لم يكن العام المُنقضى سعيدًا. عانى العالم من حروب واضطرابات ومآسى، كان أكثرها إيلامًا ما شاهدناه فى غزة من عدوان إسرائيلى دموى، ولا إنسانى غير مسبوق. كما دفعنا مرغمين فاتورة الصراع الدموى بين روسيا وأوكرانيا، وما ألقاه من تبعات وآثار على الاقتصاد العالمى الذى نحن جزء منه، ثم أحزنتنا موجات الصراع المُسلح فى الجنوب، حيث السودان الشقيق لتدفعنا الحرب الأهلية إلى حزن عميق وإحباط عارم.
عانى الاقتصاد المصرى كما لم يُعانِ من قبل، ودفع الناس البسطاء فاتورة معارك وتحديات لم تكن فى الحسبان، تباطأت الأنشطة وقلت الوظائف، وتضاعفت الديون الخارجية والمحلية، وتجمدت الاستثمارات الجديدة، وارتفع متوسط التضخم لنشهد موجة غلاء لم نشهدها أبدا فى التاريخ الحديث.
صحيح، بدأ الناس يشعرون ببطء بما تم إنجازه فى البنية التحتية من طرق وكبارى ومجتمعات عمرانية جديدة، لكنهم صاروا فى ظل الأوضاع الصعبة متململين من الأوضاع الاقتصادية، وغير متفائلين بالمرة بما هو قادم.
بالطبع فإن لنا أمنيات عديدة فى العام الجديد. نحلم وهذا حقنا أن تستقر الأوضاع الإقليمية، وينحاز العالم ناحية السلام فى قضية فلسطين ليعود طرح الدولتين باعتباره الطرح الأفضل لتسوية الصراع مع إسرائيل. فالاستقرار يعود بالنفع على كافة الأطراف، ويساهم فى استعادة التعاون والتعايش السلمى.
ونحن نأمل فى انفراجة اقتصادية كبيرة، خاصة فى ظل ولاية رئاسية جديدة، وحكومة جديدة تتميز بالاحترافية والقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة، تُخطط لكل ما هو قادم، وتضع الأمور الاقتصادية على جدول أولوياتها.
إننا نحلم أيضا بزيادة الرعاية الممنوحة لمحدودى الدخل والأسر الأكثر فقرًا فى مختلف ربوع البلاد، ونتصور أن تفعيل برنامج «حياة كريمة» وإنجاحه يُمثل بداية الانطلاق لتحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة.
نحلم بوضع اقتصادى مستقر، تنتعش فيه السياحة مرة أخرى، وتستعيد قدرتها على تحقيق عائدات كافية من العملة الصعبة، وتبدأ الحكومة الجديدة سياسة اقتصادية واضحة المعالم، تقوم على برنامج تعميق للصناعة وإقامة صناعات تصديرية قوية، وتهيئة المناخ اللازم لنموها، وتطورها، ومنحها كافة الفرص المتاحة للدخول إلى مختلف أسواق العالم.
إننا نتمنى أن نشهد طفرة حقيقية فى الإنتاج وإضافة كبيرة فى الاستثمار، على أن يكون القطاع الخاص هو المستثمر الأكبر لتتوالد وظائف جديدة للأجيال القادمة، ونبدأ فى جنى ثمار مشروعات البنية التحتية العملاقة التى تم إنجازها فى السنوات الماضية.
نرجو أن يلتفت العالم للفرص المتاحة ضمن مشروعات قناة السويس، وأن نُتيح كافة التيسيرات اللازمة لجذب أصحاب رؤوس الأموال من مختلف الأنحاء.
نأمل فى سياسات حكومية رشيدة، تتجنب زيادة الديون الخارجية، وتعمل على تفعيل برامج الشراكة مع القطاع الخاص، فى الوقت ذاته تنظيم الإنفاق الحكومى بما يساهم فى توفير أقساط الديون المستحقة، وزيادة دعم قطاعى التعليم والصحة.
إننى أؤمن أن كل هذه الأمنيات لن تتحقق بدون إصلاح سياسى شامل وحقيقى، يُتيح حوارًا دائمًا بشأن التنمية المستدامة، ويسمح برقابة برلمانية حازمة على أداء الحكومة، ويؤدى إلى تخريج كوادر احترافية قادرة على تولى المسئوليات.
وكل عام ومصر والمصريون بخير وأمان.
وسلامٌ على الأمة المصرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د هاني سري الدين غزة روسيا وأوكرانيا السودان موجات الصراع
إقرأ أيضاً:
البنك الدولي: الديون تهدد الدول النامية مع ارتفاع تكاليفها لمستويات قياسية
حذّر البنك الدولي من أن الفجوة بين تكاليف خدمة ديون الدول النامية والتمويل الجديد بلغت مستوى غير مسبوق منذ أكثر من خمسين عامًا، حيث وصلت إلى (741) مليار دولار خلال الفترة من 2022 إلى 2024، داعيًا هذه الدول إلى استغلال تحسن الأوضاع المالية العالمية لإعادة ترتيب أوضاعها الاقتصادية.
وأوضح البنك في بيان له حول تقريره السنوي حول الدين الدولي أن مدفوعات الفوائد سجلت رقمًا قياسيًّا جديدًا بلغ (415.4) مليار دولار في عام 2024، رغم بعض التراجع في أسعار الفائدة العالمية.
وأكد كبير الاقتصاديين بالبنك الدولي إنديرميت جيل، أن الظروف المالية العالمية قد تبدو أفضل، لكن الدول النامية "ليست خارج دائرة الخطر"، مشيرًا إلى أن تراكم الديون مستمر "بطرق جديدة ومقلقة".
وأبان التقرير أن أسواق السندات أعيد فتحها أمام معظم الدول بعد انتهاء دورة رفع أسعار الفائدة؛ مما أتاح إصدار مليارات الدولارات من السندات، لكن بتكلفة مرتفعة وصلت إلى نحو (10%)، أي ضعف مستويات ما قبل عام 2020. كما لفت الانتباه إلى أن (50) دولة نامية ومتوسطة الدخل شهدت نموًا في الديون المحلية بوتيرة أسرع من الديون الخارجية، وهو ما يعكس تطور أسواق الائتمان المحلية، لكنه قد يضغط على قدرة البنوك على تمويل القطاع الخاص، ويرفع تكلفة إعادة التمويل.
وأضاف البنك أن الأسواق الناشئة أعادت هيكلة نحو (90) مليار دولار من الديون الخارجية في 2024، وهو أعلى مستوى منذ (14) عامًا.
وأكد التقرير أن (54%) من الدول منخفضة الدخل تعاني حاليًّا من ضائقة ديون، أو تواجه مخاطر مرتفعة، داعيًا صانعي السياسات إلى استغلال فترة "التنفس المالي" الحالية لترتيب أوضاعهم بدلًا من العودة سريعًا إلى أسواق الدين الخارجية.
الديونالبنك الدوليالدول الناميةقد يعجبك أيضاًNo stories found.