤمنون أن الله تعالى هو المهيمن وحده على عباده لهذا يكفرون بأمريكا ولا يخافون منها ولا يخشونها ولا يقبلون لأنفسهم ان تهيمن عليهم أمريكا وتتحكم بهم وتذلهم وتستعبدهم فهم لا يعبدون إلا الله تعالى وحده وهم يدركون أن ثمرة عبادة الله تعالى هي العزة والقوة والنصر والتمكين والصدع بالحق ومقارعة الظالمين والحد من فسادهم وطغيانهم لهذا يتحرك الشعب اليمني بكل مسؤولية وعزة وقوة لنصرة الشعب الفلسطيني في غزة غير مكترث لتهديدات أمريكا ولا لبارجاتها ولا لغواصاتها ولا للتحالفات التي تشكلها لأنه يثق بالله ويتوكل عليه ويؤمن به وبصدق وعده القائل (ولينصرن الله من ينصره).
لقد مارست أمريكا بحق الشعب اليمني أبشع الجرائم من القتال والدمار والحصار منذ أكثر من تسع سنوات عبر أدواتها وكان الشعب اليمني يتمنى الدخول في مواجهة مباشرة مع القوات الأمريكية لينتصر لنفسه وللأمة منها ومن طغيانها، واليوم عندما شنت إسرائيل العدوان على غزة وارتكبت ابشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني بدعم وحماية مباشرة من أمريكا وتحرك اليمن بقيادته وشعبه وجيشه لمساندة ونصرة غزة وسطر مواقف قوية سواء على مستوى استهداف عمق كيان العدو الصهيوني بالصواريخ والطائرات المسيرة أو استهداف السفن الإسرائيلية في باب المندب والبحرين الأحمر والبحر العربي كان لهذا الموقف اليمني تأثيراً كبيراً على الكيان الصهيوني ما جعل أمريكا تخاف على إسرائيل وعلى مصالحها وعلى بقائها فتحركت لحماية إسرائيل وأعلنت تشكيل تحالف دولي بحجة حماية الملاحة الدولية وهو في الحقيقة لحماية المصالح الصهيونية، ولكن اليمن بقيادته وشعبه وجيشه لم يخش أمريكا ولا تحالفها واعلن ثبات واستمرار موقفه المساند لغزة، بل وأعلن على لسان قائد المسيرة والثورة اليمنية أن موقفه ثابت وانه لا يخاف أمريكا بل يتمنى المواجهة العسكرية المباشرة معها.
في الـ 20 من ديسمبر الجاري، ألقى السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي خطاباً استثنائياً حول آخر المستجدات في الساحة سواء ما يتعلق بالعدوان الصهيوني، على غزة أو الموقف اليمني المساند لغزة وآخر التطورات في ما يتعلق بالبحر الأحمر خصوصاً بعد إعلان أمريكا تشكيل تحالف دولي لحماية المصالح الصهيونية وكان رد السيد عبدالملك بهذا الخصوص قويا وحاسماً حيث حذر أمريكا والدول المتحالفة معها من التورط في شن عدوان على اليمن أو من عسكرة البحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي، وقال لها بالحرف الواحد (نحن نحذر الأمريكي من التورط في أي حماقة، إذا كان لدى الأمريكي توجه أن يُصَعِّد أكثر، وأن يُوَرِّط نفسه أكثر، أو أن يرتكب حماقة، بالاستهداف لبلدنا، أو بالحرب على بلدنا، فلن نقف مكتوفي الأيدي سنستهدفه هو، سنجعل البارجات الأمريكية، والمصالح الأمريكية، وكذلك الحركة الملاحية الأمريكية، هدفاً لصواريخنا، وطائراتنا المسيرة، وعملياتنا العسكرية، نحن لسنا ممن يقف مكتوف الأيدي والعدو يضربه، نحن شعب نأبى الضيم، نتوكل على الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” وأحب الأمور إلينا، وما نأمله وما نتمناه، وكنا نتمناه منذ اليوم الأول: لأن تكون الحرب مباشرة بيننا وبين الأمريكي والإسرائيلي، ولا أن يحاربنا الأمريكي عبر عملائه)، وكان قد اكد في نفس الخطاب أن الموقف اليمني في المياه اليمنية هو يستهدف المصالح الصهيونية فقط، ولهذا نستطيع القول إن السيد القائد وضع النقاط على الحروف وتخاطب مع الأمريكان بكل شفافية ومن منطلق الثقة بالله تعالى، فاليمن لا يخشى أمريكا بل يتمنى الدخول في مواجهة مباشرة مع قواتها وهذا هو الموقف الإيماني القرآني الذي يريده الله من عباده المؤمنين في مواجهة الطواغيت والمفسدين في الأرض، (ولينصرن الله من ينصره).
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية الآية الأولى من سورة (المنافقون): “إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ”.
المنافقون هم تلك الفئة التي تتظاهر بالإيمان والتقوى والاخلاص للأمة، فيما هي حقيقة معادية لها، تظهر الإيمان وعلامات التدين تقية، فيما هي غير مؤمنة وتتمنى أن يعود الآخرون عن إيمانهم.
