في العام الماضي، أطلقت مايكروسوفت مبادرة Copilot+ وسط ضجة كبيرة، باعتبارها الجيل الجديد من الحواسيب المحمولة فائقة الأداء المخصصة لعصر الذكاء الاصطناعي، لكن، ومع مرور الوقت، بدأت الحقائق تتكشف: الخطة لم تكن واضحة بما يكفي، والمستهلكون لم يبدوا الحماس الذي كانت تتوقعه الشركة، وبين ميزات غير مقنعة، وأجهزة مرتفعة الثمن، ومخاوف خصوصية، وجدت مايكروسوفت نفسها مضطرة لتغيير الاتجاه.

منذ اللحظة الأولى، كان هدف مايكروسوفت من مبادرة Copilot+ افتراض أن جميع المستخدمين يتطلعون بشغف إلى ميزات الذكاء الاصطناعي، لكن الواقع كان مختلفًا. فالمستهلك العادي لا يهتم بميزات الذكاء الصناعي بقدر الشركات نفسها، كما أن أبرز ميزة كانت الشركة تروج لها، وهي ميزة "Recall"، أثارت موجة انتقادات واسعة بسبب قدرتها على تسجيل كل ما يظهر على شاشة المستخدم لإنشاء قاعدة بيانات قابلة للبحث، ما وصفه كثيرون بأنه كابوس خصوصي، حتى على مستوى الفعالية، لم يجد المستخدمون أن تذكر الملفات وزيارات الويب ميزة جوهرية تستحق الاستثمار.

هذه الفجوة بين توقعات مايكروسوفت والسوق انعكست بسرعة على المبيعات. فبحسب تقارير Mercury Research، شكلت أجهزة Copilot+ أقل من 10% من إجمالي مبيعات الحواسيب المحمولة خلال الربع الثالث من 2024. 

وفي الربع الأول من عام 2025، لم تتجاوز حصة أجهزة Copilot+ نسبة 2.3% من أجهزة ويندوز الجديدة وفق IDC، بينما شكلت 1.9% فقط من إجمالي سوق الحواسيب عالميًا. الأرقام واضحة: المبادرة لم تُقنع الجمهور.

أمام هذا الواقع، بدأت مايكروسوفت تعديل بوصلتها. فبدلًا من مواصلة الترويج لأجهزة Copilot+ كفئة منفصلة وفاخرة، اتجهت الشركة نحو مفهوم مختلف: جعل كل جهاز يعمل بنظام Windows 11 جهازًا ذكيًا، بغض النظر عن وجود معالج ذكاء اصطناعي داخلي من عدمه. 

وقدمت الشركة ميزات تعتمد على السحابة مثل الأوامر الصوتية الجديدة "Hey Copilot" وميزة Copilot Vision التي تتيح للمساعد رؤية ما على الشاشة، هذه الميزات لا تحتاج إلى وحدات NPU بقوة 40 TOPS كما هو الحال في أجهزة Copilot+، مما يجعل الذكاء الاصطناعي متاحًا على نطاق أوسع.

وعلى الرغم من التراجع الواضح، إلا أن مبادرة Copilot+ لم تكن بلا فوائد، فقد فرضت مايكروسوفت لأول مرة معايير أكثر تطورًا لمواصفات الأجهزة الجديدة، مثل ذاكرة RAM بسعة 16 جيجابايت ومساحة تخزين 256 جيجابايت، إلى جانب تحسين كبير لدعم نظام ويندوز على معالجات ARM، وخاصة جهاز Surface الذي جاء بمعالج Snapdragon، وقد لاقى هذا التغيير قبولًا أفضل من المتوقع، كذلك، كانت مبادرة Copilot+ سببًا في تسريع تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي على ويندوز، حتى إن لم ينتهِ الأمر بتحقيق النجاح التجاري المطلوب.

لكن المشكلة الجوهرية ظلت كما هي: المستخدمون لا يزالون يرون أن خدمات الذكاء الاصطناعي المفيدة فعليًا مثل ChatGPT وSora وCopilot نفسه تعمل بالأساس عبر السحابة، ما يجعل وحدات المعالجة العصبية الداخلية غير ضرورية لمعظم الاستخدامات اليومية.

 صحيح أن معالجة الذكاء الاصطناعي محليًا قد تكون مستقبلية من حيث الأمان والسرعة وتجنب إرسال البيانات الحساسة للخوادم، لكنها لم تصل بعد إلى مرحلة تُغري الجمهور بشراء أجهزة جديدة.

