عندما يُناقش مصير شعب بأكمله، فإنه من الضروري أن نفهم الآثار السلبية التي يمكن أن تنجم عن قيادة متهورة أو شخصيات متخلفة في الحكم. للأسف يدفع السودان اليوم ثمناً باهظاً لهذا السيناريو السلبي. شهدت البلاد فترات طويلة من الصراعات الداخلية والنزاعات السياسية، وتأثير ذلك على مصير الشعب وتقدمه يكون واضحاً.
تأثير القادة المتهورين على مصير الشعب يتمثل في عدة جوانب. أولاً تتسبب القرارات السياسية الخاطئة والتصرفات الغير مسؤولة في إفساد الاستقرار السياسي والاقتصادي. فعلى سبيل المثال قد يقوم القادة المتهورون بتجاهل حاجات الشعب والتركيز فقط على مصالحهم الشخصية، مما يؤدي إلى الفساد والانقسام الاجتماعي والاقتصادي. ثانيًا يمكن للقادة المتهورين أن يتسببوا في تفاقم النزاعات القومية والعرقية. عندما يستخدم القادة السياسيون لغة الكراهية أو العنف لتحقيق أجنداتهم الشخصية، فإنهم يثيرون الفتن والتوتر في المجتمع. هذا يمكن أن يؤدي إلى زعزعة الوحدة الوطنية وتفكك الشعب السوداني. وأخيراً تترتب على قيادة الشخصيات المتخلفة عواقب اقتصادية كارثية. بدلاً من اتخاذ القرارات الاقتصادية الحكيمة التي تعزز تنمية البلد وتحسين معيشة المواطنين، يمكن أن يُقدم القادة المتهورون على الإجراءات الاقتصادية التي تؤثر سلباً على النمو وزيادة مستوى البطالة والفقر. هذا يعتبر مصدرًا للتوتر الاجتماعي وعجز الحكومة عن توفير الخدمات الأساسية.
نشاهد الآن في السودان ما يحصل من التجييش وحشد المواطنين على أساس مناطقي وقبلي للحرب هو أمر مؤسف وغير سليم. فهذه الممارسة، التي تعتمد على تجنيد الأفراد بناءً على انتمائهم الجغرافي أو العرقي، تعزز خللًا في النظام الاجتماعي والعدل، وتزيد من حدة التوتر والانقسامات بين أفراد المجتمع. و إن تجنيد الأشخاص بناءً على أساس مناطقي يؤدي إلى تشويه صورة المواطنية الحقيقية، حيث يرتبط انتماء الفرد إلى مجموعة بموقعه الجغرافي، وليس بمبادئه أو إسهاماته الفردية. هذا يمكن أن يؤدي إلى تفاقم العنصرية والتحيز القبلي، حيث يتم تقييم الأفراد بناءً على أجندات سياسية أو انتماءات اجتماعية بدلاً من قدراتهم وكفاءتهم. على سبيل المثال فعندما يُدفع الأفراد للالتحاق بالجيش بناءً على أصولهم الجغرافية، فإنهم قد يتحولون إلى وكلاء لمصالح مناطقهم الأصلية بدلاً من مصلحة الدولة بأكملها. هذا النوع من الانحياز يمكن أن يؤدي إلى تفكك الوحدة الوطنية وعدم قدرة الدولة على تحقيق العدالة والمساواة بين جميع مواطنيها. للأسف، تاريخنا يعكس العديد من الأمثلة السلبية لتجييش المواطنين بناءً على أساس مناطقي وقبلي. هذه التجارب سببت صراعات مستمرة وحروب طاحنة في العديد من الدول حول العالم. ومن الأمثلة الشهيرة على ذلك نجد الحروب الأهلية في أفريقيا والتي كان لها تأثير كارثي على المجتمعات المحلية.
د. سامر عوض حسين
27 ديسمبر 2023
samir.alawad@gmail.com
/////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: یؤدی إلى یمکن أن
إقرأ أيضاً:
الكشف عن تفاصيل جديدة.. جنازة مليونية في طهران لقادة كبار وعلماء بعد أعنف ضربة إسرائيلية
وشملت مراسم التشييع، التي انطلقت من شارع "آزادي" الحيوي، نعوش شخصيات بارزة أبرزها رئيس الأركان اللواء محمد باقري، وقائد «الحرس الثوري» اللواء حسين سلامي، وقائد القوة الصاروخية اللواء حاجي زاده، الذين قُتلوا في اليوم الأول من الضربات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت نووية وقادة بارزين.
وقدّر عدد المشاركين بأكثر من مليون شخص، وفقاً للإعلام الرسمي، رغم عدم إمكانية التحقق من الرقم بشكل مستقل.
ورددت الحشود هتافات "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل"، فيما ظهرت صواريخ باليستية خلال العرض الجنائزي، في رسالة رمزية لجهوزية الرد، حسب قناة "برس تي في".
ولم يظهر المرشد الأعلى علي خامنئي خلال المراسم، لكنه وجّه رسالة أكّد فيها على "الاقتدار الوطني" واعتبر أن إيران حققت "انتصاراً" في الحرب رغم الخسائر الفادحة.
وكان لافتاً غياب صلاة الجنازة التي اعتاد خامنئي تأديتها على القادة العسكريين في مثل هذه المناسبات.
وشهدت الجنازة ظهور اللواء علي شمخاني، مستشار المرشد، وهو يتكئ على عصا بعد إصابته في الضربات الأولى، إلى جانب قائد "فيلق القدس" اللواء قاآني الذي دعا خلال كلمته الشعب للالتفاف حول القيادة العليا، قائلاً: "إذا وقف الجميع خلف المرشد، فإن كل الأمور ستسير على ما يرام".
وتزامناً مع التشييع، أعلنت السلطات الإيرانية حالة تأهب قصوى في سلاح الجو ووحدات الدفاع الجوي والبري، مع تأكيدات بعودة "الجاهزية القتالية الكاملة"، بعد رصد تحركات عسكرية إسرائيلية جديدة.
كما ناشدت هيئة الأركان المواطنين عدم نشر صور لتحركات الجيش حفاظاً على السرية.
وشهدت طهران عطلة رسمية لإتاحة مشاركة شعبية واسعة، حيث أُغلقت الإدارات والمتاجر، فيما دُفن القادة في مواقع رمزية، مثل مقبرة "بهشت زهرا"، التي ضمّت رفاة رئيس الأركان باقري إلى جانب شقيقه، أحد قدامى "الحرس الثوري" في حرب الثمانينات.
من جانبهم، توحد كبار المسؤولين في خطاب حازم، حيث قال وزير الداخلية إسكاندر مؤمني إن "كل الخلافات تزول عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الوطن"، بينما وصف وزير الخارجية عباس عراقجي صمود الشعب بأنه "بطولي" في وجه "نظامين نوويين"، في إشارة إلى إسرائيل والولايات المتحدة.
الحدث شكّل أضخم جنازة رسمية منذ الثورة الإيرانية، وترك رسائل سياسية وعسكرية عميقة، قد تفتح الباب لتصعيد جديد في المنطقة.