هؤلاء موجودون حصرا وتحديدا في الأمة الاسلامية التي تتبع منهج الله، ولا يوجدون في الأمم الأخرى، لأن مناهج أولئك زائغة أصلا عن منهج الله ولا يتبعونه، فلا حاجة لصدهم عنه.
سورة (المنافقون) هي من السور الكاشفة، فهي تكشف حقيقة هذه الفئة الخطيرة المحسوبة على المسلمين، وخطورتها أنهم يتخفون بصورة المؤمنين، فيما هم يضمرون العداوة لهم، وقلوبهم تقطر حقدا عليهم، لذلك فهم خطرون على المجتمع المسلم، لأنهم يبذلون قصارى جهدهم في الصد عن منهج الله وفي تخذيل المسلمين عن نصرة دينهم.
لذلك حذر تعالى في الآية الرابعة من خطورتهم لدرجة أنه اعتبرهم العدو الحقيقي للأمة: “هُمُ ٱلْعَدُوُّ فَٱحْذَرْهُمْ ۚ قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُ ۖ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ”.
صحيح أن مناسبة نزول هذه الآية كانت في منافقي المدينة، لكنها ككل السور القرآنية تعالج كل حالات النفاق لقادم الزمان، بدليل ورود أداة الشرط (إذا)، التي تفيد حتمية وقوع الأمر لكن من غير تحديد أوانه، ومع إمكانية تكراره مع توفر الفعل.
في هذه الآية جاء الله تعالى بفعل الشرط لكنه أغفل جوابه، فلم يكمل بالقول: اذا جاءك المنافقون فقل لهم كذا أو افعل بهم كذا، بل تركه مفتوحا، مما يدل على أن المراد هو أعلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يتنبه فلا ينخدع بقولهم المعسول.
لكن لو كانت لمعالجة حالة ظرفية حدثت وانتهت، لكان اعلام رسول الله بالوحي كافيا لتنبيهه.
لذلك فلا شك أنه تعالى أنزل هذه السورة لتبقى تنبيها لكل الأمة عبر العصور، لأنه أنزل هذا القرآن منهاجا يتبعوه، ودليلا يهديهم.
لكن كيف نعرف المنافقين في هذا العصر؟.
لقد عرّفهم الله تعالى لنا بمواصفاتهم التالية:
1 – الكذب، فهم يقولون عكس ما يفعلون “إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ”، يدّعون انهم يحبون الاسلام ويريدون تخليصه ممن يستغلونه لأغراضهم، لكنهم في كل أفعالهم يصدون عنه، ويتحالفون مع من يعاديه، ويحاربون الدعاة لاتباعه منهجا يحتكم اليه.
2 – “ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ”، يقسمون أنهم مسلمون، متبعون لمنهج رسول الله، لكنهم فعليا متبعون لمنهج أعداء الله، ويطبقونه في منهج الحكم ويلتزمون بتعليماتهم ومقرراتهم المناقضة للشريعة.
3 – “وَإِذَا رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ” فهم يخدعون الناس بمظهرهم المهيب، تحسبه وقار الحكمة والعقلانية، لكنه رداء خادع لمواطنيهم حتى ينالوا احترامهم، اذ هم فعليا أمام أعداء الله أذلاء منبطحون، ينفذون املاءاتهم بلا نقاش، وفي لقاءاتهم مع قيادات من يعلنون بكل صراحة عداءهم للمسلمين، لا يجرؤون على طرح أية فكرة لا ترضيهم، ومثال على ذلك قول “كارتر”: (في كل لقاءاتي مع الزعماء العرب، لم أسمع من أحد منهم أي حديث عن القدس، مع أنهم أمام شعوبهم يكثرون الحديث عنها).
4 – “وَإِن يَقُولُواْ تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ”، خطاباتهم رنانة، وأقوالهم إنشائية مبهرة للسامعين، لكنها ليست صادرة عن وجدانهم ولا هي نتاج عواطفهم ومشاعرهم، فكأنما هم أجهزة صماء لا علاقة لها بما تبثه وتصدره من أقوال.
5 – أما المواصفة الأبرز من بين كل صفاتهم، فهي الجبن: “يَحۡسَبُونَ كُلَّ صَيۡحَةٍ عَلَيۡهِمۡۚ”، فتراهم يعيشون في حالة رعب دائم من احتمالية اغتيالهم أو الانقلاب على حكمهم، فلا يبيتون في مكان واحد ليلتين، ويغيروا على الدوام طرق مرورهم، ولا يمرون من طريق إلا بعد أن تقوم حراساتهم الخاصة بتمشيطه، ويتألف الموكب من عدة سيارات متشابهة للتمويه على أيها يكون فيه.
كما أنهم يرتعدون فرقا من العدو، فتراهم لا يبادرون بهجوم عليه، وإن كان الهجوم من قبله يأمرون بانسحاب قواتهم من قبل أن تبدأ المعركة، بذرائع واهية، كالقول بفقدان الغطاء الجوي، أو أن أمريكا تدعم العدو ونحن لسنا بقدرة مواجهتها.
هذه هي مواصفات المنافقين المعاصرة، قد أنبأنا الله بها في كتابه..فهل لنا حجة في التعامي عنها!؟.