مع ذلك، فإن التوقعات المستقبلية تروي قصة أكثر طموحًا. فبحسب تقارير Omdia، من المتوقع أن تمثل أجهزة الكمبيوتر المدعومة بالذكاء الاصطناعي 55% من إجمالي الشحنات العالمية بحلول 2026، لترتفع إلى 75% بحلول 2029، مع سيطرة واضحة لنظام ويندوز، هذا يعني أن التحول آتٍ لا محالة، لكن بوتيرة غير التي توقعتها مايكروسوفت عند إطلاق Copilot+.

وفي النهاية، تبدو قصة Copilot+ مثالًا حيًا على الطريقة التي تتعلم بها الشركات الكبرى من أخطائها: طموح زائد، تطبيق متعجل، ثم مراجعة شاملة، ورغم تراجع المبيعات، فإن مايكروسوفت لا تزال تصر على أن الأجهزة المدعمة بالذكاء الاصطناعي هي مستقبل الحوسبة.

 أما الطريق نحو هذا المستقبل، فسيكون أقرب إلى سباق طويل المدى، وليس انطلاقة خاطفة كما كان مخططًا لها.

بهذا المشهد المتغير، يبدو أن معركة الذكاء الاصطناعي على الحواسيب الشخصية ما زالت في بدايتها، وأن مايكروسوفت تحاول إعادة بناء مكانتها خطوة بخطوة، بعد درس كبير اسمه Copilot+.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی أجهزة Copilot

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة حلوان: إطلاق منصة للذكاء الاصطناعي لمواكبة متطلبات العصر

أكد الدكتور السيد قنديل رئيس جامعة حلوان، أهمية مواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة، مؤكداً ضرورة إطلاق منصة متخصصة في الذكاء الاصطناعي داخل الجامعة، بما يتماشى مع متطلبات العصر الرقمي والتحول نحو التعليم الذكي. 

جاء ذلك خلال فعاليات مجلس جامعة حلوان. 

بالتعاون مع اليونسكو.. الأكاديمية العربية تطلق مناظرات الثقافة الإعلامية والمعلوماتيةجامعة عين شمس تتصدر المشروعات القومية باختيار “تحالف وتنمية” لتعزيز الصناعة والأمن الغذائي

أوضح رئيس الجامعة أن المنصة ستسهم في تطوير العملية التعليمية والبحث العلمي، من خلال توفير أدوات حديثة تساعد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس على الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف التخصصات.  

إطلاق منصة متخصصة في الذكاء الاصطناعي

وأشار قنديل إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة الجامعة الاستراتيجية لتعزيز مكانتها بين الجامعات المصرية والدولية، وتحقيق الريادة في مجالات الابتكار والتكنولوجيا.  

أكد المجلس أن المنصة ستعمل على تأهيل الطلاب لسوق العمل العالمي، عبر تزويدهم بالمهارات الرقمية المطلوبة، ودعم مشروعاتهم البحثية والتطبيقية في مجالات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والتحول الرقمي.  

كما شدد الدكتور السيد قنديل على أن جامعة حلوان تسعى لأن تكون في طليعة المؤسسات التعليمية التي تستثمر في التكنولوجيا الحديثة، بما يعزز دورها في خدمة المجتمع وتنمية قدرات طلابها. 

طباعة شارك مجلس جامعة حلوان جامعة حلوان الذكاء الاصطناعي متطلبات العصر الرقمي

مقالات مشابهة

  • هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون مضحكاً؟
  • رئيس جامعة حلوان: إطلاق منصة للذكاء الاصطناعي لمواكبة متطلبات العصر
  • مبادرة مشتركة للذكاء الاصطناعي بين الإمارات وإفريقيا
  • الاتحاد الأوروبي يفتح تحقيقاً في دمج ميتا للذكاء الاصطناعي داخل واتساب
  • أوبن إيه.آي تستحوذ على نبتون الناشئة للذكاء الاصطناعي
  • آبل تعين أمار سوبرامانيا نائبًا جديدًا للذكاء الاصطناعي
  • المملكة تُشارك في صياغة ميثاق شبكة بناء القدرات في الذكاء الاصطناعي التابعة للأمم المتحدة
  • استحداث وزارة للذكاء الاصطناعي
  • دراسة: الذكاء الاصطناعي أقل تنظيما من الشطائر وشركات التقنية تتسابق للذكاء الفائق